﴿ أَرَأَيْتَ
الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ*فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ*وَلَا يَحُضُّ
عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ*فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ*وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ
بِالدِّينِ ﴾
في هذه الآية مركز
ثقل كلمة الدين، ماذا تعني كلمة (الدين)؟
حقيقة الدين :
إذاً الدين منهج رباني، جاء ليبين وجه
استعمال كل شيء، هذه حقيقة الدين، نشرة تفصيلية مبنية على علم وخبرة، سطرتها
الشركة الصانعة لهذا الجهاز، ربما لا تقل هذه النشرة قيمةً عن الجهاز نفسه لأنك لو
استعملت الجهاز من دون هذه التعليمات لأصبته بالعطب، وإن لم تستعمله لجمدت ثمنه،
إذاً لا بد من قراءة النشرة، إتباع ما فيها حرصاً منك على سلامة الجهاز.
فلو أننا اطلعنا على نشرة صادرة عن معمل يصنع
أجهزة إلكترونية معقدة، بحسب المنطق تقول: هذه النشرة يجب أن تُتَّبع لأنها من
المعمل، وصممها مهندسون كبار، وسطرتها أقلام خبراء بهذه الآلة، فاستعملها على
الوجه الفلاني ولا تستعملها على الوجه الفلاني.
إن كنت أيها
الإنسان تحرص على جهاز له ثمن ما، قل أو كثُر، ألاَ تحرص على نفسك، هذه
النفس التي ركب الله فيها ميولاً ونوازع وطموحات، وجعلها مِنْ فكر ونفس، وروح،
وشهوات، وحاجات، هذا الكائن المعقد لا تعقيد عجز بل تعقيد إبداع، هذا الكائن ألا
يحتاج في حركته إلى منهج؟ هذا المنهج ماذا يقول لهذا الكائن؟ افعل ولا تفعل، لأن
هذا المنهج يضمن سلامة هذا الكائن.
لو أنك كنت في طريقك في بعض الأماكن ووجدت عموداً من الكهرباء كُتب عليه ( خطر الموت ابتعد)، هل ترى أن هذا الأمر هو حجز لحريتك، أم أنه ضمان لسلامتك؟ هذا هو الدين. ينطلق الدين من مصلحة الإنسان، ويستهدف سلامته، ويستهدف إسعاده في الدنيا والآخرة،
فالدين ما دانت له النفوس، ومتى تدين النفوس إلى شيء ما؟ إن كان واقعياً،
وإن كان منطقياً، وإن كان صحيحاً، وإن كان مفيداً، ومتماسكاً، لا خلل فيه، ولا
تناقض ولا خطأ ولا سخف فيه، النفس الإنسانية لا تخضع إلى فكرة ما إلا إذا كانت
صحيحة، وواقعية، ومنطقية، وخيِّرة، ومتماسكة
هذا المنهج حقائقه ثابتة
الدين حقائقه ثابتة، في كل مكان وزمان، تؤمن
به أو لا تؤمن به، تستخف به أو لا تستخف به، لك أو عليك، مثل قانون السقوط،
فأنت حر، يقول: هذا كلام كله خرافة، أنا سوف أنزل ولن يصيبني شيء، تفضل
وانزل، تحب أن تنزل من دون مظلة فتفضل وانزل، هذه قوانين مطبقة في كل أجواء الأرض،
إذا أردتَ أن تتأدب مع مكتشفيها، فاعمل موازنة دقيقة، وانزل بمظلة، وستصل إلى
الأرض سالماً، هذا مثل، ولله المثل الأعلى.
الدين قواعد من صنع خبير عليم :
هذا الدين قواعد من صنع خبير عليم، أنت حر،
إنْ تطبقها فالخير لك، إنْ تؤمن بها فلك، إنْ تعظمها فلك، تأخذها مأخذ الجد فلك...
الدين مجموعة ضمانات لسلامتك، إذا قال الله
لك: غض بصرك، فهذا لك، تسعد بزواجك طوال حياتك، إذا قال لك: حرر دخلك من الحرام
فخيره لك، ويبارك الله لك فيه، وإذا قال لك: اصدق، فمن أجل مكانتك الاجتماعية، قال
لك: كن أميناً، فمن أجل أن تكون غنياً.
