miércoles, 21 de agosto de 2013

سورة الاخلاص

0 comentarios


بسم الله الرحمن الرحيم

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

فضل السورة :

    ((أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ))
[البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ]

    (( كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَؤُمُّهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ فَكَانَ كُلَّمَا افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَ بِهَا افْتَتَحَ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ثُمَّ يَقْرَأُ بِسُورَةٍ أُخْرَى مَعَهَا وَكَانَ يَصْنَعُ ذَلِكَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَكَلَّمَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: إِنَّكَ تَقْرَأُ بِهَذِهِ السُّورَةِ ثُمَّ لَا تَرَى أَنَّهَا تُجْزِئُكَ حَتَّى تَقْرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى فَإِمَّا أَنْ تَقْرَأَ بِهَا وَإِمَّا أَنْ تَدَعَهَا وَتَقْرَأَ بِسُورَةٍ أُخْرَى، قَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِهَا إِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ أَؤُمَّكُمْ بِهَا فَعَلْتُ وَإِنْ كَرِهْتُمْ تَرَكْتُكُمْ وَكَانُوا يَرَوْنَهُ أَفْضَلَهُمْ وَكَرِهُوا أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ فَلَمَّا أَتَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَالَ: يَا فُلَانُ مَا يَمْنَعُكَ مِمَّا يَأْمُرُ بِهِ أَصْحَابُكَ وَمَا يَحْمِلُكَ أَنْ تَقْرَأَ هَذِهِ السُّورَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ حُبَّهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ثَابِتٍ وَرَوَى مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ هَذِهِ السُّورَةَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: إِنَّ حُبَّكَ إِيَّاهَا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ ))
[الترمذي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ]

    ((عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأْتُهُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا نَجَاةُ هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: يَا عُقْبَةُ احْرُسْ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ قَالَ: ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأَنِي فَأَخَذَ بِيَدِي فَقَالَ: يَا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ أَلَا أُعَلِّمُكَ خَيْرَ ثَلَاثِ سُوَرٍ أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ الْعَظِيمِ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ: فَأَقْرَأَنِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ثُمَّ قَالَ: يَا عُقْبَةُ لَا تَنْسَاهُنَّ وَلَا تَبِيتَ لَيْلَةً حَتَّى تَقْرَأَهُنَّ قَالَ: فَمَا نَسِيتُهُنَّ مِنْ مُنْذُ قَالَ لَا تَنْسَاهُنَّ وَمَا بِتُّ لَيْلَةً قَطُّ حَتَّى أَقْرَأَهُنَّ قَالَ عُقْبَةُ: ثُمَّ لَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَابْتَدَأْتُهُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ: يَا عُقْبَةُ صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ ))
[أحمد عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ]

بَقِيَ السؤال: ما وَجْهُ هذه العَظَمَة أو أين تَكْمُنُ هذه العَظَمَة؟

أقول وبالله المُستعان: إنَّ سورة قُلْ هو الله أحد الله سورةٌ تَصِفُ الله سبحانه وتعالى، وتَصِفُ أحدِيَّتَهُ وصَمَدِيَّتَهُ وأنَّهُ لا مثيل له، ولِهذا الكلام تفْصيلات،
ربنا عز وجل يقول للنبي عليه الصلاة والسلام:  ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾
   - جواباً لسؤال : بعض الكفار الذين سألوا النبي عليه الصلاة والسلام قائِلين له: يا محمَّد، صِفْ لنا ربَّك؟! أَمِنْ ذهب؟ أم من نحاس؟ فَنَزَل قوله تعالى:  ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾ لهذه:  ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ*وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾
 - وجاءَهُ جماعَةٌ أُخْرى وقالوا له: يا محمَّد اُنْسُب لنا ربَّك؟ فَنَزَل قوله تعالى:
﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ*اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾
وبعض المفَسِّرين على أنَّ هذه السورة نَزَلَتْ عدَّة مرات، حينما اتَّحَدَتْ المناسبة نزلَتْ عِدَّة مرات، بعضُهم يقول: إنَّها مَكِّيَّة، وبعْضُهم يقول: إنَّها مَدَنِيَّة.
قل:
وكلمة (قُلْ) أيْ أمْرٌ إلهي للنبي عليه الصلاة والسلام أنْ يُبَلِّغَ من حَوْلَهُ ممن يدْعوهم إلى عبادة الله، أنْ يبلِّغهم هذا النص بِحَرْفِيَّتِه،

