lunes, 9 de mayo de 2011

المقامة المشؤومة

3 comentarios

  فكرت كثيرا فقلت لماذا لا أكون مثل الناس .
 آكل  وأشرب بلا فكر ولا وسواسْ .
أشم رياح النسيم صباحا  دون أن تختنق علي الأنفاسْ .
أمشي بهدوء وسكون دون هموم أو غموم أو سوء إحساسْ .
أغمض عيني ليلا وأحلم حلما بلا عُقد كما يحلم باقي الناسْ .  

لكني لست مثل الجميعْ  ،
 أبلع الخبز كما أبلع الزقوم الفظيعْ .
وينزل الماء في جوفي فما يتم الا أن يعود بشكل سريعْ .
وأمشي في طرقات دربي أهدي كمجنون مُستريعْ .
وأغمِض جفني على كوابيس حر أو صقيع ْ.
الى متى أبقى بلا حلم ولا حياة كالجميعْ . ؟

لن ألعب لعبة الحياة بحال موثوق .
ولن أجد فيها من السلوى صاحبا ولا مرفوق .
فقط سوف تموت أنفاسي  وينفذ الهواء من صدري وأسقط على أنفي
وسوف يقال فلان رحمه الله .

 أثقل عليه رأسه ، وانحبس عنه  أنفه فمات بنفس مخنوقْ .
أو لعله تردى من سفح تل فأضحى برأس مشقوقْ .
أو مر على قوم يطهون طعاما فمال عليه القدر فمات بماء مصلوقْ.
أو أهوى بساق فوق فرن فانتهشته النار فأصبح الصبح عليه بوجه محروقْ .

ولكن ما يدريهم أن علي  هموما قد  نَتَقنَ فوق رأسي جبالا كالغيوم.
وأن دمعي جرى على قلبي فأحرق الوريد والشريان وأفسد البلعوم .
وأن صوتي صار مبحوحا بلا غُنةٍ كأنما انكسر الخيشوم .
فناديت من جوفي بصوت عال لم يسمعه إلا الأصم المبكوم .
حتى تشققت عروقي وانسلخت أوداجي وانفجر رأسي المشأوم .

لماذا كل هذا الموت قبل الموت وهذا الضيق قبل القبور.؟!
. وهذا الصياح والنواح والنباح والويل والثبور؟!
وهذا التألم والتضجر والغليان كأنك مطبوخ في قدور.!!
    يا إخواني:  سأحكي لكم قصتي في سطور :

عندما رأيت الدنيا لأول مرة بكيت بلا دراية .
سعادة سوف أموج فيها موجا ما له نهاية .
ومضغة سوف  تحكي للزمان ألف قصة ورواية .
سوف يكون لك شأن عظيم لأنك عند الله آية .

على هذا الفكر شب الفتى في قومه
وكان كبيرا في نطقه كبيرا في صمته كبيرا في فهمه .
يرى  النجم ساطعا في سماه كأنما هو ساقط في جيبه.
ويرى نفسه رئيسا أو وزيرا كما يرى الرائي في نومه .
ولكن لم يكن يعرف سببا واحدا،  هو إعرض الناس عن تعبير حلمه .!!


تركها للزمن حتى يكشف  المستور .
وسار حثيثا يبحث له عن موقع مغمور .
ولم ينس في يوم أن له  هدفا وأنه لم يوجد عبثا مهجور .
ومن لم يؤدبه أبوه ولا أمه أدبته الدهور.
مرت السنينُ والأيام والشهور . ..

ماذا تريد أن تكون يا ولدي ؟
 لا شك محام أو مهندس أو دكتور؟!

هكذا  أول مرة  سألتني المعلمة .
وفي كل إجابة مني اليها كانت مستفهمة؟ 
تلوك كلاما لست أعرفه ، إلا أني أشم منه ريحة عفنة.
واذا رأيت أنياب الليث بارزة فلا تحسبن الليوث مبتسمة !

هكذا كان الزمان يطوي ساعاته .
وأنا ألهو في حُلى  البراءة  غافلا عن نياته .
كأن كوكب السعد  من نصيبي عند دوراته .
والبحر يلهو طربا ويرقص لي عبر موجاته .

في كل يوم كان عقلي معي يحدثني.
ويبحث لي عن حلِ رَمْز من رموز الدهر يقلقني .
وتظهر لي من أحوال الناس أشياء تؤرقني .
وأدعو الكرى الى عيني أحيانا فيهجرني .

