سورة الفلق نزلت هي وسورة الناس معاً، واصطلح
أهل التفسير وعلماء القرآن على تسميتهما بالمعوذتين،
وقد وردت أحاديث في فضلهما معاً،
- ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال له: (ألم تر آيات
أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس).
-
وروى الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: (بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه
وسلم في نقب من تلك النقاب إذ قال لي: يا عقبة ! ألا تركب؟ قال: فأجللت رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن أركب مركبه، ثم قال: يا عقيب ! ألا تركب؟ قال: فأشفقت أن تكون معصية،
قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية، ثم ركب، ثم قال: يا عقيب ! ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما
الناس؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله! قال: فأقرأني (قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ
برب الناس)، ثم أقيمت الصلاة، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ بهما، ثم
مر بي، قال: كيف رأيت يا عقيب ؟! اقرأ بهما كلما نمت، وكلما قمت).
- وروى
الإمام البخاري عن أمنا عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا
اشتكى نفث على نفسه بالمعوذات ومسح بيده، فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه، طفقتُ
أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث، وأمسح بيد النبي صلى الله عليه وسلم عنه)
لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بلغ به الوجع
والمرض أنه لا يستطيع أن يحرك يديه، فكانت أمنا عائشة رضي الله عنها هي التي تقرأ، وهي التي تنفث،
ولكن من أدبها أنها لم تكن تمسح بيديها، وإنما كانت تأخذ يدي رسول الله صلى الله
عليه وسلم فتمسح بهما؛ لأنها تعلم أنه لا أبرك ولا أفضل ولا أكرم منهما
﴿ قُلْ أَعُوذُ
بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾
تعريف الفلق
الطبري : واختلف أهل التأويل في معنى( الفلق ) فقال
بعضهم: هو سجن في
جهنم يسمى هذا الاسم.
- ... ففي رواية قَدم رجل من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الشأم، قال: فنظر إلى دور أهل الذمة، وما هم فيه من العيش والنضارة، وما وُسِّع
عليهم في دنياهم، قال: فقال: لا أبا لك أليس من ورائهم الفلق؟ قال: قيل: وما
الفلق؟ قال: بيت في جهنم إذ فُتح هَرّ أهْلُ النار .
- السديّ يقول:( الفَلَق ) : جُب
في جهنم .
- عن أبي عبيد، عن كعب، أنه دخل كنيسة فأعجبه حُسنها، فقال: أحسن عمل وأضلّ قوم، رضيت لكم الفلق، قيل: وما الفلق؟ قال: بيت في
جهنم إذا فُتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه .
- وقال آخرون: هو اسم من أسماء جهنم
- وقال آخرون: الفلق:
الصبح.
النابلسي: في هذه الآية مركز ثِقَل، وهي
كلمة )الْفَلَقِ)، فقد ذهب
العلماء في تفْسيرها مذاهب شتى، ولكنَّ أرجح هذه التأويلات والتفسيرات أنَّ )الْفَلَقِ)
هو الكون كُلُّه.
كان الله ولم يكن معه شيء فخلق الكَوْن،
أي ظهر الكون، فالكون هو الفلق، والسماء تنشَقُّ عن المطر، والمطر هو الفلق،
والأرض تنشَقُّ عن النبات، والنبات هو الفلق، والمرأةُ تلِدُ طِفْلاً،
والطفل هو الفلق، والشجرة تُنْبِتُ بُرْعُماً، والبُرْعم هو الفلق،
والبُرْعم يُنْبــِتُ زَهْرَةً، والزهرة هي الفلق، والزهرة تنْعَقِدُ ثَمَرَةً
والثمرة هي الفلق، وأُنثى الحيوان تلِدُ ومَوْلودها فلق،
كُلُّ شيءٍ خرج إلى
حَيِّز الوُجود، كان غائباً عنا فَظَهَر، اِنْشَقَّ فَظَهَر هو الفلق...
ومنه - قوله
تعالى :(
إنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ
وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ )
- وقوله
تعالى: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ
اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ
الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴾ سورة الأنعام: 96
]
الفرق بين
الاستعاذة بالله في سورة الناس وها هنا :
النابلسي : بعض
المُفَسِّرين قالوا: سورة الفلق اِسْتِعاذة
بالله سبحانه وتعالى من شَرِّ ما خلق، وسورة الناس
اِسْتِعاذة بالله سبحانه وتعالى من شرِّ الوسواس الخناس..
** فالأشْياء
التي تُصيب الإنسان، والتي لا يستطيعُ الإنسانُ دَفْعَها كالتي تُسَمَّى قضاءً
وقَدَراً اِسْتَعذ منها بِسورة الفلق.
** والأشياء
التي هي من أعْمال الإنسان، ومن أخْطاء الإنسان، والتي تُسَبِّبُ متاعب
للإنسان فَلْيَسْتَعِذ منها بِسُورة الناس.
معنى(أعوذ)
النابلسي : معنى(أعوذ) أَلْتَجئُ وأحْتَمي وأسْتَغيثُ
وأسْتَنْجِد وأستجير، كُلُّ هذه المعاني مُسْتفادة من كلمة (أعوذ)، نقول: عاذَ
الطِّفْلُ بِأُمِّه، أيْ اِلْتَجأ إليها، واحْتَمَى بها، وأوى إليها، ورجا عندها
الأمل، اِحتمى بها من أعْدائِهِ ومن وَحْشٍ مُخيف. فَسُبْحانه وتعالى له
مخْلوقاتٌ شِرِّيرة ومخْلوقات من نوع الجَماد، الصواعِق والبراكين والزلازل
والأمراض، ومخاطر من نوع الإنسان، إنْسانٌ شِرِّير يُحِبُّ لك الأذى ويُحِبُّ أنْ
يوقِعَ بك.
كأنَّ سبحانه
وتعالى أراد بِكَلِمة الفلق الكَوْنَ كُلَّهُ، كُلُّ ما وقَعَتْ عليه عَيْنُك وما
لم تقع، وكُلُّ ما رأيته وما لم ترهُ، وكُلَّ ما أحْسَسْتَ به وما لم تُحِسّ به
إنما ينْطوي تحت كلمة الفلق، فَخالقُ الفلق ربُّ الفلق، وهو وحْدَهُ أهْلٌ أنْ
تسْتعيذ به لأنَّهُ القوِيّ المُبْدع الخالق، وهذا الذي تخاف منه هو بِيَد الله
الذي بِيَده ملكوت كلِّ شيء
قال تعالى: ﴿ خَالِقُ
كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
الظلال : وكأنما يفتح الله سبحانه لهم حماه ، ويبسط لهم كنفه ، ويقول لهم ،
في مودة وعطف : تعالوا إلى هنا . تعالوا إلى الحمى . تعالوا إلى مأمنكم الذي
تطمئنون فيه . تعالوا فأنا أعلم أنكم ضعاف وأن لكم أعداء وأن حولكم مخاوف
وهنا . . هنا الأمن والطمأنينة والسلام . .
﴿ مِنْ شَرِّ مَا
خَلَقَ ِ ﴾
الألوسي : الذي يتبادر إلى
الذهن أن عمومه لشرور الدنيا وقال بعض الأفاضل هو عام لكل شر في الدنيا
والآخرة وشر الإنس والجن والشياطين وشر السباع والهوام وشر النار وشر الذنوب
والهوى وشر النفس وشر العمل وظاهره تعميم ما خلق بحيث يشمل نفس المستعيذ.
