sábado, 12 de enero de 2013

صلاة القصر للمسافر

0 comentarios

مشروعية القصر
القصر جائز بالكتاب والسنة والإجماع.
 (1أما بالكتاب: فقوله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا) [النساء: 101] والقصر جائز سواء في حالة الخوف أم الأمن، لكن تعليق القصر على الخوف في الآية، كان لتقرير الحالة الواقعة، لأن غالب أسفار النبي صلى الله عليه وسلم لم تخل منه.
 -2 وأما السنة: فقد تواترت الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقصر في أسفاره حاجاً ومعتمراً وغازياً محارباً، وقال ابن عمر: "صحبت النبي صلى الله عليه وسلم، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبو بكر وعمر وعثمان كذلك" متفق عليه.
   وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفرا تقصر في مثله الصلاة سواء كان السفر واجبا كسفر الحج أو مستحبا كزيارة الوالدين أو مباحا كالسفر لنزهة أو مكرها على سفر قصر الصلاة.
والقصر: هو اختصار الصلاة الرباعية إلى ركعتين.
والذي يقصر إجماعاً: هو الصلاة الرباعية من ظهر وعصر وعشاء، دون الفجر والمغرب.
الحكمة من القصر وسبب مشروعيته:
الحكمة هو دفع المشقة والحرج الذي قد يتعرض له المسافر غالباً، والتيسير عليه في حقوق الله تعالى، والترغيب في أداء الفرائض، وعدم التنفير من القيام بالواجب، فلا يبقى لمقصر أو مهمل حجة أو ذريعة في ترك فرض الصلاة.
- حكم القصر: أي هل هو رخصة أم عزيمة واجب؟
أما قصر الصلاة للمسافر فهو سنة مؤكدة ، لا ينبغي له تركها ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة في جميع أسفاره ، ولم يثبت عنه أنه أتم في السفر .

- ذهب المالكية إلى أن: القصر سنة مؤكدة، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يصح عنه في أسفاره أنه أتم الصلاة قط"، كما في حديث ابن عمر السابق.
* سؤال: هل يجوز للمرء أن يصلي أحيانا كالمقيم ، فيصلي كما لو كان في بيته لا يجمع ولا يقصر وأحيانا يجمع ويقصر الصلاة أم عليه أن يلزم رأيا واحد؟ 

أن المسافر ليس مخيراً في القصر وعدمه ، بل يتأكد له قصر الصلاة ، إلا إذا صلى خلف إمام يتم الصلاة فإنه يتم خلفه .

وصلاة الجماعة واجبة على المسافر كما هي واجبة على المقيم ، فليس له أن يترك الجماعة من أجل أن يصلي قصراً ، بل يصلي مع الجماعة ، فإن كان الإمام مقيماً يتم الصلاة أتم خلفه .
نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة:
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه: لا تباح الرخص المختصة بالسفر من القصر والجمع في سفر المعصية، كقطع الطريق، والتجارة في الخمر والمحرمات، وهذا هو العاصي بسفره أي الذي أنشأ سفراً لأجل المعصية أو يقصد محلاً لفعل محرم، فلا يقصر الصلاة، ويحرم عليه القصر، وذكر المالكية أنه يكره القصر للاهٍ بالسفر أي قاصد اللعب في سفره.
أما العاصي في السفر: وهو الذي قصد سفراً لغرض مشروع، لكنه ارتكب في أثناء السفر معصية كزنا أو سرقة أو غصب، أو قذف أو غيبة، فيجوز له الترخص من قصر وغيره، لأنه لم يقصد السفر لذلك أي للمعصية، وإنما لغرض مشروع، فهو كالمقيم العاصي.
الموضع الذي يبدأ منه المسافر بالقصر:
لا تكفي نية السفر لقصر الصلاة قبل مباشرة السفر وتجاوز حدود البلد، بل لابد من مباشرة السفر حتى يحق له القصر والفطر، وقد اتفق الفقهاء على أن أول السفر الذي يجوز به القصر ونحوه: هو أن يخرج المسافر من بيوت البلد التي خرج منها ويجعلها وراء ظهره، أو يجاوز العمران من الجانب الذي خرج منه، وإن لم يجاوزها من جانب آخر، لأن الإقامة تتعلق بدخولها، فيتعلق السفر بالخروج عنها.
ولا يُتم صلاته حتى يدخل أول بيوت البلد الذي يقصده للإقامة فيه.
ولا يزال المسافر على حكم السفر حتى ينوي الإقامة مدة معينة.
                                      الصلاة في الحضر وقد أدركه وقتها في السفر والعكس:
قاعدة: وهي: أن العبرة بفعل الصلاة فإن فعلتها في الحضر فأتم وإن فعلتها في السفر فاقصر سواء دخل عليك الوقت في هذا المكان أو قبل.
مثلاً إنسان سافر من بلده بعد أذان الظهر لكن صلى الظهر بعد خروجه من البلد ففي هذه الحال يصلي ركعتين وأما إذا رجع من السفر ودخل عليه الوقت وهو في السفر ثم وصل بلده فإنه يصلي أربعاً فالعبرة بفعل الصلاة إن كنت مقيماً فأربع وإن كنت مسافراً فركعتين.
هل تشترط النية في قصر الصلاة :
 - قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الصواب : أن القصر لا يحتاج إلى نية ، بل دخول المسافر في صلاته كدخول الحاضر ، بل لو نوى المسافر أن يصلى أربعاً لكره له ذلك ، وكانت السنة أن يصلى ركعتين" انتهى .

   ... فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في حجته صلى بهم الظهر بالمدينة أربعاً ، وصلى بهم العصر بذي الحليفة ركعتين ، وخلفه أمم لا يُحصي عددهم إلا الله ، كلهم خرجوا يحجون معه ، وكثير منهم لا يعرف صلاة السفر ، إما لحدوث عهده بالإسلام ، وإما لكونه لم يسافر بعد ، لا سيما النساء ، صلوا معه ولم يأمرهم بنية القصر" انتهى من "مجموع الفتاوى" (24/104) .
-  قال النووي رحمه الله : "قَالَ أَصْحَابُنَا : وَإِذَا صَارَ مُقِيمًا أَتَمَّ صَلَاتَهُ أَرْبَعًا وَلَا يَلْزَمُهُ نِيَّةُ الْإِتْمَامِ , وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْوِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ قَطَعَتْ حُكْمَ الرُّخْصَةِ بِتَعْيِينِ الْإِتْمَامِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ . قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : وَالْإِتْمَامُ مُنْدَرِجٌ فِي نِيَّةِ الْقَصْرِ , فَكَأَنَّهُ قَالَ : نَوَيْت الْقَصْرَ مَا لَمْ يَعْرِضْ مَا يُوجِبُ الْإِتْمَامَ" انتهى .

المسافة التي يجوز فيها القصر:
وهذه المسألة قد تعددت فيها الآراء و اضطربت فيها الأقوال وكثرت فيها مذاهب الرجال , حتى أن الإمام ابن المنذر قد ذكر قرابة العشرين قولاً في هــذه المسألة ,
v    فمن تلك الأقوال : قولهم إن القصر لا يجوز إلا في مسيرة ثلاثة أيام , وقال بهذا القول : 
1- عثمان بن عفان . إن صحت الرواية عنه .
2-
حذيفة بن اليمان . إن صحت الرواية عنه .
3-
ابن مسعود
4-
سويد بن غَفَلة
5-
سعيد بن جبير .
6-
الشعبي
7-
النخعي
8-
الحسن بن صالح
9-
سفيان الثوري
10-
أبو حنيفة .
11-
الشيخ : أبو بكر الجزائري في تفسيره .

   - استدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاثة أيام فصاعداً إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو ‏ ‏محرم ‏ ‏منها) رواه مسلم برقم 2390 .
    * قالوا : فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسيرة الثلاثة أيام سفراً , ومن هم من حدد المسيرة وهي 24 فرسخاً أي : 72 ميلاً , أي : ما يقارب 130 كيلاً .

  - واستدلوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم ( يمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن ) رواه مسلم .
    - و نقل عن ابن مسعود وحذيفة (أنهما كانا يقولان لأهل الكوفة لا يغرنكم جشركم ولا سوادكم لا تقصروا الصلاة إلى السواد قال وبينهم وبين السواد ثلاثون فرسخا ) . 
v    مناقشة أدلة القول الأول .
أما دليل سفر المرأة فقد أُجيب بأنه قد سمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دون هذه المسيرة ( يومين ) و ( يوم وليلة ) و ( بريداً ) سفراً .

