miércoles, 28 de agosto de 2013

سورة الهمزة

0 comentarios
بسم الله الرحمن الرحيم :

    وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1) الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)

- مقدمة من الظلال :
تعكس هذه السورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول . وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة . . صورة اللئيم الصغير النفس ، الذي يؤتى المال فتسيطر نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه! ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا في الحياة . القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس . وأقدار المعاني . وأقدار الحقائق . وأنه وقد ملك المال فقد ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب!

كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء؛ لا يعجز عن فعل شيء! حتى دفع الموت وتخليد الحياة . ودفع قضاء الله وحسابه وجزائه إن كان هناك في نظره حساب وجزاء!
ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ تعداده؛ وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم . ولمزهم وهمزهم . . يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته . سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم ، أو بتحقير صفاتهم وسماتهم . . بالقول والإشارة . بالغمز واللمز . باللفتة الساخرة والحركة الهازئة!

وهي صورة لئيمة حقيرة من صور النفوس البشرية حين تخلو من المروءة وتعرى من الإيمان . والإسلام يكره هذه الصورة الهابطة من صور النفوس بحكم ترفعه الأخلاقي . وقد نهى عن السخرية واللمز والعيب في مواضع شتى ...

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)

ويل لكل :

  - الويل لفظة الذم والسخط ، وهي كلمة كل مكروب يتولون فيدعو بالويل وأصله وي لفلان ثم كثرت في كلامهم فوصلت باللام...
هل الوعيد عام أم مخصوص بأناس معينين :
*  أما المحققون فقالوا : إنه عام لكل من يفعل هذا الفعل كائناً من كان وذلك لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ      *  وقال آخرون : إنه مختص بأناس معينين ..
        - كما قال عطاء والكلبي : نزلت في الأخنس بن شريق كان يلمز الناس ويغتابهم وخاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
          -  وقال مقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة كان يغتاب النبي صلى الله عليه وسلم من ورائه ويطعن عليه في وجهه .                                      -  وقال محمد بن إسحاق : ما زلنا نسمع أن هذه السورة نزلت في أمية بن خلف ...

*   قال الفراء : وكون اللفظ عاماً لا ينافي أن يكون المراد منه شخصاً معيناً ، كما أن إنساناً لو قال لك لا أزورك أبداً فتقول: أنت كل من لم يزرني لا أزوره وأنت إنما تريده بهذه الجملة العامة وهذا هو المسمى في أصول الفقه بتخصيص العام بقرينة العرف .
   - الظلال : إلا أن ذكرها هنا بهذا التشنيع والتقبيح مع الوعيد والتهديد ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجاه المؤمنين . .

همزة لمزة :

  - ابن عثيمين : - قال بعض العلماء:  إنهما لفظان لمعنى واحد، يعني أن الهمزة هو اللمزة. وقال بعضهم: بل لكل واحد منهما معنى غير المعنى الاخر. 

 *  وثم قاعدة أحب أن أنبه عليها في التفسير وغير التفسير وهي : أنه إذا دار الأمر بين أن تكون الكلمة مع الأخرى بمعنى واحد، أو لكل كلمة معنى، فإننا نجعل لكل واحدة معنى، لأننا إذا جعلنا  الكلمتين بمعنى واحد صار في هذا تكرار لا داعي له، لكن إذا جعلنا كل واحدة لها معنى صار هذا  تأسيسًا وتفريقًا بين الكلمتين...

ذكر ما ورد فيها من اختلاف عند الرازي في المفاتيح :
·        الهمز= الكسر،   قال تعالى : { هَمَّازٍ مَّشَّاء } [ القلم : 11 ] . والمراد الكسر من أعراض الناس والغض منهم
·        واللمز = والطعن فيهم ، قال تعالى : { وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ } [ الحجرات : 11 ] وبناء فعله يدل على أن ذلك عادة منه قد ضري بها ونحوهما اللعنة والضحكة..