* أضربُ أمثلة :
- إذا ركب سائقٌ شاحنة وزنها عشرة أطنان،
ومر على جسر وليس في الطريق أحد، وكُتِب على الجسر: "الحمولة القصوى خمسة
أطنان" ثم نظر أهناك شرطة فتخالفني أو لا، ليس الموضوع مخالفة، بل الموضوع
أنك إذا مررت ستسقط أنت والسيارة، وتغرق في النهر هذا نظر سخيف، هذا الجسر حمولته
خمسة أطنان، وحمولتك عشرة أطنان، فإذا مررت على هذا الجسر سوف تسقط أنت والسيارة.
- رأى أحدهم خطّاً كهربائياً " توتر عالٍ"، أريد أن أضع يدي على الأسلاك، ثم نظر أهناك مَن يخالفني؟ ليس الموضوع مخالفة، بل التيار هو الذي يخالفك، تمسك فتصبح فحماً خلال دقائق .
التكذيب بالدين
نوعان :
تكذيب لفظي قولي وتكذيب عملي :
فأما التكذيب اللفظي فقلما نسمعه بآذاننا في
العالم الإسلامي، بالألف واحد ممّن يقول لك: الدين باطل، معظم الناس مؤمنون، الآن
أنت بحركتك اليومية، في البيت، في الطريق، بعملك، بالسوق، مع أصدقائك، مع جيرانك،
مع أقرباءك، تقول له: الدين، يقول: نعم والله على العين والرأس، الجنة، الله
يطعمنا إياها، لكن العبرة ليست هنا هذا التكذيب القولي نادر، لكن الشيء المنتشر هو
التكذيب العملي.
أعوذ بالله، الجنة حق، والنار حق، والدين حق،
وهذا كلام ربنا، أعوذ بالله من كل ضلالة، إذاً فلمَ لا تطبقه؟ تخالفه بسلوكك
اليومي، تخالفه بالبيع والشراء، تخالفه بعلاقتك مع زوجتك، تخالفه بعلاقتك مع
أولادك فلِم لا تطبقه؟!!
مثلاً؛ لو زرت طبيباً ناشئاً، وأعطاك وصفة، وأنت
أحببت بذكاء اجتماعي أن تشجعه تصافحه، وتقول له: أنا أشكرك وأمتن عليك كثيراً، وإن
شاء الله أريد أن آخذ الأدوية، وأشفى على يدك، لكنك اتبعت وصفة غيرها، وقلت في
نفسك: هذا طبيب جديد، وقد لا يفهم، فعدم شرائك هذه الوصفة مع أنك أثنيت على علمه
نوع من أنواع التكذيب بعلم هذا الطبيب، هذا التكذيب خطير.
فماذا تعني كلمة (أرأيت)؟
هذه (أرأيت) تختلف عن:
﴿ أَلَمْ
تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ سورة الفيل: 1]
الله سبحانه وتعالى أخبرك عن حدث تاريخي وقع
وأنت لم تره، فإخبار الله سبحانه وتعالى هو أعلى درجة يقينية، فيجب أن تستقبل ما
أخبرك الله به كأنك تراه، هذا معنى قوله تعالى:
﴿ أَلَمْ
تَرَى كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴾ سورة الفيل: 1]
أما هذه الآية
فلها معنى آخر:
هذا
الذي يكذب بالدين يعيش بيننا، قد يكون للإنسان جار، يكذب بالدين تكذيباً عملياً
وليس تكذيباً قولياً، نساؤه كاسيات عاريات، ويوم الجمعة في المسجد، يقول لك: صلاة
الجمعة فرض، وأعوذ بالله أنْ يجحدها جاحد، ما هذا الكلام، قد يأكل الربا، ويدفع
الصدقة، هذا مكذب بالدين، فربنا عز وجل قال:
**هذا الذي يكذب بالدين هل ترى معاملته؟ هل ترى سلوكه؟
هل ترى مواعيده؟ هل ترى إتقانه لعمله أم عدم إتقانه؟ هل ترى غشه للناس؟ هل ترى
كذبه عليهم؟ هل ترى مماطلته؟ هل ترى استعلاءه؟ هل ترى دناءته؟ هذا الذي يكذب
بالدين.
