martes, 6 de septiembre de 2016

الزبير بن العوام

0 comentarios
 اسمه وشرف منزلته

الزبير بن العوام ، الثابت القوام ، صاحب السيف الصارم ، والرأي الحازم ، كان لمولاه مستكيناً ، وبه مستعيناً ، قاتل الأبطال ، وباذل الأموال ، صاحب الوفاء والثبات ، والتسامح بالمال والجدات .

هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشي الأسدي، أبو عبد الله حواريّ رسول الله 

·        ولد الزبير بن العوام  سنة 28 قبل الهجرة

·        وهو ابن عمة رسول الله  صفية بنت عبد المطلب
·         وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.
·         وأحد الستة أصحاب الشورى بعد مقتل عُمر.

وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض ، وكان خفيف اللحية والعارضين .

وكانت أمه:  صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم ، فقيل لها : قتلته ، أهلكته ، قالت :

    إنما أضربه لكي يدب     ويجر الجيش ذا الجلب

إسلامه :
-       وقد أسلم بمكة قديمًا على يد الصِّدِّيق، وكان عمره حينئذٍ 15 سنة، وعذّبه قومه لإسلامه.

-       وقيل أنه أسلم وهو ابن 8 سنوات

*     فقد كان عم الزبير يعلقه في حصير، ويدخن عليه بالنار ليرجع إلى الكفر، فيقول: لا أكفر أبدًا.

هجرته الى الحبشة :

   هاجر إلي الحبشة وكان يومها في الثامنة عشرة , وظل في جوار النجاشي حتى تعرض النجاشي لمؤامرة للإطاحة به , وخرج الزبير بن العوام وكان صغيرا فنفخوا له قربة ووضعوها غلى صده ثم سبح عليها حتى خرج إلى الناحية الأخرى من النهر التي فيها الواقعة بين النجاشي وعدوه , وكان المسلمون يدعون للنجاشي بالنصر على عدوه , وعاد إليهم الزبير ليبشرهم بهلاك عدو النجاشي وعودته إلي ملكه .

زواجه من أسماء بنت أبي بكر وهجرته الى المدينة :
   
تزوج الزبير بن العوام من السيدة أسماء بنت أبي بكر ((ذات النطاقين)) التي كانت تذهب بالطعام إلى رسول الله   وأبيها في الغار . وهى أم عبد الله بن الزبير بن العوام ومصعب.


كان رجلا مجاهدا :
-  عمر بن مصعب بن الزبير قال : قاتل الزبير مع نبي الله ، وله سبع عشرةص: 46 ] . 

*    أول رجل سلَّ سيفه في الله

    -  كان أول من سلَّ سيفًا في سبيل الله؛ فعن عروة وابن المسيب قالا: أول رجل سلَّ سيفه في الله الزبير، وذلك أن الشيطان نفخ نفخة[1]، فقال: أُخذ رسول الله . فأقبل الزبير  يشق الناس بسيفه، والنبي  بأعلى مكة.

-  قال عروة : جاء الزبير بسيفه ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " ما لك ؟ قال : أخبرت أنك أخذت . قال : فكنت صانعا ماذا ؟ قال : كنت أضرب به من أخذك . فدعا له ولسيفه " . 

-  وعن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابةحمزة ، وعلي ، والزبير . 

في غزوة بدر

   كان الزبير  أحد مغاوير الإسلام وأبطاله في يوم الفرقان، وكان على الميمنة، وقد قتل الزبير في هذا اليوم العظيم عبيدة بن سعيد بن العاص، كما قتل السائب بن أبي السائب بن عابد، ونوفل بن خويلد بن أسد عمه.

- فعن عروة بن الزبير -رضي الله عنهما- قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء، فنزل جبريل على سيماء الزبير.