وللمفسرين ألفاظاً أحدها :
1.     الهمزة المغتاب ، واللمزة العياب
2.     الهمزة باليد واللمزة باللسان
  - كما قال الله تعالى:  ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن  لم يعطوا منها إذا هم يسخطون [
3.     الهمزة بالمواجهة واللمزة بظهر الغيب
4.     الهمزة جهراً واللمزة سراً بالحاجب والعين
5.     الهمزة واللمزة الذي يلقب الناس بما يكرهون   ....  ويدخل فيه من يحاكي الناس بأقوالهم وأفعالهم وأصواتهم ليضحكوا .

               * وقد حكى الحكم بن العاص مشية النبي صلى الله عليه وسلم فنفاه عن المدينة ولعنه.

        - عن أبي الجوزاء قال : قلت لابن عباس : { وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } من هؤلاء الذين يذمهم الله بالويل فقال : هم المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الناعتون للناس بالعيب .

 - الرازي : واعلم أن جميع هذه الوجوه متقاربة راجعة إلى أصل واحد وهو الطعن وإظهار العيب...
 ثم هذا على قسمين فإنه إما أن يكون بالجد كما يكون عند الحسد والحقد ، وإما أن يكون بالهزل كما يكون عند السخرية والإضحاك
 - إما أن يكون في أمر يتعلق بالدين ، وهو ما يتعلق بالصورة أو المشي ، أو الجلوس وأنواعه كثيرة وهي غير مضبوطة .
 - و قد يكون لحاضر ، وقد يكون لغائب .
 -  وقد يكون باللفظ ، وقد يكون بإشارة الرأس والعين وغيرهما ... وكل ذلك داخل تحت النهي والزجر

الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2)

الذي جمع

- { الذى } بدل من كل أو نصب على ذم ..  وإنما وصفه الله تعالى بهذا الوصف لأنه يجري مجرى السبب..
أي أن علة همزه ولمزه هو إعجابه بما جمع من المال ، وظنه أن الفضل فيه لأجل ذلك فيستنقص غيره
مالا :

ذكر كلمة { مَالاً } بالتنكير : فيه يحتمل وجهين:

     - أحدهما : أن يقال : المال اسم لكل ما في الدنيا كما قال : { الْمَالُ والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا } [ الكهف : 46 ]
فمال الإنسان الواحد بالنسبة إلى مال كل الدنيا حقير ، فكيف يليق به أن يفتخر بذلك القليل...

     - والثاني : أن يكون المراد منه التعظيم أي مال بلغ في الخبث والفساد أقصى النهايات . فكيف يليق بالعاقل أن يفتخر به؟ ...

{ وَعَدَّدَهُ }: ففيه وجوه
    - أحدها : أنه مأخوذ من العدة وهي الذخيرة يقال : أعددت الشيء لكذا وعددته إذا أمسكته له وجعلته عدة وذخيرة لحوادث الدهر.
    - ثانيها : عدده أي أحصاه وجاء التشديد لكثرة المعدود كما يقال : فلان يعدد فضائل فلان ، ولهذا قال السدي : وعدده أي أحصاه يقول : هذا لي وهذا لي يلهيه ماله بالنهار فإذا جاء الليل كان يخفيه
    - ثالثها : عدده أي كثره يقال : في بني فلان عدد أي كثرة ...

  ابن عثيمين : فالقول بأن المراد عدده أي: أي جعله عُدة له يعني ادخره لنوائب الدهر،  جمعه للمستقبل قول ضعيف .وهذا وإن كان اللفظ يحتمله لكنه بعيد، لأن إعداد المال لنوائب الدهر مع القيام بالواجب بأداء ما يجب فيه من زكاة وحقوق ليس مذموماً، وإنما المذموم أن يكون أكبر هم الإنسان هو المال، يتردد إليه ويعدده، وينظر هل زاد، هل نقص

هذه الآيات تشير إلى البخل والشح :

    -  روى الثالث البخاري وعن أبي هريرة مرفوعا { السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة بعيد من النار ، ولجاهل سخي أحب إلى الله من عالم بخيل } رواه الترمذي وقال : غريب .
     -  وروى أيضا وقال : غريب عن أبي سعيد مرفوعا { خصلتان لا يجتمعان في قلب مؤمن البخل وسوء الخلق } وروى أيضا وقال حسن غريب عنأبي بكر مرفوعا { لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا منان } وأسانيد الثلاثة ضعيفة .
بعض قصص البخلاء للاستئناس  :

-  أوصى بعضهم ابنه؛ كن مع الناس كلاعب الشطرنج يحفظ شيئه.