﴿ فَذَلِكَ
الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ﴾
بعض صفات المكذِّب
بالدين :
الإنسان المكذب
بالدين سواء كان مدرساً، أو طبيباً، أو تاجراً، أو مهندساً، أو صانعاً، أو صاحب
مصلحة، أو موظفاً، له صفات كريهة، يأخذ ما له وما ليس له، يحب أن يحيا وحده وللناس
الموت، هذا الذي يكذب بالدين، يحل مشاكله فحسب أما الناس فلهم مشاكلهم
· الحكمة من اختيار ربنا عز وجل
هاتين الصفتين في الآية التالية
:
لماذا اختار ربنا عز وجل هاتين الصفتين فقط؟ قال: ﴿ يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ
﴾:
لو أنّ إنساناً ترك مساعدة إنسان عادي فهذا
خطأ وتقصير، لكن إذا ترك مساعدة يتيم فهذا ليس له أحد، مهيض الجناح، فتركُ مساعدة
الناس خطأ، لكن ترك مساعدة اليتيم خطأ كبير، ليته ترك مساعدته بل هو يدُعُّه،
ويزجره، ويضربه، ويعنفه، وهذا ليس إنساناً عادياً، لكنه يتيم، لم يدُعه فحسب بل
عنّفه .
- وفي الحديث : (لا
تُنزع الرحمة إلا من شقي ) أحمد عن أبي هريرة
فلا يمكن أن ترى إنساناً له معاملة طيبة إلا
وفي قلبه خير، فالمؤمن عفيف عن المطامع وعن المحارم، خجول،
صاحب حياء، صاحب وعد، يحب الخير ولا يستعلي على أحد، متواضع، هذا هو المؤمن.
* * *
أعلى أنواع البخل أنه يبخل بكلمة، من يبخل
بالدرهم والدينار فهو بخيل، أما من يبخل بكلمة فهو أبخل البخلاء.
سألك رجل: بالله من أين الطريق إلى حمص؟ لا أعرف، إذا قال لك: أقرضني عشرة آلاف، وقلت: ليس عندي، فهذا معقول ألاّ تقرضه، أما أعطنا رغيفين من الخبز، وعندك رغيفان تريد أن تأكلهما مع أهلك، فأنْ تقول: ما عندنا واللهِ فهذا وارد، لكن من أين الطريق الفلاني؟ وتجيب: لا أعرف، فهذا منتهى البخل، ومنتهى الشح، وهذا إنسان مرذول حقّاً.
سألك رجل: بالله من أين الطريق إلى حمص؟ لا أعرف، إذا قال لك: أقرضني عشرة آلاف، وقلت: ليس عندي، فهذا معقول ألاّ تقرضه، أما أعطنا رغيفين من الخبز، وعندك رغيفان تريد أن تأكلهما مع أهلك، فأنْ تقول: ما عندنا واللهِ فهذا وارد، لكن من أين الطريق الفلاني؟ وتجيب: لا أعرف، فهذا منتهى البخل، ومنتهى الشح، وهذا إنسان مرذول حقّاً.
( فَوَيْلٌ
لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ﴾
الآية التالية آية دقيقة لها معان كثيرة :
الويل وعيد من الله عز وجل، وعيد للمصلين
المتساهلين، هذه الآية دقيقة جداً، فيها وقف قبيح، إذا قُرئ فويل للمصلين،
فَوَقَفَ، فهذا وقف قبيح، لأن المصلي لا ويل له، المصلي هنيئاً له، ولكن أكمل
الآية
-
الآية دقيقة جداً لها معان
كثيرة:
** أحد هذه المعاني؛ الله عز وجل سمى هذا الذي كُلف بالصلاة
مصلياً، لا لأنه يصلي، لكن لأنه مُكلف بالصلاة
يقصد أن هؤلاء الذين كُلفوا بالصلاة، وهم
يعلمون أن الصلاة فرض عليهم، ومع ذلك عن صلاتهم ساهون.
- بعض
المفسرين حمد الله كثيراً على أن الله عز وجل لم يقل في صلاتهم ساهون، وبينَ
(عن) و(في) مسافة كبيرة جداًل.
2 ـ الذي أداها شكلاً :
والمعنى الثاني؛ هذا الذي أداها شكلاً، وقف
ليصلي وجميع مشكلاته اليومية مرَّت في خاطره
3ـ المصلي الذي لم يرجُ لها ثواباً وإن تركها لم يخش على
تركها عقاباً :
بعضهم فسر هذا المصلي؛ المصلي الذي لم يرج
لها ثواباً، وإن تركها لم يخش على تركها عقاباً، هذا تعريف آخر للمصلي الذي سها عن
صلاته،
4ـ الذين يؤخرونها عن أوقاتها :
وقد جاء في بعض
الأقوال: أنه من أخر الصلاة عن وقتها أذهب الله
البركة من عمره
5 ـ الذين لا يتمون ركوعها وسجودها :
الذين لا يتمون ركوعها وسجودها، يركع ولا
يطمئن، ويسجد كنقر الديك، وعندئذٍ تقول لصاحبها: ضيعكَ الله كما ضيعتني، قال: تُلف كما يُلف
الثوب الخلق ثم يُضرب بها وجهه وتقول هذه الصلاة: ضيعك الله كما ضيعتني.
