﴿
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾
النابلسي : هذا الربُّ العظيم الذي أمَدَّ
الإنْسان بِكُلِّ ما يحْتاج؛ بالماء والهواء والطعام والشراب، والنبات والحيوان،
والشمْس والقمر، وبِالجبال والصحارى، والوِدْيان والأنْهار، وأمَدَّهُ بالبَنين،
هذا الذي يسْتَحِقُ أن تعوذ به، وأن تحْتمي به، وتلْجأ إليه، وأن تسْتنصِرَهُ
وتحْتمي بِحِماه لا أن تحْتمي بِحِمى إنْسان، فالإنسان ضعيفٌ لا يسْتطيعُ أنْ
يَحْمِيَ نفْسَهُ، ç
لذلك كان من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام
:
((اللهم إنِي أشْكو
إليك ضَعْفَ قُوَّتي، وقلَّة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، إلى من
تكلني؟ إلى بعيد يتجهّمُني، أم إلى عَدُوٍّ ملَّكْتَهُ أمْري، إن لم يكن بك غضب
عليَّ فلا أُبالي))
﴿
مَلِكِ النَّاسِ ﴾
النابلسي
:
-
قال بعضُ العلماء: الَملِك،
هو الذي يحْكُم ولا يمْلِكُ، والمالك هو
الذي يمْلِكُ ولا يحْكم، والله مالكٌ ومَلِكٌ، بعضُهم يقرأ في الفاتحة: ملِكِ
يوم الدِّين، والآخر مالك يوم الدِّين، فالله مالكٌ وملِك،
- وبعضهم قال: الملِكُ
هو الذي يمْلِكُ العُقَلاء يأمرهم وينْهاهم، والمالِكُ
هو الذي يمْلِكُ الجمادات، وعلى كُلٍّ معنى ملِك بِأَوْسَعِ معانيها:
الله
الذي يمْلِكُ سَمْعَك وبَصَرَك وقلبك ودِماغَك، ومن يمْلِكُ عَدُوَّك؟ الله سبحانه
وتعالى، فمَعْنى المالك أنّه حُرُّ التَصَرُّف في ملكه، وفي ملك الله لا يسْتطيع
هذا المخْلوق أن يتَحَرَّك إلا بِأَمْر الله إنْ شاء قْبَضَ وإن شاء أطْلَقَ، إنْ
شاء أمَدَّ وإنْ شاء منع عنه الإمْداد.
﴿ إله الناس ﴾
الألوسي روح المعاني :
{ إله الناس } فإنه لبيان أن ملكه
تعالى ليس بمجرد الاستيلاء عليهم والقيام بتدبير أمور سياستهم والتولي لترتيب
مبادىء حفظهم وحمايتهم كما هو قصارى أمر الملوك بل هو بطريق المعبودية
المؤسسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهم إحياء وإماتة
وإيجاداً وإعداماً.
رب كل شيء ومالك كل شيء وإله كل شيء
ابن
كثير :
هذه ثلاث صفات (1) من صفات الرب، عز
وجل؛ الربوبية، والملك، والإلهية: فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع
الأشياء مخلوقة له، مملوكة عبيد له، فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات.
مِنْ شِرِّ الوَسْوَاسِ
الخْنَّاسْ
الوسواس : ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه
ابن كثير : وهو الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما
من أحد من بني آدم إلا وله قرين يُزَين له الفواحش، ولا يألوه جهدًا في الخبال.
والمعصوم من عَصَم الله،
- وقد
ثبت في الصحيح أنه: "ما منكم من أحد إلا قد وُكِل به قرينة". قالوا:
وأنت يا رسول الله؟ قال: "نعم، إلا أن الله أعانني عليه، فأسلم، فلا يأمرني
إلا بخير" (2)
- وثبت
في الصحيح، عن أنس في قصة زيارة صفية النبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف،
وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها، فلقيه رجلان من الأنصار، فلما رأيا رسول الله
صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال رسول الله: "على رسلكما، إنها صفية بنت
حُيي". فقالا سبحان الله، يا رسول الله. فقال: "إن الشيطان يجري من ابن
آدم (3) مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا، أو قال: شرًا" (4) .