هل الله خالق الشر ؟
النابلسي : الله سُبْحانه وتعالى لا يخْلق شَرّاً، وإذا
سأل سائِلٌ من الذي خلق الشَرّ – طبْعاً في العَقيدة السليمة: آمنْتُ
بالقَدَر خيره وشَرِّه – ولكنَّ الشرّ كَشَرٍّ ما مَبْعَثُهُ؟
اذا كان كُلُّ شيء
خلقه الله سبحانه وتعالى خيرٌ لنا، ولكن من أين يأتي الشرّ؟
تحدى
أحد أساتذة الجامعة تلاميذه بهذا السؤال
هل الله هو خالق كل ماهو موجود ؟
- فأجاب أحد الطلبة في شجاعة " نعم "
- وكرر الأستاذ السؤال " هل الله هو خالق كل شيء ؟ "
- ورد الطالب قائلا " نعم يا سيدي الله خالق جميع الأشياء "
- وهنا قال الأستاذ ، " ما دام الله خالق كل شئ ، إذا الله خلق الشر . حيث أن الشر موجود ، وطبقا للقاعدة أن أعمالنا تظهر حقيقتنا ، إذا الله شرير .
هل الله هو خالق كل ماهو موجود ؟
- فأجاب أحد الطلبة في شجاعة " نعم "
- وكرر الأستاذ السؤال " هل الله هو خالق كل شيء ؟ "
- ورد الطالب قائلا " نعم يا سيدي الله خالق جميع الأشياء "
- وهنا قال الأستاذ ، " ما دام الله خالق كل شئ ، إذا الله خلق الشر . حيث أن الشر موجود ، وطبقا للقاعدة أن أعمالنا تظهر حقيقتنا ، إذا الله شرير .
راح الأستاذ يتيه عجبا بنفسه ،
- وهنا رفع طالب آخر يده وقال " هل لي أن أسألك سؤالا يا أستاذي "
- فرد الأستاذ قائلا " بالطبع يمكنك "
- وقف الطالب وسأل الأستاذ قائلا " هل البرد له وجود ؟ "
- فأجاب الأستاذ " بالطبع موجود ، ألم تشعر مرة به ؟ "
وضحك باقي الطلبة من سؤال زميلهم .
- فأجاب الشاب قائلا ، " في الحقيقة يا سيدي البرد ليس له وجود . فطبقا لقوانين الطبيعة ، مانعتبره نحن برداً ، هو في حقيقته غياب الحرارة "
البرد ليس له وجود في ذاته ولكننا خلقنا هذا التعبير لنصف ما نشعر به عند غياب الحرارة .
- استمر الطالب يقول " أستاذي ، هل الظلام له وجود ؟ "
- فرد الأستاذ " بالطبع الظلام موجود "
- فقال الطالب " معذرة ولكن للمرة الثانية هذا خطأ يا سيدي ، فالظلام هو الآخر ليس له وجود ، فالحقيقة أن الظلام يعنى غياب الضوء .
** نحن نستطيع أن ندرس الضوء ، ولكننا لانستطيع دراسة الظلام . في الحقيقة يمكننا استخدام منشور نيوتن لنفرق الضوء الأبيض لأطياف متعددة الألوان ، ثم ندرس طول موجة كل لون . ولكنك لا تقدر أن تدرس الظلام . **
- وهنا رفع طالب آخر يده وقال " هل لي أن أسألك سؤالا يا أستاذي "
- فرد الأستاذ قائلا " بالطبع يمكنك "
- وقف الطالب وسأل الأستاذ قائلا " هل البرد له وجود ؟ "
- فأجاب الأستاذ " بالطبع موجود ، ألم تشعر مرة به ؟ "
وضحك باقي الطلبة من سؤال زميلهم .
- فأجاب الشاب قائلا ، " في الحقيقة يا سيدي البرد ليس له وجود . فطبقا لقوانين الطبيعة ، مانعتبره نحن برداً ، هو في حقيقته غياب الحرارة "
البرد ليس له وجود في ذاته ولكننا خلقنا هذا التعبير لنصف ما نشعر به عند غياب الحرارة .
- استمر الطالب يقول " أستاذي ، هل الظلام له وجود ؟ "
- فرد الأستاذ " بالطبع الظلام موجود "
- فقال الطالب " معذرة ولكن للمرة الثانية هذا خطأ يا سيدي ، فالظلام هو الآخر ليس له وجود ، فالحقيقة أن الظلام يعنى غياب الضوء .
** نحن نستطيع أن ندرس الضوء ، ولكننا لانستطيع دراسة الظلام . في الحقيقة يمكننا استخدام منشور نيوتن لنفرق الضوء الأبيض لأطياف متعددة الألوان ، ثم ندرس طول موجة كل لون . ولكنك لا تقدر أن تدرس الظلام . **
وشعاع
بسيط من الضوء يمكنه أن يخترق عالم من الظلام وينيره .
كيف يمكنك أن تعرف مقدار ظلمة حيز معين ؟ ، ولكنك يمكنك قياس كمية ضوء موجودة . أليس ذلك صحيحاً ؟ . الظلمة هي تعبير استخدمه الإنسان ليصف ما يحدث عندما لا يوجد النور "
- وفى النهاية سأل الطالب أستاذه . " سيدي ، هل الشر موجود ؟ "
- وهنا في عدم يقين قال الأستاذ " بالطبع ، كما سبق وقلت ، نحن نراه كل يوم ، وهو المثال اليومي لعدم إنسانية الإنسان تجاه الإنسان . أنه تعدد هذه الجرائم وهذا المقدار الوافر من العنف في كل مكان من العالم
حولنا . هذه الظواهر ليست سوى الشر بعينه . "
- وعلى هذا أجاب الطالب قائلا " الشر ليس له وجود يا سيدي ، على الأقل ليس له وجود في ذاته . الشر ببساطة هو غياب الله . أنه مثل الظلام والبرد ، كلمة اشتقها الإنسان ليصف غياب الله . "
الله لم يخلق الشر . الشر هو النتيجة التى تحدث عندما لا يحفظ الإنسان محبة الله في قلبه ، أنه مثل البرد تشعر به عندما تغيب الحرارة ، أو الظلمة التى تأتى عندما يغيب النور ."
وهنا جلس الأستاذ . وكان الشاب الصغير هو --- ألبرت اينشتاين .
إذا فالشر ليس له وجود في ذاته وإنما هو ناتج عن الخلل
في استعمال الحق فمثلا:
الشر الصادر عن الإنسان :
فلا يصْدُر الشرّ من الإنسان إلا إذا تحَرَّك وهو في عَمى، أما إذا تحَرَّك
لِقَضاء حاجاته وشَهَواته وَفْقَ ما أمر الله عز وجل، وَوفْقَ الهُدى الإلهي فلا
يقعُ الشَرّ .
** يتَزَوَّجُ فَيَقَعُ
الخير، يسْكُنُ إلى زَوْجَتِه وتسْكُنُ إليه، ويُنْجِبُ أوْلاداً أبْراراً،
يُرَبِّيهم على حُبِّ الله ورسوله، وله عملٌ ينْفَعُ به المسلمين، فأيُّ حَرَكَة
تتحَرَّكُها وَفق المنهج الإلهي فأنت في خير.
والانسان وحده عاجز على فعل الخير دون تدخل من الله
بمعنى هو عاجز
على فعل الخير بذاته بالارتكان إلى مواهبه الشّخصيّة وقدراته الطّبيعيّة ، وليس
بمقدوره الاستغناء عن الله لضمان خلاصه ، والظّفر بالحياة الأبديّة ؟؟!! .
الحقيقة أنَّ الإنسان بطبيعته ينطوي علـى قدْرٍ من الفساد الّذي هو ضربٌ من الشّرّ بمعنى من المعاني ، فجسد الإنسان عرضةٌ للتّلوّث والفساد في كلّ حين ، وفي مرحلةٍ من المراحـل يستحيلُ إلى فسادٍ وكراهةٍ كاملين رغماً عنه .
الحقيقة أنَّ الإنسان بطبيعته ينطوي علـى قدْرٍ من الفساد الّذي هو ضربٌ من الشّرّ بمعنى من المعاني ، فجسد الإنسان عرضةٌ للتّلوّث والفساد في كلّ حين ، وفي مرحلةٍ من المراحـل يستحيلُ إلى فسادٍ وكراهةٍ كاملين رغماً عنه .