6 ـ الذي لا يقرأ بها ولا يذكر :
أي لا يقرأ بها ولا يذكر، مِن عشرين سنة يصلي
بآية واحدة، لم يحفظ غيرها، لم يعُد لها معنى، بل أُفرِغت من فحواها، لكن إذا قام
الإنسان ليصلي، وقد قرأ عن الصلاة، فنوّع في القراءة، احفظ من القرآن، احفظ جزء
عمَّ واقرأه بالتسلسل، ولما تغيِّر السور تسمع من الله كلاماً جديداً، فهذا درس
بليغ لك.
7 ـ المنافقون في صلاتهم :
سهوهم ليس سهوَ وسوسة بل سهوُ ترك والتفات عن
الله:
كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون، والنبي
عليه الصلاة والسلام قال: هم المنافقون في صلاتهم.
السهو في الصلاة
:
- سيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه يقول: ثلاثة أنا فيهن رجل وفيما سوى ذلك أنا واحد
من الناس؛ ما سمعت حديثاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا علمت أنه حق من
كتاب الله، ولا صليت صلاة فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها، ولا سرت في جنازة فحدثت
نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها.
- ذهب رجل ليطوف حول
الكعبة، وله شيخ، قال له: يا بني طف، طاف ورجع، فقال: يا بني كيف حالك، قال
له: والله طفت بالبيت، ولم أطف برب البيت،
أنا من أين أمر ومن أين أبدأ؟ من هنا، ماذا
أصنع؟ ماذا قال الفقهاء في هذا الوضع؟ ارتبك، هنا الميل، هنا كذا، قال: طفت بالبيت
ولم أطف برب البيت، قال له: أعد الطواف، فلما طاف المرة الثانية، لم يعد
يدقق بالأماكن، حدث له استغراق، فدعا إلى الله عز وجل، وانهمرت دموعه، فقال سائلاً
نفسه: كم شوطاً طفت أنا؟ لقد نسي كم شوطاً، قال له: كيف حالك يا ولدي؟ قال: طفت
برب البيت ولم أطف بالبيت، قال: أعد الطواف، في المرة الثالثة جمع بين عدد الأشواط
وبين وأماكن الطواف، وبين الوجهة إلى الله عز وجل، قال له: كيف حالك يا ولدي، قال:
طفت بالبيت وبرب البيت.
أحياناً الإنسان بسبب استغراقه في آيات القرآن الكريم، يتأثر بالسورة، قرأ قصة في الصلاة تفاعل معها، نسي كم ركعة صلى هذا سهو مشروع، لذلك شُرع له سجود السهو.
﴿ الَّذِينَ هُمْ
يُرَاءُونَ*وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾
قال
بعضهم: هناك من يصلي طاعة لله عز وجل، وهناك من يصلي تقية، فقد يكون الرجل
متواجداً بمجلس، كل من فيه من المؤمنين، وأذن المغرب، ومضت ساعة، وإذا ما صلى
المغرب يُتهم بالنفاق فقام وصلى، ولكنه صلى تقية، هؤلاء الذين يراؤون، لم يصلِّ
طاعة لله عز وجل، صلى تقية، صلى لئلا يُقال عنه منافق:
﴾
فتعريف الرياء،
طلب ما في الدنيا بالدين، هذا هو الرياء.
-
هناك رياء
بالتصرفات، يظهر بمظهر الحليم
الوقور، لكن إذا خلا فله تصرفات شاذة، وضرب وشتم، وأعمال لا تليق بالمؤمن، لكن
أمام المجتمع يأخذ دور الحليم الهادئ الوقور، يفكر، فهذا نوع من أنواع الرياء
بالتصرفات، بالسمت،
- وهناك رياء بالقول، طوال جلوسه يقول: أستغفر الله، لا حول ولا
قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله رب العالمين، كلمات يرددها حتى
يقال عنه: ولي، هذا أيضاً رياء.
- وقد
رُوي: أخوف ما أخاف على أمتي الشرك الخفي، ألا إني لست أقول إنكم تعبدون صنماً
ولا حجر، ولكن شهوة خفية وأعمال لغير الله.