 (أحد)

لا تعني واحداً، فالواحد شيءٌ، والأحدُ شيءٌ آخر.
      - تقول: هناك قلَمُ واحِدٌ على هذه الطاوِلَة، قد يكون هناك شيءٌ آخر، ونظارَةٌ واحِدة، أما أحد فَهِيَ تعْني أنَّهُ واحِدٌ ولا شيء معه، ولا شيءَ سِواه، هذا قَوْلٌ، فَكَلِمَة أحد تعني أنَّه واحدٌ من جهة، ولا شيء معه من جِهَةٍ أُخْرى، وكلمة (أحد) تعني أنّه ليس كمثله شيء،

أما كلمة (واحد) فهي تعْني أنَّهُ لا شريك له
 (أحد) تعني واحِداً في أسْمائِه، أسْماؤُهُ حُسْنى، وهو أَحَدِيٌّ في أسْمائِه
فالله رحيم، وليس هناك مخْلوقٌ يرحم كالله عز وجل، هو وحده الرحيم والقويّ واللطيف، فلا قَوِيَّ معه ولا لطيف غيره، فَهُو أحَدٌ في أسْمائِه، هو رحيمٌ وليس معه رحيمٌ آخر، وَقَوِيٌّ وليس معه قَوِيٌّ آخر، وقديرٌ وليس معه قديرٌ آخر، كلمة لو كان معه جِهاتٌ أُخْرى تسأله وتسأل غيره، ولكنَّهُ أحدٌ لا شيء قبله، ولا شيء بعده، ولا شيء مثله، ولا شيء مُقارب له، هذا معنى كلمة (أحد)،
"قل هو الله أحد" لذلك لا يجوز أن يوصَفَ مخْلوقٌ في الأرض بِكَلِمَة أحد، كلمةُ (أحد) لا يُوصف بها إلا الله سبحانه وتعالى.

    
**  شيء آخر، وهي أنَّ كلمة أحد إذا تأمّلتها تيقَّنْتَ أنْ لا مَوْجود إلا الله، ولا فاعل في الكون إلا الله، هذه حقيقة يجب أن تُشاهِدَها فإن شاهَدْتَها سَعِدْتَ إلى الأبد، وإن لم تُشاهِدْها شَقيتَ إلى الأبد، فإذا قطعْتَ آمالك من غيرهِ وُجوداً وفِعْلاً، ماذا ينقطِعُ مع هذه الآمال؟ تنقطِعُ العلائِق والرغائِب، وتُخْلِصُ الوِجْهة لله سبحانه وتعالى، وتكون بهذا ممن صَفَتْ نفْسُه، وممن رأى الله في كُلِّ شيء، وإذا رأيْتَهُ في كُلِّ شيء سَعِدْتَ بِقُرْبِهِ في كُلِّ شيء، وهذا هو الذي قاله الصُّوفِيون: لا بد من التوحيد، والفرق بين المؤمن وغيره أنَّ المؤمن لا يرى إلا الله، ولا موْجود سِواه، ولا أحد معه، هو الرب والإله والمُتَصَرِّف والمُعْطي والمُغْني والمُقيت والرزاق والمُعِزّ والمُذِلّ والحكيم والعليم، هو الحكيم ولا حكيم سِواه، وهو الرؤوف ولا رؤوف سِواه، وهو المُتعالي ولا مُتعالِيَ سِواه، هذا معنى الأحَد

