المعنى الموضوعي والإجمالي للآيات :
- الظلال : إنه التجرد الكامل لله ، بكل خالجة في القلب وبكل حركة في الحياة .
وبالصلاة. والاعتكاف . وبالمحيا والممات . بالشعائر التعبدية ، وبالحياة الواقعية ،
وبالممات وما وراءه .
إنها تسبيحة « التوحيد » المطلق ، والعبودية الكاملة ، تجمع الصلاة
والاعتكاف والمحيا والممات ، وتخلصها لله وحده...
ربط الآية بما قبلها :
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى
صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ
مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161)
إن الدين عند الله الإسلام :
قول تعالى آمراً نبيه صلى اللّه عليه وسلم سيد
المرسلين أن يخبر بما أنعم به عليه من الهداية إلى صراطه المستقيم الذي لا اعوجاج
فيه ولا انحراف (
ديناً قيماً) أي قائماً ثابتاً (ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من
المشركين)
- كقوله: { ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه...
- وقوله: { وجاهدوا في اللّه حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم
في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم}
- وقوله: { إن إبراهيم كان أمّة قانتاً للّه حنيفاً ولم يك من
المشركين * شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم
- وقد
كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال: (أصبحنا على ملة الإسلام وكلمة الإخلاص ودين نبينا
محمد وملة أبينا إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين).
- وقال
الإمام أحمد عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أنه قال: قيل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي الأديان
أحب إلى اللّه تعالى؟ قال: (الحنيفية السمحة) ""أخرجه الأمام أحمد في المسند".
وأوصي بما أوصى به أبونا إبراهيم عليه السلام الذي أُمِرنا أن نتبع ملته:
أوصى بنيه أن لا يحيدوا عن الدين الذي اصطفاه الله عز وجل لهم وأن لا يموتوا إلا
وهم مسلمون... وتلك هي الحنفية السمحة مجددة مبيَّنَةً معطرةً مكمَّلة مختومة
برسالة سيد ولد آدم مولانا محمد بن عبد الله صلاة الله وسلام الله عليه
هل اتباع ملة ابراهيم توحي أن إبراهيم خبر
من نبينا محمد ؟!
وليس يلزمه من كونه صلى اللّه عليه وسلم أمر باتباع
ملة إبراهيم الحنيفية أن يكون إبراهيم أكمل منه فيها لأنه عليه السلام قام بها
قياماً عظيماً، وأكملت له إكمالاً تاماً لم يسبقه أحد إلى هذا الكمال، ولهذا كان
خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم على الإطلاق، وصاحب المقام المحمود الذي يرغب إليه
الخلق حتى الخليل عليه السلام.
قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين.
الآية فيها مخالفة لعادات الجاهلية :
يأمره تعالى أن يخبر المشركين الذين يعبدون غير
اللّه ويذبحون لغير اسمه أنه مخالف لهم في ذلك، فإن صلاته للّه ونسكه على اسمه
وحده لا شريك له.
وهذا
كقوله تعالى: فصل لربك وانحر أي
أخلص له صلاتك وذبحك، فإن المشركين كانوا يعبدون الأصنام ويذبحون لها، فأمره اللّه
تعالى بمخالفتهم والانحراف عما هم فيه، والإقبال بالقصد والنية والعزم على الإخلاص
للّه تعالى .
الآية فيها إشارة إلى عدم المساومة على الدين والمبادئ :
- الطبري : ... يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِنَبِيِّهِ مُحَمَّد صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قُلْ } يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الْعَادِلِينَ بِرَبِّهِمْ
الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , الَّذِينَ يَسْأَلُونَك أَنْ تَتَّبِعَ أَهْوَاءَهُمْ
عَلَى الْبَاطِل مِنْ عِبَادَة الْآلِهَة وَالْأَوْثَان : { إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي } يَقُول : وَذِبْحِي . { وَمَحْيَايَ } يَقُول : وَحَيَاتِي . { وَمَمَاتِي } يَقُول : وَوَفَاتِي . { لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ } يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ كُلّه لَهُ خَالِصًا دُون مَا
أَشْرَكْتُمْ بِهِ أَيّهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْأَوْثَان .
صلاتي :
- وقيل
: المراد بها هنا صلاة الليل. وقيل : صلاة العيد.
- الشعراوي: " صلاتي " مقصود بها العبادة والركن
الثاني في الإِسلام الذي يتكرر كل يوم خمس مرات، وهي الركن الذي لا يسقط أبداً؛
لأن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله- كما قلنا سابقاً- يكفي أن
تقولها مرة في العمر، وقد يسقط عنك الصوم إن كنت لا تستطيع، وقد لا تزكي لأنه ليس
لك مال، وقد لا تستطيع الحج، وتبقى الصلاة التي لا تسقط أبداً عن العبد. وهي- كما
نعلم- قد أخذت من التكليف حظها من الركينة.