- سئل عليه الصلاة والسلام عن الشهوة الخفية، فقال: الرجل يتعلم العلم يحب أن يُجلس إليه ..، فإذا جلس الناس إلى عالم وشعر بنشوة وبمكانة كبيرة وبشأن عند الناس، والناس رحبوا به، وبجلوه، وعظموه، فهذه شهوة خفية، وهذا شرك، وهناك موضوع آخر عن الرياء.
- سئل عليه الصلاة والسلام عن الشهوة الخفية، فقال: الرجل يتعلم العلم يحب أن يُجلس إليه ..، فإذا جلس الناس إلى عالم وشعر بنشوة وبمكانة كبيرة وبشأن عند الناس، والناس رحبوا به، وبجلوه، وعظموه، فهذه شهوة خفية، وهذا شرك، وهناك موضوع آخر عن الرياء.
درجات الرياء
الأول
: أحياناً الإنسان يعمل عملاً من أساسه
يبتغي به غير الله، دخل به مشركاً وخرج به مشركاً، أي أحب أن يعمل وليمة له منها
مقصد يريد أن يسترضي رجلاً يخاف منه، أقام له وليمة، وتكلَّف لها، فهذا العمل من
أساسه نوى به إرضاء فلان ليتقي شره، فهذا أوضح أنواع الرياء.
الثاني : هناك رياء أقل من ذلك، بدأ بعمل صالح، في أثناء العمل الناس أثنوا عليه، انبسطت أساريره، وشعر أنه في موطن اعتبار، فعمل أعمالاً زائدة عن العادة حتى يثنوا عليه أكثر فأكثر فخرج منه مشركاً، دخل به مخلصاً خرج منه مشركاً، كان بشيء صار بشيء.
الثالث : هناك درجة أخف، دخل به مخلصاً وخرج به مخلصاً، ولكن الناس أثنوا عليه فسُرَّ، سكت ارتاح، وصار بحاجة للمديح، إن شاء الله العمل أعجبكم؟ نعم والله، الله يجزيك الخير، ثم رأى آخر، إن شاء الله هذا العمل أعجبكم؟ نعم والله، صار يستجدي المديح، دخل به مخلصاً، وخرج به مخلصاً، ثم ركن إلى المديح، فهذا شرك مخفف، ورياء مخفف.
- سئل أحد الصالحين؛ ما دواء الرياء؟ قال: كتمان العمل.
صل قيام ليل واكتم ذلك، لا تحدث به أحداً،
ادفع صدقة واكتم ذلك، لا يجرؤ الشيطان عندئذ أن يقول لك:
إنك مراءٍ، لم تتكلم لأحد، لم يدر أحد، افعل
الصالحات ولا تذكرها لأحد، هذا هو دواء الرياء.
لا مراءاة في العمل إن كان فريضة :
أيُعقل ألاّ أصلي؟ كنت مع أناس في نزهة أفلا
أصلي؟
- قال
العلماء: لا رياء في الفرائض، يجب أن تصلي وهذا ليس رياء إطلاقاً، ولن تحس به
أساساً.
لكن لا تصبح تحدث مفتخرا بفرائضك واتقانها :
سئل بعضهم: منذ كم دخلت البصرة، فقال: منذ عشرين عاماً،
وأنا صائم، قال: سألتك عن شيء واحد فأجبتني عن شيئين، هذا الرياء .
-
نسأل أحدهم أخي الاسم الكريم : الدكتور فلان، قلنا لك الاسم لا نريد
الشهادة، تُسأل عن شيء وتجيب عن شيئين:
- رجل سجد في المسجد سجود الشكر فأطال، فقال له
أحد العارفين: بالله لو كان هذا في بيتك لكان أحسن، أما هنا
فصار فيه نوع من الرياء.
للماعون أربعة عشر
معنى :
- أولاً: زكاة المال، والذي يمنعها يمنع الماعون.
- وثانياً:
قال بعضهم في هذا الموطن لو خفيت الصلاة لما صلوها لقد ظهرت الصلاة فصلوها وخفيت
الزكاة فمنعوها، فمنع الماعون منع الزكاة.
- الثالث: منع المال عن مستحقيه، بشكل مطلق، منع
الصدقة منع المال عن مستحقيه.
-
بقي للمشتري معك تتمة وأنت تتجاهل، موظف على الصندوق، على الهاتف، على الكهرباء،
دفعت له مثلاً مئة، والمبلغ ثمانية وتسعون ونصف، يتغافل عنك، وتخجل أنْ تطالبه.