 إنْ رأيْتَهُ أحَداً في أسْمائِهِ ورُبوبِيَّتِه وصفاته وفي وُجوده وأُلوهِيَّتِه وفي تَصَرُّفِهِ وغِناه قَطَعْتَ الآمال عمن سِواه، وتَحَرَّرْتَ من القُيود التي أصْلها الرغْبة والرَّهْبة، وهذه هي حال الكَشْف! شَهِدْتَ الله في كُلِّ شيء.
وفي كُلِّ شيء له آيةٌ  تَدُلُّ على أنَّهُ واحِـدٌ
* * *

فإذا شَهِدْتَ هذه المُشاهَدَة ملكْتَ حالاً لا يعْرِفُها إلا من ذاقَها، هذه الحال هي الطمأنينة، إنَّ الله يُعْطي الصِحَّة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلْقِهِ، ولَكِنَّهُ يُعْطي السكينة بِقَدَرٍ لأْصْفِيائِه من المؤمنين، السكينة التي في قلب المؤمن طمأنينة لو وُزِّعَت على أهْل الأرض لَكَفَتْهُم، فلا يرى إلا الله عز وجل، ولا يخاف إلا من الله، ولا يرْجو إلا الله، ولا يرْغب إلا فيمَا عند الله.
شَرَفُ المؤمن قِيامُهُ بالليل وعِزُّهُ اسْتِغناؤُهُ عن الناس :
    -  جاء ملِك إلى الكعبة المشرَّفة يطوف، فَطَلَب أحد علمائِها الكبار، فلما الْتَقى به قال: سَلْني كُلَّ حاجة، فقال: والله إنِّي أسْتَحي أنْ أسْألها غير الله وأنا في بَيْتِ الله، لكني أقول: اِحْمِني من النار، فقال له الملك: هذه لا امْلِكُها، فقال له: إذاً ليس لي عندك حاجة.
   - سيّدنا أبو حنيفة دخل على المنصور، فقال له المنصور: يا أبا حنيفة تَغَشاَّنا، أيْ زورنا، فنأْنسَ بك ونتبارك بك، أنت الإمام الأعظم، قال: ولِمَ أتَغَشَّاكم وليس لي عندكم شيء أخافُكم عليه؟! وهل يتغشاكم إلا من خافكم على شيء..

     - معنى أحد ألاّ ترى إلا الله، وبه تصيرُ عزيزاً، فإن رأيْتَ مع الله أحداً فلا بدَّ أن تخاف منه، ولا بدّ أن ترْجوه وتُنافق له، أما إنْ رأيْتَ الله عز وجل وليس معه أحد كنت عزيزاً، وعلامة المؤمن عِزَّتُه، وشَرَفُ المؤمن قِيامُهُ بالليل، وعِزُّهُ اسْتِغناؤُهُ عن الناس.

أحْياناً الإنسان يُعَلِّق آماله بِزَوْجَتِهِ فإذا به يخيبُ ظنُّه، ويُعَلِّق آماله بابنه فإذا به يسافر ويتزوَّج ويتجنَّس ويبْقى بأوروبا! فهذا ما رأى الأحَدِيَّة
وفي الحديث : (( من أصبح حزيناً على الدنيا أصبح ساخطاً على ربه، ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو الله، ومن تضعضع لغني لينال من دنياه أحبط الله ثلثي عمله، ومن أعطي القرآن فدخل النار فأبعده الله))
[أخرجه البيهقي في الشعب عن أنس]

