·
يكنى أبا علي ولد بخراسان بكورة أبيورد وقدم الكوفة
وهو كبير فسمع بها الحديث ثم تعبد وانتقل إلى مكة فمات بها
الخشية من الله والبكاء
يلازمانه، لا يُرى إلا وعيناهٍ تفيض من الدمع، كلما ذكر اسم
الله تعالى عنده ظهر عليه الخوف والوجل، وارتعشت كل أعضاء
جسده، ترى من يكون هذا الرجل الذي غمر الإيمان قلبه ؟!
كان عاصيًا فتاب الله عليه، وجعله من عباده المؤمنين، تحول من قاطع طريق يروع الآمنين إلى عابد زاهد، وكان سبب توبته؛ أنه كان يتسلق جدران أحد المنازل بالليل؛ فسمع صوتًا يتلو قوله تعالي: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} [الحديد: 16] فلما سمعها قال: بلي يا رب، قد آن.
فرجع فمرَّ على أرض خربة، فوجد بها قومًا، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: ننتظر حتى نصبح، فإن الفضيل يقطع علينا الطريق،
كان عاصيًا فتاب الله عليه، وجعله من عباده المؤمنين، تحول من قاطع طريق يروع الآمنين إلى عابد زاهد، وكان سبب توبته؛ أنه كان يتسلق جدران أحد المنازل بالليل؛ فسمع صوتًا يتلو قوله تعالي: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق} [الحديد: 16] فلما سمعها قال: بلي يا رب، قد آن.
فرجع فمرَّ على أرض خربة، فوجد بها قومًا، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: ننتظر حتى نصبح، فإن الفضيل يقطع علينا الطريق،
قال (أي: الفضيل): ففكرت
وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي وقوم من المسلمين هاهنا يخافونني !! وما أرى الله ساقني
إليهم إلا لأرتدع اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة
البيت الحرام.. لقد جعل مظاهر توبته مجاورته لبيت الله حيث الرحمة والبركة، يدعو
الله ويستغفره، ويندم على ما فرط في حقه.
حله مع الله
إبراهيم بن الأشعث قال ما رأيت أحدا كان الله في صدره
أعظم من الفضيل كان إذا ذكر الله أو ذكر عنده أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن
وفاضت عيناه وبكى حتى يرحمه من بحضرته وكان دائم الحزن شديد الفكرة ما رأيت رجلا يريد
الله بعلمه وأخذه وإعطائه ومنعه وبذله وبغضه وحبه وخصاله كلها غيره يعني الفضيل.
وعن منصور بن عمار قال تكلمت يوما في المسجد الحرام
فذكرت شيئا من صفة النار فرأيت الفضيل بن عياض صاح حتى غشي عليه فطرح نفسه
إبراهيم بن الأشعث قال كنا إذا خرجنا مع الفضيل في جنازة
لا يزال يعظ ويذكر ويبكي حتى لكأنه يودع أصحابه ذاهب إلى الآخرة حتى يبلغ المقابر فيجلس
فكأنه بين الموتى جلس من الحزن والبكاء حتى يقوم ولكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها
إسحاق يقول قال الفضيل بن عياض لو خيرت بين أن أعيش كلبا وأموت
كلبا ولا أرى يوم القيامة لاخترت أن أعيش كلبا وأموت كلبا ولا أرى يوم القيامة
عن أبي جعفر الحذاء قال سمعت فضيل بن عياض يقول أخذت بيد سفيان بن عيينة في هذا الوادي فقلت له إن كنت
تظن أنه بقي على وجه الأرض شر مني ومنك فبئس ما تظن.