من هنا يمتنع على أفعاله أن تأتي خالصةً بريئةً من الفساد ، لعلّة ارتباطها بمصدرها الّذي هو الجسد ، بهذا المعنى يعسر على الإنسان القيام بفعل الخير المطابق لصورته انطلاقاً من مواهبه وقدراته الذّاتيّة بأيِّ بحالٍ من الأحوال ، فيصبح انتساب فعل الخير لذاتٍ خالصةٍ بريئةٍ من كلّ فساد ضرورة لا غنى عنها.وبالتّأكيد أنَّ هذه الذّات ليست الإنسان .
أمّا الشّرّ فله تفسيرٌ مغايرٌ ، إذ بوسع الإنسان فعله من تلقاء
نفسه ، ذلك أنَّ مصـدر الشّر
هو الطّبيعة الإنسانيّة الفاسدة الّتي يعـدُّ الشّيطان وعاءَها الخصب ، والسّبب في الانتهاء إليها .
هو الطّبيعة الإنسانيّة الفاسدة الّتي يعـدُّ الشّيطان وعاءَها الخصب ، والسّبب في الانتهاء إليها .
أما الشرّ الذي يصدر عن الحيوان والجمادات :
النابلسي: أما الشرّ الذي يصدر عن الحيوان فَحينما يتجاوَزُ حُدوده يقع...
- فالأفْعى حَيَوانٌ نافِعٌ إذا بَقِيَتْ
في باطن الأرض، فإذا خَرَجَت تُصْبِحُ ِشرِّيرة، وأُمِرْنا بِقَتْلها، وكذا العَقْرب
.
- وقد
أمرنا النبي عليه الصلاة والسلام بِقَتْل الفَوَيْسِقات؛ الفأرة والعَقْرَب
والحَيّة، لأنَّها تجاوَزَتْ حُدودها، أما إذا تتبَّعْتَها إلى وَكْرِها
فَقَتْلُها حرام، لأنها تُقَدِّمُ خِدْمَةً ثابِتَة، فقد اكتشف العلماء:
أنَّ هذه الحيوانات التي تعيش في باطن الأرض لها دَوْر خطير في تَهْوِيَة التربة،
وفي إنْبات المزروعات...
- الخنزير مُحَرَّمٌ أكله، لكنَّ الله
سبحانه وتعالى خلقه لِوَظيفَةٍ، والضبعُ كذلك، لتنْظيفُ البَرِيَّة من
الجِيَف، لأنّ هذه الجيفة إذا ماتت تملأُ الفضاء بِريحِها الكريهة، فتأتي مثل هذه
الحيوانات فَتُريحُنا منها، أما أنْ تأكلها فهي شرّ،
-
أما الشرّ الصادر عن الجمادات ففي سوء
اْستعمالها، فالله سبحانه وتعالى خلق المواد كلَّها، فإذا اسْتعملتها في غير
مَوْضِعها كمن يضع السكر في الطبخ! والملح في الشاي! والمنظِّف في الطبخ! والوَقود
في الحليب! فَسوءُ اسْتعمال المواد يُسَبِّبُ ضَرَراً..
وهنا يظهرتوجيه الله للشر
فإذا قال قائل: إننا نرى مثلاً
بعض الشرور تحصل، وذلك كالأمراض، وكذلك نرى المعاصي والفجور وغير ذلك،
- فيقال أولاً: إن أفعال الله سبحانه وتعالى كلها خير وحكمة وليس فيها شر بإطلاق،
وإن كانت شراً على بعض الخلق بسبب كسبهم واختيارهم.
- ثانياً: الشر هذا الذي نراه إنما هو في مقدوراته ومفعولاته،
ويوضح هذا أننا نجد في بعض المخلوقات المقدورات شراً كالحيات والعقارب، ونجد الأمراض
والفقر والجدب وما أشبه ذلك، فكل هذه بالنسبة للإنسان شرا لأنها لا تلائمه، لكن
باعتبار نسبتها إلى الله هي خير لأن الله لم يقدرها إلا لحكمة عرفها من عرفها
وجهلها من جهلها. وهي ضمن خطته في كونه.
وهنا ايضا
تظهر نسبية الشر :
فبوسع فعل الخير أن يكون خيراً في ظاهره وشرّاً في جوهره " في
حقيقته الكامنة " كذلك بوسع فعل الشّرّ أن يكون شرّاً في ظاهره وخيراً في
جوهره .
فمن الخطأ إصدار أحكامٍ على أفعالنا بأنّها خيّرةٌ أو شرّيرة بالارتكان لظاهرهــا الّذي تتبدّى فيه ، فثمّة أفعـالٌ تبدو خيّرةً في ظاهرها مع أنّها أفعالٌ شرّيرةٌ في حقيقتها ، وثمّةَ أفعالٌ تبدو شرّيرةً في ظاهرها مع أنّها خيّرة في جوهرهــا.
فمن الخطأ إصدار أحكامٍ على أفعالنا بأنّها خيّرةٌ أو شرّيرة بالارتكان لظاهرهــا الّذي تتبدّى فيه ، فثمّة أفعـالٌ تبدو خيّرةً في ظاهرها مع أنّها أفعالٌ شرّيرةٌ في حقيقتها ، وثمّةَ أفعالٌ تبدو شرّيرةً في ظاهرها مع أنّها خيّرة في جوهرهــا.
- وفاقاً لقوله تعالى : " كُتِبَ عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً
وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
" [ آية :216 ، سورة : البقرة، القرءان الكريم ]
- ولعلَّ حكاية موسى عليه
السّلام مع العبد الصّالح خيرُ مثالٍ على علاقة ظاهر الفعل بحقيقة الفعل ،[ أنظر ، من الآية:65إلى الآية 82،سورة : الكهف ، القرءان الكريم
س : وما ذا لو لم يخلق الله اشياء
تخيفنا ؟
- قال
علماء التوحيد: لو لم يجْعل الله
سبحانه وتعالى في الأرض مصادر للخَوْف لاسْتَغْنَيْتَ عنه، وبِهذه الأشياء المُخيفة تبْقى مُلْتَجِئاً إليه، وإذا الْتَجَأتَ إليه
سَعِدْتَ بِقُرْبِه، من أجل أنْ يُسْعِدَك، فالطِّفْل إنْ ترك أُمَّه شقِيَ،
فإذا كان هناك حيوان مُخيف للطفل في الطرف الآخر، فهذا الطفل يبْقى مع أُمِّه،
فهذه الأشْياءُ المُخيفة التي بثَّها الله في الأرض من حيوانات، وجمادات، وأشْخاص
شِرِّيرين، وأشياء مزعجة، تَصْنَعُ الوِجْهَة إلى الله، والالْتِجاء إليه، وتحملك
على أن تلوذَ به، وتحْتمي بِحِماه، وتُقْبِلَ عليه، وتسْتَعيذَ به: حِكْمَةٌ بالغة
فلولا وجود مخْلوقاتٍ شِرِّيرة في الأرض لاسْتَغْنى الإنسان عن الله سبحانه
وتعالى.
** ولو
نام أحدكم بِخَيْمَة فإنه يخْطُر بِباله عقْرب، أو حَيَّة، فيقرأ آية الكرسي كي
يحفظه الله تعالى، فلو لم يكن هناك خطر لنام مثل الحيوان، أما هذه الأشياء
المُخيفة تدْعوه للالْتِجاء إلى الله - طبعاً بصورة عامة لا يوجد عند الإنسان
حياتٍ بِالبيْت، لكن هناك أشياء مُخيفة تُشابِهُها –
** لو جاءَتْكَ ورقة صغيرة: تعال إلى عندنا بعد
أسبوع، لن تنام ذلك الأسبوع خَوْفاً من هذا الاسْتِدْعاء،
﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ِ ﴾
الطبري : يقول: ومن شرّ مظلم إذا دخل، وهجم علينا بظلامه.