فما لبثت بحال مثل سابقة الحال .
ولا أنا في هجيع ليلي  خالي البال.
وأطلب نغما واحدا فأسمع ألف موال .
ماذا دهى الناس، مس من الشيطان أو سوء من الفال .

 مججت  الوساوس والظنون من عقلي مجا .
وسرت لا ألو أبحر في زمني أقطع الموجا
وأٍسلك فجاج الحياة بلا تعب   فجا فجا .
وأصم أذني وأغلق منافذي حتى لا أسمع الهرجا .
وطني بخير وكل شيء حوله يسعد المهجا.
وكل شيء فيه جميل وكل الخير اليه قد حجا .
وما السوء الا في عقول أعداءه يضج بهم ضجا .

على هذا الأمل كنت أنتظر اليوم الموعود .
وأتذوق كل صباح نشوة النجاح وأن الأرض تفرش لي بالورود.
وقلت ما نهاني الناس عن ما أنا فيه الا لأن فيهم الباغض الحسود .
وأنهم يكرهون لي السعادة ويبخلون علي بجنات الخلود
 وان أبواب السعد لي قد انفتحت وبابها عليهم مسدود .
صار غيبي الجميل أحب الى نفسي من عالم الشهود .


وما زلت على تلك الحال  عقدا من الوقتِ
أسارع  أفكاري وأصم آذاني  لا أسمع الا صوتي
لا هَمَ لي إلا رأسي أفركه ، ولا أجود حتى بالقمل من شدة السحتِ .
ولا يهمني الناس أتاهم صيدهم شُرعاً أوْ أتوا به يوم السبتِ .

فالناس في وطني يمشون في كَفَنٍ مقبورين  في صمتِ
فهذا "شمكار" وهذا مجنون وهذا يعيش في كَبتِ .
وذاك يهدي من السكر يعوي مثل الذئب في فلت ِ
وذاك كل همه خبز وشاي وطاس من الزيتِ .
والآخر رِجْلٌ بين الأحياء ورِجل على حافة الموتِ .
وآخرون يفترشون الأرض يسكنون ملابسهم بلا مأوى ولا بيتِ .
وآخرون  حولي قد انفجرت  كروشهم من شدة الفرتِ.
وآخرون قد علقوا للذكرى مسابحهم ، وصاروا بين الناس في سمتِ .
يد تسبح وأخرى ترقص بالشر في خبثِ .
واخرون قد شدوا لحاهم ، وصاروا يجلدون بها كل من خالف المفتي .

واسأل ما تريد عن وطني يأتيك كل صغير أو كبير بالخبرْ .
فلا شيء هاهنا يُخْفى ولا شيء ها هنا  يُستترْ .
تجري الأخبار عند الناس حتى قبل أن ينضج الخبرْ .
كأنما  فتحوا من الغيب بابا أو صنعوها لهم في المختبرْ.
ويحكون  الحكايات الطوال عن دار لقمان حتى تصاب بالضجرْ.

فهذا التعليم مسكين قعيد الفراش مريض بالكوليرا .
وينهض كل وقت من الحمى والحر مسعورا .
ودرس القسم أصبح أشبه ما يكون بالكورا.
فهذا يصفق والآخر يصرخ وذاك يغمز والاستاذ مذعورا.
وكل وقت يأتي الطبيب معالجا إياه ب" البيرا ".
فيسكر حتى الثمالة ولا يكاد يفيق مشعورا.
مدرستي الحِلوة ... فيها تخلخلت فيها صرت سكيرا.
فيها تجمد العقل وغاب الوعي وصار العلم مطمورا .
فيها تعلمت كل شيء ، تعلمت الغش والخداع وصرت مغرورا .
وكم ارتشت مني معلمتي ، حتى تَعْفُ عني من الصبورة .

والتعليم الجامعي في بلدي شبه حضيرة  الدجاج .
فالكل يقيق كل صباح كأنه في مظاهرة و احتجاج.
ويكتظ الفصل وتمتلأ الأدراج بالأفواج بعد الأفواج.
والكل في فرح ينقر الحب دون مراجعة أو  لجاج .
ويظل اليوم محشوا بما كتبوا حتى يستقيم من اعوجاج .
واياك أيتها الدجاجة أن تطيري بعيدا عن السياج .
طيري قريبا والا  سيكون مصيرك مثل  الحلاج.
وهل الدجاجة تطير حتى تسمعنا هته الكلمات السِماج.؟!!