-  وفيه يقول عامر بن صالح بن عبد الله بن الزبير : 
جدي ابن عمة أحمد ووزيره     عند البلاء وفارس الشقراء
وغداة بدر كان أول فارس     شهد الوغى في اللامة الصفراء
نزلت بسيماه الملائك نصرة     بالحوض يوم تألب الأعداء 
أبو معاوية ، عن هشام عن أبيه ، قالت عائشة : يا ابن أختي كان أبواك - يعني الزبير وأبا بكر - من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح 
  - عن الزبير قال : لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج لا يرى إلا عيناه ، وكان يكنى أبا ذات الكرش ، فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه ، فمات ، فأخبرت أن الزبير قال : لقد وضعت رجلي عليه ، ثم تمطيت ، فكان الجهد أن نزعتها ، يعني الحربة ، فلقد انثنى طرفها .

قال عروة : فسأله إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأعطاه إياها ، فلما قبض ، أخذها ، ثم طلبها أبو بكر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض أبو بكر ، سألها عمر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان منه ، فأعطاه إياها ، فلما قبض وقعت عند آل علي ، فطلبها عبد الله بن الزبير ، فكانت عنده حتى قتل .[2]

في غزوة أحد

 رأى النبي   رجلا يقتل المسلمين قتلا عنيفا , فقال للزبير : ((عليك به)) فكان أن اشتبك معه حتى وقعا على الأرض فقتله الزبير . ولما انصرف المشركون يوم أحد رأى النبي   أن يتبعهم ببعض المسلمين على آثارهم وحتى يظنوا أن المسلمين قوة كبيرة , فخرج الزبير وأبو بكر الصديق في سبعين نفرا في آثار المشركين , فانصرف المشركون وهم يظنون أن المسلمين يطاردونهم .

*    خبر النبي بشهادته في أحد

   - فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة   أن رسول الله   كان على جبل حراء فتحرك الجبل , فقال   :((اسكن حراء , فما عليك إلا نبي وصديق , وشهيد)) . فكان عليه النبي   , وأبو بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , وطلحة , والزبير , وسعد بن أبي وقاص   .

ولما كانت غزوة الخندق

 - روى البخاري أن رسول الله   قال : ((من يأتينا بخبر بني قريظة؟)) وكانوا حلفاء المشركين من أهل مكة , فقال الزبير : أنا يا رسول الله ولم يقم غيره , ثم دعا النبي   المرة الثانية والثالثة فلم يستجب غيره وذلك من شدة الخوف الذي أصاب المسلمين , فذهب على فرس , فجاءهم بالخبر , فقال   : ((لكل نبي حواري[3] , وحواريي الزبير)) .

   - ولما سمع ابن عمر  رجلا يقول : يا ابن حواري رسول الله ، فقال ابن عمر : إن كنت من آل الزبير ، وإلا فلا

*    جمع الرسول له أباه وأمه :
 
 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ : كُنْتُ يَوْمَ الأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ ، يَخْتَلِفُ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثاً ، فَلَمَّا رَجَعْتُ قُلْتُ : يَا أَبَتِ ، رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ ، قَالَ أَوَهَلْ رَأَيْتَنِي يَا بُنَيَّ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَنْ يَأْتِ بَنِي قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ " ، فَانْطَلَقْتُ ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَوَيْهِ فَقَالَ : " فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي " [ متفق عليه ] . 

*    وهو من نسب رسول الله وقريب منه وفي ذلك هذا الموقف :

 - عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ عِنْدَ النَّبِيِّ  فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ. فَأَبَى عَلَيْهِ، فَاخْتَصَمَا عِنْدَ النَّبِيِّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  لِلزُّبَيْرِ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ". فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ. فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ". فَقَالَ الزُّبَيْرُ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65].

يوم فتح مكة :
-  أم عروة بنت جعفر ، عن أختها عائشة ، عن أبيها عن جدها الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة ، فدخل الزبير مكة بلواءين . 