الألوسي : والتقييد بهذا الوقت لأن حدوث الشر فيه
أكثر والتحرز منه أصعب وأعسر ومن أمثالهم الليل أخفى للويل
قال الرازي : وإنما أمر ان يتعوذ من شر الليل لان في الليل تخرج السباع من آجامها والهوام من مكانها ويهجم السارق والمكابر ويقع الحريق ويقل فيه
الغوث
وقال بعضهم:المظلم
هو الشيطان، لماذا هو غاسِق؟ لأنه مُظْلم، ولأنَّهُ بعيدٌ عن الله تعالى، فبُعْدُهُ عن الله تعالى أوْقَعَهُ في
ظُلْمة، وإذا أَقْبَلْتَ على الله عز وجل صِرْتَ في نورٍ..
الإعراضُ ظُلمة، وأكبر هؤلاء المُعْرِضين هو
الشيطان، في ظلامٍ دامِس، وفي غَسَقٍ:
ثمَّ يعْني الشيْطانٍ إذا وقب، ومعْنى وَقَب
أيْ دخل في الوَقْب، والوَقْب الكُوَّة، وهي
كِنايَةٌ عن صَدْر الإنسان، فإذا دخل الشيطان في الإنسان فالعِياذ بالله!
** قبل
أيامٍ عديدة اثْنان في حالة سُكْرٍ شديد أرادا أنْ يفْعَلا الفاحِشَة بِغُلامٍ، فاخْتَلفا،
فأطْلَقَ أحدهما النار على الآخر بالمُسَدَّس، فأرْداهُ قتيلاً، وأُخِذ الثاني إلى
السِّجْن، أنا قلتُ: هذا من عَمَلِ الشيطان، وهذا هو "من شرِّ غاسِقٍ إذا وقب
".
** قوم دخل
فيهم الشيطان فَسَوَّل لهم ارْتِكاب جريمَةٍ، أو سَرِقَة حانوتٍ، أو قتْلَ إنْسانٍ،
أو سَرِقَة مرْكَبَةٍ، أو اغْتِصابَ فتاةٍ، فكان مصيرُهم ما كان ..
وفي
دخول الشيطان معنيين :
- الأول:
الشيطان إذا دخل إلى نفْس الإنسان.
- الثاني: إذا دخل الشيطان إلى نفْس شخص آخر
يُصْبِحُ وحْشاً يكاد ينقض عليك، وبطاشاً ومُؤْذِياً ومُجْرِماً.
فاسْتَعِذ بالله أنْ يدخل الشيطان إلى صَدْرك
فَيُوَسْوِس إليك، واسْتَعذ بالله أنْ يدْخُل الشيطان إلى صَدْر إنسانٍ آخر تتعامل
معه فينْقلب أمامك شِرِّيراً
قال تعالى: ﴿ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ
قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ ﴾
فلذلك الإنسان عليه أنْ يُعينَ أخاهُ على الشيطان، وليس أنْ يُعين الشيطان على
أخيه
**
فإذا غضِبَ أخوك فاسْكُت، فإذا رَدَدْتَ عليه بِكَلِمَة قاسِيَة أعَنْتَ الشيطان
عليه، فإذا سَكَتَّ أعَنْتَهُ على الشيطان،
-
رَجُلٌ تلفَّظَ بِكَلماتٍ قاسِيَة بِحَقِّ صحابيٍّ جليل، ما فعل هذا الصحابي شيئاً
إلا أنْ قال: غفر الله لك إنْ كُنتَ مُخْطِئاً، وغفر الله لي إنْ كنتُ مُخْطِئاً.
علاقتك مع زوْجَتِك، ومع أوْلادك، وجيرانك،
وأصْحابك، وزُملائِك، أعِنْهُم على الشيطان، ولا تُعِن الشيطان عليهم، إذا
اسْتَفْزَزْتَهُم، وقَسَوْتَ معهم، وأخَذْتَ حقَّهُم فقد أعَنْتَ الشيطان عليهم،
أما إذا تسامَحْتَ معهم وأحْسَنْتَ إليهم فقد أعَنْتَهم على الشيطان:
﴿ وَمِنْ شَرِّ
النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾
النفاثات هي النفوس الساحِرَة
الطبري : يقول: ومن شرّ السواحر
الّلاتي ينفُثن في عُقَد الخيط، حين يَرْقِين عليها.
ابن عبد السلام
: { النَّفَّاثَاتِ } السواحر ينفثن في عقد الخيوط للسحر وربما فعل
في الرقي مثل ذلك طلباً للشفاء والنفث النفخ في العقد بغير ريق والتفل
النفخ فيها بريق وأثره تخييل للأذى والمرض أو يمرض ويؤذي لعارض ينفصل فيتصل
بالمسحور فيؤثر فيه كتأثير العين وكما ينفصل من فم المتثائب ما يحدث في المقابل له
مثله أو قد يكون ذلك بمعونة من خدم الجن يمتحن الله تعالى به بعض عباده والأكثرون على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سحر واستخرج
وتراً فيه إحدى عشرة عقدة فأمر بحلها فكانت كلما حُلَّت عقدة وجد راحة حتى حلت
العقد كلها فكأنما أنشط من عقال فنزلت المعوذتان إحدى عشرة آية بعدد العقد وأمر أن
يتعوذ بهما ومنع آخرون من تأثير السحر في الرسول صلى الله عليه وسلم وإن
جاز في غيره لما في استمراره من خبل العقل ولإنكار الله تعالى على من قال : { إِن
تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } [ الإسراء : 47 ] .
وقيل بنات لبيد بن الأعصم حيث سحرن
رسول الله
قصة سحر النبي صلى الله عليه وسلم :
فقد ثبت في الحديث الصحيح أن هذا
السحر وقع في المدينة ، عندما استقر الوحي واستقرت الرسالة ، وبعد أن قامت
دلائل النبوة وصدق الرسالة ، ونصر الله نبيه على المشركين وأذلهم ، تعرض له شخص
من اليهود يدعى : لبيد بن الأعصم ، فعمل له سحراً في مشط ومشاطة وجب
طلعة ذكر النخل ، فصار يخيل إليه ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنه فعل بعض الشيء مع
أهله ولم يفعله ، لكن لم يَزَل بحمد الله تعالى عقله وشعوره وتمييزه معه فيما يحدث
به الناس ، واستمر يكلم الناس بالحق الذي أوحاه الله إليه ، لكنه أحس بشيء
أثَّر عليه بعض الأثر مع نسائه ، كما قالت عائشة رضي الله عنها :"
إنه كان يخيل إليه أنه فعل بعض الشيء في البيت مع أهله وهو لم يفعله فجاءه
الوحي من ربه عز وجل بواسطة جبرائيل عليه السلام فأخبره بما وقع فبعث من استخرج
ذلك الشيء من بئر لأحد الأنصار فأتلفه " وزال عنه بحمد الله تعالى ذلك الأثر
وأنزل عليه سبحانه سورتي المعوذتين فقرأهما وزال عنه كل بلاء وقال عليه
الصلاة والسلام ما تعوذ المتعوذون بمثلهما ولم يترتب على ذلك شيء
مما يضر الناس أو يخل بالرسالة أو بالوحي ، والله جل وعلا عصمه من الناس مما يمنع
وصول الرسالة وتبليغها .
أما ما يصيب الرسل من أنواع البلاء
فإنه لم يُعصم منه عليه الصلاة والسلام ،
بل أصابه شيء من ذلك ، فقد
جُرح يوم أحد ، وكُسرت البيضة على رأسه ، ودخلت في وجنتيه بعض حلقات المغفر ، وسقط
في بعض الحفر التي كانت هناك ، وقد ضيقوا عليه في مكة تضييقا شديدا ، فقد أصابه
شيء مما أصاب من قبله من الرسل ، ومما كتبه الله عليه ، ورفع الله به درجاته ،
وأعلى به مقامه ، وضاعف به حسناته ،
ولكن الله
عصمه منهم فلم يستطيعوا قتله ولا منعه من تبليغ الرسالة ، ولم يحولوا بينه وبين ما
يجب عليه من البلاغ فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة صلى الله عليه وسلم
ما هو السحر وأنواعه :
- والسِّحْرُ أصْلُهُ التمْويه بالحِيَل
والتَخايُل، كالسراب تراهُ ماءً، وهو انْعِكاسٌ شُعاعي على الأرض، سَحَرْتُ
الصبِيّ أيْ خَدَعْتُهُ، وأصْلُهُ الخفاءُ والصَّرْف، فإذا صَرَفْتَ إنْساناً عن
شيءٍ فقد سَحَرْتَهُ،
- وأصْلُهُ الاسْتِمالة، قالوا: محمدٌ صلى الله عليه وسلم
سحر أصْحابه، أي مالوا إليه، والسِّحْرُ أنْ تُؤخَذَ بِلُطْفٍ،
- والسِّحْرُ
عند بعض المذاهب الإسلاميَّة خِداعٌ لا أصْل له.