 وإذا رأيت أَحَدِيَّتَهُ وحْده فلن تُطِيع معه جِهَةً أُخْرى، لا طاعة لِمَخْلوقٍ في مَعْصِيَة الخالق
 كما أنَّك إنْ وَحَّدْتَهُ تلَقَّيْتَ عنه الشَّرْع والقِيَم والتّصَوُّرات والأُسُس، إذْ لا مصْدر آخر لك، أما المُشركون فيرون العالم الفُلاني والكتاب الفُلاني والمؤلَّف الفُلاني، أنت لك مصدر واحد للحقائق هو القرآن الكريم والسنَّة المُطَهَّرة، الحلال ما أحلَّهُ الله، والحرام ما حرَّمَهُ الله، فإذا عرفْت أحَدِيَّتَهُ تلقَّيْتَ عنه القِيَم، والشرائِع، والنُّظم، والمقاييس، تقيس الناس بِمِقْياس الأخْلاق، ومِقْياس العِلْم،

   -  بعضهم قال: من لم يتَّصِف بالكمال والأحَدِيَّة والصَّمَدِيَّة لا يكون إلهاً، فالأصْنامُ التي عبدها الجاهِلِيُّون من دون الله، أو الأصْنامُ البَشَرِيَّة التي يعْبُدها الناس من دون الله، هذه الأصْنام ليْسَتْ كاملة، وليْسَت أحَدِيَّة، ولَيْسَتْ صَمَدِيَّة، فلا يجوز أنْ تُتَّخَذَ آلهة! لكن الله سبحانه وتعالى هو الإله، لأنَّهُ كاملٌ في أسْمائِهِ، وَحْدانِيٌّ فيها، وصَمَدِيّ، فأَحَدِيَّتُهُ الموجِبَة للتنزُّه عن شائِبة التَّعَدُّد
والتركيب، فالسيارة مثلاً مؤلَّفة من أجْزاء، فما دامت مكوّنة من أجْزاء فهي ليْسَت صَمَدِيَّة، فإذا حَذَفْتَ المُحَرِّك وقَفت، أو نفد البنْزين وقفت! لأنَّها مُرَكَّبَة، فلا يجوز على الصَّمد ترْكيب ولا تجْزيء، والصمدِيَّة اسْتِغْناؤُه الذاتِيّ عمَّن سِواه وافْتِقار جميعُ المخْلوقات إليه في وُجودِها وافْتِقارِها له في سائِر أحْوالِها.

لماذا الله أحد :

   -  مصطفى محمود : ويسألنا صاحبنا ساخراً : ولماذا تقولون إن الله واحد ...؟ لماذا لا يكون الآلهة متعددين ..؟ يتوزعون بينهم الاختصاصات .

وسوف نرد عليه بالمنطق الذي يعترف به .. بالعلم وليس بالقرآن ..
سوف نقول له إن الخالق واحد ، لأن الكون كله مبني من خامة واحدة وبخطة واحدة ..

 فمن الأيدروجين تألفت العناصر الاثنان والتسعون التي في جدول "مندليف" بنفس الطريقة .. "بالادماج" وإطلاق الطاقة الذرية التي تتأجج بها النجوم وتشتعل الشموس في فضاء الكون .

  -    كما أن الحياة كلها بنيت من مركبات الكربون "جميع صنوف الحياة تتفحم بالاحتراق"
  -   وعلى مقتضى خطة تشريحية واحدة .. تشريح الضفدعة ، والأرنب ، والحمامة ، والتمساح ، والزرافة ، والحوت ، يكشف عن خطة تشريحية واحدة ، نفس الشرايين والأوردة وغرفات القلب ، ونفس العظام ، كل عظمة لها نظيرتها .. الجناح في الحمامة هو الذراع في الضفدعة ..نفس العظام مع تحور طفيف ...


والعنق في الزرافة على طوله نجد فيه نفس الفقرات السبع التي تجدها في عنق القنفذ .. والجهاز العصبي هو هو في الجميع ، يتألف من مخ وحبل شوكي وأعصاب حس وأعصاب حركة .. والجهاز الهضمي من معدة واثني عشر ، وأمعاء دقيقة وأمعاء غليظة والجهاز التناسلي نفس المبيض والرحم والخصية وقنواتها .. والجهاز البولي الكلية والحالب ، وحويصلة البول .. ثم الوحدة التشريحية في الجميع هي الخلية .. وهي في النبات كما في الحيوان كما في الإنسان، بنفس المواصفات، تتنفس وتتكاثر وتموت وتولد بنفس الطريقة .

