مقدمة في فضل المساجد
·
المساجد بيوت الله تعالى، ومن أحب الله تعالى أحب بيوته، وأكثر من زيارته
فيها.
- قال تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً
(18)} الجن.
والضيف إذا نزل بساحة الكرماء، و منازل العظماء، أصابه جودهم وفضلهم، ونال
من أعطياتهم وغنم من إكرامهم، فكيف بضيف نزل بأكرم الأكرمين، وحلّ على رب العالمين..؟
- عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه:{ إنّ بيوتي في أرضي المساجد، وإنّ زوّاري فيها عمّارها، فطوبى لعبد تطهّر
في بيته ثم زارني في بيتي فحقّ على المزور أن يكرم زائره} رواه أبو
نعيم.
·
ولا شك أن أعظم هذه الكرامات، وأفضل هذه الأعطيات، أن يذيقه الله تعالى
لذة قربه وحلاوة مناجاته، وأن يمنحه شهادة الإيمان.
ولكن المساجد بيوت الله يأوي اليها المسلم منقطعا عن صخب الحياة المادية،
ومتحررا من قيود الهموم الدنيوية، فيجد فيها مراتع من رياض الجنة، ورياحين الفردوس..
فتارة في مجلس ذكر لله تعالى، وتلاوة القرآن الكريم يصل فيها الى صفاء
الروح، ولقائها بخالقها، وصلتها بمصدر الخير والكمال، ونهلها من منبع الحكمة والمعرفة
والإيمان..
وتارة في مجلس وعظ وإرشاد تتزكى فيه النفس من نقائصها، وتتطهر من رذائلها،
وتتحلى بفضائلها ومكارم أخلاقها..
وتارة في مجلس علم وفقه في الدين تتفتح فيه آفاق العقل على عظمة التشريع،
وتتنوّر دروب الحياة بهدي التعاليم الإلهية، فيتضح صراط الله المستقيم..
كل ذلك في مجتمع إيماني كريم، يشد بعضه أزر بعض، ويحقق فيه المؤمنون قوله
تعالى:{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ} المائدة 2. ويجنون من الثمرات ما ورد في الحديث الشريف: عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال:{ ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه
بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن
عنده} رواه مسلم.
- فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال:{ إذا رأيتم الرجل يعتاد
المساجد فاشهدوا له بالإيمان، قال الله تعالى:{ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله
واليوم الآخر.. الآية} } . رواه الترمذي.
·
وفي منازل القيامة، وكربات مواقفها، وأهوال مشاهدها، يكون في ظل عرش الرحمن،
آمنا مطمئنا.
- فعن
أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ سبعة يظلهم الله في
ظله، يوم لا ظل إلا ظله ـ وعد منهم ـ ورجل قلبه معلق بالمساجد} متفق عليه.
·
ثم يصله تعالى بنعمة الجنة، وما أعده له فيها من نعيم مقيم، وفضل عميم..
- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ من غدا الى المسجد أو
راح، أعدّ الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح}. متفق عليه.
·
آداب دخول المساجد :
وإذا كان حق الضيف إكرامه، فإن من واجبه معرفة قدر من يزور، والاستعداد
لزيارته، والتأدب في حضرته بما يليق وجلال المزور وعظمته..
·
ومن الآداب الإسلامية لزيارة بيوت الله تبارك وتعالى نذكر منها ما يلي:
آداب معنوية وشرعية تعبدية:
محبة المساجد وتقديرها، والنظر إليها بعين التكريم والتعظيم
والتقديس والاحترام، لأنها بيوت الله تعالى التي بنيت لذكره وعبادته، وتلاوة كتابه وأداء رسالته،
ونشر تعاليمه وتبليغ منهجه، وتعارف أتباعه ولقائهم على مائدة العلم والحكمة ومكارم
الأخلاق..
- قال تعالى:{ ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ
(32)} الحج.
- وقال سبحانه:{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ
يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36) رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ
وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ
يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37)} النور.
- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ المسجد بيت كل تقيّ
وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة والجواز على الصراط الى رضوان الله
الى الجنة} رواه الطبراني والبزار.
