viernes, 10 de abril de 2015

عبد الله بن رواحة

0 comentarios
نسب عبد الله بن رواحة ( شاعر الرسول ) وكنيته :

    هو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن الحارث بن الخزرج الأنصاري الخزرجي، ويكنى أبا محمد. وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة من بني الحارث بن الخزرج أيضًا.

حال عبد الله بن رواحة في الجاهلية :

كان ابن رواحة  كاتبًا في بيئة لا عهد لها بالكتابة إلا يسيرًا، وكان شاعرًا، ينطلق الشعر من بين ثناياه عذبًا قويًّا. ومنذ أسلم وضع مقدرته الشعرية في خدمة الإسلام.

قصة إسلام عبد الله بن رواحة :

·       أسلم عبد الله بن رواحة على يد الداعية العظيم مصعب بن عُمير .

·       صار سيدنا عبد الله بن رواحة  شاعر الرسول، يلازمه، ويمدحه، ويشيد بالإسلام ومبادئه السامية، ويردُّ على شعراء المشركين، وكان يدعو إلى الله تعالى بكل ما أوتي من قوة.

·       وبايع الرسول في بيعة العقبة الأولى والثانية، وكان واحدًا من النقباء الذين اختارهم الرسول الكريم .

   - وفي ليلة العقبة قال عبد الله بن رواحة  لرسول الله: اشترط لربك ولنفسك ما شئت. فقال: "أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم". قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟ قال: "الجنة".

      قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل. فنزلت: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ} [التوبة: 111] الآية.

أثر الرسول في تربية عبد الله بن رواحة :

لقد كان لتربية الرسول أثرٌ واضح وملموس في حيات في حياة شاعر الرسول، فإذا أمره سارع ونفذ، وإذا نهاه عن أمر اجتنبه وتركه؛


وكان النبي لا يترك موقفًا أو حدثًا يمر على أصحابه دون أن يربِّيهم أو يعلّمهم؛

-  فيقول ابن عباس : بعث النبي عبد الله بن رواحة  في سرية، فوافق ذلك يوم الجمعة، فغدا أصحابه وقال: أتخلف فأصلي مع رسول الله ثم ألحقهم. فلما صلى مع النبي رآه، فقال: "ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟" قال: أردتُ أن أصلي معك ثم ألحقهم. فقال: "لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما أدركت فضل غدوتهم".

  - فروي أن عبد الله بن رواحة  أتى النبي وهو يخطب فسمعه يقول: "اجلسوا". فجلس مكانه خارجًا من المسجد حتى فرغ النبي من خطبته، فبلغ ذلك النبي فقال له: "زادك الله حرصًا على طواعية الله وطواعية رسوله".

مؤاخاته لأبي الدرداء وكان سببا في اسلامه:

·       قال قتيبة : ابن رواحة وأبو الدرداء أخوان لأم

- وكان أبو الدرداء متعلقًا بصنم له، وكان عبد الله بن رواحة  يدعوه إلى الإسلام، فيأبى، فجاءه عبد الله بن رواحة  ذات يوم، ولم يكن أبو الدرداء بالبيت، فأخذ قَدُومًا فجعل يضرب صنم أبي الدرداء وهو يرتجز:

ألا كل ما يُدعى مع الله باطل

وجاء أبو الدرداء  فأخبرته امرأته بما صنع عبد الله بن رواحة ، ففكَّر في نفسه، فقال: لو كان عند هذا خير لدفع عن نفسه. فانطلق حتى أتى رسول الله صومعة عبد الله بن رواحة ، فأسلم.

-  وَأخرج إِبْنِ الْمُبَارك والأصبهاني عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ إِن أَعمالكُم تعرض على مَوْتَاكُم فيسرون ويساؤون وَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أعمل عملا يخزى بِهِ عبد الله بن رَوَاحَة

كان عبد الله بن رواحة  ممن أنعم الله عليهم بالجهاد بالسيف واللسان

جاهد مع النبي في بدر وأُحد، وحفر الخندق مع الصحابة، وبايع بيعة الرضوان، وكان أحد القُوَّاد الثلاثة في غزوة مؤتة التي استشهد فيها.