فأية غرابة بعد هذا أن نقول إن الخالق واحد ؟ ..
ألا تدل على ذلك وحدة الأساليب .

ولماذا يتعدد الكامل ..؟ وهل به نقص ليحتاج إلى من يكمله .. إنما يتعدد الناقصون .

ولو تعدد الآلهة لاختلفوا ، ولذهب كل إله بما خلق ، ولفسدت السماوات والأرض , والله له الكبرياء والجبروت وهذه صفات لا تحتمل الشركة ..

      -   ويسخر صاحبنا من معنى الربوبية كما نفهمه .. ويقول أليس عجيباً ذلك الرب الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، فيأخذ بناصية الدابة ، ويوحي إلى النحل أن تتخذ من الجبال بيوتاً ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ، وما تخرج من ثمرات من أكمامها إلاّ أحصاها عدداً ، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه .. وإذا عثرت قدم في حفرة فهو الذي أعثرها.. وإذا سقطت ذبابة في طعام فهو الذي أسقطها .. وإذا تعطلت الحرارة في تليفون فهو الذي عطلها .. وإذا امتنع المطر فهو الذي منعه ، وإذا هطل فهو الذي أهطله ... ألا تشغلون إلهكم بالكثير التافه من الأمور بهذا الفهم ..

   هل الرب الجدير في نظره هو رب عاطل مغمى عليه لا يسمع ولا يرى ولا يستجيب ولا يعتني بمخلوقاته ؟ .. ثم من أين للسائل بالعلم بأن موضوعاً ما تافه لا يستحق تدخل الإله، وموضوعاً آخر مهماً وخطير الشأن ؟

   - إن الذبابة التي تبدو تافهة في نظر السائل فلا يهم في نظره أن تسقط في الطعام أو لا تسقط، هذه الذبابة يمكن أن تغير التاريخ بسقوطها التافه ذلك .. فإنها يمكن أن تنقل الكوليرا إلى جيش وتكسب معركة لطرف آخر، تتغير بعدها موازين التاريخ كله.

ألم تقتل الإسكندر الأكبر بعوضة ؟

إن أتفه المقدمات ممكن أن تؤدي إلى أخطر النتائج .. وأخطر المقدمات ممكن أن تنتهي إلى لا شيء .. وعالم الغيب وحده هو الذي يعلم قيمة كل شيء .

إنما الإله الجدير بالألوهية هنا هو الإله الذي أحاط بكل شيء علماً .. لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء . الإله السميع المجيب ، المعتني بمخلوقاته .

﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾
..الأسماء الحسنى، التسْعة والتسْعون اسماً ...الله سبحانه وتعالى واحِدٌ فيها، وَصَمَدٌ فيها،
معنى أَحَدٌ أيْ لا يُشْرِكُهُ فيها أحد، رحيمٌ ولا رحيمَ سِواه، أما الصَّمَد فَرَحْمتُهُ من ذاته وليْسَتْ من غيره .
   فإذا كان الإنسان صاحب منصب، وله سُلْطة وحَوْل وطَوْل ولكن بِكِتابٍ بسيطٍ يصدر عمَّن هو أعلى منه يعْزِلُهُ عن هذا المنصب! فهل هذا صَمَدٌ؟ لا، هو مُفْتَقِرٌ لِمَن هو فوْقَه كي يُقِرُّهُ على منصبِهِ، فهذا لا يُسَمى صَمَداً، لكنَّ الله تعالى وُجوده صَمَديّ، ليس مُفْتَقِراً لشيءٍ آخر..

