lunes, 18 de septiembre de 2017

سعد بن معاذ :

0 comentarios
سعد بن معاذ :

  هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو. وأمه هي كبشة بنت رافع بن عبيد بن ثعلبة، لها صحبة، فقد أسلمت وبايعت رسول الله r، وماتت بعد ابنها سعد بن معاذ . 
-       وسعد بن معاذ رضي الله عنه عاش بعد إسلامه ست سنوات فقط وحاز كل هذه الفصائل رضي الله عنه وأرضاه .
من صفاته :

-       كان سعد t من أطول الناس وأعظمهم، وكان رجلاً أبيضَ جسيمًا جميلاً، حسن اللحية.
وقال أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن عمرو، حدثني واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال محمد: وكان واقد من أحسن الناس وأعظمهم وأطولهم قال: دخلت على أنس بن مالك فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ. فقال: إنك بسعد لشبيه، ثم بكى وأكثر البكاء، وقال: رحمة الله على سعد كان من أعظم الناس وأطولهم.

                                                      اسلامله

      عند بن اسحاق : أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بني عبد الأشهل ، و دار بني ظفر ، وكان سعد بن معاذ ... بن عبد الأشهل بنى خالة أسعد بن زرارة ...

    وذكر بن هشام : قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير  : لا أبالك ، انطلق إلى هذين الرجلين الذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا ، فازجرهما و انههما عن أن يأتيا دارينا ، فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك ، هو ابن خالتي ولا اجد عليه مقدماً قال : فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما ، فلما رآه أسعد بن زرارة قال لمصعب بن عمير : هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه ، قال مصعب : إن يجلس اكلمه ، قال فوقف عليهما متشمتاً : فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع: فإن رضيت أمراً قبلته، وإن كرهته كُفّ عنك ما تكره؟ فقال: أنصفت، ثم ركز حربته، وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن، فقالا: والله لقد عرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقة وتسهله، ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين. قالا له: تغتسل فتطهر، وتطهر ثوبك، ثم تشهد شهادة الحق، فقام واغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق، ثم قام فركع ركعتين، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن، وهو سعد بن معاذ..


 -  ثم أخذ حربته، وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم، فلما نظر إليه سعد مقبلاً، قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه لذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي، قال له سعد: ما فعلت؟ قال كلمت الرجلين، فو الله ما رأيت بهما بأساً وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت، وقد حُدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك فقام سعد مغضباً مبادراً، تخوفاً للذي ذكر له من بني حارثة، فأخذ الحربة من يده، ثم قال والله ما أراك أغنيت شيئاً، ثم خرج إليها فلما رآهما سعد مطمئنين عرف أن أسيداً إنما أراد أن يسمع منهما، فوقف عليهما متشمتاً، ثم قال لأسعد بن زرارة يا أبا أمامة! والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني، أتغشانا في دارنا بما نكره ؟!
   وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه قومه، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع فإن رضيت امراً أو رغبت فيه قبلته، إن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت، ثم ركز الحربة، جلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا: فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقة وتسهله ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا تغتسل فتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصل ركعتين

                                                                قوة شخصيته :
*   إسلام بني عبد الأشهل به :
     وكذلك يظهر هذا الملمح حين أعلن إسلامه ووقف على قومه، فقال:   يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟" حينئذٍ ردَّ عليه قومه بما يرونه فيه، فقالوا: "سيدنا، وأوصلنا، وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة".

   قال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تُسلموا فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام .
  -  وقال حين أظهر إسلامه: "من شك في الإسلام من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى، فليأتنا بأهدى منه نأخذ به، فوالله لقد جاء أمر لتحزن فيه الرقاب".
   قال سعد عن نفسه: ( ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس ؛ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل ؛ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بشيء غيرها حتى أقضيها ؛ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها حتى أنصرف عنها ).

براءته من المنافقين (حلفاؤه)

   قال ابن زيد: إن هذه الآية حين أنزلت: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْن} [النساء: 88] فقرأ حتى بلغ: {فَلاَ تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 89]، فقال سعد بن معاذ t: "فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من فئته" يريد عبد الله بن أبيّ بن سلول.
  قال ابن عباس t: كان المسلمون يقولون للنبي r: راعنا على جهة الطلب والرغبة من المراعاة، أي: التفت إلينا، وكان هذا بلسان اليهود سبًّا، أي: اسمع لا سمعت؛ فاغتنموها وقالوا: كنا نسبّه سرًّا، فالآن نسبُّه جهرًا، فكانوا يخاطبون بها النبي r ويضحكون فيما بينهم، فسمعها سعد بن معاذ t -وكان يعرف لغتهم- فقال لليهود: عليكم لعنة الله، لئن سمعتها من رجل منكم يقولها للنبي لأضربَنَّ عنقه. فقالوا: أوَ لستم تقولونها؟ فنزلت الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104]. ونهوا عنها؛ لئلاَّ تقتدي بها اليهود في اللفظ وتقصد المعنى الفاسد فيه.