     - ففي غزوة بدر كان أول من خرج للمبارزه مع اثنين من الأنصار لكن عتبة بن ربيعة ابى إلا أن يكون النزال مع قريش فخرج حمزه ورفاقه علي وعبيده بن الحارث، وأرسله رسول الله بعد انتهائها إلىالمدينة ليبشر المسلمين بالنصر.

·        وكما جاهد بسيفه جاهد بلسانه، فكان شِعْرُهُ سيفًا مصلتًا على رقاب المشركين، ولا يقل أهمية عن السيف في  المعركة. وكان يحمل سيفه وشعره في كل الغزوات.

-  وفي عمرة القضاء قال بين يدي النبي :
    خلو بني الكفار عن سبيله     اليوم نضربكم على تأويله
  ضرباً يزيل الهام عن مقيله    ويذهل الخليل عن خليله

فقال له عمر بن الخطاب: «يا بن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله؟». فقال النبي : «خل عنه ياعمر، فوالذي نفسي بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبال».

- ومن شعره في النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
 أنت النبي ومن يحرم شفاعته     يوم الحساب فقد أزرى به القدر
        فثبت الله ما آتاك من حسـن        تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
فقال له النبي : «وأنت فثبتك الله يا بن رواحة»..

- ومن أحسن ما مدح به النبي قول عبد الله بن رواحة:
لو لم تكن فيه آيات مبينة      كانت بديهته تنبيك بالخبر

-  وكان النبي يرتجز بكلمة عبد الله بن رواحة :[1]

والله لولا الله مـا اهتدينا *** ولا تصدقنـا ولا صلينـا
فأنزلن سكينـة علينـا *** وثبت الأقـدام إن لاقينـا
إن الأُلَى قد بغـوا علينـا *** وإن أرادوا فتنـة أبينـا


·         وقال ابن سيرين : كان حسان وكعب يعارضان المشركين بمثل قولهم بالوقائع والأيام والمآثر ، وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر ، وينسبهم إليه ، فلما أسلموا وفقهوا ، كان أشد عليهم . 

خوفهم من آية الشعراء :

 - وَذَلِكَ أَنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ، وَكَعْبًا لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224] ؛ بَكَوْا عِنْدَ سَمَاعِهَا، فَنَزَلَ الِاسْتِثْنَاءُ، وَقَدْ أُنْشِدَ الشِّعْرُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَقَّتْ نَفْسُهُ الْكَرِيمَةُ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ لِأَبْيَاتِ أُخْتِ النَّضْرِ؛ لِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ.[2]

   - قَالَ أَبُو عمر ابْن عبد الْبر فِي كتاب الِاسْتِيعَاب روينَا من وُجُوه صِحَاح أَن عبد الله بن رَوَاحَة مَشى لَيْلَة إِلَى أمة لَهُ فنالها فرأته امْرَأَته فَلَامَتْهُ فجحدها فَقَالَت لَهُ إِن كنت صَادِقا فاقرأ الْقُرْآن فَإِن الْجنب لَا يقْرَأ الْقُرْآن
فَقَالَ
   (شهِدت بِأَن وعد الله حق ... وَأَن النَّار مثوى الكافرينا)
 (وَأَن الْعَرْش فَوق المَاء طَاف ... وَفَوق الْعَرْش رب العالمينا)

فَقَالَت امْرَأَته صدق الله وكذبت عَيْني وَكَانَت لَا تحفظ الْقُرْآن[3]


يخلط بين الشعر والقرآن الكريم[4]

    -  وعن أبي عبيدة قال: كنا نجلس إلى أبي عمرو بن العلاء فنخوض في فنون من العلم ورجل يجلس إلينا لا يتكلم حتى نقوم، فقلنا: إما أن يكون مجنوناً أو أعلم الناس! فقال يونس: أو خائف، سأظهر لكم أمره. فقال له: كيف علمك بكتاب الله تعالى؟ قال: عالم به، قال: ففي أي سورة هذه الآية: مجزوء البسيط:

   الحمد الله لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
فأطرق ساعة ثم قال: في حم الدخان.