إسحاق بن إبراهيم قال وقفت مع الفضيل بعرفات فلم أسمع من دعائه شيئا إلا
أنه واضعا يده اليمنى على خده وواضعا رأسه يبكي بكاء خفيا فلم يزل كذلك حتى أفاض الإمام
فرفع رأسه الى ا لسماء فقال واسوأتاه والله منك أن عفوت ثلاث مرات
إبراهيم بن الأشعث قال سمعت الفضيل بن عياض يقول لو
أن الدنيا بحذافيرها عرضت علي حلالا لا أحاسب بها في الآخرة لكنت أتقذرها كما يتقذر
أحدكم الجيفة إذا مر بها أن تصيب ثوبه
وعن بشر بن الحارث قال قال الفضيل بن عياض لأن أطلب
الدنيا بطبل ومزمار أحب إلي من أن أطلبها بالعبادة
·
وكان صحيح الحديث صدوق اللسان شديد الهيبة للحديث إذا حدث
وكان يثقل عليه الحديث جدا ربما قال لي لو أنك تطلب مني الدراهم كان أحب الي
من أن تطلب مني الأحاديث وسمعته يقول لو طلبت
مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث فقلت له لو حدثتني بأحاديث فوائد
ليست عندي كان أحب إلي من أن تهب لي عدها دنانير قال إنك مفتون أما والله لو عملت بما
سمعت سليمان بن مهران يقول إذا كان بين يديك طعام تأكله فتأخذ اللقمة فترمي بها خلف
ظهرك كلما أخذت لقمة رميت بها خلف ظهرك متى تشبع
قال شكا رجل الى فضيل فقال له
فضيل أمدبرا غير الله تريد قال فكان
ربما نظر الفضيل في وجوههم وهم قعود يعني اهله وعياله فيقول أنظروا الى وجوه موتى وقال
لهم الذي تريدون أن تصنعوه إذا مت فاصنعوه الآن
من كلامه
عبدالصمد
بن يزيد قال سمعت الفضيل بن عياض يقول لا تجعل الرجال أو صياءك كيف تلومهم أن يضيعوا
وصيتك وأنت قد ضيعتها في حياتك وأنت بعد هذا تصير الى بيت الوحشة وبيت الظلمة وبيت
الدود ويكون زائرك فيها منكرا ونكيرا وقبرك روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار
ثم بكى الفضيل وقال أعاذنا الله وإياكم من النار
وكان يقول إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك أن لم يثن عليك
وما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند الله محمودا وسمعته يقول من أحب أن
يذكر لم يذكر ومن كره أن يذكر ذكر
الفضيل بن عياض يقول من خاف الله تعالى لم يغره
شيء ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد
وسأله
عبدالله بن مالك فقال يا أبا علي ما الخلاص مما نحن فيه فقال له أخبرني من أطاع الله
عز و جل هل تضره معصية أحد قال لا قال فمن عصى الله سبحانه وتعالى هل تنفعه طاعة أحد
قال لا قال فهو الخلاص إن أردت الخلاص
هناد بن
السرى قال سمعت الفضيل بن عياض يقول ما من ليلة اختلط ظلامها وأرخى الليل سربال سترها إلا نادى الجليل جل
جلاله
من
أعظم مني جودا والخلائق لي عاصون وأنا لهم مراقب أكلؤهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني
وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا من بيني وبينهم أجود بالفضل على العاصي وأتفضل على المسيء
من ذا الذي دعاني فلم أسمع إليه أو من ذا الذي سألني فلم أعطه أم من ذا الذي أناخ ببابي
ونحيته أنا الفضل ومني الفضل أنا الجود ومني الجود أنا الكريم ومني الكرم ومن كرمي
أن أغفر للعاصي بعد المعاصي ومن كرمي أن أعطي التائب كأنه لم يعصني فأين عني تهرب الخلائق
وأين عن بابي يتنحى العاصون
وعن أبي الفضل الخزاز قال سمعت
الفضيل بن عياض يقول أصلح ما أكون أفقر ما أكون وإني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي
قال وسمعت الفضيل يقول إذا لم تقدر على قيام الليل
وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك
قوله للحق :
وعن الفضل
بن الربيع قال حج أمير المؤمنين الرشيد فأتاني فخرجت مسرعا فقلت يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك
فقال ويحك قد حك في نفسي شيء فانظر لي رجلا أسأله فقلت هاهنا سفيان بن عيينة
فقال إمض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب فقال من ذا فقلت أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعا
فقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك فقال له خذ لما جئناك له رحمك الله ...فحدثه
ساعة ثم قال له عليك دين قال نعم فقال أبا عباس إقض دينه فلما خرجنا قال ما أغنى عني
صاحبك شيئا أنظر لي رجلا أسأله.