بينه وبين أمية بن خلف وأبي جهل :

   عن ابن مسعود ، قال : انطلق سعد بن معاذ معتمرا ، فنزل على أمية بن خلف - وكان أمية إذا انطلق إلى الشامي مر بالمدينة فينزل عليه - فقال أمية له : انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت . فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل ، فقال : من الذي يطوف آمنا ؟ قال : أنا سعد . فقال : أتطوف آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه ؟ قال : نعم . فتلاحيا . فقال أمية : لا ترفع صوتك على أبي الحكم ; فإنه سيد أهل الوادي . فقال سعد : والله لو منعتني ، لقطعت عليك متجرك بالشام . قال : فجعل أمية يقول : لا ترفع صوتك . فغضب وقال : دعنا منك ، فإني سمعت محمدا - صلى الله عليه وسلم - يقول : يزعم أنه قاتلك . قال : إياي ؟ قال : نعم . قال : والله ما يكذب محمد . [ ص: 281 ] فكاد يحدث فرجع إلى امرأته ، فقال : أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي ؟ زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي . قالت : والله ما يكذب محمد . فلما خرجوا لبدر قالت امرأته : ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ فأراد أن لا يخرج . فقال له أبو جهل : إنك من أشراف أهل الوادي ، فسر معنا يوما أو يومين . فسار معهم ، فقتله الله ..
موقفه يوم بدر

    كان سعد بن معاذ رضي الله عنه من قادة المدينة و زعيماً للأوس ، يحب الجهاد و يتمنى الشهادة ، و لقد حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بدر الكبرى ، و في غزوة بدر ، أخبر النبي اصحاب بدر أن العير قد نجت و أن قريشاً قد خرجت للقتال ، فما رأيهم ،فأجاب المهاجرون برغبتهم في القتال ، ولم يتكلم الأنصار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أشيروا علي أيها الناس ، فقال سعد بن معاذ (والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قَالَ : أَجَلْ ، قَالَ : فَقَدْ آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقْنَاكَ ، وَشَهِدْنَا أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ ، وَأَعْطَيْنَاكَ عَلَى ذَلِكَ عُهُودَنَا وَمَوَاثِيقَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، فَامْضِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لِمَا أَرَدْتَ ، فَوَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، إِنِ اسْتَعْرَضْتَ بِنَا هَذَا الْبَحْرَ فَخُضْتَهُ لَخُضْنَاهُ مَعَكَ ، مَا تَخَلَّفَ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، وَمَا نَكْرَهُ أَنْ تَلْقَى بِنَا عَدُوَّنَا غَدًا . إِنَّا لَصُبُرٌ عِنْدَ الْحَرْبِ ، صُدْقٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ ، لَعَلَّ اللَّهَ يُرِيكَ مِنَّا مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنُكَ ، فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ ..

   -  عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر بن حزم: أن سعد بن معاذ t قال لرسول الله -لما التقى الناس يوم بدر-: يا رسول الله، ألا نبني لك عريشًا فتكون فيه، وننيخ إليك ركائبك، ونلقى عدونا، فإن أظفرنا الله وأعزنا فذاك أحب إلينا، وإن تكن الأخرى تجلس على ركائبك فتلحق بمن وراءنا. فأثنى عليه رسول الله خيرًا، ودعا له. 

   ولقد وقف سعد بن معاذ مع الرجال الذين يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكره رضي الله عنه للمسلمين أن يأسروا بل عليهم أن يثخنوا في القتل قبل الأسر حتى لا يقوى العدو على المقاومة فيما بعد

في الذب عن رسول الله : حادثة الافك

 عن حديث عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرأها الله مما قالوا ، وذكر الحديث بطوله ، قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر : " يا معشر المسلمين ، من يعذرنا من رجل قد بلغنا أذاه في أهل بيتي ؟ فوالله ، ما علمت في أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي " . فقام سعد بن معاذ الأنصاري - رضي الله عنه - فقال : يا رسول الله ، أنا أعذرك منه . إن كان من الأوس ، ضربت عنقه ، وإن كان من إخواننا من الخزرج ، أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت : فقام سعد بن عبادة ، وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلا صالحا ، ولكن احتملته الحمية ، فقال لسعد بن معاذ : كذبت لعمر الله ، لا تقتله ولا تقدر على قتله . فقام أسيد بن حضير ، وهو ابن عم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله ، لنقتلنه ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين . وذكر الحديث . رواه البخاري في الصحيح ، عن يحيى بن بكير . وأخرجه مسلم من وجه آخر ، عن يونس . 