في يوم حنين

في يوم حنين طارد المشركين حتى أزالهم عن أماكنهم فسأل قائد المشركين عن الفارس الذي يطيح بهم؟ فقالوا له : إنه رجل عاصب رأسه بعصابة حمراء , فقال : إنه الزبير بن العوام , وإنه لن يرجع إلى قومه حتى يقضي علينا , فثبتوا واثبتوا , فكان أن أزاحهم عن أماكنهم .
الزبير وفتح مصر
   حين توجه عمرو بن العاص لفتحها كان على رأس جيش به ثلاثة آلاف وخمـسمائة رجل فبعث إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يطلب إليه المدد , فأرسل عمر بن الخطاب الزبير بن العوام على رأس جيش يبلغ أربعة آلاف رجل . وكان على رأسهم من الصحابة المقداد بن الأسود , وعبادة بن الصامت , ومسلمة بن مخلد , وخارجة بن حذافـة , وقال لعمرو : إنني أمدك بأربعة آلاف على رأس كل ألف منهم رجل بألف رجل , وكان الزبير على رأسهم جميعا . فلما وصل الزبير وجد عمرو بن العاص محاصرا حصن بابليون , وطالت فترة الحصار لمدة سبعة أشهر , فركب الزبير حصانه , وطاف حول الحصن .
فقيل له : إن بها الطاعون . فقال : إنما جئنا للطعن والطاعون . وقال لعمرو بن العاص : إنني أهب نفسي لله . ثم وضع سلما وأسنده على الحصن من ناحية إحدى الأسواق ثم صعد وأمرهم إذا سمعوا تكبيره أن يجيبوه , وإن هي إلا دقائق حتى كبر , فأقبل المسلمون يريدون أن يصعدوا على السلم وخاف عمرو أن ينكسر من شدة اندفاعهم عليه ولكن الروم لما رأوا شجاعة العرب , انسحبوا .
يوم اليمامة :

   ابن المبارك : أنبأنا هشام ، عن أبيه أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 63 ] قالوا للزبير : ألا تشد فنشد معك ؟ قال : إني إن شددت ، كذبتم . فقالوا : لا نفعل . فحمل عليهم حتى شق صفوفهم ، فجاوزهم وما معه أحد ، ثم رجع مقبلا ، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين ، ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يومبدر . قال عروة : فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير ، قال : وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين ، فحمله على فرس ، ووكل به رجلا .

      قلت :[4] هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله ; فإن عبد الله كان إذ ذاك ابن عشر سنين

*    ما تركت عليه المعارك من آثار :

وقد كان جسده معلماً من آثار السيوف في المعارك ، فلما سئل عن هذه الآثار قال : أما والله ما منها جراحة ، إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي سبيل الله .

-  حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، أخبرني من رأى الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي . 

-  معمر ، عن هشام عن عروة قال : كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف : إحداهن في عاتقه ، إن كنت لأدخل أصابعي فيها ، ضرب ثنتين يوم بدر ، وواحدة يوم اليرموك . 

قال عروة : قال عبد الملك بن مروان ، حين قتل ابن الزبير : يا عروة ، هل تعرف سيف الزبير ؟ قلت : نعم . قال : فما فيه ؟ قلت : فلة فلها يوم بدر ، فاستله فرآها فيه ، فقال : [ ص: 53 ] بهن فلول من قراع الكتائب ثم أغمده ورده علي ، فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف ، فأخذه بعضنا ، ولوددت أني كنت أخذته


كان الزبير  شديد الولع بالشهادة

   فها هو يقول : " إن طلحة بن عبيد الله يسمي بنيه بأسماء الأنبياء ، وقد علم أن لا نبي بعد محمد ، وإني أسمي بني بأسماء الشهداء ، لعلمهم أن يستشهدوا ، فسمى عبد الله بعبد الله بن جحش ، والمنذر بالمنذر بن عمرو ، وعروة بعروة بن مسعود ، وحمزة بحمزة بن عبد المطلب ، وجعفر بجعفر بن أبي طالب ، ومصعب بمصعب بن عمير ، وعبيدة بعبيدة بن الحارث ، وخالد بخالد بن سعيد ، وعمر بعمرو بن سعيد بن العاص ، قتل يوم اليرموك

من أخلاق الزبير بن العوام

·        قلة رواية الزبير بن العوام للحديث :

كان  حريصًا على ملازمة رسول الله ، إلا أنه لم يروِ الكثير من الأحاديث؛

  -  فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ : مَا لِي لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  كَمَا أَسْمَعُ ابْنَ مَسْعُودٍ وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا؟! قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ".

