الرؤيا من
الأحاديث :
·
فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه
قال: سألت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن قول الله عز وجل: (( لَهُمُ
الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ )) (يونس: 64). قال: (( هي
الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له))
·
وقال صلى الله عليه وسلم: (( لم يبق
من النبوة إلا المبشرات" قالوا وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة)) (متفق
عليه)،
·
وقال صلى الله عليه وسلم: (( إذا
اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب)) (رواه مسلم).
·
وقد حرص عليه النبي ـ صلى الله
عليه وسلم ـ واهتم به، فكان إذا صلى الصبح أقبل على أصحابه بوجهه فقال: (( هل رأى
أحد منكم البارحة رؤيا)) رواه مسلم أو قال : ((من رأى منكم رؤيا فليقصها
أعبرها له)) (رواه مسلم).
قولهم في
الرؤيا والتعبير:
·
قال الخطابي: قيل
معناها إن الرؤيا تجيء على موافقة النبوة، لا إنها جزء باق من النبوة.. وقيل:
المعنى أنها جزء من علم النبوة؛ لأن النبوة وإن انقطعت فعلمها باق.
·
وعقَّب بقول مالك فيما حكاه ابن
عبد البر أنه سُئل: أيعبِّر الرؤيا كل أحد؟ فقال: أبالنبوة يُلعب ؟ ثم قال:
الرؤيا جزء من النبوة، فلا يُلعب بالنبوة.. والجواب عن هذه المسألة: أنه لم يرد
أنها نبوة باقية، وإنما أنها لما أشبهت النبوة من جهة الاطلاع على بعض الغيب لا
ينبغي أن يُتكلم فيها بغير علم.
الرؤيا دليل على الغيب والآخرة :
·
فمن كان يشك في الغيب وفي أحوال
الآخرة، أو يريد مزيداً من الدلائل عليهما، فإن في الرؤيا دلالات وأمثلة على ذلك:
فقد يشك الإنسان في وقوع العذاب على الروح، فينام في غرفة
نظيفة باردة، ويرى في منامه خلاف ذلك، ويتألم ويقوم سيئ الحال متكدراً يتصبب منه
العرق، فيعلم حينئذ أن الحرارة التي وقعت على روحه في المنام أعظم أثراً من
البرودة التي وقعت على جسمه في الواقع..! فيؤمن حينها بأن الروح تعذب، بل إن الألم
الحاصل من عذابها يطغى على نعيم الجسد، وهذا في الدنيا، فما حال الآخرة..؟!
·
ويعجب الإنسان من أحوال الآخرة
التي لا يدركها العقل لغرابتها، ولكن إذا لاحظ بض أحوال الرؤيا زال عجبه، فهو في
منام مدته 10 دقائق مثلاً، يسافر لبلاد كثيرة ويرى ويقرأ ويعمل أمورا لو أراد
عملها حقيقة لاحتاج إلى أيام عديدة، فكيف تم ذلك..؟! بل كيف حفظ بعض النصوص وكلَّم
بعض الناس ولا زال يذكر ذلك كله ويحفظه مع طوله..!، أفلا يدل ذلك على أن أحوال
الآخرة لا تخطر على قلب بشر..؟!
- النفع العظيم من الرؤى :
فالرؤى الصادقة من
الله فيها منافع جمة منها:
·
أنها تثبيت من الله عز وجل
للمؤمنين، ولهذا ورد في الحديث الصحيح: (( إنه لا يبقى في آخر الزمان إلا
المبشرات، فقالوا ما هي يا رسول الله؟ فقال: الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو تُرى
له)) وأنه (( إذا
اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب)) حيث إنه أشد ما يكون إلى تثبيت
الله تعالى له في ذلك العصر، الذي قلَّ فيه المساعدون، وكثر فيه المخالفون
والمناوئون.
·
أنها فاتحة خير في أمور الآخرة،
فمن المسلمين من يهتدي للحق بسببها، كما حصل للفضيل بن عياض ومالك بن
دينار وجَمْعٌ من الناس قديماً وحديثاً، ومنهم من يزداد إيماناً وتقوى، كما حصل
لعبد الله بن عمر في رؤياه المشهورة التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: ((نعم
الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) رواه البخاري .
فما ترك قيام الليل بعد ذلك..!
·
كما أنها فاتحة خير في أمور
الدنيا، كالدلالة على الرزق، أو على العلاج، أو العائن ،
والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى، وكم من مريض رأى من أصابه بالعين بذاته أو رأى
رمزاً يدل عليه، فأخذ من أثره فشفاه الله..!
دلالات تكرر
الرؤى والأحلام :
1-
اهتمام صاحبها بالأمر، فإذا اهتم
الإنسان بشيء ما وأشغله في واقعه، فإنه كثيراً ما يراه في منامه، ومرجع
ذلك هَمُّ قلبه، فإن كان مشتغلاً بالدين والإيمان رأى ما يناسب ذلك، كصحابة رسول
الله الذين يحدثون النبي برؤاهم كل يوم، وإن كان مشغولاً بدنيا كزواج أو دراسة أو
تجارة، فإنه غالباًَ ما يرى أو يحلُم أو يحدِّث نفسه بما يناسب ذلك.
2-
العجز وعدم التمكن من الشيء..
فإذا أُغْلقت أمام الإنسان الأبواب في أمر ما، رأى في منامه فتحاً له أو بديلاًَ
عنه، ولذا
تكثر الرؤى والأحلام لدى المساجين كما حصل للمسجونين مع يوسف، ولعلها تكون تطميناً
وتثبيتاً، وقد قال أحدهم:
خرجنا من الدنيا ولسنا بأهلها ولسنا
من الأموات فيها ولا الأحياء
إذا جاءنا السجَّانُ يوماً لحاجة عجبنا
وقلنا جاء هذا من الدنيا
ونفرح بالرؤيا فجُل حديثنا إذا نحن أصبحنا الحديث عن الرؤيا
3-
التطلع للمجهول والغيب الذي أخفاه
الله عن الإنسان لحكمته، لكن الإنسان بطبعه يتطلع لمعرفته؛ فإن كان منحرفاً
اتجه للعرافين والكهنة والمنجمين وغيرهم، ونسى أن الله لا يقبل له صلاة أربعين
يوماً بذهابه لهم، وأنه يكفر إن صدَّقهم.. أما المؤمن فإنه يتطلع إلى الرؤيا التي
قد يفتح الله بها شيئاً من ذلك بشارة بخير أو إنذاراً عن شر.
0 comentarios:
Publicar un comentario