-  قال رجلٌ لغلام: بكم تعمل معي؟ . قال: بطعامي. قال له: أحسن قليلاً. قال: فأصوم الاثنين والخميس.

-  قيل لرجل: من يحضر مائدة فلان؟ . قال: الملائكة. قال: لم أرد هذا. من يأكل معه؟ . قال: الذبان.

-  شكا بعض البخلاء بخله إلى بعض الحكماء؛ فقال له: ما أنت ببخيل؛ لأن البخيل هو الذي لا يعطي من ماله شيئاً، ولست أيضاً بمتوسط الجود؛ لأن المتوسط هو الذي يعطي بعض ماله، ويمنع بعضه، ولكنك في غاية الجود؛ لأنك تريد أن تعطي مالك كله. يعني: أنه يدعه كله لوارثه.

-  وقف أعرابي على أبي الأسود وهو يتغدى، فسلم عليه، فرد عليه، ثم أقبل على الأكل، ولم يعرض عليه؛ فقال له الأعرابي: أما إني قد مررت بأهلك. قال: ذاك كان طريقك. قال: هم صالحون. قال: كذاك فارقتهم. قال: وامرأتك حبلى. قال: كذاك عهدتها. قال: ولدت. قال: ما كان لها بد من أن تلد. قال: ولدت غلامين. قال: كذاك كانت أمها. قال: مات أحدهما. قال: ما كانت تقوى على إرضاع اثنين. قال: ثم مات الآخر. قال: ما كان ليبقى بعد أخيه. قال: وماتت الأم. قال: حزناً على ولدها. قال: ما أطيب طعامك. قال: ذلك حداني على أكله. قال: أف لك ما ألأمك. قال: من شاء سب صاحبه.

يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ  (3
واعلم أن أخلده وخلده بمعنى واحد ثم في التفسير وجوه أحدها :

   - الأول : يحتمل أن يكون المعنى طول المال أمله ، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله ، يحسب أن ماله تركه خالداً في الدنيا لا يموت وإنما قال : { أَخْلَدَهُ } ولم يقل : يخلده لأن المراد يحسب هذا الإنسان أن المال ضمن له الخلود وأعطاه الأمان من الموت وكأنه حكم قد فرغ منه ، ولذلك ذكره على الماضي .

   - وثانيها : يعمل الأعمال المحكمة كتشييد البنيان بالآجر والجص ، عمل من يظن أنه يبقى حياً أو لأجل أن يذكر بسببه بعد الموت ..

   - وثالثها : أحب المال حباً شديداً حتى اعتقد أنه إن انتقص مالي أموت ، فلذلك يحفظه من النقصان ليبقى حياً ، وهذا غير بعيد من اعتقاد البخيل..

 - النابلسي : هذا المال لا بد أنْ تتْرُكَهُ وأن يتْرُكَكَ، لابد من أنْ يفْتَرِق عنك، حتى أنَّ بعض علماء اللغة قال: ماله ؛ أيْ ليس له، ما نافِيَة فهو ليس له، ولأنه ليس لك إلا ما أكَلْتَ ...
   - يقول أحد الأعراب وهي قِصَّة مُتَرْجَمَة كان يقْطع الصحْراء على ناقَةٍ عليها زاده وطعامه، وبعد مُدَّةٍ نفد طعامه وشرابه وأيقن بالهلاك فأبصر عن بُعْدٍ شجرةً فأشْرق في نفسه نورٌ من الأمل، وهُرع إلى الشجرة فإذا إلى جانبها بِرْكَة ماء، فَشَرِبَ منها حتى ارْتوى ثمَّ تولى إلى الظِلّ وحالَتْ منه الْتِفافة فإذا بِجانِبِ الماء كيس، فَسُرَّ به سُروراً عظيماً وهو يَحْسَبُ أنَّ فيه خُبْزاً ولما فتح الكيس وصاح يا لَلْأسف ! لم يجد فيه إلا لآلىء ؛ كان على وَشَكِ الموت فهو يريد خبزاً لا لآلىء ...