    * للزبير في " مسند بقي بن مخلد ثمانية وثلاثون حديثا ، منها في " الصحيحين " حديثان ، وانفرد البخاري بسبعة أحاديث
شهادة حسان الشاعر رضي الله عنه في فضله :
   عن فاطمة بنت المنذر ، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالتمر الزبير بمجلس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلموحسان ينشدهم من شعره ، وهم غير نشاط لما يسمعون منه ، فجلس معهم الزبير ، ثم قال : ما لي أراكم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة ! فلقد كان يعرض به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيحسن استماعه ، ويجزل عليه ثوابه ، ولا يشتغل عنه ، فقال حسان يمدح الزبير :

أقام على عهد النبي وهديه     حواريه والقول بالفعل يعدل
    أقام على منهاجه وطريقه     يوالي ولي الحق والحق أعدل
هو الفارس المشهور والبطل الذي     يصول إذا ما كان يوم محجل
إذا كشفت عن ساقها الحرب حشها     بأبيض سباق إلى الموت يرقل
وإن امرأ كانت صفية أمه     ومن أسد في بيتها لمؤثل
له من رسول الله قربى قريبة     ومن نصرة الإسلام مجد مؤثل
     فكم كربة ذب الزبير بسيفه     عن المصطفى والله يعطي فيجزل [
ثناؤك خير من فعال معاشر     وفعلك يا ابن الهاشمية أفضل 

ثقة الصحابة به ووصيتهم له على أبنائهم :

هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة ، منهم عثمان ، وابن مسعود ، وعبد الرحمن ، فكان ينفق على الورثة من ماله ، ويحفظ أموالهم . 
كرمه وسخاؤه :
  - الأوزاعي روى قال : كان  للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج ، فلا يدخل بيته من خراجهم شيئا .  بل يتصدق بها كلها

  -  باع الزبير دارا له بست مائة ألف ، فقيل له : يا أبا عبد الله ، غبنت ! قال : كلا ، هي في سبيل الله

   -  كان الزبير بن العوام رضي الله عنه ، من التجار الأغنياء المنفقين في سبيل الله عز وجل ، وكان يقول : من استطاع منكم أن يكون له جَنى  ثمر وشيء يجده عند الله تعالى  من عمل صالح فليفعل .

   -  وكان للزبير ألف مملوك يؤدون الضريبة ، لا يدخل بيت ماله منها درهم ، كان يتصدق بها ، وقيل : كان يقسمه كل ليلة ، ثم يقوم إلى منزله ، ليس معه منه شيء .  

  -  عن هشام بن عروة ، أن الزبير لما قتل عمر ، محا نفسه من الديوان ، وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان ، محا نفسه من الديوان . 
لفضله جعله عمر في مجلس شورى الخلافة :


فتنة الجمل :

بعض إرهاصات معركة الجمل :


   -  أولاً: بويع علي رضي الله عنه بالخلافة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، وكان كارهاً لهذه البيعة رافضاً لها، وما قبلها إلا لإلحاح الصحابة عليه

     - وفي ذلك يقول رضي الله عنه: (ولقد طاش عقلي يوم قتل عثمان، وأنكرت نفسي، وجاءوني للبيعة فقلت: والله إني لأستحي من الله أن أبايع قوماً قتلوا رجلاً قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة"، وإني لأستحي من الله أن أبايع وعثمان قتيل على الأرض لم يدفن بعد، فانصرفوا، فلما دفن رجع الناس فسألوني البيعة، فقلت: اللهم إني مشفق مما أقدم عليه، ثم جاءت عزيمة فبايعت، فلقد قالوا: يا أمير المؤمنين، فكأنما صدع قلبين، وقلت: اللهم خذ مني لعثمان حتى ترضى). [5]

    -  ثانياً: لم يكن علي رضي الله عنه قادراً على تنفيذ القصاص في قتلة عثمان رضي الله عنه لعدم علمه بأعيانهم، ولاختلاط هؤلاء الخوارج بجيشه، مع كثرتهم واستعدادهم للقتال، وقد بلغ عددهم ألفي مقاتل كما في بعض الروايات، كما أن بعضهم ترك المدينة إلى الأمصار عقب بيعة علي.