  -
قال الشوكاني : وأما نهي المرأة على أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم فغاية ما فيه إطلاق اسم السفر على مسيرة ثلاثة أيام وهو غير مناف للقصر فيما دونها وكذلك نهيها عن سفر اليوم بدون محرم والبريد لا ينافي جواز القصر في ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ كما في حديث أنس لأن الحكم على الأقل حكم على الأكثر .
·        ومن تلك الأقوالقولهم لا يجوز القصر إلا في مسيرة يومين , وقال بهذا القول :
1- ابن عباس
2-
ابن عمر
3-
الحسن البصري
4-
الزهري
5-
الليث بن سعد
6-
مالك
7-
الشافعي
8-
أحمد
9-
إسحاق
10-
أبو ثور
ومن العلماء المعاصرين :
1-
ابن باز
2-
اللجنة الدائمة .
3-
الراجحي .
 4-الفوزان 
 - واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومين إلا مع محرم ) رواه البخاري 
  * قالوا : فسمّى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليومين سفراً وهي : أربعة برد أي : 16 فرسخاً , أي : 48 ميلاً , أي : ما يقارب 87 كيلاً .
- جاء في فتوى اللجنة الدائمة : ومقدار المسافة المبيحة للقصر ثمانون كيلو متر تقريباً على رأي جمهور العلماء ) السؤال السابع من الفتوى رقم ‏(‏6261‏)‏ المجلد الثامن .
v    مناقشة أدلة هذا القول.
 - قال القنوجي : ولم يأت من اعتبر البريد واليوم واليومين والثلاث وما زاد على ذلك بحجة نيّرة وغاية ما جاؤوا به حديث ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذي محرم ) وفي رواية ( يوما وليلة ) وفي رواية ( بريدا ) وليس في هذا الحديث ذكر القصر ولا هو في سياقه والاحتجاج به مجرد تخمين .

* ومن الأقوالالقول أن القصر يجوز في أي سفر , طويلاً كان أم قصيرا ولا حد له, وأقله الميل قاله ابن حزم, وقيل : بل ثلاثة أميال , وقيل : الأحوط ثلاثة فراسخ , قال بهذا القول :

-  قال ابن حزم : هذا أعظم برهان وأجل دليل وأوضح حجة لكل من له أدنى فهم وتمييز على أنه لا حد لذلك أصلاً إلا ما سُمّي سفراً في لغة العرب التي بها خاطبهم عليه السلام , إذ لو كان لمقدار السفر حد غير ما ذكرنا لما أغفل عليه السلام بيانه البته , ولا أغفلوا هم سؤاله عليه السلام عنه , ولا اتفقوا على ترك نقل تحديده في ذلك إلينا فارتفع الإشكال جملة ولله الحمد .

1- عمر بن الخطاب .
2-
علي بن أبي طالب . إن صحت الرواية عنه .
3-
ابن مسعود . إن صحت الرواية .
4-
أنس بن مالك .
5-
شرحبيل بن السمط .
6-
ابن عمر .
7-
دحية بن خليفة الكلبي .
8-
سعيد بن المسيب
9-
عبد الله بن محيريز .
10-
قبيصة بن ذؤيب .
11-
الباقر
12-
الصادق
13-
الشعبي إن صحت الرواية .
14-
ابن حزم
15-
شيخ الإسلام ابن تيمية
16-
ابن القيم
17-
ابن قدامة
18-
الشوكاني
19-
الصنعاني
20-
القنوجي صاحب الروضة الندية .
21-
ابن قاسم
22-
السعدي
23-
محمد بن إبراهيم
24-
عبدالله بن محمد رحمهما الله ( جاء في الدرر السنية ) .
25-
عبد الرحمن الدوسري في تفسيره .
26-
ابن عثيمين
27-
ابن جبرين
28-
عبد الله بن عقيل .

   - استدلوا بالإطلاق في قوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ )

  * وقالوا : لم يرد تحديد المسافة في الكتاب ولا في السنة والمرجع في هذا إلى العرف
  * وقالوا لا حجة فيمن حدد اليوم واليومين والثلاث

   دّلّلوا على هذا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تسافر امرأة بريداً إلا ومعها محرم يحرم عليها ) صححه الألباني في الجامع رقم 7302 .

   - ويقول أنس رضي الله عنه كما جاء في صحيح مسلم مما رواه شبعة عن يحيى بن زيد الهنائي قال سألت أنسا عن قصر الصلاة فقال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين ) الشاك : شعبة ,, رواه مسلم رقم 691
    - و عن جبير بن نفير قال : خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على راس سبعة عشر ميلاً أو ثمانية عشر ميلاً فصلى ركعتين فقلت له , فقال : ( رأيت عمر بن الخطاب يصلي بالحليفة ركعتين وقال : إنما فعلت كما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ) .. رواه مسلم 1/481 .