أفسدوا الجامعة وأرادوا بها إصلاحا .
وهل من أفسد ولم يتب نرجوا منه الصلاحا .
أبداً وشلت يميني إن كانت الأغنام ترجوا من الذئب السماحا.
أو أن يتوب الثعلب ويرجو من الديك الفلاحا .
أتوا اليها المسكينة بطفل لقيط فمات في حضنها مرتاحا .
فاخدش وجهك وشق جيبك واندب حظك ان رمت منها النجاحا...


وحدثني صحبي عن التطبيب في بلدي .
فقال اصمت ولا تبح بسره  الى أحد.
واكتم لا ابتلاك الله في صحة ولا جسد . (امين)
وان ابتلاك الله  يوما أن تزورهم  ، فاحسب متاعك  لا  يخدعوك في كلية أو كبد .
واياك أن تنام ببنجهم ، فيبتروا رجلك اليمنى ويتبعوا لك الأخرى من الحسد  .
أو يخربوا فيك عرقا أو يمزقوا فيك عصبا ولن تفوز بعد غد .
ولن ينفع فيك حينئذ نفث الفقيه ولا المعوذتين ولا سورة البلد  .
فارجع اليهم كرتين وخيم لديهم واضرب في أرضهم بالوتد .
وبِع بَقَرَتَيْكَ ونعجتيك وكل ما لديك وأتهم بالمدد.
سوف تُشفى، بعد أن يفرغوا منك ويحلبوا منك ويكتفو منك بالزبد .
ولن تقول سوى الحمد لله ، أبقوا فينا الروح  التي  من قبضة الصمد....

     شددت على رأسي خوفا على رأسي أن ينفجر
وأمسكت روحي من الحلقوم حتى لا تحتضر .
وأقررت صمتا حتى لا يسبق الى أجلي القدر .
وقلت لنفسي في نفسي أما لك في هذا معتبر .
فقال صاحبي مستهزءا ساحكي لك  الأدهى من هذا والأمر .

أما تدري أن كل شيء في بلدي يباع في الأسواق .
أما تدري أن الكرامة ينفخ على بيعها في الأبواق.
والشرف ذو ثمن بخس لأهل الغرام  والأشواق.
والفحش يجري،  يطرب،  يرقص على قدم وساق .
والفن في بلادي  " هُُبَلُ" منصوب في معبد العشاق .
يصلون له خمسين مرة في اليوم صلاة الفساق .
ويحجون اليه من كل صوب ومن كل فج ضارب في الأعماق.
ويُزَكون عليه حتى ينمو ويربو ويأتيهم بيانع الأوراق.
زَمْرٌ وطبل ونفخ على جميع الأوتار  والأوزان والأذواق.

والدين في بلدي همهمات وتمتمات غير مفهومة .
عبادة مشوهة وأشكال وصور  شبه مرسومة .
وشطح مثل شطح القرود وصوت مثل صوت البومة .
واذا ما صعد الخطيب المنبر فسَاعَة تلك مشؤومة .
يُخرج من جيبه حُزمة صفراءَ من الأوراق القديمة .
فيخلص  لك  بوصفة عجيبة تُلقي بك  في نَوْمَة .
ويسقط الضحايا على السواري كأنما أكلوا أكلة مسمومة .


وآخرون من العلماء باعوا وجوههم بكأس من الماء.
فما خجلوا ممن على الأرض ولا خافوا من في السماء.
فأكبوا يقبلون الأيادي ويسجدون ويركعون بلا حياء .
ويسبحون بحمد الأسياد ويمجدون بشُكْر الأعداء.
ويبحثون في الدين على فتوى تدر عليهم فتات الأسخياء.
هذا ما حكم الله علينا ولا راد له على قضاء.!!!


بدأت أشك في نفسي من نفسي .
إن الناس عاثوا في الأرض بالفساد وبالرجس.
أكُل هذا في بلاد الجن أم في بلاد الإنس.؟!!
قلبت رأيي على مضض حتى هممت له بالكنس .
فلقد أشرقت شمس الحقائق بعد الظلام على رأسي .