الرابع : الماعون
اسم جامع لمنافع البيت، عندك سلم، عندك شاكوش، عندك كرسي، طاولة، المؤمن يعير يحب
الخير، هذا جاره، عنده ضيوف، عنده سبعة ضيوف وعنده خمسة كراسي، يريد كرسيين،
يجيبه: ليس عندنا. هذا باب من أبواب الخير كبير.
الخامس : الماعون العارية، الشيء المعار أيضاً،
الخامس : الماعون العارية، الشيء المعار أيضاً،
وقال آخرون: مطلق الماعون الأولى حاجات البيت الأساسية،
وبعضهم قال: مطلق الحاجات،
وقيل: الماعون المعروف الذي يتعاطاه الناس فيما
بينهم، أي هذا البيت فيه شجرة ليمون، صار عندهم من العرف أن يُطرق الباب لطلب
ليمونة، هكذا كان قديماً، شجرة تحمل أربعمئة ليمونة، ما في إنسان طرق الباب إلا
أعطوه ليمونة .
- إذا أراد ربك إظهار فضله عليك خلق الفضل ونسبه
إليك .
وقال بعضهم: ما لا يحل منعه، كالماء
والنار والملح.
وبعضهم قال: الماعون هو الحق، ومن منع الحق أهله فقد انطبقت عليه هذه الآية
وبعضهم قال: الماعون هو الحق، ومن منع الحق أهله فقد انطبقت عليه هذه الآية
وبعضهم قال: منافع الأموال، كرجل عنده بستان
يمرُّ فيه نهر، ويجلس الناس ساعة يستظلون بأشجاره، فمنعهم، ووضع شريطاً شائكاً، لا
يدع أحداً يأتي، ما خسر شيئاً، ولكن لا يريد خيراً.
بعضهم قال: الماعون هو المعونة، الذي يمنع المعروف بين
الناس، فهو إنما يمنع الناس أن يعين بعضهم بعضاً، هذا مانع للماعون.
- رجل ركب جواداً في الصحراء، رأى رجلاً
ينتعل الرمال المحرقة، فأشفق عليه، دعاه لركوب الجواد معه، وهذا الذي دعاه لركوب
الجواد لصٌّ من لصوص الصحراء، وما إن امتطى ظهر الفرس حتى دفع صاحبها أرضاً، وعدا
لا يلوي على شيء، فقال صاحب الفرس: يا هذا قد وهبت لك هذه الفرس، ولن أسأل عنها
بعد اليوم، ولكن إياك أن يشيع هذا الخبر في الصحراء، فتذهب منها المروءة، وبذهاب
المروءة يذهب أجمل ما فيها.
- شاهد رجلٌ شخصاً مقطوعاً فأركبه في السيارة، فإذا معه حشيش، صادروا
السيارة، فهل يُركب أحدٌ أحداً بعد هذه الحادثة؟ أبداً.
- شاهد رجلٌ جريحاً، فأخذه إلى المشفى، فأوقفوه خمسة أيام، ليس
لي علاقة .
فكل إنسان يسيء لصانع المعروف يمنع الماعون،
أعارك كتاباً، والله ضاع مني، هل يعير مرة أخرى؟ يحلف يميناً معظماً أنه لن يعير
كتاباً لأحد ما دام حيّاً.
كل إنسان يتلقى معروفاً ويرد بالإساءة، أو يسيء لصاحب معروف صاحب هذا المعروف لن يفعل خيراً أبداً، من الذي منع الماعون؟ هذا الذي أساء.
كل إنسان يتلقى معروفاً ويرد بالإساءة، أو يسيء لصاحب معروف صاحب هذا المعروف لن يفعل خيراً أبداً، من الذي منع الماعون؟ هذا الذي أساء.
المعنى الدقيق أنك إذا رددت على معروف بإساءة، أو إذا أسأت لصاحب معروف فإنك منعت الخير بين الناس.
أجمل ما في الحياة التعاون، فإذا فعل الإنسان
خيراً شكَّ الناسُ فيه، ماذا تريد مني؟ لا أريد منك شيئاً، والله، لأن الناس
تعودوا ألاّ يفعلوا خيراً. فعندما يسيء الإنسان لصاحب المعروف، يكون قد أساء إساءة
بالغة للدين، ومنع بذلك المعروف.
﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي
يُكَذِّبُ بِالدِّينِ*فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ*وَلَا يَحُضُّ عَلَى
طَعَامِ الْمِسْكِينِ*فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ
سَاهُونَ*الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ*وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾
والحمد لله رب العالمين
0 comentarios:
Publicar un comentario