إن كل تكليف من التكاليف جاء بواسطة الوحي إلا الصلاة فإنها جاءت بالمباشرة، وتلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه دون واسطة. وحين يقول الحق: { إِنَّ صَلاَتِي } ، فهو يذكر لنا عمدة الأركان والتي اشتملت على كل الأركان كما أوضحنا سابقاً. حتى إن الإِنسان إذا كان راقداً في مرض ولا يستطيع القيام فعليه أن يحرك رأسه بالصلاة أو يخطر أعمال الصلاة على قلبه.
إن كل تكليف من التكاليف جاء بواسطة الوحي إلا الصلاة فإنها جاءت بالمباشرة، وتلقاها رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه دون واسطة. وحين يقول الحق: { إِنَّ صَلاَتِي } ، فهو يذكر لنا عمدة الأركان والتي اشتملت على كل الأركان كما أوضحنا سابقاً. حتى إن الإِنسان إذا كان راقداً في مرض ولا يستطيع القيام فعليه أن يحرك رأسه بالصلاة أو يخطر أعمال الصلاة على قلبه.
وأوصي بما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على
فراش الموت: الصلاة وما ملكت أيماننا. الصلاة الصلاة، وما تملك أيماننا لا نتعدى
فيه شرع الله ووصية رسول الله.
وأوصي بالصلاة، بإقامتها في المسجد والجماعة مع التحري
الجميل في الطهارة اتباعا منتبها لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحركات
والسّكنات والمواقيت والكيفيات.
الصلاة! الصلاة! الصلاة! عمود الدين وعماده. فسطاط الدين وأوتاده.
إقامة الصلاة دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام لنفسه ولذريَّته: قال: ﴿ رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي، ربنا، وتقبل دعاء﴾ .
ونسكي
:
قال مجاهد: النسك: الذبح في الحج والعمرة، وقال سعيد بن جبير ونسكي قال:
ذبحي
- وعن جابر بن عبد اللّه
قال: ضحّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في يوم عيد
النحر بكبشين، وقال حين ذبحهما: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما
أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين لا شريك له وبذلك
أمرت وأنا أول المسلمين) ""رواه ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد اللّه"".
- وقال الحسن : نسكي ديني.
- وقال الزجاج : عبادتي؛ ومنه الناسك الذي يتقرب إلى الله بالعبادة.
- وقال قوم
: النسك في هذه الآية جميع أعمال البر والطاعات
- الشعراوي : والحق يقول: لِّكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ
نَاسِكُوهُ... } الحج: 67]
" النسك " إذن هو عبادة ويطلق بالأخص على أفعال كثيرة في الحج، مثل نسك الطواف ونسك السعي، ونسك الوقوف بعرفة، ونسك الرمي، ونسك الجمار، وكل هذه اسمها مناسك، والأصل فيها أنها مأخوذة من مادة " النسيكة " وهي السبيكة –ابن الأعرابي في اللغة - من الفضة التي تصهر صهراً يُخرج منها كل المعادن المختلطة بها حتى تصير غاية في النقاء. فسميت العبادة نسكاً لهذا، أي يجب أن تصفى العبادة لله كما تصفى سبيكة الفضة من كل المعادن التي تخالطها: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي }.
" النسك " إذن هو عبادة ويطلق بالأخص على أفعال كثيرة في الحج، مثل نسك الطواف ونسك السعي، ونسك الوقوف بعرفة، ونسك الرمي، ونسك الجمار، وكل هذه اسمها مناسك، والأصل فيها أنها مأخوذة من مادة " النسيكة " وهي السبيكة –ابن الأعرابي في اللغة - من الفضة التي تصهر صهراً يُخرج منها كل المعادن المختلطة بها حتى تصير غاية في النقاء. فسميت العبادة نسكاً لهذا، أي يجب أن تصفى العبادة لله كما تصفى سبيكة الفضة من كل المعادن التي تخالطها: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي }.
ومحياي ومماتي:
- الماوردي :
-
أحدهما : أن حياته ومماته بيد الله تعالى لا يملك غيره له
حياة ولا موتاً ، فلذلك كان له مصلياً وناسكاً .
- والثاني
: أن حياته لله في اختصاصها بطاعته ، ومماته له في رجوعه إلى مجازاته .:
- القرطبي: أي ما أوصي به بعد وفاتي.
وأوصي بالبذل والصدقة والحرص الدقيق على أداء الزكاة ...
وأوصي بطلب العلم، العلم الضامنَ من سَعادَة الآخرةِ ...
وأوصي بطلب العلم، العلم الضامنَ من سَعادَة الآخرةِ ...
وأوصي بالعمل الصالح، انطلاقا من صلاح المومن والمومنة في
عبادتهما وتقربهما إلى الله عز وجل ....