الخناس : تدل على ضعف كيده ومكره :
إن
كيد الشيطان كان ضعيفا :
الظلال : وهناك
لفتة ذات مغزى في وصف الوسواس بأنه { الخناس } . . فهذه الصفة تدل من جهة على تخفيه واختبائه حتى يجد الفرصة
سانحة فيدب ويوسوس . ولكنها من جهة أخرى
توحي بضعفه أمام من يستيقظ لمكره ، ويحمي مداخل صدره . فهو سواء كان من
الجنة أم كان من الناس إذا ووجْه خنس ، وعاد من حيث أتى ، وقبع واختفى . أو كما
قال الرسول الكريم في تمثيله المصور الدقيق : « فإذا ذكر الله تعالى خنس ،
وإذا غفل وسوس »
متى يخنس الشيطان :
ابن كثير
:
- عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان
واضع خطمه (6) على قلب ابن آدم، فإن ذكر (7) خَنَس، وإن نسي (8) التقم قلبه، فذلك
الوسواس الخناس" (9) غريب.
- وقال الإمام أحمد: سمعت
أبا تميمة يُحَدث عن رَديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عَثَر بالنبي
صلى الله عليه وسلم حمارهُ، فقلت: تَعِس الشيطان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تقل: تعس الشيطان؛ فإنك إذا قلت: تعس الشيطان، تعاظَم، وقال: بقوتي
صرعته، وإذا قلت: بسم الله، تصاغر حتى يصير مثل الذباب" .
النابلسي : آخر
شيء المؤمن إذا جاءَهُ شيْطانٌ - وقَلَّما يأتيه - لا يسْتَرْسِل معه،
والدليل قوله تعالى:
﴿ إِنَّ
الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا
هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾
أما المنافق فيمْشي مع
الشيْطان إلى آخر الطريق بخِلاف المؤمن، فحينما يشْعُر بِالوَسْوَسَة
الشيْطانِيَّة يقول: أعوذ بالله من الشيْطان الرجيم. ثمَّ قال تعالى:
﴿ الَّذِي
يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴾
((وعَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ
دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا
عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ
الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ
طَعَامِهِ قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ
[مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ ]
طوال
الليل سباب وشجار وصِياح لأنَّهُ لم يُسَلِّم، وكذا إذا لم يذْكر الله عند الطعام،
تَجِدُهم ما شَبِعوا! فإذا دخل الواحد منا بيتَه فعليه أنْ يُسَلِّم، كي يذْهب
الشيطان.
وقوله: {
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ }.
بين
في الآية أن كيده لا يفوت ولا يتجاوز الوسوسة
هل
يختص هذا ببني آدم -كما هو الظاهر -أو يعم بني آدم والجن؟ فيه قولان، ويكونون
قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا.
1 - عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى
الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أحدث
نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به. قال: فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى
الوسوسة".
طرق الشيطان في الوسوسة :
النابلسي
: إنّ الشيطان
أحْياناً يُوَسْوِسْ لك أموراً قد مَضَتْ
بأنْ يُذَكِّرُكَ بِسَفَرٍ مضى عليه خمْسُ سنوات بالتفْصيل، وتشاجرتَ مع ابن
عَمِّك منذ عشْر سنوات، يأتي ويُذَكِّرُك بالحادِثَة، وكيفَ تحداك؟! وماذا قلتَ
له؟ وماذا قال لك؟ كُلُّ هذا في الصلاة، فهذا فيما مضى، ويُوَسْوِسٌ كذلك فيما سَيَأتي ، غداً سَتُصْبِح
صاحب مَحَلٍّ تِجاري، وتشْتري سيارة، وتقتني بيْتاً، وتقيم مَصْيَفاً، وتشْتري
أرضاً يكون لك فيها مسبح ومسكن كبير، كُلُّ هذا في الصلاة، اشْترى وبنى وزرع
وأثمر!! ثمَّ ينْسى إنْ كان واقِفاً في صلاته أم قاعِداً، وقد يقول أشْهد أنْ لا
إله إلا الله وهو واقف! وأما في الحاضِر فَيُوَسْوِسُ له بالمَعْصِيَة،
اِفْعَل وانْظر، ولا تدع هذه النَّظْرة تفوتُك، تَمُرُّ امْرأةً بالطريق
فَيَقول له: تَعَرَّف على مُواصَفات الجمال كي تخْطُب! فالشيطان يأتي للإنسان من
تفْكيره، ومبْدأ عقْلِهِ وقِيَمِهِ. ثمَّ مسْألة النِّسْيان، قال
تعالى:
﴿
وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ
الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
﴾
من
روايات ابن الجوزي في تلبيس إبليس :
عن جابر بن عبد الله رضي الله
عنهما قال قال رسول الله إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه
منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئا قال ثم يجيء
أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه أو قال فيلتزمه
ويقول نعم أنت.