-  قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (ولهذا قال طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم‏:‏ إنه يقصر في السفر الطويل والقصير؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوقت للقصر مسافة، ولا وقتًا، وقد قصر خلفه أهل مكة بعرفة ومزدلفة، وهذا قول كثير من السلف والخلف، وهو أصح الأقوال في الدليل‏.‏ ولكن لابد أن يكون ذلك مما يعد في العرف سفرًا، مثل أن يتزود له، ويبرز للصحراء، فأما إذا كان في مثل دمشق، وهو ينتقل من قراها الشجرية من قرية إلى قرية، كما ينتقل من الصالحية إلى دمشق، فهذا ليس بمسافر، كان أن مدينة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بمنزلة القرى المتقاربة عند كل قوم نخيلهم ومقابرهم ومساجدهم، قباء وغير قباء، ولم يكن خروج الخارج إلى قباء سفرًا، ولهذا لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقصرون في مثل ذلك، فإن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏}‏ ‏[‏التوبـة‏:‏ 101‏]‏، فجميع الأبنيـة تدخل في مسمى المدينة، وما خرج عن أهلها، فهو من الأعراب أهل العمود‏.‏ والمنتقل من المدينة من ناحية إلى ناحية، ليس بمسافر، ولا يقصر الصلاة، ولكن هذه مسائل اجتهاد،فمن فعل منها بقول بعض العلماء، لم ينكر عليه، ولم يهجر )

  -  ابن عثيمين :  فالمسألة لا تخلو من أربع حالات:
1-    
 مدة طويلة في مسافة طويلة، فهذا سفر لا إشكال فيه، كما لو ذهب في الطائرة من القصيم إلى مكة، وبقي فيها عشرة أيام.
2 -   
 مدة قصيرة في مسافة قصيرة فهذا ليس بسفر، كما لو خرج مثلاً من عنيزة إلى بريدة في ضحى يوم  ورجع، أو إلى الرس أو إلى أبعد من ذلك، لكنه قريب لا يعد مسافة طويلة.
3 -   
 مدة طويلة في مسافة قصيرة بمعنى أنه ذهب إلى مكان قريب لا ينسب لبلده، وليس منها، وبقي يومين أو ثلاثة فهذا سفر، فلو ذهب إنسان من عنيزة إلى بريدة مثلاً ليقيم ثلاثة أيام أو يومين أو ما أشبه ذلك فهو مسافر.
4      
 مدة قصيرة في مسافة طويلة، كمَن ذهب مثلاً من القصيم إلى جدة في يومه ورجع فهذا يسمى سفراً؛ لأن الناس يتأهبون له، ويرون أنهم مسافرون .. ) الشرح الممتع 4-350