- وعند الشافِعي رضي الله عنه وَسْوَسَةٌ
وأمْراض
- وعند الأحْناف هو شيءٌ حقيقي، ولكنَّ
طبيعته مجْهولة.
ولكن
هناك أشْياءٌ حتى الآن طبيعتها بَقِيَتْ مجْهولة، دَرَسْنا شيئاً في عِلْمِ
النفْس اسمه التخاطر.
**
امْرأةٌ في إيطاليا وهي في مطْبَخِها رأَت ابنها وهو في باريس، قد دهَسَتْهُ
سيارة فصرَخَت، رأتْهُ بِأُمِّ عَيْنَيها، بعد أيامٍ ثلاثة جاء جُثْمان ابنها إلى
البيت، مع تقْريرٍ يؤكِّدُ الدقيقة التي رأتْهُ فيها يُدْهَس، سماها عُلماءُ
النفْس التخاطر النفسي،
** وهذا قائِدُ جيْشٍ في العِراق قال: أسْمَعُ صوتَ
أمير المؤمنين يُحَذِّرُني، الجبلَ الجبلَ، هذه وَقَعَتْ كيف؟ لا نعْرف، العِلْمُ
عاجِزٌ عن تفْسير هذه الخاطِرة التي سماها العُلماء التخاطر النفْسي،
v لأنَّ الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ
إِلَّا قَلِيلاً ﴾
[سورة الإسراء: 85
]
v
وقال تعالى:
﴿ يَعْلَمُ
مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ
إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ
حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾
[سورة البقرة: 255
]
فالتخاطر معْلومٌ ومجْهول، هو حدثٌ وَقَعَ، ولكنَّ تفْسيرهُ مجْهول، كذلك
السِّحْر.
كيف يتم السحر
يعتبر السحر من اخطر الامراض الروحانية ، وهو اذى موجه لشخص او لعدة
اشخاص ، وهو من فعل انسان ويختلف عن باقي الامراض الروحانية ، لأنه لا يفرق
بين انسان تقي وانسان غير تقي او انسان مؤمن او كافر فالكل معرض لأذاه .
وينقسم السحر الى قسمين رئيسيين ، القسم
الاول : القاعده . والقسم الثاني : الخادم.
القسم الاول : ( القاعده ):
وهي العمل الذي يسقى او يؤكل عن طريق الفم ويصل اثره الى المعدة ثم من خلالها الى باقي الجسم . او
العمل الذي يرّش على الارض في المنطقة التي يمر منها المسحور او المسحورين
، وهي في الغالب ما تكون: عتبات البيوت او اعتاب المحلات او ما شابه ذلك .
* او العمل الذي يدفن على هوى طبيعة برج المسحور . فاذا كان
برج المسحور ترابيا يدفن في التراب . واذا كان برج المسحور مائيا يرمى في ماء جار . اما اذا كان برج المسحور هوائيا فيعلق في الهواء ، على سيبة رمان او
ما شابه ذلك . اما اذا كان برج المسحور ناريا فيحرق في
النار . وفي الغالب يحدد الساحر البرج كما يحدد اين يوضع السحر لعنة الله عليه .
واما القسم الثاني : ( الخادم )
فهو من شياطين الجن ، ينفذ
تضاريس السحر الموجودة على القاعدة ، ويتوكل بها ، ويكون الامر لكبار الشياطين, حلفاء واولياء الساحر . وكبار الشياطين من الجن هم خدام الطلاسم والاسماء الشيطانية ، فيأمرون
الخادم فينفذ ما امره به الساحر من سحر . مثال على ذلك : يقرأ الساحر
عزيمته الشيطانية او يكتب طلاسمه ثم يقوم بالتوكيل.
- بقوله : توكلوا
ياخدام هذه الطلاسم او العزائم بالتفريق ما بين فلان ابن فلانه ، وفلانه بنت فلانه
، فتقوم الخدام بالخدمه فيبدأ السحر وتبدأ معاناة المسحور .
وللسحر انواع كثيرة واشكال كثيرة . كما ان له اسماء ومسميات كثيرة .
كما ان له اعراض تبدو واضحة على الا نسان من خلال هذه الاعراض يحكم على الانسان
بانه مسحور ام لا بعيدا عن الشعوذة والدجل .
انواع
السحر واسماءها واعراضها
.
سحر التفريق
يعتبر سحر التفريق من اكثر انواع السحر انتشارا . وهو غالبا ما يكون بين الزوج والزوجة او الاخ واخيه او بين الاب وابنه او بين الام واولادها وبناتها او حتى بين الشريك وشريكه في العمل.
يعتبر سحر التفريق من اكثر انواع السحر انتشارا . وهو غالبا ما يكون بين الزوج والزوجة او الاخ واخيه او بين الاب وابنه او بين الام واولادها وبناتها او حتى بين الشريك وشريكه في العمل.
** واسبابه الحقد او المصالح الدنيئة لشخص لا يروق له ان
يرى علاقة مثالية بين اثنين .
وهذا
السحر يؤثر على الطبيعة السلوكية للمسحور ، حتى يصبح وكأنه انسان آخر .
- فإن
كان زوجا محبا انقلب ليكون وكانه عدوا لزوجته .
- وان كانت زوجة محبة لزوجها انقلب حبها الى
كره ونفور شديد ، حتى تصبح لا تطيق العيش مع زوجها حبيب الامس .
- وان
كان بين اخ واخيه يصبحا متنافرين مختلفين ، لا يتفقان حتى على امر لا يختلف عليه
اثنان .
- واما
ان كان بين الاب وابنه ، اصبح الاب متعسفا على ابنه بطريقة عجيبة جدا ،
- واما
الابن فيرى في ابيه العدو الاول حتى يصبح لا يطيق له فعلا ولا يطيع له امرا .
- وان كان بين الام
واولادها ، اصبحت هذه الام ترى اولادها شياطين عاقين ، لا ترضى عنهم حتى لو فرشوا
لها جلودهم لتنام عليها .
سحر الجلب
يعتبر سحر الجلب من السحر الدارج في هذه الايام . وتعود اسبابه لعدة عوامل منها :
يعتبر سحر الجلب من السحر الدارج في هذه الايام . وتعود اسبابه لعدة عوامل منها :
- الخلافات العميقة بين
الافراد والعائلات والازواج والاخوة .
- ومنها : الاطماع
والمصالح المادية ، كطمع الاولاد باموال الاب او طمع الصانع بصاحب العمل او طمع
الموظف برضى مديره ليرقيه .
- ومنها
: تحقيق امنية لشاب يريد الارتباط بفتاة لا تريده او شابة تطمح بالارتباط بشاب لا
يطيقها ، وهناك امور كثيرة شبيهة بذلك .
- واخطرها ان يقوم رجل بجلب امراة محصنة اي متزوجة لهدف فاحشة الزنا او تقوم
امراة بجلب رجل لنفس الغرض .
- واهونها ان تجلب ام اولادها لتكون اوامرها منفذة ، او اب يريد
ان يجلب اولاده ليكونوا تحت السيطرة وغالبا ما يقوم الآباء بفعل هذا الجلب
عندما يتزوج الابناء ، خوفا من ان تسرقهم نساؤهم او انسباؤهم فيخسر الآباء اولادهم
، وعلى حسب معتقداتهم وهي خاطئة .