العمل على إشادتها، والقيام بما يستطيع من جهد مادي أو جسدي
لبنائها، وتشجيع الناس على التبرع لاستكمالها وتجهيزها بما يليق ومكانتها، وابتغاء
وجه الله تعالى في كل ذلك.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال:{ من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة لبيضها ـ أي بقدر الموضع الذي يبيض فيه
طائر القطاة ـ بنى الله له بيتا في الجنة} رواه أحمد وان حبان.
- وعن أنس رضي الله عنه قال: من أسرج سراجا في مسجد لم تزل الملائكة وحملة المسجد يستغفرون له ما
دام في ذلك المسجد صوؤه.
المحافظة على ارتياد المساجد ولو كانت بعيدة عن منزله، والمشي
إليها ولو تحمل في سبيل ذلك الحّر والبرد، وظلمة الليل ومشقة الطريق.
-عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى فأبعدهم، والذي ينتظر
الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام} متفق عليه.
-وعن أبي بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ بشّروا المشّائين في الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة} رواه
أبو داود والترمذي.
-وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار لا أعلم أحدا أبعد
من المسجد منه، وكانت لا تخطئه صلاة، فقيل له: لو اشتريت
حمارا تركبه في الظلماء وفي الرمضاء، قال: ما يسرّني أن منزلي الى جنب المسجد، إني
أريد أن يكتب لي ممشاي الى المسجد ورجوعي إذا رجعت الى أهلي، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم:{ قد جمع الله لك ذلك كله} رواه مسلم.
إنهاء جميع الأعمال الدنيوية، وإيقاف
كافة الأشغال المادية عند سماع الأذان، والمسارعة الى تلبية النداء، والتوجه الى المسجد
مهما كانت الأعذار.
-قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ
لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} الأنفال 24.
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل اعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد
يقودني الى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخّص له فيصلي في بيته،
فرخّص له، فلما ولى دعاه فقال له: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال:" فأجب"
}. رواه مسلم.
الدخول الى المسجد مقدما الرجل اليمنى قائلا: بسم الله، اللهم صل على سيدنا محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك.
كما يستحب أن ينوي الاعتكاف فإنه يصح ولو لم يمكث إلا فترة قليلة، فيقول:
نويت الاعتكاف في هذا المسجد ما دمت فيه.
الخروج مقدما الرجل اليسرى واضعا حذاءه أمامه بهدوء قائلا: اللهم صل على سيدنا محمد، اللهم إني أسألك من فضلك.
-عن أبي أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل:
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك}. رواه مسلم وأبو
داود.
صلاة ركعتين سنة تحية المسجد قبل الجلوس، إذا لم يكن وقت صلاة
راتبة، ومن لم يتمكن من الصلاة لحدث أو شغل.. فليقل: سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ثلاث مرات.
-عن أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ إذا دخل أحكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين} متفق عليه.
تجنب الخروج من المسجد بعد الأذان إلا لعذر حتى يصلي المكتوبة.
-عن أبي الشعثاء قال: كنا قعودا عند أبي هريرة رضي الله عنه في المسجد فأذّن
المؤذن فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال
أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
فيه تشبه بالشيطان، كيف ذلك؟ ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي
للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط، حتى لا يسمع صوت التأذين) الحديث رواه البخاري ومسلم.
- قال ابن
بطال رحمه الله: ويشبه أن يكون الزجر عن الخروج من المسجد
بعد أن يؤذن المؤذن لئلا يكون متشبهاً بالشيطان الذي يفر عند سماع الأذان
تجنب الدخول الى المسجد للمرور فيه كطريق، أو الدخول والخروج
منه من غير صلاة أو ذكر أو تسبيح أو عبادة
أو أمر بالمعروف أو نهي عن منكر أو طلب للعلم.
من آداب
حضور المساجد -أيضاً- التقدم إلى الصف الأول، والقرب من الإمام، كما دلت على ذلك الأحاديث
الصحيحة:
- ففي الحديث : (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول،
ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) رواه مسلم.
لو تعلمون ما في
الصف الأول.. ما في الصف المقدم؛ لكانت قرعة بينكم، ولو تعلمون فضيلته لابتدرتموه:
(لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله) رواه مسلم .