   - قال الشيخ عبد الله بن جبرين في شرحه على منهج السالكين (متى يكون الإنسان مسافرا؟ قيل: السفر هو ما لا يقطع إلا بمشقة وكلفة. وقيل: السفر ما احتاج إلى زاد ومزاد. وقيل: السفر ما يلزم منه غيبة طويلة، بحيث إذا قدم يُلاقى ويُهنأ ويُحيّى. هذه تعريفات لاسم السفر. ومنهم من حدده بالمسافة، فقال: مسافته ثمانية وأربعون ميلا، والميل قريب من ألف وسبعمائة مترا، يعني نحو 2 كيلو إلا ربع أو قريب منه، فيكون قريبا من خمسة وثمانين كيلو، أو تسعين. هكذا حدده بعضهم، وأكثرهم حدده باليوم، أنه مسيرة يومين قاصدين، وقالوا: إن مسيرة اليوم لا تسمى سفرا. وذهب بعض المحققين -كشيخ الإسلام- إلى أنه لا يحدد بمسافة، ورأى أن تحديده بالزمان لا بالمسافة، وأنه إذا سافر مسيرة يوم ونصف، ولو لم يقطع إلا عشرين ميلا سمي مسافرا.
يوم ونصف، يومان أو أكثر، وإذا سافر وقطع مثلا أربعين ميلا أو مائة ميل أو مائتين ميلا، ولكنه رجع في يومه أو في ليلته لم يُسم مسافرا، هذا هو اختيار شيخ الإسلام كما ذكره برسالة السفر المطبوعة في المجلد الرابع والعشرين , وفي زمانه ضرب مثلا بالفرس السابق، فقال: لو ركب إنسان فرسا سابقا، وقطع مائة ميل، أو مائتين، ثم رجع في يومه، فلا يقصر، ولا يفطر، ولا يجمع، ولا يسمى مسافرا؛ لأن المدة قصيرة، يوم وليلة أو أقل.
ولو ركب دابة بطيئة، وقطع مسافة عشرين ميلا، ولم يقطعها إلا في يوم ونصف، أو يومين، ما رجع إلى أهله إلا بعد يومين سميناه مسافرا، فكأنه يعتبر المدة هي التي يقصر، أو التي يجمع فيها ...... الخ ) أ.هـ مفرّغا .
مسألة : من يخرج ويرجع في يومه .
- قال ابن جبرين : ( السفر: هو ما لا يقطع إلا بكلفة وبمدة طويلة وبمشقة، وعلى هذا فإن الإنسان في هذه الأزمنة لا يقصر في كل سفر؛ فمثلا لو ذهب إلى القصيم ورجع في يومه فلا يسمى مسافرا، أو إلى الأحساء ورجع في يومه فلا يسمى مسافرا. أما لو ذهب إلى أرماح وهي قربية، ولكن ما رجع إلا بعد يوم ونصف أو بعد يومين، فإنه يسمى مسافرا، وكذلك لو ذهب إلى نزهة -مثلا- أربعين كيلو، أو ثمانين كيلو، وبقى يومين أو ثلاثة أيام سميناه مسافرا. فالمسافر يجوز له الجمع، ويفعل أيضا الأرفق به. ) ا. هـ مفرّغا .

- وقاله سفيان الثوري وأبو حنيفة وغيرهم أنه لا يقصر إلا إذا حمل الزاد والمزاد وغير ذلك . ذكره ابن عبد البر .
- قال ابن سعدي : ومن قواعد الشريعة ( المشقة تجلب التيسير ) ولما كان السفر قطعة من العذاب يمنع العبد نومه وراحته وقراره رتب الشارع عليه ما رتب من الرخص حتى ولو فُرض خلوّه عن المشقات لأن الأحكام تعلق بعللها العامة وإن تخلفت في بعض الصور والأفراد , فالحكم الفرد يلحق بالأعم ولا يفرد بالحكم وهذا معنى قول الفقهاء ( النادر لا حكم له ) ..إرشاد أولي البصائر ص 113 .
مقدار الزمان الذي يقصر فيه إذا أقام المسافر في موضع:
المسافرون لهم ثلاث حالات :
     * الأولى : أن ينووا الإقامة المطلقة في بلاد الغربة كالعمال المقيمين للعمل ، والتجار المقيمين للتجارة ، ونحوهم ممن عزم على الإقامة إلا لسبب يقتضي نزوحهم ، فهؤلاء حكمهم حكم المستوطنين من وجوب الصوم وإتمام الصلاة وغير ذلك .

    * الثانية : أن ينووا إقامة لغرض معين غير مقيدة بزمن ، فمتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم كمن قدم لمراجعة دائرة حكومية ، أو لبيع سلعة أو شرائها ، فهؤلاء حكمهم حكم المسافرين على المذهب ، وحكاه ابن المنذر إجماعا ، لكن لو ظن هؤلاء أن غرضهم لا ينتهي إلا بعد أربعة أيام ففيه خلاف سيأتي في الحالة الثالثة .

    * الثالثة : أن ينووا إقامة لغرض معين مقيدة بزمن ، متى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم ، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال : 

القول الأول : أنه إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام فيلزمه الإتمام ، وهذا مذهب الحنابلة ،
      - واستدلوا على ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة في حجة الوداع يوم الأحد الرابع من ذي الحجة ، وأقام فيها الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء ، وخرج يوم الخميس إلى منى ، فأقام بمكة أربعة أيام يقصر الصلاة [خ ، م ] فيؤخذ من هذا أن المسافر إذا نوى إقامة أربعة أيام فإنه يقصر لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - .

      - والجواب عن هذا : أن إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة أيام وقعت اتفاقا لا قصدا ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن من الناس من قدم قبله بيوم وبيومين ، بل من الناس من جاء من شهر ذي القعدة بل من شوال ، ولم يأمرهم بالإتمام .
 -  وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الجواب عن الدليل السابق [ الفتاوى 24 / 140 ]: " وهذا الدليل مبني على أنه إذا قدم المصر فقد خرج عن حد السفر ، وهو ممنوع ، بل مخالف للنص والإجماع والعرف " 

 - قال الشيخ بن عثيمين في رسالة قصر الصلاة :" أما وجه منعه شرعا إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة في عام الفتح عشرة أيام .... وأقام بها في غزوة الفتح تسعة عشر يوما ، وأقام بتبوك عشرين وكان يقصر الصلاة مع هذه الإقامات المختلفة ، وأما وجه منعه عرفا فإن الناس يقولون في الحاج إنه مسافر ، وإن كان قد سافر أول ذي الحجة ، ويقولون للمسافر للدراسة إنه مسافر للدراسة في الخارج ونحو ذلك " ا.هـ

القول الثاني : أنه إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر فإنه يلزمه الإتمام ، لكن لا يحسب منها يوم الدخول ويوم الخروج ، وعلى هذا فتكون الأيام ستة ، وهذا مذهب الشافعية وقال به مالك وهو رواية عن أحمد حكاها صاحب الإنصاف ،
- واستدلوا بأدلة منها :
1- 
حديث العلاء بن الحضرمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :( يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا ) [ م 1352 ] ، قال النووي في شرح مسلم :" معنى الحديث : أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها ، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرهما أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة ، واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن إقامة ثلاثة ليس لها حكم الإقامة ، بل صاحبها في حكم المسافر ، قالوا : فإذا نوى المسافر الإقامة في بلد ثلاثة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج جاز له الترخيص برخص السفر من القصر والفطر وغيرهما من رخصه ، ولا يصير له حكم المقيم "

* والحق أن الحديث حجة عليهم لأنه إذا جاز لهم أن يقصروا في سفرهم هذا ، فهم في الحقيقة لم يجلسوا ثلاثة أيام فقط ، بل هذه الثلاثة بعد إتمام الحج ، وربما هم قد جلسوا في حجهم أسبوعا أو نحو ذلك ، فكيف يؤخذ من هذا التحديد بأربعة أيام أو ثلاثة .
   -      أن هذا مروي عن عثمان - رضي الله عنه - 

القول الثالث : إذا نوى الإقامة أكثر من خمسة عشر يوما أتم ، وهذا مذهب أبي حنيفة وهو قول الثوري والمزني .
- واستدلوا بما روي عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهم - أنهما قالا :" إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوما فأكمل الصلاة " رواه الطحاوي .

** وهناك مذاهب أخرى لأفراد الصحابة والتابعين ، فمذهب ابن عباس - رضي الله عنهما - أن إذا نوى الإقامة تسعة عشر يوما قصر ، وما زاد فإنه لا يقصر ، وقد صرح - رضي الله عنه - بهذا في حديث رواه البخاري عنه أنه قال :" أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يقصر فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا " [ خ 1080 ] ، ومذهب الأوزاعي أنه إذا نوى الإقامة ثلاثة عشر يوما أتم وإن نوى أقل من ذلك قصر ، وعن ربيعة : يوم وليلة ، وعن الحسن البصري : أن المسافر يصير مقيما بدخول البلد ، والأقوال في هذه المسألة تزيد على العشرين .


  **  والقول الراجح : هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وهو اختيار ابن القيم والشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ، والشيخ عبد الرحمن السعدي ، والشيخ محمد رشيد رضا ، وشيخنا ، وهو أنهم مسافرون ، ما لم ينووا الاستيطان أو الإقامة المطلقة .

 - واستدلوا على لك بما يلي : 

  1-  إطلاق الأدلة كقوله تعالى { وإذا ضربتم في الأرض } وهذا عام يشمل جميع الضاربين من أطال من هم ومن قصر .