     - وعن أبي عبد الله بن عرفة، أنه قال: اصطحب ناس فكانوا يتذاكرون الآداب والأخبار وسائر العلوم، وكان معهم شاب لا يخوض فيما يخوضون فيه سوى أنه كان يقول: رحم الله أبي ما كان يعدل بالقرآن وعلمه شيئاً، فكانوا يرون أنه أعلم الناس بالقرآن، فسأله بعضهم في أي سورة: الطويل:

    
             وفينا رسول الله يتلو كتابه      إذا انشق معروف من الصبح ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا       به موقنات أن ما قال واقع
        يبيت يجافي جنبه عن فراشه      إذا استثقلت بالكافرين المضاجع

فقال: سبحان الله من لم يعرف هذا؟ هذا في " حم عسق "، فقالوا: ما قصر أبوك في أدبك، فقال لهم: أفكان يتغافل عني كتغافل آبائكم عنكم؟.



عبادته وصلاحه وجهاده  رضي الله  عنه :

حبه لمجالس الذكر والايمان

  - يقول أبو الدرداء : أعوذ بالله أن يأتي عليَّ يومٌ لا أذكر فيه عبد الله بن رواحة ، كان إذا لقيني مقبلاً ضربَ بين ثدييّ، وإذا لقيني مدبرًا ضربَ بين كتفيّ، ثم يقول: "يا عُويمر، اجلس فلنؤمن ساعة". فنجلس فنذكر الله ما شاء، ثم يقول: "يا عويمر، هذه مجالس الإيمان".


-  فعن أنس  قال: كان عبد الله بن رواحة  إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله قال: "تعالَ نؤمن بربنا ساعة". فقال ذات يوم لرجل، فغضب الرجل فجاء إلى النبي فقال: يا رسول الله، ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة؟ فقال النبي: "يرحم الله ابن رواحة، إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة".

  - قد كان عبد الله بن رواحة يقول لأصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تعالوا حتى نؤمن ساعة فيجلسون إليه فيذكرهم العلم بالله تعالى والتوحيد والآخرة وكان يخلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قيامه فيجتمع إليه الناس يذكرهم الله تعالى وأيامه ويفقههم فيما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فربما خرج عليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم مجتمعون عنده فيسكتون فيجلس إليهم ويأمرهم أن يأخذوا فيما كانوا فيه ..
 ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذا أمرت وإلى هذا دعوت [5]

 -  عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ عِمَارَةَ , أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ نَحْوَ قَرْيَةِ مُؤْتَةَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِنِي.
قَالَ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ أَرْضًا السُّجُودُ بِهَا قَلِيلٌ، فَاسْتَكْثِرْ مِنَ السُّجُودِ بِهَا» .
قَالَ: زِدْنِي.
قَالَ: «اذْكُرِ اللَّهَ فَإِنَّهُ عَوْنٌ لَكَ عَلَى مَا تَطْلُبُ» ، فَوَلَّى ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي.
قَالَ: «اذْكُرِ اللَّهَ تَعَالَى فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» .
قَالَ: زِدْنِي «نَعَمْ لَا تَعْجَزَنَّ لَا تَعْجَزَنَّ لَا تَعْجَزَنَّ، إِنْ أَسَأْتَ عَشْرًا أَنْ تُحْسِنَ وَاحِدَةً»[6]

                                          اشارة الى مجالس الذكر وفضلها :

  - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ يَحْيَى الْمَعَافِرِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِي يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ؟ قَالَ: غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ، الْجَنَّةُ الْجَنَّةُ.
  - حَدَّثَنَا سُرَيْجُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَن عَمْرِو بْنِ الْحَارث، أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السمح حدَّثه عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَقُولُ اللَّه، عَزَّ وَجَلَّ: سَيُعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مِنْ أَهْلِ الْكَرَمِ، فَقِيلَ: وَمَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَهْلُ الذِّكْرِ في الْمَسَاجِدِ».

  - حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا رَاشِدُ بْنُ يَحْيَى الْمَعَافِرِي، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِي يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ؟ قَالَ: غَنِيمَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ، الْجَنَّةُ الْجَنَّةُ. 
وكان عبد الله بن رواحة  صوّامًا قوامًا؛

  - يقول أبو الدرداء : "خرجنا مع رسول الله في بعض غزواته في حر شديد، حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه أو كفه على رأسه من شدة الحر، ما فينا صائم إلا رسول الله وعبد الله بن رواحة ".

-  وتزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة  فسألها عن صنيعه، فقالت: كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين، وإذا دخل بيته صلى ركعتين، لا يدع ذلك.

 -  وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ قَيْسِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَاضِعًا رَأْسَهُ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ فَبَكَى فَبَكَتِ امْرَأَتُهُ, فَقَالَ مَا يُبْكِيكِ قَالَتْ رَأَيْتُكَ تَبْكِي فَبَكَيْتُ, قَالَ إِنِّي ذَكَرْتُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فَلَا أَدْرِي أَأَنْجُو مِنْهَا أَمْ لَا3.


وكان عادلاً ورعًا ذا أمانة يخاف الله ويتقه؛

  - فعن سليمان بن يسار أن رسول الله كان يبعث عبد الله بن رواحة  إلى خيبر، فيخرص[7] بينه وبين يهود خيبر. قال: فجمعوا له حليًّا من حلي نسائهم، فقالوا له: هذا لك، وخفِّف عنا وتجاوز في القسم. فقال عبد الله بن رواحة : "يا معشر اليهود، والله إنكم لمن أبغض خلق الله إليَّ، وما ذاك بحاملي على أن أحيف عليكم، فأَمَّا ما عرضتم من الرشوة فإنها سحت، وإنَّا لا نأكلها". فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.


   وأخبر عبادة بن الصامت ، أن رسول الله عاد عبد الله بن رواحة  قال: فما تَحَوَّزَ (تنحَّى) له عن فراشه، فقال: "أتدرون مَنْ شُهداء أمتي؟" قالوا: قتْل المسلم شهادةٌ. قال: "إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذاً لَقَلِيلٌ؛ قَتْلُ الْمُسْلِمِ شَهَادَةٌ، وَالطَّاعُونُ شَهَادَةٌ، وَالْبَطْنُ وَالْغَرَقُ، وَالْمَرْأَةُ يَقْتُلُهَا وَلَدُهَا جَمْعَاءَ".


استشهاد عبد الله بن رواحة في مؤتة :

   وفي سنة ثمان للهجرة أرسل رسول الله جيشاً لمواجهة الروم وأمّـر عليه زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبدالله بن رواحة، فإن استشهدوا فليرتض المسلمون رجلاً فليجعلوه عليهم.