 ** مثلاً الإنسان، هل هو صَمَدٌ؟ لا، هو مُفْتَقِرٌ للهواء، فَلَو حُرِمَ الهواء لمات، ومُفْتَقِرٌ للماء فلو مُنِع عنه لمات، ولو مُنِعَ عنه الطعام يموت كذلك، فهل هو صَمَدٌ؟ لا، يفْتَقِرُ إلى زَوْجَة وإلى أوْلاد، فمعنى الصَّمَد يعْني الذاتي...

﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾

الجواب على سؤال من خلق الله ؟
هذا سؤال تنبأ به الرسول الكريم صلى الله عليه وسل
 "عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ الشيطان يأتي أحدكم فيقولمن خلق السماء فيقول الله فيقول من خلق الأرض فيقول الله فيقول من خلق الله فقولوا آمنا بالله ورسوله‏.

رد فضيلة الشيخ محمد العوضى على هذا التساؤل..لأنه بالفعل الاجابه كانت شافيه

من خلق الله الذى خلق الخلق...؟

هذا من أتفه الاسئله واكثرها هشاشة وارتباكا...لماذا؟
لأنه يقول على قياس التمثيل الذى يدخل فيه الخداع كثيرا حيث ان قياس التمثيل يحكم على الشىء بأحكام غيره..!

    - الشيخ الزندانى فى كتابه علم الايمان..يقول :  ان هذا السؤال خلط ما بين صفات الخالق وصفات المخلوق وصفات شيئين متباعدين فعندما يقوم النجار ويصنع لك باب فان النجار  نجار والباب باب..فهل يمكن أن نقول أن صفات النجار هى نفس صفات الباب ..!

أى ان صفات الصانع هى نفسها صفات المصنوع فالباب جامد..الباب خشب..الباب فيه طلاء ..الباب فيه مسامير..الباب فيه مفتاح...
فهل نقول النجار فيه هذه الصفات؟! جامد وخشب وفيه طلاء وبه مسامير وفيه مفتاح؟! لا..فالنجار ينام النجار يأكل النجار يتزوج..فهل الخشب يتزوج وينام ويأكل فلو قلنا أن صفات الصانع هى صفات المصنوع لصار النجار بابا والباب نجار ...

  - المسألة  الثانية : السؤال نشأ أصلا من خطأ...لماذا؟
نشأ الخطأ لأن الانسان أنا وأنت والمشاهد والمشاهدين عنده مدركات فى عقله هذه المدركات العقليه نتيجة ماذا؟..فهى نتيجة تصورات وخبرات فى الحياة .
دخلت من منافذ الحواس كونت عنده صور فى داخل الذهن فاذا جاء معنى جديد قاسه على ما هو موجود داخل الذهن

          **  فمثلا عندما نقول :

ان الله رحيم فالانسان عنده معنى فى ذهنه التقته من معنى الرحمة فى الحياة لكن يقوم بعملية لا تشبيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير ..ويسمع ان الله عادل فيقيسه على العدل فى الدنيا
   ولكن عدل الله مطلق يسمع عن العقاب وغيره فيقيسه من خلال مداركه.. لماذا لأن هذه المعانى لها صور فى الذهن يقيس من خلالها وما يسمى تشبيه التمثيل ولكن عندما يقال له ان الله أول فلا هناك شىء قبله فلا يجد الانسان تمثيل فليس هناك شىء يعرفه الانسان يوجد شىء قبله فيقع هنا الارتباك ..
  **  فنقول له هذه القاعده الهامه وهى ..أن عدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود....

             **   الخلط فى هذه المسئله أن الانسان خلط بين التعقل وبين التصور  **

    فهو لا يستطيع ان يتصور شىء ليس له أول فنفى التعقل له كما قال الدكتور صبرى الدمرداش فى كتابه للكون اله يقول انت جالس فى البيت مع مجموعة من الاهل وقرع الجرس فكلنا يتعقل أن طارقا بالباب ولكن نختلف كبير صغير امرأه رجل من هو لا ندرى فهنا عدم التصور لا يلغى التعقل والامثله كثيره فى هذا ..