سحر ربط الشباب عن الزواج
هذا النوع من السحر منتشر كثيرا في هذه الايام . وهو يصيب الشباب من ذكور واناث ، وغالبا ما يصيب الاناث . وفي الغالب ما تكون اسبابه انتقامية .
مثال :
* شاب جميل
وصاحب وضع اجتماعي جيد وعنده من الغرور ما يكفي لتقوم فتاة جرحت منه لتفعل ما
بوسعها للانتقام منه * او شاب
احب انسانة وتمناها ولم تقبل به زوجا فعمل على قاعدة بي وباعدائي .
* او امرأة حاقدة لا تحب الخير لبنات سلفاتها . او امرأة قتلتها الغيرة
من اناس آخرين .
* او انسان
تعرض للتحقير من الاخرين او تعرض للاستهزاء والاستخفاف به . يعني ان اسباب هذا
السحر في الغالب ما تكون اجتماعية .
والوقاية من هذا النوع من
السحر هو التعامل الجيد وعدم كسب معادات الآخرين ، وحل الامور المعضلات بالحسنى
وعدم الاستخفاف بالآخرين او تحقيرهم . وان تكون العلاقة بين الازواج على ما يرضي
الله ، امساك بمعروف او تسريح باحسان . وان يترك المظلوم الأمر لله ، لأنه اذا حاول
الانتقام اصبح ظالما . وان تترك المرأة المطلقة طليقها وشأنه لقدره الذي كتبه الله
له . وان يترك المطلق طليقته وشأنها وان لا يتجبر ويدعها لقدرها الذي كتبه الله
لها . وأن يرضى الانسان بقدر الله خيره وشره .
سحر ربط العروسين ليلة الزفاف
يقع الكثير من العرسان في هذا السحر ، وهو ينشط في ليلة الزفاف وتكون تأثيراته واضحة . وهو اما ان يصيب العريس او يصيب العروس او يصيب الاثنين معا .
يقع الكثير من العرسان في هذا السحر ، وهو ينشط في ليلة الزفاف وتكون تأثيراته واضحة . وهو اما ان يصيب العريس او يصيب العروس او يصيب الاثنين معا .
- وهدف السحر ان لا يوفق
العروسان بالدخول . وهناك من يستمر هذا الحال معهم اسبوعا ،
وهناك من يستمر معهم شهرا او عدة اشهر ، وهناك من يستمر هذا الوضع معهم سنة او
اكثر . ويلجأ بعضهم الى الاطباء ، فيأخذون الحقن المهدئة والمقويات ، ولكن
دون جدوى . وهناك من يصبر ، وهناك من يرى انه متضرر
ويرى ان الحل هو الطلاق . وبعدها يقوم كل طرف باتهام الطرف الآخر بان العيب فيه .
﴿ فِي الْعُقَدِ ﴾
العلاقات الإنسانِيَّة المتينة يأتي الساحر فَيَفْصِمُ
بينها ويُحِلُّها ويجْعَلُها واهِيَة :
ومعنى النفاثات في العُقَد، هذه العُقَد
المتينة، العلاقة الزوْجِيَّة عُقْدة، وعلاقة الأخوة عُقْدة، وعلاقة الشَّريكَيْن
عُقْدة، وعلاقة الأُبُوَّة عُقْدة، وعلاقة الجِوار عُقْدة،
والسيّدة عائِشَة رضي الله عنها سألت النبي
عليه الصلاة والسلام مرَّةً: كيفَ حُبُّكَ لي؟ قال: كَعُقْدة الحبل، فكانت تقول له من حينٍ لآخر: كيف
العُقْدَةُ؟؟ فيقول لها: على حالِها، فَرَبُّنا عز وجل قال:
فهذه العلاقات الإنسانِيَّة المتينة يأتي
الساحر فَيَفْصِمُ بينها، ويُحِلُّها، ويجْعَلُها واهِيَة، فالخِلافُ الزوْجي يقع
بِسَبَبِ زوْجَيْنِ غافِلَيْن عن الله عز وجل، ويأتي السِّحْر فَيَقْطَعُ هذه
الصِّلَة.
و الساحر لا يضُرَّ أحداً إلا بِإذْن الله :
هناك من السِّحْر ما يُكَفِّرُ صاحِبَه، ومن
فعل السِّحْر لِيَصْرِفَ الناس إليه فهذا كُفْرٌ، وبعضُ المذاهب الإسلامِيَّة
أباحَتْ دمَ هذا الساحِر لأنَّهُ يُضَلِّلُ الناس، ويصْرِفُهم عن الحقيقة
الكُبرى إلى نفْسه،
وربنا عز وجل قال:
﴿ وَاتَّبَعُوا مَا
تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ
عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ
أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ
مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ
بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا
يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي
الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا
يَعْلَمُونَ ﴾
[سورة البقرة: 102
]
فلا يسْتطيعُ
الساحر أنْ يضُرَّ أحداً إلا بِإذْن الله، فالساحِر لا يسْتطيع أنْ ينْفذ
بِسِحْرِهِ إلى إنْسانٍ إلا إذا كان غافِلاً عن الله سبحانه وتعالى.
﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ
إِذَا حَسَدَ ﴾
v الحسد نوعان :
1 ـ حسد مذموم :
هو مذْمومٌ إذا
تمنَّيْتَ زوال النِّعْمة عن أخيك المُسلم، وأنْ تتحَوَّل إليك، هذا هو الحسد:
قل لِمَن بات لي
حاسِداً
أتَدْري على من أسأْتَ الأدَب؟
أسأْتَ على الله في فِعْلِه إذْ لم ترْضَ لي ما وَهَـــبَ
* * *
اِصْبِر على حسد الحسود فإنَّ صبْرَكَ قاتِلُـــه
فالنارُ تأكُلُ بعضهـــا إنْ لم تجِد ما تأكلــه
* * *
أسأْتَ على الله في فِعْلِه إذْ لم ترْضَ لي ما وَهَـــبَ
* * *
اِصْبِر على حسد الحسود فإنَّ صبْرَكَ قاتِلُـــه
فالنارُ تأكُلُ بعضهـــا إنْ لم تجِد ما تأكلــه
* * *
هذا هو الحسدُ المذْموم، لماذا؟ لأنَّهُ
تسْفيهٌ للحق سبحانه وتعالى على إنْعام نِعْمَةٍ ظَنَنْتَ صاحبها لا يسْتحِقُّها،
هذا شِرْكٌ بالله، وكُفْرٌ به.
2 ـ حسد محمود :
وأما المحْمود فما رواه عَبْدُ اللَّهِ
بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(( لَا حَسَدَ إِلَّا عَلَى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ
آتَاهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ
اللَّهُ مَالاً فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ))
[ متفق عليه عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ]
والعلماء
سَمَّوْهُ غِبْطَةً، وسماهُ الله تعالى مُنافَسَةً
فقال تعالى: ﴿ خِتَامُهُ مِسْكٌ
وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
وقال
تعالى: ﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ
الْعَامِلُونَ ﴾
فَسَماهُ الله مُنافِسَةَ، وسماهُ النبي غِبْطَةً
-
وفي الأثر عن الفضيل بن عياض:
المؤمن يغْبِطُ والمنافق يحْسُد.