ولما أرادوا الخروج بكى عبد الله، فقالوا: «ما يبكيك يا بن رواحة؟» فقال: «أما والله مابي حب الدنيا ولا صبابة إليها، ولكني سمعت رسول الله يقرأ (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتماً مقضياً) فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟» فقال المسلمون: «صحبكم الله وردكم إلينا صالحين ودفع عنكم»، فأجابهم عبد الله مبيناً تطلعه إلى الشهادة:
        لكنني أسأل الرحمـن مغفرة       وضربة ذات فرع يقذف الزبدا
   أو طعنة بيدي حـران مجهزة       بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
 حتى يقولوا إذا مروا على جدثي      أرشده الله من غاز وقد رشدا

ثم ساروا حتى بلغوا بادية الشام فعلموا بأن الروم مئتا ألف بينما جيش المسلمين ثلاثة آلاف. فأرادوا أن يتوقفوا ويرسلوا إلى رسول الله ليعلموه فشجعهم عبد الله بن رواحة على المضي إلى الجهاد. وسمعه زيد بن أرقم ذات ليلة يقول:
إذا أدنيتني وحملت رحلي     مسيرة أربع بعد الحســاء
  فشأنك فانعمي وخلاك ذم     ولا أرجع إلى أهلي ورائـي
وجاء المؤمنون وغادروني   بأرض الشام مشهور الثّواء

فبكى زيد، فضربه عبد الله بالدرة وقال: «ماعليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع أنت».

   - حِينَ قُتِلَ جعفر ابن أَبِي طَالِبٍ دَعَا النَّاسَ: يَا عبد اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ. وَهُوَ فِي جَانِبِ الْعَسْكَرِ ومعه ضلع جمل ينهشه، وَلَمْ يَكُنْ ذَاقَ طَعَامًا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثٍ. فَرَمَى بِالضِّلْعِ ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ مَعَ الدُّنْيَا! ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقَاتَلَ فَأُصِيبَ أُصْبُعُهُ فَارْتَجَزَ:
  (هَلْ أَنْتَ إِلا إِصْبَعٌ دُمِيتِ     وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ)
         (يَا نَفْسُ إِلا تَقْتُلِي تَمُوتِي     هَذَا حِيَاضُ الْمَوْتِ قَدْ صَلِيتِ)
      (وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ لَقِيتِ     إِنْ تَفْعِلي فِعْلَهُمَا هُدِيتِ)
   (وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيتِ)

ثُمَّ قَالَ يَا نَفْسُ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ تَتُوقِينَ؟ إِلَى فُلانَةَ؟ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلاثًا. وَإِلَى فُلانٍ وَفُلانٍ، غِلْمَانٍ لَهُ، [فَهُمْ أَحْرَارٌ] وَإِلَى مِعْجَفٍ حَائِطٍ لَهُ، فَهُوَ لله ولرسوله:
(يا نفس مالك تَكْرِهَينَ الْجَنَّةْ     طَائِعَةً أَوْ لَتُكْرَهَنَّهْ)
      (قَدْ طَالَ مَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّةْ     هَلْ أَنْتِ إِلا نُطْفَةٌ فِي شَنَّةْ)
(قَدْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرنة   ) [8] 

فاندفع يقاتل ببسالة لا مثيل لها، فطعن فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه وقال: «يا معشر المسلمين ذبوا عن لحم أخيكم»، وظل يقاتل حتى لقي ربه. وأخبر الوحي رسول الله بما حصل في الغزوة فحدث رسول الله الصحابة بذلك والمعركة ما زالت تدور. ولعبدالله بن رواحة ديوان شعر معظمه في الدفاع عن الإسلام وهجاء المشركين وحض النفس على التقوى والجهاد وطلب الشهادة
  
النقل المباشر للأحداث :

وبينما كان القتال يدور فوق أرض البلقاء بالشام، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مع أصحابه في المدينة، يحادثهم ويحادثونه..
وفجأة والحديث ماض في تهلل وطمأنينة، صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسدل جفنيه قليلا.. ثم رفعهما لينطلق من عينيه بريق ساطع يبلله أسى وحنان..!!  وطوفّت نظراته الآسية وجوه أصحابه وقال: "أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا.
ثم أخذها جعفر فقاتل بها، حتى قتل شهيدا".. وصمت قليلا ثم استأنف كلماته قائلا: " ثم أخذها عبدالله بن رواحة فقاتل بها، حتى قتل شهيدا".. ثم صمت قليلا وتألقت عيناه بومض متهلل، مطمئن، مشتاق. ثم قال: " لقد رفعوا الى الجنة"..!!