   - رابعا : وقد كان كثير من الصحابة خارج المدينة في ذلك الوقت، ومنهم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، لانشغال الجميع بالحج، وقد كان مقتل عثمان رضي الله عنه يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة، سنة خمسة وثلاثين على المشهور.

  -  خامسا:  لما مضت أربعة أشهر على بيعة علي دون أن ينفذ القصاص خرج طلحة والزبير إلى مكة، والتقوا بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، واتفق رأيهم على الخروج إلى البصرة ليققوا بمن فيها من الخيل والرجال، ليس لهم غرض في القتال، وذلك تمهيداً للقبض على قتلة عثمان رضي الله عنه، وإنفاذ القصاص فيهم.

      -  ويدل على ذلك ما أخرجه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك: أن عائشة رضي الله عنها لما بلغت مياه بني عامر  ليلاً نبحت الكلاب، قالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: "كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب". فقال لها الزبير: ترجعين!! عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس.[6]

-  سادسا : وقد اعتبر علي رضي الله عنه خروجهم إلى البصرة واستيلاءهم عليها نوعاً من الخروج عن الطاعة، وخشي تمزق الدولة الإسلامية فسار إليهم رضي الله عنه (وكان أمر الله قدراً مقدوراً).      

-  سابعا: وقد أرسل علي رضي الله عنه القعقاع بن عمرو إلى طلحة والزبير يدعوهما إلى الألفة والجماعة.

   -  فبدأ - المقداد - بعائشة رضي الله عنها فقال: أي أماه، ما أقدمك هذا البلد؟ فقالت: أي بني الإصلاح بين الناس.

   - قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية: فرجع إلى علي فأخبره، فأعجبه ذلك، وأشرف القوم على الصلح، كره ذلك من كرهه، ورضيه من رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيباً، فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأن الله جمعهم بعد نبيه صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حدث هذا الحدث الذي جرى على الأمة، أقوام طلبوا الدنيا وحسدوا من أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي منَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره، ثم قال: ألا إني مرتحل غدا فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحد أعان على قتل عثمان بشيء من أمور الناس، فلما قال هذا اجتمع من رؤوسهم جماعة كالأشتر النخعي، وشريح بن أوفى، وعبد الله بن سبأ المعروف بابن السوداء... وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي ولله الحمد، فقالوا: ما هذا الرأي؟ وعلي والله أعلم بكتاب الله ممن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غداً يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم، فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم.

  - فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا، وأما رأي علي فلم نعرفه إلا اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم، فإنما اصطلح على دمائنا... ثم قال ابن السوداء قبحه الله: يا قوم إن عيركم في خلطة الناس، فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون...) انتهى كلام ابن كثير.

وذكر ابن كثير أن علياً وصل إلى البصرة، ومكث ثلاثة أيام، والرسل بينه وبين طلحة والزبير، وأشار بعض الناس على طلحة والزبير بانتهاز الفرصة من قتلة عثمان فقالا: إن علياً أشار بتسكين هذا الأمر، وقد بعثنا إليه بالمصالحة على ذلك.

  -ثم قال ابن كثير: (وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورن، وأجمعوا على أن يثيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر، وهم قريب من ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم، وقام الناس من منامهم إلى السلاح، فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلاً، وبيتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ من أصحاب علي، فبلغ الأمر علياً فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحد منهم بما وقع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمر الله قدراً مقدراً، وقامت على الحرب على ساق وقدم، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب، وتواقف الفريقان، وقد اجتمع مع علي عشرون ألفاً، والتف على عائشة ومن معها نحوا من ثلاثين ألفاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والسابئة أصحاب ابن السوداء قبحه الله لا يفترون عن القتل، ومنادي علي ينادي: ألا كفوا ألا كفوا، فلا يسمع أحد...) انتهى كلام ابن كثير رحمه الله.