فقلت له هاهنا
عبد الرزاق بن همام قال امض بنا إليه فأتيناه فقرعت الباب فقال من هذا
قلت أجب أمير المؤمنين فخرج مسرعا فقال يا أمير المؤمنين لو أرسلت إلي أتيتك قال خذ
لما جئناك له ، فحادثة ساعة ثم قال له عليك دين قال نعم قال أبا عباس اقض دينه فلما
خرجنا قال ما أغنى صاحبك شيئا أنظر لي رجلا أسأله قلت هاهنا: الفضيل بن عياض قال امض بنا إليه فأتيناه
فإذا هو قائم يصلي يتلو آية من القرآن يرددها فقال اقرع الباب فقرعت الباب فقال من
هذا فقلت أجب أمير المؤمنين فقال مالي ولأمير المؤمنين فقلت سبحان الله أما عليك طاعة
..فنزل ففتح الباب ثم إرتقى إلى الغرفة فأطفأ المصباح ثم التجأ إلى زاوية من زوايا
البيت فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه فقال يا لها من كف
ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله عز و جل فقلت في نفسي ليكلمنه الليلة بكلام
نقي من قلب تقي فقال له خذ لما جئناك له رحمك الله فقال: إن عمر بن عبد العزيز
لما ولي الخلافة دعا سالم بن عبد الله ومحمد بن كعب القرظي ورجاء بن حيوة فقال
لهم إني قد ابتليت بهذا البلاء فأشيروا علي فعد الخلافة بلاء وعددتها أنت وأصحابك نعمة
فقال له سالم بن عبد الله إن أردت النجاة غدا من عذاب الله فصم عن الدنيا وليكن
إفطارك من الموت وقال له محمد بن كعب القرظي إن أردت النجاة من عذاب الله فليكن
كبير المسلمين عندك أبا وأوسطهم عندك أخا وأصغرهم عندك ولدا فوقر أباك وأكرم أخاك وتحنن
على ولدك وقال له رجاء بن حيوة إن أردت النجاة غدا من عذاب الله عز و جل فأحب
للمسلمين ما تحب لنفسك وأكره لهم ما تكره لنفسك ثم مت إذا شئت وإني أقول لك إني أخاف
عليك أشد الخوف يوم تزل فيه الأقدام فهل معك رحمك الله من يشير عليك بمثل هذا .
فبكى هارون بكاء شديدا حتى غشي عليه فقلت له ارفق بأمير
المؤمنين فقال يا بن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك وأرفق به أنا ثم أفاق.. فقال له زدني رحمك الله فقال :
يا أمير المؤمنين بلغني أن عاملا لعمر بن عبد العزيز
شكا إليه فكتب إليه عمر يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد وإياك
أن ينصرف بك من عند الله فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء قال فلما قرأ الكتاب طوى البلاد
حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فقال له ما أقدمك قال خلعت قلبي بكتابك لا أعود إلى
ولاية أبدا حتى ألقى الله عز و جل .. فبكى هارون بكاء شديدا وقال له زدني رحمك الله
فقال:
يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عز و جل عن هذا
الخلق يوم القيامة فإن إستطعت أن تقي هذا الوجه من النار فافعل وإياك أن تصبح وتمسي
وفي قلبك غش لأحد من رعيتك فإن النبي صلى الله عليه و سلم من قال من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة
فبكى هارون
وقال له عليك دين قال نعم دين لربي يحاسبني عليه فالويل لي إن سألني والويل لي إن ناقشني
والويل لي إن لم ألهم حجتي قال إنما أعني دين العباد قال إن ربي لم يأمرني بهذا أمر
ربي أن أوحده وأطيع أمره فقال عز و جل وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم
من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين
فقال له هذه
ألف دينار خذها فأنفقها على عيالك وتقوبها على عبادتك فقال سبحان الله أنا أدلك على
طريق النجاة وأنت تكافئني بمثل هذا سلمك الله ووفقك
ثم صمت فلم
يكلمنا فخرجنا من عنده فلما صرنا على الباب قال هارون أبا عباس إذا دللتني على رجل
فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين .
فدخلت عليه
امرأة من نسائه فقالت يا هذا قد ترى مانحن فيه من ضيق الحال فلو قبلت هذا المال فتفرجنا
به فقال لها مثلي ومثلكم كمثل قوم كان لهم بعير يأكلون من كسبه فلما كبر نحروه فأكلوا
لحمه
فلما سمع هارون هذا الكلام قال ندخل فعسى أن يقبل
المال فلما علم الفضيل خرج فجلس السطح على باب الغرفة فجاء هارون فجلس إلى جنبه فجعل
يكلمه فلا يجيبه فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء فقالت يا هذا قد آذيت الشيخ منذ
الليلة فانصرف رحمك الله فانصرفنا
اسماعيل ثنا ابراهيم قال
سمعت الفضيل بن عياض يقول لأن يدنو الرجل من جيفة منتنة خير له من أن يدنو الى هؤلاء يعني السلطان
وسمعته يقول رجل لا يخالط هؤلاء ولا يزيد على المكتوبة أفضل عندنا من رجل يقول الليل
ويصوم النهار ويحج ويعتمر ويجاهد في سبيل الله ويخالطهم
0 comentarios:
Publicar un comentario