 - قَالَ أنس فنعاهم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل أَن يَجِيء الْخَبَر فَقَالَ أَخذ الرَّايَة زيد فأصيب ثمَّ أَخذهَا جَعْفَر فأصيب ثمَّ أَخذهَا عبد الله بن رَوَاحَة فأصيب ثمَّ أَخذ الرَّايَة سيف من سيوف الله خَالِد بن الْوَلِيد
قَالَ فَجعل يحدث النَّاس وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ
·    وَفِي رِوَايَة قَالَ وَمَا يسرهم أَنهم عندنَا رَوَاهُ البُخَارِيّ وَغَيره

وفاته رضي الله عنه :

استشهد  في غزوة مُؤْتة، وكان أحد قُوَّادها، ودُفن في بلدة مؤتة إلى الجنوب من مدينة الكرك، وذلك في العام الثامن للهجرة.

ر ؤيا بعد وفاته

    -  ويروى عَن عبد الرَّحْمَن بن غنم أَنه قَالَ رَأَيْت معَاذ بن جبل بعد وَفَاته بِثَلَاث على فرس أبلق وَخَلفه كرجال أهل منى رجال بيض وَعَلَيْهِم ثِيَاب خضر على خيل بلق وَهُوَ قدامهم وَهُوَ يَقُول يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ بِمَا غفر لي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكرمين ثمَّ الْتفت يَمِينه وشماله يَقُول يَا ابْن رَوَاحَة يَا ابْن مَظْعُون الْحَمد لله الَّذِي صدقنا وعده وأورثنا الأَرْض نتبوأ من الْجنَّة حَيْثُ نشَاء فَنعم أجر العاملين قَالَ ثمَّ صَافَحَنِي وَسلم عَليّ.[9]


[1]  وقع هناك اختلاف في تمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشي من الشعر وإنشاده حاكياً عن غيره و قيل الصحيح جوازه حكاه ابن حجر و العيني و غيرهم / و عن أنس قال : جعل المهاجرون و الأنصار يحفرون الخندق ، و ينقلون التراب و هم يقولون : نحن الذين بايعوا محمدا    على الجهاد ما بقينا أبدا      يقول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو يجيبهم : اللهم لا عيش إلا عيشُ الآخرةه    فاغفر للأنصار و المهاجره ( متفق عليه ) 
[2]  ما ذكره الشاطبي في الاعتصام على لسان بعضهم  جوابا على سؤال حول مجالس الذكر والسماع
[3]  رُوِيَ من وُجُوه مُرْسلَة مِنْهَا يحيى بن أَيُّوب الْمصْرِيّ حَدثنَا عمَارَة بن غزيَّة عَن قدامَة بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْحَاطِبِيُّ فَذكره فَهُوَ مُنْقَطع
[4]  من أخبر الحمقى والمغفلين لابن الجوزي رحمه الله
[5]  قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد / الحارث المحاسبي
[6]  تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي م 373ه
[7]  الخَرْصُ: حرز ما على النخل من الرطب تمرًا.
[8]  التبصرة لابن الجوزي
[9]   ابن الخراط الاشبيلي الاندلسي في (العاقبة في ذكر الموت) وقال :
معَاذ بن جبل وَعُثْمَان بن مَظْعُون وَعبد الله بن رَوَاحَة رَضِي الله عَنْهُم تشهد لَهُم صُحْبَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا هم فِيهِ من الْخَيْر وَبِمَا صَارُوا إِلَيْهِ من الْكَرَامَة وَلَا يحْتَاج لَهُم إِلَى رُؤْيا وَلَكِن أردْت أَلا أخلي هَذَا الْبَاب من ذكر بعض الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم

0 comentarios:

Publicar un comentario