وانهمرت دموع علي  عندما رأى أم المؤمنين عائشة في هودجها بأرض المعركة، وصاح بطلحة : "يا طلحة، أجئت بعرس رسول الله  تقاتل بها، وخبأت عرسك في البيت؟"

لم يكن الخلاف إلا في تقدير الأمور وسياسة الدولة على المبادء التي تربو عليها مع رسول الله ولم يكن مبنيا على الأطماع والمصالح والاعتقادات :

اعتراف بن الزبير بمظلومية علي وحقه :

    - عن الأسود بن قيس ، حدثني من رأى الزبير يقتفي آثار الخيل قعصا بالرمح ، فناداه علي : يا أبا عبد الله ، فأقبل عليه ، حتى التقت أعناق دوابهما ، فقال : أنشدك بالله ، أتذكر يوم كنت أناجيك ، فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : " تناجيه ! فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم " قال : فلم يعد أن سمع الحديث ، فضرب وجه دابته ، وذهب . 

   -  قال علي للزبير : "يا زبير، نشدتك الله، أتذكر يوم مر بك رسول الله  ونحن بمكان كذا، فقال لك: (يا زبير، ألا تحب عليًّا؟) فقلت: ألا أحب ابن خالي، وابن عمي، ومن هو على ديني؟ فقال لك: (يا زبير، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم). فقال الزبير : نعم أذكر الآن، وكنت قد نسيته، والله لا أقاتلك".

   **  ولما انصرف الزبير يوم الجمل عن علي ، فلقيه ابنه عبد الله ، فقال : جبنا ، جبنا ! قال : قد علم الناس أني لست بجبان ، ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فحلفت أن لا أقاتله ، ثم قال

  ترك الأمور التي أخشى عواقبها    في الله أحسن في الدنيا وفي الدين
    وقيل : إنه أنشد :

ولقد علمت لو ان علمي نافعي     أن الحياة من الممات قريب 

قتله ابن جرموز .

 أما الزبير فقد تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غيلة وغدراً .
 وأما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته

شهادة عليّ كرم لله وجهه في الزبير وفيمن قاتله أيام الفتنة :

 عن ابن أبي فروة أخي إسحاق ، قالقال علي : حاربني خمسة : أطوع الناس في الناسعائشة ، وأشجع الناسالزبير ، وأمكر الناسطلحة لم يدركه مكر قط ، وأعطى الناسيعلى بن منية وأعبد الناسمحمد بن طلحة ، كان محمودا حتى استزله أبوه ، وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني . 

   - عن جون بن قتادة قال : كنت مع الزبير يوم الجمل ، وكانوا يسلمون عليه بالإمرة ، إلى أن قال : فطعنه ابن جرموز ثانيا ، فأثبته ، فوقع ، ودفن بوادي السباع ، وجلس علي - رضي الله عنه - ، يبكي عليه هو وأصحابه . 

   -   بعد أن انتهى علي  من دفن طلحة  والزبير ودعهما بكلمات أنهاها قائلاً: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].

·        ثم نظر إلى قبريهما وقال: سمعت أذناي هاتان رسول الله  يقول: "طلحة والزبير جاراي في الجنة".

-  لما كان الزبير  بوادي السباع نزل يصلي فأتاه ابن جرموز من خلفه فقتله، وسارع قاتل الزبير إلى عليٍّ يبشره بعدوانه على الزبير ويضع سيفه الذي استلبه بين يديه، لكن عليًّا  صاح حين علم أن بالباب قاتل الزبير يستأذن، وأمر بطرده قائلاً: "بشِّرْ قاتلَ ابن صفية بالنار".

-  وحين أدخلوا عليه سيف الزبير  قبَّله الإمام علي، وأمعن في البكاء وهو يقول: "سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله ".

فهل رأيتم أحدا يبكي على قتل عدوه .!!!