  2-  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام في تبوك عشرين يوما يقصر الصلاة [ حم 13726 ، د 1235 ، حب 4 / 184 ، هق 3 / 152 ، قال أبو داود غير معمر لا يسنده ، ورده النووي في الخلاصة كما نقله الزيلعي في نصب الراية 2 / 186:" هو حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم ، لا يقدح فيه تفرد معمر فإنه ثقة حافظ فزيادته مقبولة " وقال الحافظ في التلخيص 2 / 45 :" ... ورواه ابن حبان والبيهقي من حديث معمر ، وصححه ابن حزم والنووي ..... " ، والحديث صححه الألباني ] قال شيخ الإسلام في الفتاوى [ 24 / 136 ] :" ومعلوم بالعادة أن مما يفعل بمكة وتبوك لم يكن ينقضي في ثلاثة أيام ولا اربعة ، حتى إنه كان يقول : اليوم أسافر ، غدا أسافر " 

3-  أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح تسعة عشر يوما يقصر الصلاة [ خ 1080 ، 4298 ] 

4-   عن أبي جمرة نصر بن عمران قال : قلت لابن عباس : إنا نطيل المقام بخراسان فكيف ترى ؟ قال :" صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين " رواه ابن أبي شيبة .

5-     أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول [ هق 3 / 152 ، وأخرجه عبد الرزاق 2 / 533 ، والأثر صححه ابن الملقن ، وقال ابن حجر في الدراية 1 / 212 :" إسناده صحيح " ، وقال النووي معلقا على سند البيهقي : وهذا سند على شرط الشيخين ، انظر التلخيص الحبير 2 / 47 ، نصب الراية 2 / 185 ] 

6-  وروى البيهقي [ 3 / 152 ] أن أنسا أقام بالشام يقصر سنتين .

7-  وروى البيهقي كذلك عن أنس أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة .

ثم نقول : من نوى الإقامة ستا وتسعين ساعة فله أن يقصر على مذهب الحنابلة ، ومن نوى الإقامة ستا وتسعين ساعة وعشر دقائق فليس له أن يقصر ، لأن الأول مسافر والثاني مقيم ، فأين هذا التقسيم في كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - 
                                                    من كان سفره دائماً هل يترخص برخص السفر؟:
قصر الصلاة متعلق بالسفر فما دام الإنسان مسافراً فإنه يشرع له قصر الصلاة سواء كان سفره نادراً أم دائماً إذا كان له وطن يأوي إليه ويعرف أنه وطنه.
سؤال : له بيتان في مدينتين فهل يقصر إذا سافر إلى أحدها؟
"إذا كان الواقع كما ذكر من اتخاذ كل من البيتين محل إقامة له فلا يجوز له أن يترخص برخص السفر من قصر الصلاة وغيره، وهو نازل في أي بلد من البلدين، وله أن يترخص بذلك وهو مسافر بين البلدين، إذا كانت المسافة بين البلدين مسافة قصر وهي ثمانون كيلا تقريبا.
اقتداء المسافر بالمقيم والعكس:
أ- اقتداء المسافر بالمقيم:
اتفق الفقهاء على أنه يجوز اقتداء المسافر بالمقيم مع الكراهية عند المالكية لمخالفة المسافر سنته من القصر، فلو اقتدى مسافر بمقيم وجب عليه أن يتم صلاته أربعا متابعة للإمام، فقد قيل لابن عباس رضي الله عنه: "مابال المسافر يصلي ركعتين في حال الانفراد وأربعا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السنة."-أحمد في المسند- وقال نافع:" كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام صلاها أربعا، وإذا صلى وحده صلاها ركعتين."-رواه مسلم-.
ب- اقتداء المقيم بالمسافر:
اتفق الفقهاء أيضا على أنه يجوز اقتداء المقيم بالمسافر مع الكراهة عند المالكية لمخالفة نية إمامه، فإذا صلى المسافر بالمقيمين ركعتين سلم ثم أتم المقيمون صلاتهم، ويستحب للمسافر الإمام أن يقول عقب التسليمتين:" أتموا صلاتكم فإني مسافر" لدفع توهم أنه سها، ولئلا يشتبه على الجاهل عدد ركعات الصلاة، عن عمران بن حصين قال: ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا إلا صلى ركعتين حتى يرجع، وإنه أقام بمكة زمن الفتح ثمان عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين، إلا المغرب، ثم يقول: يا أهل مكة، قوموا فصلوا ركعتين أخريين، فإنا قوم سَفْر".- حسنه الترمذي-
وإن سها الإمام بعد نية القصر فأتم، سبح له المأموم، فإن رجع سجد لسهوه، وإن لم يرجع، لم يتبعة المأموم بل يجلس حتى يسلم إمامه.
إذا أدرك المسافر ركعتين من الرباعية مع الإمام هل تكفيه لصلاته؟:
هذا غير جائز إذا دخل مع المقيم يجب أن يكمل أربع ركعات بعد تسليم الإمام لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا).


0 comentarios:

Publicar un comentario