والعلم الحديث يعطينا امثله..حيث اننا لا نتصور اشياء ولكن نعقلها فعدم التصور لا ينفى التعقل فسرعة ذبذبات الصوت تصل الى نصف مليون ذبذبه فى الثانيه فلا يمكن ان تتصورها ولكن تعقلها بالمعادلات الحسابيه العلميه الدقيقه ...

-  وقديما قال ابن ابى الحديث فى قصيدته فى الفرق بين التصور والتعقل قال :

            والله لا موسى ولا عيسى المسيح ولا محمد     علموا  ولا جبريل وهو الى محل القدس يصعد ..
           كلا ولا النفس البسيطة لا ولا العقل المجرد       للكنه ذاتك غير انك واحد الذات سرمد..
         فلتخسأ الحكماء عن حرم له الافلاك سجد..      من انت يا رسطو ومن اصوات قبلك يا مبلد..
        
   ومن ابن سينا حين مر باب بيت له وشيد..  هل انتم الا الفراش رأى الشهاب وقد توقد..
                                   فدنى فأحرق نفسه ولو اهتدى رشدا لأبعد...

                     نأتى الى اجابة الشيخ محمد الغزالى ....فى كتابه القضاء فى الحق

   يقول دار بينى وبين ملحد هذا الحوار..
   قال لى ..من خلق الله الذى خلق الخلق؟
   قلت له..كأنك تريد بسؤالك ان ما من مخلوق الا ويحتاج لخالق
   قال..لا تلقينى فى متاهات من خلق الله الذى خلق الخلق؟
   قلت له ..أسمع يا ملحد كلانا أنا وأنت نؤمن بقضية واحدة انه موجود ليس له بداية / لم يحتاج إلى أحد.. لم يسبق بزمن.. وجوده من ذاته.. أنت اخترته الماده وانا اخترته الله فاذا اردت ان تسخر ممن يعتقد بوُجُودٍ لا اول له فأسخر من نفسك لأنك تؤمن بأن الماده
لا أول لها
   فقال لى ..ولكنى احس بالماده والمسها واشاهدها
.
   قلت له ..يا غبى ليس السؤال فى الشعور بالماده ... اذا كنت  معك فى مركبة فضائيه تسير بين الافلاك والاجرام بمعدلات وموازين رياضيه دقيقه ومحسوبه فالسؤال ليس المركبه موجوده ونحس بها ..السؤال هل تسير هكذا عبثا وصدفة أم تسير بعلم وارادة وتخطيط وبرمجه

والله له إرادة أما المادة لا إرادة لها من ذاتها
   
طيب نأتى مثل بسيط للعوام يقول الشيخ حسن البنا لو دخلت الى مكتبك فوجدت الكتاب على الطاوله والرجل على الكرسى ثم خرجت فوجدت الكتاب الذى على الطاوله داخل الدرج ووجدت الرجل جالس على البساط فأنت تسئل من نقل الكتاب الى الدرج ولا تسئل من نقل الرجل الى البساط لماذا السؤال الاول صح لأن الكتاب ليس له اراده يحتاج الى من ينقله لا يتحرك بذاته فكان السؤال منطقيا واقعيا أما اذا سئلت من نقل الرجل الى البساط فالسؤال غلط
لأن الرجل به قوه واراده واختيار يستطيع ان بنتقل بنفسه خذ هذين المثلين مع عدم التشبيه .
فعندما وجدنا الكون محتاج الى خالق سئلنا لأن السؤال منطقى وانما لم نسئل من خلق الله لأن السؤال غلط ....
فالملاحده يؤمنون بالماده وهم لا يعرفون ما هى ماهيتها فهم يدخلون من الباب الخلفى او الشباك أما نحن فنؤمن بالله لأنه أساس هذه الماده واساس كل الاشياء .