-    عن الحسن قال : لما ظفر علي بالجمل ، دخل الدار والناس معه ، فقال علي : إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة ، وأتباعه إلى النار ! فقال الأحنف : من هو ؟ قالالزبير . 

          ذكر الذهبي تعليقا على ما سبق قال : في إسناده إرسال ، وفي لفظه نكارة ، فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير ، أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار ، بل نفوض أمرهم إلى الله ، ونستغفر لهم . بلىالخوارج كلاب النار ، وشر قتلى تحت أديم السماء ؛ لأنهم مرقوا من الإسلام ، ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا ، ولا نحكم عليهم بخلود النار ، بل نقف

  -   وأما طلحة رضي الله عنه، فقد أصيب بسهم في ركبته فمات منه، وقد وقف عليه علي رضي الله عنه، فجعل يمسح عن وجهه التراب، وقال: (رحمة الله عليك أبا محمد، يعز علي أن أراك مجدولاً تحت نجوم السماء، ثم قال: إلى الله أشكو عجري وبجري، والله لوددت أني كنت مت قبل لهذا اليوم بعشرين سنة).

 - وقيل لعلي: إن على الباب رجلين ينالان من عائشة، فأمر القعقاع بن عمرو أن يجلد كل واحد منهما مائة، وأن يخرجهما من ثيابهما.

 - وقد سألت عائشة رضي الله عنه عمن قتل معها من المسلمين، ومن قتل من عسكر علي، فجعلت كلما ذكر لها واحداً منهم ترحمت عليه ودعت له.

 - ولما أرادت الخروج من البصرة، بعث إليها علي بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسيرَّ معها أخاها محمد بن أبي بكر - وكان في جيش علي - وسار علي معها مودعاً ومشيعاً أميالاً، وسرَّح بنيه معها بقية ذلك اليوم.

 - وودعت عائشة الناس وقالت: يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على معتبتي لمن الأخيار، فقال علي: صدقت، والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.

  - ونادى مناد لعلي: (لا يقتل مدبر، ولا يدفف على جريح، ومن أغلق باب داره فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن). وأمر علي بجمع ما وجد لأصحاب عائشة رضي الله عنها في العسكر، وأن يحمل إلى مسجد البصرة، فمن عرف شيئاً هو لأهلهم فليأخذه.

فهذا - وغيره - يدل على فضل هؤلاء الصحابة الأخيار ونبلهم واجتهادهم في طلب الحق، وسلامة صدورهم من الغل والحقد والهوى، فرضي الله عنهم أجمعين.
شهادة السلف في جميعهم :

 - عن منصور بن عبد الرحمن ، سمعت الشعبي يقول : أدركت خمس مائة أو أكثر من الصحابة يقولون  علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير في الجنة .

قلت :[7] لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ، ومن البدريين ، ومن أهل بيعة الرضوان ، ومن السابقين الأولين الذين أخبر - تعالى - أنه رضي عنهم ورضوا عنه ؛ ولأن الأربعة قتلوا ، ورزقوا الشهادة ، فنحن محبون لهم ، باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة

·        عمره حينما استشهد :

قال الواقدي وابن نمير : قتل وله أربع وستون سنة . وقال غيرهما : قيل وله بضع وخمسون سنة ، وهو أشبه

العفو عن قاتل الزبير :

 -   سمعت سفيان يقول: جاء ابن جرموز إلى مصعب بن الزبير - يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير - فقال: أقدني بالزبير ، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير ، فجاءه الخبر: أنا أقتل ابن جرموز بالزبير ؟ ولا بشسع نعله
   - ...عن مسالم بن عبد الله بن عروة ، عن أبيه أن عمير بن جرموز أتى ، حتى وضع يده في يد مصعب ، فسجنه ، وكتب إلى أخيه في أمره ، فكتب إليه أن بئس ما صنعت ، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير ؟ خل سبيله ، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه [ ص: 65 ] أزج ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه ، فطرحه عليه ، فقتله ، وكان قد كره الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه
تركه لوصيته بقضاء ديونه عندما احس بقتله :

- عن ابن الزبير قال : لما وقف الزبير يوم الجمل ، دعاني ، فقمت إلى جنبه ، فقال : يا بني ، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما ، وإن من أكبر همي لديني ، أفترى ديننا يبقي من مالنا شيئا ؟ يا بني ، بع ما لنا ، فاقض ديني ، فأوصي بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله ، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء ، فثلث لولدك .