فقلت يا صاحبي حدثني عن السياسة
سمعت أنها في بلدي إلهام وكَشف وفراسة.
وأن الناس في بلدي يختارون مصائرهم في كياسة .
وأن الظالمين يعلقون من أمعائهم في شراسة .
وأن الساسة في بلادي حِمْلان  وديعة ورهبان في قداسة .
وأن الساسة في خدمة الشعب ، يفركون له ظهره ويمشطون له راسه
وأنه لا يفلت في بلدي أحد ، حتى " القمل" يحسبون عليه أنفاسه.

فقال لي  صديقي من عجب يا لك من أحمق جَهل ِ.
قد كنت تبلع ما يقال في اعلام مولانا  من دَجَلْ  .
وتفتح اذانا لكِذْبهم ، وتسرع مصدقا اياه في عجل .
فاسمع لنصحي واترك عنك برامج السأم والملل.
ومُر عليهم مَر الكرام حتى لا تصاب بالشلل .

ان السياسة في بلدي لعبة خبيثة ممسوخة
وجلدة بالية قديمة مسلوخة .
وقربة مملوءة بالغش منفوخة .
وأكلة طرية شهية مطبوخة .

حتى اذا ما جاء وقت الانتخابات .
رأيت النفاق يجري له علامات.
تباع الذمم وتشترى الأمانات .
والصوت عند الناخب أعظم الكرامات.
يلحس الثرى بحثا عليه حتى في القمامات .
وتراه  أليفا يقفز في وقار مثل الحمامات.
ويغري الناس بأعمال لن يحلموا بها حتى في المنامات :

سوف أسوي لكم الجبال أرضا ،وأشق البحر عرضا ، وأبني لكم في السماء قنطرة .
وأنبت لكم من الأرض جنات وأنزل لكم من السماء أمطارا منهمرة .
وأمد لكم من الشمس خيطا حتى تعود العميان بالليل مبصرة .
وسوف ترون أمريكا وأوروبا والهند والصين بين أرجل البقرة.
لن أخون لكم بعد اليوم عهدا ولن تشمو مني ريحة قذرة .
فقط صوتوا علي وسوف أخرج لكم ذهبا من العَذِرَة .

وعندما يلحس اللص أصوات المساكين .
فابحث عليه ونادي في برامج المختفين .
يلفظ في خبث ويغدر كل من أعطاه اليمين .
ويحنث بالأقسام المغلظة وينسى رب العالمين .
ويشحذ كل رجالاته وكل جلاديه ويحد السكاكبن.
فيمر يذبح يسلخ يشنق كل الناخبين . ..

ألا لعن الله ساس  يسوس لعنا .
وأحرق الله الأحزاب ولا أضحك لهم سنا .
فما رأينا برامج وما رأينا مشاريعا وما رأينا سوى العفنا.
ما أشبعونا سوى القذارة يحسبوننا حميرا  نعلف التبنا.

فقال لي صاحبي لم يبق لنا الا المفر .
نبحث لنا عن وطن يكون لنا فيه المستقر .
نتنفس فيه هواء نقيا قبل أن نختنق من الضجر.
او يلصقوا بك تهمة  فتغْبر ما وراء الشمس  كأنك في سفر .
ولأن يأكلك الحوت خير من أن يأكلك الأواكس والعسكر .

أو يقعدوا لك بالمرصاد عند كل باب .
ويشبعوك صباحا بأشهى كلمات السب والشتم والعتاب .
أو يصنعوا لك حجابا قانونيا  فيذهب شأنك في سراب .
ويحسبوا عليك الخطوات ويقطعوا عليك الأنفاس حتى تموت بالاكتئاب.
وتعال ابصق على وجهي ان لقيت عملا وأنت متهوم بتهمة الارهاب .

يا إخواني الان أفقت من نومي
وعلمت بأني الان غريب في قومي .
وصار ليلي أشبه ما يكون من يومي .
تبددت امالي وصرت أعيش في غم .

بلادي بلادي ... لن أنسها ولو أفطروني من السم .
ولو خللوني في الزيت والخل والثوم .
وفرملوني وخلطوني من اللحم والشحم والدم.
سأحمل أشلائي  وأجيء ربي :
وأقول سيدي ،  خذ الحق منهم وما اقترفوه من جرم .
وانتصر للمنكوبين في الأرض  عاشوا على حافة الظلم ...









3 comentarios:

Anónimo dijo...

hola

Anónimo dijo...

hhhhhh

Anónimo dijo...

ما أروع ما خطت يمينك

Publicar un comentario