إذاً: فضيلة الصف
الأول عظيمة، والمقصود بالصف الأول هو ما يلي الإمام، سواء جاء صاحبه متقدماً أو متأخراً،
ولكن المتقدم يكون قد جمع أجر التبكير بالإضافة إلى الصف الأول، أي: لو جاء رجل متأخراً
ثم حصل له مكاناً فله أجر الصف الأول، لكن ليس له أجر التبكير مثلما حصل للمبكر.
وفي الصف الأول مزايا عظيمة، ذكر ابن حجر بعضاً منها، فمن ذلك: المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق لدخول
المسجد، والقرب من الإمام، واستماع القراءة، والتعلم منه، والفتح عليه، والسلامة من
اختراق المارة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكون قداماً من المصلين، ربما يشتغلون
بأشياء؛ لأن الصف الأول لا ترى أمامك أحداً إلا الإمام، وسلامة موضع السجود من أذيال
المصلين.
وينبغي لطلبة العلم
والحفظة أن يتقدموا إلى الصف الأول قبل غيرهم، وأن يلوا الإمام، ويتعمدوا الوقوف خلفه؛
لقوله عليه الصلاة والسلام: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم
الذين يلونهم) رواه مسلم.
- قال النووي
في شرح الحديث: في
هذه الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام؛ لأنه أولى بالإحرام، ولأنه ربما احتاج
إلى استخلاف، فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له
غيره من الجهلة أو العامة أو الأطفال.. ونحو ذلك، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها، وليقتدي
بأفعالهم من وراءهم.
وكذلك
فإن من الآداب: أن الإنسان إذا دخل المسجد وجماعة تصلي، فلا يقف بدون صلاة، فبعض الناس إذا دخل المسجد والإمام في
السجود وقف في الصف بدون صلاة، فيفوت الأجر، بل يدخل مع الإمام ولو لم تعد ركعة، أليس
إذا سجدت تؤجر على السجود ووضع الجبهة على الأرض لله رب العالمين؟ ألست تؤجر على تسبيح
السجود؟! ألست تؤجر على دعاء السجود؟! إذاً: لماذا تضيع هذه الفرصة؟!
وقوله عليه الصلاة
والسلام: (فما
أدركتم فصلوا) يدل على أنك تدخل مع الإمام في أي مكان كان فيه الإمام: (فما أدركتم
فصلوا) أدركت سجدة، ركعة، ركوعاً، رفعاً من الركوع، جلسة بين السجدتين: (فما أدركتم
فصلوا)، ولذلك قال ابن حجررحمه الله في شرحه: واستدل به على استحباب الدخول مع الإمام
في أي حال وجد عليها.
وعن معاذ رضي الله
عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أتى أحدكم والإمام على حال فليصنع
كما يصنع الإمام) رواه الترمذي، وذكره الألباني في صحيح سنن الترمذي ، وفي السلسلة
الصحيحة وبهذا أخذ من رأى أن المأموم إذا جاء في التشهد الأخير يدخل مع الإمام؛ لأن
عموم الحديث يقتضي هذا.
آداب متعلقة بالنظافة :
التهيؤ للذهاب الى المسجد بالطهارة وحسن الوضوء والتسوّك،
ولبس الثياب النظيفة، وتقليم الأظافر وترجيل الشعر، والتجمّل والتطيّب.
-قال تعالى:{ يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ
زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} الأعراف 31.
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ من تطهر في بيته ثم مضى الى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض
الله، كانت خطواته إحداها تحطّ خطيئة والأخرى ترفع درجة} رواه مسلم.
فيتأذى المصلون بالرائحة، وتزكم الأنوف بالنتن
والعرق، ولو أن الإنسان أراد مقابلة شخص له جاه دنيوي لم يأتِ بهذه الملابس، بل إنه
يرتدي أحسن ثيابه، ويتطيب بأحسن ما يجد، فكيف يهتم للوقوف أمام المخلوق، ولا يهتم بالوقوف
أمام الخالق، ثم إن لقاء المصلين، واجتماع إخوانه لا بد أن يكون فيه ما يفتح نفوسهم
للقيا أخيهم، فإذا جاء بلباس غير حسن، فكيف تكون الألفة والإقبال؟
ثم أيضاً هناك نفر من عباد الله وهم الملائكة
يتأذون مما يتأذى منه بنو آدم، وبعض الناس لا يكلفون أنفسهم تبديل ثياب النوم عند المجيء
إلى صلاة الفجر، ولا يحملون عناء تبديلها، وربما أحياناً يخافون على الثياب أن تتأثر
طياتها، ويتبدل صقلها؛ فيتركونها للعمل، وأما بيوت الله فلا يحدث لها ما يجب من الزينة.