قال هشام : وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد ، وله يومئذ تسع بنات ، قال عبد الله : فجعل يوصيني بدينه ، ويقول : يا بني ، إن عجزت عن شيء منه ، فاستعن بمولاي ، قال : فوالله ما دريت ما عنى [ ص: 66 ] حتى قلت : يا أبة ، من مولاك ؟ قال : الله عز وجل . قال : فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير ، اقض عنه ; فيقضيه .

  - قال : وقتل الزبير ، ولم يدع دينارا ولا درهما ، إلا أرضين بالغابة ، ودارا بالمدينة ، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر . قال : وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال ، فيستودعه ، فيقول الزبير : لا ولكن هو سلف ، إني أخشى عليه الضيعة .

وما ولي إمارة قط ، ولا جباية ، ولا خراجا ، ولا شيئا ، إلا أن يكون في غزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو مع أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فحسبت دينه ، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف ، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله ، فقال : يا ابن أخي ، كم على أخي من الدين ؟ فكتمه ، وقال : مائة ألف ، فقال حكيم : ما أرى أموالكم تتسع لهذه ؟ فقال عبد الله : أفرأيت إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف ؟ قال : ما أراكم تطيقون هذا ، فإن عجزتم عن شيء ، فاستعينوا بي .

 وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف ، فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف ، وقال : من كان له على الزبير دين ، فليأتنا بالغابة . فأتاه عبد الله بن جعفر ، وكان له على الزبير أربع مائة ألف ، فقال لابن الزبير : إن شئت ، تركتها لكم ، قال : لا ، قال : فاقطعوا لي قطعة ، قال : لك من هاهنا إلى هاهنا ، قال : فباعه بقضاء دينه ، قال : وبقي منها أربعة أسهم ونصف ، فقال المنذر بن الزبير : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال عمرو بن عثمان : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال ابن ربيعة : قد أخذت سهما بمائة ألف ، فقال معاوية : كم بقي ؟ قال سهم ونصف ، قال : قد أخذته بمائة وخمسين ألفا ، قال : وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف ..

 فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دينه ، قال بنو الزبير : اقسم بيننا ميراثنا ، قال : لا والله ، [ ص:67 ] حتى أنادي بالموسم أربع سنين : ألا من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه ، فجعل كل سنة ينادي بالموسم ، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم . فكان للزبير أربع نسوة . قال : فرفع الثلث ، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف ، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف

أي : تسعة وخمسون مليون وثمانمائة ألف دينار .

 -  قال ابن كثير رحمه الله : وهذا كله من وجوه حلٍ نالها في حياته ، مما كان يصيبه من الفيء والمغانم ، ووجوه متاجر الحلال ، وذلك كله بعد إخراج الزكاة في أوقاتها ، والصِّلات البارعة الكثيرة لأربابها ، في أوقات حاجاتها .




[1]  - إذ سمع صوتاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل ، فما كان من الزبير إلا أن استل سيفه
[2]  غريب ، تفرد به البخاري 
[3]  الحَوَاريُّ : صاحب وناصر ومؤيّد الذي أخلص واختير ونُقِّيَ من كلِّ عيب والحواريون هم أنصار سيدنا عيسى عليه السلام
[4]  الذهبي في سير الاعلام
[5]   رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
[6]  قال الألباني: إسناده صحيح جداً، صححه خمسة من كبار أئمة الحديث هم: ابن حبان، والحاكم، والذهبي، وابن كثير، وابن حجر (سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم 474).
 [7]الذهبي في سير الاعلام 

0 comentarios:

Publicar un comentario