-
قال عليه الصلاة والسلام: العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر
حال الحاسد :
ساخِطٌ
لِقِسْمة الله تعالى، وضادَّ فِعْلَ الله، ولم يسْتَسْلم له، وخَذَلَ أوْلِياءَ
الله عليه فَحَسَدَهم، وذَمَهُم بدل أنْ يَدْعَمَهُم، والحاسِد أعان الشيطان على
أخيه، ولا ينال في المجلس إلا الندامة، ولا ينال عند الملائكة إلا اللعنة، ولا
ينال في الخلوة إلا الجَزَع والغَمّ، ولا ينال في الآخرة إلا الحُزْن والاحْتِراق،
ولا ينال عند الله إلا بُعْداً ومَقْتاً
- قال
عليه الصلاة والسلام: ثلاثة لا يُسْتجابُ دُعاؤُهم: آكل الحرام، ومُكْثِرُ
الغيبة، ومن كان في قلبه غِلٌّ أو حسَدٌ للمسلمين
- وقال بعضهم: أوَّلُ ذنْبٍ عُصِيَ الله به في السماء هو
الحسد
وأوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ الله به في الأرض أنَّ
قابيل حسد هابيل، فَنَعوذ بالله من
الحسد، ونسْأله المنافَسَة والغِبْطة في الطاعة، والاسْتِقامة وحِفْظ كتاب الله، فهذا هو
المطْلوب، فَهَذه السورة اِقْرأْها قبل أنْ تنام، ولن تر مناماً مُخيفاً:
﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ*مِنْ شَرِّ مَا
خَلَقَ*وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ*وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي
الْعُقَدِ*وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ﴾
الحديث
عن الحسد العين :
يقول
ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد عندما تعرض لتفسير سورة الفلق
: فلله كم من قتيل وكم من سليب وكم من معافى عادى مضني على فراشه يقول طبيبه لا
أعلم داءه ما هو ، فصدق ليس هذا الداء من علم الطبائع ، هذا من علم الأرواح
وصفاتها وكيفيتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها وهذا
علم لا يعرفه إلا خواص الناس والمحجوبون منكرون له أ.هـ.
-
يقول ابن القيم في الزاد :أبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من
السمع والعقل أمر العين ، وقالوا : إنما ذلك أوهام لا حقيقة له ، وهؤلاء من أجهل
الناس بالسمع والعقل ، ومن أغلظهم حجاباً ، وأكثفهم طباعاً ، وأبعدهم معرفة عن
الأرواح والنفوس . وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها ، وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم
ونحلهم لا تدفع أمر العين ، ولا تنكره ، وإن اختلفوا في سببه وجهة تأثير العين.
- ويقول: ولا ريب أن الله
سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى وطبائع مختلفة ، وجعل في كثير منها خواص
وكيفيات مؤثرة ، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام ، فإنه أمر مشاهد
محسوس ، وأنت ترى الوجه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحي منه ،
ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه ، وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف
قواه ، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح ، ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها ،
وليست هي الفاعلة ، وإنما التأثير للروح ، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها
وكيفياتها وخواصها ، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بيناً ، ولهذا أمر الله -
سبحانه - رسوله أن يستعيذ به من شره ، وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره
إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية ، وهو أصل الإصابة بالعين ، فإن النفس الخبيثة
الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة ، وتقابل المحسود ، فتؤثر فيه بتلك الخاصية ، وأشبه
الأشياء بهذا الأفعى ، فإن السم كامن فيها بالقوة ، فإذا قابلت عدوها ، انبعثت
منها قوة غضبية ، وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية ، فمنها ما تشد كيفيتها وتقوى حتى
تؤثر في إسقاط الجنين ، ومنها ما تؤثر في طمس البصر ، كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم في الأبتر ، وذي الطفيتين من الحيات : " إنهما يلتمسان البصر ،
ويسقطان الحبل "(1) .
دراسة
علمية لتأثيرات العين :
في دراسة حول الطاقات الكونية غير
المعروفة او المكتشفة قوتها لحد الآن هناك عدة استنتاجات إن هذه الاستنتاجات تتحدث
عن أن الكون مزود بطاقة ومتصل ببعضه البعض، ويؤثر كل جزء فيه بالآخر، ويبنى على ما
توصلت إليه دراسات الـ (Quantum Physics) التي خرجت بعد
نيوتن، ونظريات ألبرت آينشتاين في الطاقة والزمان.
إن إحدى هذه الدراسات، على سبيل المثال، درست الذرة، وما داخلها (نواة والكترون). ويسمى هذا العلم الفيزياء الذرية، ثم درسوا النواة في الداخل والإلكترون، ويسمى هذا العلم الفيزياء النووية، ثم درسوا جزيئات النواة ويسمى هذا العلم فيزياء الأشياء أو الجزيئات (Particle Physics).
ومعلوم أن الإلكترون يلف حول النواة بعكس مدار الساعة ولما نظروا في دوران وحركة الجزيئات الصغيرة في النواة توصلوا إلى حقيقة مذهلة حيث أنها تتحرك يميناً أو شمالاً أو بدوران بحسب فكرة الباحث!!! حيثما توقع تسير.
ولذلك توصلوا إلى أن الفكرة تؤثر في حركة الجزيئيات الداخلية في النواة، وبالتالي فإن الفكرة بقوتها قد تؤثر في النواة، وإذا كانت أقوى أثرت بالذرة، وإذا كانت أقوى أثرت بالبيئة المليئة بالذرات، كما يحصل للنفس الحاسدة (العين) أو التخاطر أو الكشف أو السحر أو الإلهام أو غيرها من أمور
ثم أن الدراسات كشفت أن القدرات هذه ليست حكراً على أحد أو خاصية يتمتع بها أناس متميزون عن غيرهم، بل هي موجودة في معظم البشر، وأقل البشر، شريطة أن يدرك قدراته ويعرف الطرق لاستخدامها.
إن إحدى هذه الدراسات، على سبيل المثال، درست الذرة، وما داخلها (نواة والكترون). ويسمى هذا العلم الفيزياء الذرية، ثم درسوا النواة في الداخل والإلكترون، ويسمى هذا العلم الفيزياء النووية، ثم درسوا جزيئات النواة ويسمى هذا العلم فيزياء الأشياء أو الجزيئات (Particle Physics).
ومعلوم أن الإلكترون يلف حول النواة بعكس مدار الساعة ولما نظروا في دوران وحركة الجزيئات الصغيرة في النواة توصلوا إلى حقيقة مذهلة حيث أنها تتحرك يميناً أو شمالاً أو بدوران بحسب فكرة الباحث!!! حيثما توقع تسير.
ولذلك توصلوا إلى أن الفكرة تؤثر في حركة الجزيئيات الداخلية في النواة، وبالتالي فإن الفكرة بقوتها قد تؤثر في النواة، وإذا كانت أقوى أثرت بالذرة، وإذا كانت أقوى أثرت بالبيئة المليئة بالذرات، كما يحصل للنفس الحاسدة (العين) أو التخاطر أو الكشف أو السحر أو الإلهام أو غيرها من أمور
ثم أن الدراسات كشفت أن القدرات هذه ليست حكراً على أحد أو خاصية يتمتع بها أناس متميزون عن غيرهم، بل هي موجودة في معظم البشر، وأقل البشر، شريطة أن يدرك قدراته ويعرف الطرق لاستخدامها.
أما أكثر هذه الحالات غرابة ، وأكثرها مصداقية ، وذات توثيق علمي ، هي التجربة التي أجريت على ((نيليا ميخايلوفا )) التي كان باستطاعتها و بمجرد النظر من على بعد ستة أقدام أن تفصل بياض البيضة عن صفارها مستخدمة في ذلك مقدرتها الخاصة جداً في تحريك الأجسام المادية عن بعد, ودون أن تقربها :
وقد أجريت هذه التجربة وسط حشد من العلماء بجامعة ليننجراد ، و باستخدام آلات التصوير لتسجيل الحدث لحظة بلحظة و باستعمال العديد من الأجهزة التي تقيس الضغط و النبض وأنواع الإشعاعات التي تسود المخ أثناء التجربة و قد نجحت السيدة نيليا في فصل صفار البيضة عن بياضها خلال نصف ساعة , و قد كشفت الملاحظة و أجهزة القياس على جسد السيدة نيليا عن آلاتي :
...نشاط غير منتظم في القلب مع زيادة النبض (240)
...ارتفاع شديد في نسبة السكر
....فقدت رطلين من وزنها
....خرجت من التجربة تعاني من الضعف بشكل عام
.....أصيبت بما يشبه فقدان البصر المؤقت
.......تعانى من آلام شديدة في الأطراف
.......و ظلت لعدة أيام بعد التجربة غير قادرة على النوم
......فقدت قدرتها على التذوق
تنقسم العين الى ثلاثة أقسام ، وهذا تقسيم افتراضي وليس قطعي :
v
العين
المعجبة :
ولذلك يقول رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" إذا رأى أحدُكم من نفسِهِ أو مالِهِ أو من أخيه ما يعجبُه فليدعُ
بالبركةِ فإنَّ العينَ حقٌّ " انظر حديث رقم : 556 في صحيح الجامع
- يقول ابن حجر : أن العين تكون مع
الإعجاب ولو بغير حسد ولو من الرجل المحب ومن الرجل الصالح ، وإن الذي يعجبه الشيء
ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة فيكون ذلك رقية منه أ.هـ.
- عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ
الْخَزَّارِ مِنْ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ رَجُلا
أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ
أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ
كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فَلُبِطَ سَهْلٌ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ
فِي سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ قَالَ هَلْ تَتَّهِمُونَ
فِيهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا نَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَدَعَا
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ
وَقَالَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ
بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ لَهُ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ
وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي
قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ
وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ يُكْفِئُ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ
فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ." مسند أحمد "
- وقال ابن علان : ( ولعل
القاضي حسين أشار إلى هذه القصة في قوله : ( إن بعض الأنبياء نظر إلى قومه
فأعجبوه ، فمات منهم في يوم سبعون ألفا ، فأوحى إليه إنك عنتهم وليتك إذ عنتهم
حصنتهم بقول : حصنتكم بالحي القيوم الذي لا يموت أبدا ، ودفعت عنكم السوء بلا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ! - قال المعلق عن القاضي حسن : وكان عادة القاضي
– رحمه الله – إذا نظر إلى أصحابه فأعجبه سمتهم وحسن حالهم ، حصنهم بهذا المذكور ،
والله أعلم ) ..
v
العين
الحاسدة :
وهي في الأصل تمني زوال النعمة التي أنعم الله
بها على المحسود فتخرج سهام الحسد من نفسٍ حاسدةٍ خبيثة ، باعثها الاستحسان المشوب بالصفات الذميمة
كالغيرة والحقد والكراهية والحسد ، وتؤثر بالمحسود أو شيئا يخصه ولو بغير إرادة
ومشيئة ومعرفة الحاسد وهذا هو الفارق بينها وبين العين القاتلة .
أتدري على من أسأت الأدب
|
|
أسأت على الله في حكمه
|
لأنـك لم ترض لي ما وهب
|
فأخزاك ربي بـأن زادني
|
v
العين
القاتله ( السمية ) :
هي أشد انواع العين تأثيرا في المعيون ، فهي
تخرج من العائن إلى المراد إعانته بقصد الضرر وبإرادة ومشيئة العائن من بعد
مشيئة الله تعالى
- وسمى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإصابة بالعين بالقتل وذلك لما أعان عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ دَعَا رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ
عَلامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلا إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ
بَرَّكْتَ." مسند أحمد "
.يقول الشاعر:
ترميك مـزلقة العيون بطرفها ... وتكل عنك نصال نبل
الرامي
- وذكر نحوه الماوردي أن العرب كانت إذا أراد
أحدهم أن يصيب أحدا تجوع ثلاثة أيام ، ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول : تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثر منه ولا أحسن ؛ فيصيبه بعينه
فيهلك هو وماله.
- قال الكلبي : كان رجل من العرب
يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثة ، ثم يرفع جانب من خبائه فتمر به النعم فيقول : ما
رعى اليوم إبل ولا غنم أحسن من هذه ، فما تذهب إلا قريبا حتى يسقط منها طائفة ،
فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل
ذلك ، فعصم الله تعالى نبيه وانزل قوله تعالى: }وَإِن يَكَادُ الّذِينَ
كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّكْرَ وَيَقُولُونَ
إِنّهُ لَمَجْنُونٌ{ .
المبالغة في أمر العين:
ومن خلال المتابعة و الإستقراء
يظهر لي أنه تختلف معرفة وشعور العائن بخروج العين منه وعلمه بإصابة المعين من شخص الى آخر ، فقد يعين الرجل نفسه
أو ولده أو دابته أو صديقه وهو لا يعلم و بغير إرادته ، وآخر يعلم انه يصيب بعينه وعندما يشعر بتحرك العين في نفسه
يمنعها بإرادته بأن يصرف نظره ويذكر الله تعالى ، وربما تخرج العين من
العائن بإرادته أو بغير ارادته ويشعر بها ولكنه لا يمكنه ردها لأنه لم يبادر بذكر
الله ، وبعضهم يصرفها عن الهدف الى غير ، وقد تجتمع هذه الصفات في
العائن أي انه يشعر احيان ولا يشعر أحيانا أخرى .
يذكر أحدهم أنه يركز على الشيء أو يصفه وصفاً جيداً فيصيبه ، ويقول آخر
بكل بساطة أنظر الى الشيء الذي
أريد إصابته فاصيبه ، ويقول آخر أنظر الى الشيء وأتمناه لي فأصيبه أو أني أذكر الله
فلا أصيبه ، ويقول آخر لا أعلم كيف أصيب بالعين ألا انني أجد في نفسي
وصفا لما أشاهد فأتلفظ به فيتأثر الموصوف .
و تشتهر بعض مناطق القرى
والأرياف بأن أهلها مشهورون بالعين ، وكأن العين عندهم مهنة يتعلمونها ويتوارثونها
، وهذا معلوم منذ القدم
-
فقد ذكرت كتب التفسير أن العين كانت في بني أسد حتى إن كانت الناقة
السمينة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول يا جارية خذي المكتل والدرهم
فأتينا بلحم من لحم هذه ، فما تبرح حتى تقع بالموت فتنحر. ويذكر بعض العلماء بأن
كل انسان يمكنه تعلم العين وقال آخرون بأن العين يتوارثها الأبناء عن الآباء
كتوارث الشكل والطبائع مع الجينات .
لذلك فالعين
لا تخالف القدر بل هي من القدر :
وقوله ولو كان شيء يسبق
القدر لسبقته العين دليل على أن المرء لا يصيبه إلا ما قدر له وأن العين
لا تسبق القدر ولكنها من القدر." عمدة القاري باب العين"
قال الإمام القرطبي: الحاسد لا يضر إلا إذا ظهر حسده بفعل أو قول ،
وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود.
قال
شمس الحق العظيم أبادي :( " والعين " أي أثرها " حق " وتحقيقه
أن الشيء لا يعان إلا بعد كماله وكل كامل يعقبه النقص ، ولما كان ظهور القضاء بعد
العين أضيف ذلك إليها قاله القاري
- وفي
فتح الودود :
والعين حق لا بمعنى أن لها تأثيرا ؛ بل بمعنى أنها سبب عادي كسائر الأسباب العادية
يخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أو هلكة انتهى ) (
عون المعبود – 10 / 259 )
خاتمة :
القشيري : وفي
السورة تعليمُ استدفاع الشرور من الله . ومَنْ صَحَّ توكُّلُه على الله فهو الذي
صحَّ تحقُّقُه بالله ، فإذا توكَّلَ لم يُوَفِّقْه اللَّهُ للتوكُّلِ إلاَّ
والمعلومُ من حاله أنه يكفيه ما توكَّلَ به عليه؛ وإنَّ العبدَ به حاجةٌ إلى
دَفْعِ البلاء عنه - فإن أخَذَ في التحرُّز من تدبيره وحَوْله وقُوَّته ، وفَهْمِه
وبصيرته في كلِّ وقتٍ استراح من تعب تردُّدِ القلبِ في التدبير ، وعن قريبٍ
يُرَقَّى إلى حالة الرضا . . كُفِيَ مُرَادَه أم لا . وعند ذلك الملك الأعظم ، فهو
بظاهره لا يفتر عن الاستعاذه ، وبقلبه لا يخلو من التسليم والرضا .
0 comentarios:
Publicar un comentario