غيرة سعد بن معاذ الشديدة على محارمه :

-  قيل: لما نزلت آية التلاعن، قال سعد بن معاذ t: يا رسول الله، إن وجدت مع امرأتي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة؟! والله لأضربنه بالسيف غير مُصْفِحٍ عنه. فقال رسول الله r: "أتعجبون من غيرة سعد؟! لأنا أغير منه، والله أغير مني".

وفاة سعد بن معاذ بعد حكمه على بني قريظة
   و في غزوة الخندق علم رسول الله أن بني قريظة قد نقضت العهد وتحالفت مع الأحزاب لطعن المسلمين من الخلف و خيانتهم ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ إلى قريظة يستطلع الخبر و يتأكد من صدقه و دقته ، فذهب سعد بن معاذ إليهم فكلموه كلاماً بذيئاُ و انكروا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : و إنكم قد علمتم الذي بيننا و بينكم يا بني قريظة و انا خائف عليكم مثل يوم بني النضير أو أمر منه ، فقالوا : أكلت أيرابيك ، فقال: غير هذا من القول كان أجمل بكم .
·        إصابته في الخندق :
    فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل ، رماه ابن العرقة ، فلما أصابه قال : خذها مني وأنا ابن العرقة . فقال : عرق الله وجهك في النار . اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني [ ص: 282 ] لها ، فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه ، اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعلها لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة . ... فحسمه رسول الله   كيا بالنار فاستمسك الجرح، وكان سعد قد دعا الله أن لا يميته حتى يقر عينه من بني قريظة، وذلك حين نقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله   من العهود، والمواثيق، والذمام، ومالوا عليه مع الأحزاب.

فلما ذهب الأحزاب وانقشعوا عن المدينة، وباءت بنو قريظة بسواد الوجه، والصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة، وسار إليهم رسول الله   ليحاصرهم كما تقدم، فلما ضيق عليهم وأخذهم من كل جانب، أنابوا أن ينزلوا على حكم رسول الله   فيحكم فيهم بما أراد الله، فرد الحكم فيهم إلى رئيس الأوس.

وكانوا حلفاءهم في الجاهلية وهو: سعد بن معاذ، فرضوا بذلك، ويقال: بل نزلوا ابتداءً على حكم سعد، لما يرجون من حنوه عليهم، وإحسانه وميله إليهم، ولم يعلموا بأنهم أبغض إليه من أعدادهم من القردة والخنازير، لشدة إيمانه وصديقيته رضي الله عنه وأرضاه.

·        طلب الشفاعة في بني قريظة :

فقد جاء نفر من الأوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجون رسول الله صلى الله عليه وسلم و يلحون عليه في الرجاء في أن يعفو عنهم و أن يجليهم عن المدينة كما أجلى يهود بني النضير ، حلفاء الخزرج ، فقالوا : يا رسول الله ، احسن في موالينا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيكم رجل منكم ؟ قالوا : بلى فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ ليحكم في قريظة ، وكان في خيمة رفيدة الأسلمية بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فلما وصل راكباً على حماره إلى مقر قيادة الرسول صلى الله عليه وسلم ، قال رسول الله : قوموا إلى سيدكم ، فقاموا فأنزلوه عن حماره.


فبعث إليه رسول الله   وكان في خيمة في المسجد النبوي، فجيء به على حمار تحته إكاف قد وطئ تحته لمرضه، ولما قارب خيمة الرسول   أمر عليه السلام من هناك بالقيام له.

قيل: لينزل من شدة مرضه، وقيل: توقيرا له بحضرة المحكوم عليهم، ليكون أبلغ في نفوذ حكمه، والله أعلم.

·        الحكم عليهم بالقتل :

قد قام هؤلاء الذين رجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعفو عن بني قريظة إلى سعد بن معاذ يرجونه أن يحسن إلى بني قريظة ، و أن يخفف في حكمه عليهم ، فقالوا : يا سعدإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حكمك بني قريظة لتحسن في موالينا ، و كرروا هذا الكلام مرات على مسمعه و هو ساكت لا يتكلم وبعد ان استمع سعد بن معاذ إلى رجاء هؤلاء النفر من الأوس وقف يقول : أيرضي بحكمي هؤلاء-مشيراً إلى المسلمين-و في مقدمتهم قومه الأوس ، فقالوا : نعم يا سعد، فقال سعد و قد غض بصره عن الجهة التي يجلس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم تأدباً في الحديث معه ومخاطبته: أيرضى بحكمي هؤلاء؟قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نعم يا سعد ، فيهود بني قريظة هم الذين اختاروه ولم يختاروا غيره طمعاً في محاباتهم لأنهم حلفاؤه في الجاهلية ، والمسلمون قبلوا بحكمه ، فجميع الأطراف قد اختارت سعداً ليكون حكماً بينها

·        انفجار جرحه وشهادته :

فلما حكم فيهم بالقتل، والسبي، وأقر الله عينه، وشفى صدره منهم، وعاد إلى خيمته من المسجد النبوي صحبه رسول الله  ، دعا الله عز وجل أن تكون له شهادة، واختار الله له ما عنده، فانفجر جرحه من الليل، فلم يزل يخرج منه الدم حتى مات رضي الله عنه.