المال كقيمة أخلاقية في زمن انتكاس المفاهيم من خلال بعض الأبيات :

 - قال بعضهم :
من كان يملك درهمين تعلمت      شفتاه انواع الكـــــــــلام فقالا
وتقدم الاخوان فاستمعو له       ورأيته بين الورى مختالا
ان الغني اذا تكلم بالخـــــــطأ     قالوا صدقت وما نطقت محالا
أما الفقير اذا تكلم صــادقا      قالوا كذبت وأبطلو ما قالا
إن الدراهم في المواطن كلها     تكسو الرجال مهابه وجمــالا
فهي اللسان لمن أراد فصاحه     وهي السلاح لمن أراد قـــتالا
- وقال آخر:
ان قل مالي فلا خل يصاحبني     او زاد مالي فكل الناس خلاني
فكم عدو لأجل المال صاحبني    وكم صديق لفقد المال عاداني
- وقال آخر وتنسب للشافعي :
يمشي الفقير وكل شيء ضده    والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضاً وليس بمذنب     ويرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة    خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوماً فقيراً عابراً    نبحت عليه وكشرت أنيابها
- ويقول الشاعر
                               كأن مقلاً حين يغدو لحاجة        إلى  كل من يلقي من الناس مذنب 
                                وكان بنو عمي يقولون مرحباً         فلما رأوني معدماً مات مرحب!

كلا لينبذن في الحطمة :

معنى كلا :
      - أحدهما : أنه ردع له عن حسبانه أي ليس الأمر كما يظن أن المال يخلده بل العلم والصلاح ، ومنه قول علي عليه السلام : مات خزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر ..

     -  والقول الثاني معناه حقاً : { لينبذن } واللام في : { لَيُنبَذَنَّ } جواب القسم المقدر فدل ذلك على حصول معنى القسم في كلا
معنى لينبذن :

النابلسي : تأمَّلْ كلمة لَيُنْبَذَنَّ؛ أحياناً الإنسان يرمي علبةً فارغةً أو باحتقار و بغير خجل، أمَّا إذا كان في جيبِه شيء ثمين فإنه يخاف عليه الشيء السخيف في الطريق تدوسه و لا تُبالي، كغلاف علبة سيجارة مثلاً اُنظُرْ إلى النبذ ؛ استعلى على الناس و احتقرهم فاحتقره الله عز وجل هذه بتلك ؛ همزة لمزة، عيَّار لمَّاز، مُستعلٍ مُتكبِّرٌ ؛  كلاَّ ليُنبَذَنَّ، كلامٌ بليغٌ كلاَّ لينبذَنَّ، ليتَهُ يُنبَذُ وكفى... 

{ الحطمة }
   -  قال المفسرون : الحطمة اسم من أسماء النار وهي الدركة الثانية من دركات النار
   -  وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « إن الملك ليأخذ الكافر فيكسره على صلبه كما توضع الخشبة على الركبة فتكسر ثم يرمي به في النار »

الفائدة في ذكر جهنم بهذا الاسم و مقابلة صورة الفعل لصورة العقاب :

- أحدها : الاتحاد في الصورة كأنه تعالى يقول : إن كنت همزة لمزة فوراءك الحطمة
- والثاني : أن الهامز بكسر عين ليضع قدره فيلقيه في الحضيض فيقول تعالى : وراءك الحطمة ، وفي الحطم كسر فالحطمة تكسرك وتلقيك في حضيض جهنم لكن الهمزة ليس إلا الكسر بالحاجب ، أما الحطمة فإنها تكسر كسراً لا تبقي ولا تذر
- الثالث : أن الهماز اللماز يأكل لحم الناس والحطمة أيضاً اسم للنار من حيث إنها تأكل الجلد واللحم