تجنب التطيب والتزين والتبرّج للمرأة التي تشهد المساجد، ودخولها
وخروجها من المكان المخصص للنساء، دون اختلاطها
بالرجال أو مزاحمتهم.
-عن زينب الثقفية رضي الله عنها قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم:{ إذا شهدت إحداكنّ المسجد فلا تمسّ طيّبا} رواه مسلم.
-وعن عائشة رضي الله عنها قالت: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس
في المسجد إذ دخلت إمرأة من مزينة ترفل في زينة
لها في المسجد، فقال صلى الله عليه وسلم:{ يا أيها الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة
والتبختر في المسجد فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبس نساؤهم الزينة وتبختروا في المساجد}
رواه ابن ماجه.
خلع الحذاء وإزالة ما علق به من أوساخ خارج المسجد، وإطباقه
ووضعه في أقرب مكان مخصص والحذر من رفعه فوق الرؤوس، أو تلويث المسجد به، ثم إطباق باب المسجد بهدوء
عند الدخول.
الانتباه الى طهارة الجوارب ونظافتها، قبل المشي بها على سجاد
المسجد.
تجنب أكل الثوم أو البصل، وما له رائحة كريهة، والدخول الى المسجد قبل إزالتها، بتنظيف الفم بالماء والفرشاة والمعجون.
-عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، أو فليعتزل مسجدنا} متفق عليه.
-وعنه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما
يتأذى منه بنو آدم} متفق عليه.
تجنب تلويث المسجد بشيء من القاذورات أو النجاسات، كالمرور
بأرجل عليها نجاسة، أو تلويثه بالقليل من الدم، كما يحرم البول في المسجد
ولو كان في وعاء ويحرم الاستنجاء فيه.
-عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي
بال في المسجد:{ إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول
ولا القذر، إنما هي لذكر الله وقراءة القرآن} رواه مسلم.
تجنب تلويث المسجد بالبصاق أو المخاط أو النخامة، وخاصة عند
عتبات المسجد أو على بابه أو في أماكن الوضوء، والقيام على
إزالته إن وجد.
-عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها} متفق عليه.
-وعن عائشة رضي الله عنها {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في جدار القبلة
مخاطا أو بزاقا أو نخامة فحكّه}. متفق عليه.
تجنب تناول الأطعمة في المسجد وجعلها
أمكنة للراحة أو القيلولة أو السمر، وتجنب الوقوع
في المحرمات كالغيبة والنميمة والكذب وتنفقيص الناس.
القيام بصيانة المسجد، والحفاظ على نظافته وأناقته، وأثاثه
وأمتعته، وكتبه ومصاحفه.
-عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء
المساجد في الدور ـ أي في الأماكن التي تبنى فيها البيوت ـ وأن
تنظف وتطيّب. رواه أحمد وأبو داود.
-وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:{ عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد} رواه الترمذي
وأبو داود.
آداب متعلقة بالنظام والانضباط :
تجنب اللهو واللعب والجري، واللغو والثرثرة، ورفع الأصوات
ولو بقراءة القرآن على وجه يشوّش على المصلين أو الذاكرين أو المتدارسين للعلم.
-عن السائب بن يزيد الصحابي قال: كنت في المسجد فحصبني رجل فنظرت فإذا عمر
بن الخطاب فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: من أين
أنتما؟ فقالا: من أهل الطائف فقال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما
في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
-وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في
المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال:{ ألا
كلكم مناج ربه فلا يؤذينّ بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة}. رواه النسائي
وأبو أحمد.