·        اهتزاز العرش لوفته :


   -  قال ابن إسحاق: .. أن جبريل أتى رسول الله   حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من استبرق، فقال: يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟
قال: فقام رسول الله   سريعا يجر ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات رضي الله عنه.

    - عن مجاهد، عن ابن عمر قال: اهتز العرش لحب لقاء الله سعد بن معاذ.
·        ضيق القبر على الناس :

  - عن جابر بن عبد الله قال: لما دفن سعد ونحن مع رسول الله  ، سبَّح رسول الله   فسبح الناس معه، ثم كبر فكبر الناس معه، فقالوا: يا رسول الله ممَّ سبحت؟: «قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه».
         * ومجاز هذا الحديث
    * قال ابن هشام: ومجاز هذا الحديث قول عائشة، قال رسول الله  : «إن للقبر ضمة، لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ».

    -  وروى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله  : «لقد هبط يوم مات سعد بن معاذ سبعون ألف ملك إلى الأرض لم يهبطوا قبل ذلك، ولقد ضمه القبر ضمة» ثم بكى نافع.
   -   حينما سمع النبي r أحد المنافقين يقول: ما رأينا كاليوم، ما حملنا نعشًا أخف منه قط. فقال رسول الله r: "لقد نزل سبعون ألف ملك شهدوا سعد بن معاذ، ما وطئوا الأرض قبل ذلك اليوم".

ضمة القبر :
  -فقد أخرج الطبراني في "الكبير" عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - قال: ((دُفِنَ صبيٌّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو أَفْلَتَ أحدٌ من ضمَّة القبر لنجا هذا الصبي))؛ (صحيح الجامع: 5307).

  -ما قال محمد التيمي كما عند ابن أبي الدنيا " : كان يقال: إن ضمَّة القبر تكون، لأنَّ الأرض أصل البشر، وأنها أُمُّهم، ومنها خُلقوا، فغابوا عنها الغَيبة الطويلة، فلما ردَّ الله - تعالى - أولادها ضمتهم ضمةَ الوالدة التي غاب عنها ولدها، ثم قدموا عليها، فمن كان مطيعًا ضمته برفق، ومن كان عاصيًا ضمته بعنف، سخطًا منها عليه.

  -ورضي الله عن عمر بن الخطاب حيث يقول: "لو كان لي طِلاعُ الأرض ذهبًا لافتديت به من هول المطلع".

    وقفة : أخرج ابن أبي الدنيا عن الفيض بن إسحاق قال: قال لي الفضيل بن عياض: أرأيت لو كانت لك الدنيا، فقيل لك: تدعها ويوسع لك في قبرك، ما كنت تفعل؟ ثم قال الفضيل: "أليس تموت وتخرج من أهلك ومالك، وتصير إلى القبر وضيقه وحدك؟! ثم تلا: ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ [الطارق: 10]، ثم قال: إن كنت لا تفعل هذا، فما في الأرض دابة أحمق منك".



ثم قال: بعث رسول الله   جيشا إلى أكيدر دومة، فأرسل إلى رسول الله   بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول الله   فقام على المنبر، وجلس فلم يتكلم، ثم نزل فجعل الناس يلمسون الجبة وينظرون إليها. فقال رسول الله  : «أتعجبون منها، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون».

قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت يرثي سعد بن معاذ رضي الله عنه:
لقد سجمت من دمع عيني عبرة * وحق لعيني أن تفيض على سعد
قتيل ثوى في معرك فجعت به * عيون ذواري الدمع دائمة الوجد
على ملة الرحمن وارث جنَّة * مع الشهداء وفدها أكرم الوفد
فإن تك قد وعدتنا وتركتنا * وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد
فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد * كريم وأثواب المكارم والمجد
بحكمك في حيي قريظة بالذي * قضى الله فيهم ما قضيت على عمد
فوافق حكم الله حكمك فيهم * ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد
فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى * شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد
فنعم مصير الصادقين إذا دعوا * إلى الله يوما للوجاهة والقصد

قالت عائشة في الحزن الذي عّم بوفاة سعد :( فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وإني لفي حجرتي ).

تُوُفِّي يوم الخندق سنة خمس من الهجرة، وهو يومئذٍ ابن سبع وثلاثين سنة، فصلى عليه رسول الله r، ودُفن بالبقيع. 



 


0 comentarios:

Publicar un comentario