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحطمة }

ويمكن أن يقال : ذكر وصفين الهمز واللمز ، ثم قابلهما باسم واحد وقال : خذ واحداً مني بالإثنين منك فإنه يفي ويكفي ، فكأن السائل يقول : كيف يفي الواحد بالإثنين؟ فقال : إنما تقول : هذا لأنك لا تعرف هذا الواحد فلذلك قال : { وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحطمة }.
نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)

لمذا أضاف النار إلى نفسه :
- أما قوله تعالى : { نَارُ الله } فالإضافة للتفخيم أي هي نار لا كسائر النيران .. الموقدة التي لا تخمد أبداً أوالموقدة بأمره أو بقدرته
          - ومنه قول علي عليه السلام : عجباً ممن يعصى الله على وجه الأرض والنار تسعر من تحته ...

 *  في الظلال :  وإضافتها لله وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة ، غير معهودة ، ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة .

 * عند النابلسي :  لذلك النبي عليه الصلاة والسلام دعا على أبي جهل و قال: " أكله كلبٌ من كلاب اللهما كلاب الله ؟ قالوا السَّبُع، لما النبي الكريم نسبَ الكلبَ إلى الله، معناه أن الكلب غيرُ عادي كلبٌ مُخِيف


الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)
  - الأول : أن النار تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم ، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ، ولا أشد تألماً منه بأدنى أذى يماسه ، فكيف إذا اطلعت نار جهنم واستولت عليه .
 ثم إن الفؤاد مع استيلاء النار عليه لا يحترق إذ لو احترق لمات ، وهذا هو المراد من قوله : { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى } [ الأعلى : 13 ]  ومعنى الاطلاع هو أن النار تنزل من اللحم إلى الفؤاد ...

 -  والثاني : أن سبب تخصيص الأفئدة بذلك هو أنها مواطن الكفر والعقائد الخبيثة والنيات الفاسدة ، واعلم أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النار تأكل أهلها حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت ، ثم إن الله تعالى يعيد لحمهم وعظمهم مرة أخرى .
إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)
            - قال الحسن : مؤصدة أي مطبقة من أصدت الباب وأوصدته لغتان ...

·        و لو شاء يجعل ذلك الموضع بحيث لا يكون له باب لكنه بالباب يذكرهم الخروج ، فيزيد في حسرتهم...

ابن عثيمين :  أي : مغلقة، مغلقة الأبواب لا يُرجى لهم فرج ـ والعياذ بالله ـ  كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} يعني: يرفعون إلى أبوابها حتى يطمعوا في الخروج ثم بعد  ذلك يركسون فيها ويعادون فيها، كل هذا لشدة التعذيب؛ لأن الإنسان إذا طمع في الفرج وأنه سوف ينجو ويخلص يفرح، فإذا أعيد صارت انتكاسة جديدة، فهكذا يعذبون بضمائرهم وأبدانهم...

    -  تأمل الان لو أن إنسانًا كان في حجرة أو في سيارة اتقدت النيران فيها وليس له مهرب، الأبواب مغلقة ماذا يكون؟ في حسرة عظيمة لا يمكن أن يماثلها حسرة. فهم ـ والعياذ بالله ـ هكذا في النار


فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
يقال عمود البيت للذي يقوم به البيت .

  - الأول : أنها عمد أغلقت بها تلك الأبواب كنحو ما تغلق به الدروب ، وفي بمعنى الباء أي أنها عليهم مؤصدة بعمد مدت عليها ..
   -  هذه النار مؤصدة، وعليها أعمدة ممدة أي ممدودة على جميع النواحي والزوايا حتى لا يتمكن  أحد من فتحها أو الخروج منها.

 - الثاني : أن يكون المعنى : إنها عليهم مؤصدة حال كونهم موثقين : فى عمد ممدة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص
N    خاتمة من الظلال :
·        وإنا لنرى في عناية الله سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين :
- الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس .
- والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة ، وإشعارهم بأن الله يرى ما يقع لهم ، ويكرهه ، ويعاقب عليه . . وفي هذا كفاية لرفع أرواحهم واستعلائها على الكيد اللئيم . .



0 comentarios:

Publicar un comentario