تسلسل الأسباب دال على الله  :

    - أما أرسطو فقد استطرد في تسلسل الأسباب قائلاً : إن الكرسي من الخشب والخشب من الشجرة .. والشجرة من البذرة .. والبذرة من الزارع .. واضطر إلى القول بأن هذا الاستطراد المتسلسل في الزمن اللانهائي لابد أن ينتهي بنا في البدء الأول إلى سبب في غير حاجة إلى سبب .. سبب أول أو محرك أول في غير حاجة إلى من يحركه .. خالق في غير حاجة إلى خالق .. وهو نفس ما نقوله عن الله ..

ومسألة أخرى أن العقل البشري لا يستطيع التفكير إلا في حدود الزمان والمكان  والزمان والمكان هو قياس للمتغير

  ان حجة الاسلام الامام الغزالي كان اول من نفى ان الزمن مطلق فقال " قبل بدء الكون لم يكن هناك شيء.. وبالتالي لا حاجة للزمن.. فلا معنى للسؤال ماذا كان قبل خلق العالم؟؟ ولا معنى للادعاء ان الله انتظر زمنا لانهائيا حتى خلق الكون.. اذ ليس الله بحاجة للزمن.. لأنه لا يتغير.. ولا يتبدل.. والزمن هو وسيلة لقياس المتغير...

   افترض انك في غرفة وتخيل انك ترمي ما فيها من اثاث.. ومن ستائر.. وانك افرغتها من كل شيء.. ماذا يبقى؟؟ تبقى الجدران.. طيب الغ الجدران.. لا يبقى شيء.. لكن يبقى الفراغ.. المكان.. تصور انك تلغي المكان .. لا تستطع لان العقل البشري كما قدمنا لا يستطيع ان يفكر الا في داخل نطاق الزمان والمكان.. فكيف يلغي الزمان مثلا.. وعملية التفكير نفسها تحتاج للزمن.. ومن هنا كان الوهم عند البشر ان المكان والزمان اشياء مطلقة.. واجبة الوجود ولا يتخيل عدم وجودها.. حتى لو لم يكن هناء اشياء تسبح فيها.. وبين العلم الحديث خطأ هذه النظرية حينما نسفها انشتاين مع نظرية النسبية فاثبت ان المكان والزمان ليست مفاهيم مطلقة منفصلة عن الاجسام .. بل هي تتمدد ونتقلص معها وكانها خاصيات لها... كأنها الوان او اسماء او مقاييس.. وبغض النظر عن هذه النظرية العلمية.. فقد ثبت عقلا مع الغزالي كما رأينا.. ان الزمان والمكان ما هي الا خاصيات للاجسام.. فاذا زالت الاجسام لم يكن هناك من لزوم لوجودها..

ولكن العقل لا ييستطيع تصور انعدام المكان والزمان لأنه عقل بشري.. لا يحيط الا يما يصله عن طريق الحواس.. والحواس لم تنقل أي موجود الا ضمن زمان ومكان..


﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾

 أيْ لا شيء كان قبله، ولا شيء سَيَكون بعده، ولا شيء سَيَكون مُمَاثِلاً له، بِأيِّ نوع من أنواع المُماثَلة، فهذه سورة الإخْلاص، وهي سورة التجْريد، وسورة التوحيد، من قرأها وعرف أبْعادها، وعرف كلمة (الله) الاسم الجامع للأسْماء الحُسْنى، وعرف طرَفاً من أسْماء الله الحُسْنى، وفَكَّر فيها، وبحث عن شواهِد لها في الكون، فمن أحْصاها دخل الجنة، ومن عرف ذلك اسْتَحَقّ دُخول الجنَّة، وعرف أنَّ هذه الأسْماء كُلُّها حُسْنى، فأيُّ تفْسير للقرآن يجْعل هذه الأسْماء ليْسَت حُسْنى فَهُوَ مرْفوض، قال تعالى:
﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
[سورة الأعراف: 180]


0 comentarios:

Publicar un comentario