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال إن الشيطان طاف بأهل مجلس الذكر ليفتنهم
فلم يستطع أن يفرق بينهم فأتى حلقة يذكرون الدنيا فأغرى بينهم حتى اقتتلوا فقام
أهل الذكر فحجزوا بينهم فتفرقوا.
- عن قتادة رضي الله عنه قال: إن لإبليس شيطانا
له قبقب يجمه أربعين سنة فإذا دخل الغلام في هذا الطريق قال له دونك إنما كنت أجمك
لمثل هذا أجلب عليه وأفتنه.
- إبليس ظهر ليحيى بن
زكريا عليهما السلام فرأى عليه معاليق من كل شيء فقال يحيى يا إبليس ما هذه
المعاليق التي أرى عليك قال هذه الشهوات التي أصيد بها ابن آدم قال فهل لي فيها من
شيء قال ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة وثقلناك عن الذكر قال فهل غير ذلك قال لا
والله قال لله علي أن لا أملأ بطني من طعام أبدا قال إبليس ولله علي أن لا أنصح
مسلما أبدا .
- عبيد بن رفاعة يبلغ به
النبي يقول كان راهب في بني إسرائيل فأخذ الشيطان جارية فخنقها وألقى في قلوب
أهلها أن دواءها عند الراهب فأتى بها الراهب فأبى أن يقبلها فما زالوا به حتى
قبلها فكانت عنده فأتاه الشيطان فسول له إيقاع الفعل بها فأحبلها ثم أتاه فقال له
الآن تفتضح يأتيك أهلها فأقتلها فإن أتوك فقل ماتت فقتلها ودفنها فأتى الشيطان
أهلها فوسوس لهم وألقى في قلوبهم أنه أحبلها ثم قتلها ودفنها فأتاه أهلها يسألونه
عنها فقال ماتت فأخذوه فأتاه الشيطان فقال أنا الذي ضربتها وخنقتها وأنا الذي
ألقيت في قلوب أهلها وأنا الذي أوقعتك في هذا فأطعني تنج أسجد لي سجدتين فسجد له
سجدتين فهو الذي قال عز و جل كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني
برىء منك إني أخاف الله رب العالمي
- عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال كان راهب
في صومعته في زمن المسيح عليه السلام فأراده إبليس فلم يقدر عليه فأتاه بكل رائدة
فلم يقدر عليه فأتاه متشبها بالمسيح فناداه أيها الراهب اشرف علي أكلمك قال انطلق
لشأنك فلست أرد ما مضى من عمري فقال أشرف
علي فأنا المسيح فقال إن كنت المسيح فما لي إليك حاجة ألست قد أمرتنا بالعبادة
ووعدتنا القيامة انطلق لشأنك فلا حاجة لي فيك فانطلق اللعين عنه وتركه .
- سالم
بن عبد الله رضي الله عنه عن أبيه قال لما ركب نوح عليه السلام في السفينة رأى
فيها شيخا لم يعرفه فقال له نوح ما أدخلك قال دخلت لأصيب قلوب أصحابك فتكون قلوبهم
معي وأبدانهم معك فقال له نوح عليه السلام اخرج يا عدو الله فقال إبليس خمس أهلك
بهن الناس وسأحدثك منهن بثلاث ولا أحدثك باثنتين فأوحى الله تبارك وتعالى إلى نوح
عليه الصلاة و السلام أنه لا حاجة لك إلى الثلاث مره يحدثك بالاثنتين فقال بهما
أهلك الناس وهما لا يكذبان الحسد والحرص فبالحسد لعنت وجعلت شيطانا رجيما وبالحرص
أبيح لآدم الجنة كلها فأصبت حاجتي منه فأخرج من الجنة .
- عن
أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى قال إذا اصبح إبليس بث جنوده في الأرض فيقول من
أضل مسلما ألبسته التاج فيقول له القائل لم أزل بفلان حتى طلق امرأته قال يوشك أن
يتزوج ويقول آخر لم أزل بفلان حتى عق قال يوشك أن يبر ويقول آخر لم أزل بفلان حتى
زنى قال أنت ويقول آخر لم أزل بفلان حتى شرب الخمر قال أنت قال ويقول آخر لم أزل
بفلان حتى قتل فيقول أنت أنت .
- عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال : كانت شجرة تعبد من دون الله فجاء إليها رجل فقال
لأقطعن هذه الشجرة فجاء ليقطعها غضبا لله فلقيه إبليس في صورة إنسان فقال ما تريد
قال أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله قال إذا أنت لم تعبدها فما
يضرك من عبدها قال لأقطعنها فقال له الشيطان هل لك فيما هو خير لك لا تقطعها ولك
ديناران كل يوم إذا أصبحت عند وسادتك قال فمن أين لي ذلك قال أنا لك فرجع فأصبح
فوجد دينارين عند وسادته ثم أصبح بعد ذلك فلم يجد شيئا فقام غضبا ليقطعها فتمثل له
الشيطان في صورته وقال ما تريد قالأريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله
تعالى قال كذبت مالك إلى ذلك من سبيل فذهب ليقطعها فضرب به الأرض وخنقه حتى كاد
يقتله قال أتدري من أنا أنا الشيطان جئت أول مرة غضبا فلم يكن لي عليك سبيل فخدعتك
بالدينارين فتركتها فلما جئت غضبا للدينارين سلطت عليك .
وقوله: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ }
... قيل قوله: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
} تفسير للذي يُوسوس في صدور الناس، من شياطين الإنس والجن، كما قال تعالى: {
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنْسِ وَالْجِنِّ
يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا } .
شياطين الإنس :
في الحديث : (( يا أبا ذر هل تعوذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ قال:
قلت: يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: نعم، هم شر من شياطين الجن.))
[عوف بن مالك عن أبي ذر]
الظلال : ووسوسة الجنة نحن لا ندري كيف تتم ، ولكنا نجد آثارها في واقع النفوس
وواقع الحياة . ونعرف أن المعركة بين آدم وإبليس قديمة قديمة؛ وأن الشيطان قد
أعلنها حرباً تنبثق من خليقة الشر فيه ، ومن كبريائه وحسده وحقده على الإنسان!
وأنه قد استصدر بها من الله إذناً ، فأذن فيها سبحانه لحكمة يراها! ولم يترك
الإنسان فيها مجرداً من العدة . فقد جعل له من الإيمان جُنة ، وجعل له من الذكر
عدة ، وجعل له من الاستعاذة سلاحاً . . فإذا أغفل الإنسان جنته وعدته وسلاحه فهو
إذن وحده الملوم
وأما الناس فنحن نعرف عن وسوستهم الشيء الكثير .
ونعرف منها ما هو أشد من
وسوسة الشياطين!
- رفيق السوء الذي يتدسس
بالشر إلى قلب رفيقه وعقله من حيث لا يحتسب ومن حيث لا يحترس ، لأنه الرفيق
المأمون!
- وحاشية الشر التي توسوس لكل ذي سلطان حتى تتركه
طاغية جباراً مفسداً في الأرض ، مهلكاً للحرث والنسل!
- والنمام
الواشي الذي يزين الكلام ويزحلقه ، حتى يبدو كأنه الحق الصراح الذي لا مرية فيه .
- وبائع الشهوات الذي يتدسس من منافذ الغريزة في
إغراء لا تدفعه إلا يقظة القلب وعون الله .
- وعشرات
من الموسوسين الخناسين الذين ينصبون الأحابيل ويخفونها ، ويدخلون بها من منافذ
القلوب الخفية التي يعرفونها أو يتحسسونها . . وهم شر من الجنة وأخفى منهم دبيباً!
هل يتوب إبليس :
- لقى إبليس موسى عليه
السلام فقال يا موسى : أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك تكليما وأنا من خلق
الله تعالى أذنبت وأريد أن أتوب فأشفع لي إلى ربي عز و جل أن يتوب علي فدعا موسى
ربه فقيل يا موسى قد قضيت حاجتك فلقي موسى إبليس فقال له قد أمرت أن تسجد لقبر آدم
ويتاب عليك فاستكبر وغضب وقال لم أسجد له حيا أأسجد له ميتا ثم قال إبليس يا موسى
أن لك حقا بما شفعت إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلك فيهن أذكرني حين تغضب فأنا
وحي في قلبك وعيني في عينك وأجري منك مجرى الدم واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن
آدم حين يلقى الزحف فأذكره ولده وزوجته وأهله حتى يولي وإياك أن تجالس امرأة ليست
بذات محرم فاني رسولها إليك ورسولك إليها
0 comentarios:
Publicar un comentario