ومن الآداب أن يحذر من الكلام
الباطل أو الكلام الذي لا فائدة فيه، فلا مكان في المسجد للغيبة والنميمة والكذب، وإذا كانت هذه الأشياء
محرمة خارج المسجد؛ فهي في المسجد أشد تحريماً، وكل كلام لا فائدة فيه ينبغي أن ينزه
المسجد عنه، وبعض الناس يتكلمون كلاماً كثيراً لا فائدة فيه، وبعضهم قد يفعل ذلك في
الاعتكاف الذي هو مظنة الذكر والإقبال على الله، والاجتهاد في العبادة والانقطاع عن
الدنيا
تجنب الخصومات والاشتغال بأمور الدنيا، والبيع والشراء، والبحث
عن ضائع، وإنشاد الشعر المتضمن فحشا أو هجاء لمسلم أو ظلما أو غزلا، ولا بأس فيما تضمن حكمة
أو خيرا.
-عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد
فيه الأشعار، وأن تنشد فيه الضالة}. رواه الخمسة.
-عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:{ إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك،
وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا لا ردّ الله عليك} رواه الترمذي.
-وقال سعيد بن المسيّب: من جلس
في المسجد فإنما يجالس ربه، فحقه ألا يقول إلا خيرا.
تجنب الاحتباء وتشبيك الأصابع وفرقعتها والعبث بها في المسجد
وإثناء انتظار الصلاة.
-عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: دخلت المسجد مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم فإذا رجل جالس وسط المسجد محتبيا مشبّكا أصابعه
بعضها على بعض فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن لإشارته، فالتفت رسول
الله صلى الله عليه وسلم فقال:{ إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبّكنّ فإنّ التشبيك
من الشيطان، وإنّ أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه} رواه أحمد.
صيانة المسجد من الأطفال والمجانين،
وتشجيع الصبية الذين تجاوزوا السابعة وإحضارهم الى المسجد تعويدا لهم على العبادة، وتحبيبهم بالمساجد مع تعليمهم آدابها قبل دخولها، والإشراف
عليهم أثناء وجودهم فيها لتوجيههم وتنبيههم عند الإخلال بحرمتها أو مخالفة آدابها والحذر
من إهانتهم أو طردهم منها.
ومن
آداب حضور المساجد -أيضاً-: أن يمشي إليها بسكينة ووقار؛
- لقول النبي صلى
الله عليه وسلم: (إذا
سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا،
وما فاتكم فأتموا) رواه البخاري ومسلم .
- وفي رواية: (إذا ثوب للصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون،
ولكن أُتوها وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان
يعمد إلى الصلاة؛ فهو في صلاة)، وفي رواية: (ولكن يمشي وعليه السكنية والوقار) فهذا
يبين الأدب في حضور المساجد.. فما تعريف السكينة وما تعريف الوقار؟
- أما السكينة فهي التأني في الحركات
واجتناب
العبث؛ فإذا كان الماشي إلى المسجد يتقفز في مشيته أو يعبث بأي شيء من العبث.. يفرقع
الأصابع.. يعمل حركات بيديه أو رجليه؛ فإن هذا لا يعتبر أنه جاء إلى المسجد وعليه السكينة.
- وأما الوقار فقد عرفوه بأنه: غض البصر، وخفض الصوت، وعدم الالتفات، وإذا
جاء إلى المسجد بهذه الصفات يكون قد حصل ثلاثة أمور:
أولاً: الراحة والطمأنينة؛ لأنه إذا أسرع ودخل الصلاة
على هذه الحال من السرعة؛ فإنه يدخل في الصلاة فلا يحصل له تمام الخشوع، بخلاف ما لو
إذا دخل الصلاة وهو ساكن مرتاح، فإنه يكون إلى الخضوع والخشوع أقرب.
ثانياً: أنه يكون قد امتثل قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو
في صلاة). أي: في حكم المصلي، فينبغي عليه اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده، واجتناب
ما ينبغي للمصلي اجتنابه.
ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اجتهد في
أن من خشي أن تفوته الركعة الأخيرة من الجمعة إذا لم يسرع، فلا بأس أن يسرع حتى لا تفوته الركعة
الأخيرة من الجمعة؛ لأنه إذا فاتته، فاتته الجمعة وصلَّى ظهراً وليس له جمعة، وهذا
اجتهاده رحمه الله في هذه المسألة.
0 comentarios:
Publicar un comentario