لله
رب العالمين لا شريك له:
- الشعراوي : إن صلاتي لله ونسكي لله، أي أن تخلص فيها، ولا
تشرك فيها، ولا تصلي مرائياً، ولا تصنع نسكاً مرائياً، ولا تذهب إلى الحج من أجل
أن يقولوا لك: " الحاج فلان " أبداً، بل اجعلها كلها لله؛ لأنك إن
جعلتها لغيره فليس لغيره من القدرة على الجزاء ما يجازيك الله به؛ إن جعلتها لغيره
فقد اخترت الخيبة في الصفقة؛ لذلك اجعل الصلاة والنسك للذي يعطيك الأجر
والحياة
هبة الله، وإياك أن تصرف قدرة الحياة ومظاهر الحياة في غير ما يرضي الله. فينبغي
أن يكون حياتك لله لا لشهوتك، ومماتك لله لا لورثتك، وتذكر جيداً لأن الحق يقول
بعد ذلك: { لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذٰلِكَ...
- قال بن القيم رحمه الله: إذا أصبح
العبد و أمسى و ليس همه إلا الله وحده ، تحمل الله عنه سبحانه حوائجه كلها ، و حمل
عنه كل ما أهمه ، و فرغ قلبه لمحبته ، و لسانه لذكره ،و جوارحه لطاعته.
و إن
أصبح و أمسى و الدنيا همه ، حمله الله همومها و غمومها و أنكادها ووكله الى نفسه
فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ،و لسانه عن ذكره بذكرهم و جوارحه عن طاعته
بخدمتهم و أشغالهم ، فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة
غيره .. فكل من أعرض عن عبودية الله و طاعته و محبته بلي بعبودية المخلوق و
محبته و خدمته .
مطلب
الإخلاص في الاعمال :
- الرازي: يدل على أنه يؤديه مع الأخلاص وأكده بقوله : { لاَ
شَرِيكَ لَهُ } وهذا يدل على أنه لا يكفي في العبادات أن يؤتى بها كيف كانت بل يجب
أن يؤتى بها مع تمام الإخلاص وهذا من أقوى الدلائل على أن شرط صحة الصلاة أن يؤتى
بها مقرونة بالأخلاص .
- في المستدرك :عن سهل بن معاذ وهو ابن أنس الجهني ، عن أبيه - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال : " من أعطى لله ، ومنع لله ، وأحب لله ، وأبغض لله ،
وأنكح لله ، فقد استكمل الإيمان " .
وأوصي كل ذي همة يقظة أن لا يكون له من دون وجه الله عز
وجل مطلب يحجبه عن الله. طلب الثواب والأجر والجنة شرع من الشرع. وإرادة وجه الله،
والسعي إلى مرضاة الله بما يرضي الله ويقربنا من الله مرمى الهمم العالية. بشرط
العمل الدائب والنية المتجددة.
وبذلك أمرت ، وأنا أول المسلمين
- الألوسي : أي المنقادين إلى امتثال ما أمر الله تعالى به ، وقيل : المستسلمين
لقضاء الله تعالى وقدره
القرطبي : فإن قيل : أو ليس إبراهيم والنبيون
قبله؟ قلنا عنه ثلاثة أجوبة :
- الأول : أنه أول الخلق أجمع معنى؛
- كما في حديث أبي هريرة من قوله عليه السلام : (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من
يدخل الجنة).
وفي حديث حذيفة (نحن الآخرون من أهل الدنيا
والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق).
- الثاني :
أنه أولهم لكونه مقدما في الخلق عليهم..إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (كنت
أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث). فلذلك وقع ذكره هنا مقدما قبل نوح وغيره.
- الثالث :
أول المسلمين من أهل ملته؛ قال ابن العربي، وهو قول قتادة وغيره.
ابن كثير : قال
قتادة: أي من هذه الأمة، وهو كما قال: فإن جميع الأنبياء قبله كلهم
كانت دعوتهم إلى الإسلام، وأصله عبادة اللّه وحده لا شريك له، وقد أخبرنا تعالى عن
نوح أنه قال لقومه: فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على اللّه
وأمرت أن أكون من المسلمين.
o وقال تعالى: ووصى بها ابراهيم بنيه ....يا بني إن اللّه اصطفى
لكم لدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
o وقال يوسف عليه السلام: رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث
فاطر السموات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين
o وقال موسى: يا قوم إن كنتم آمنتم باللّه فعليه توكلوا إن كنتم
مسلمين
o وقال تعالى: إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون
الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار ..)الآية
o وقال تعالى: وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا
آمنا واشهد بأننا مسلمون.
فأخبر تعالى أنه بعث رسله بالإسلام ولكنهم متفاوتون
فيه بحسب شرائعهم الخاصة، التي ينسخ بعضها بعضاً إلى أن نسخت بشريعة محمد صلى
اللّه عليه وسلم التي لا تنسخ أبد الآبدين، ولا تزال قائمة منصورة وأعلامها منشورة
إلى قيام الساعة..
- ولهذا
قال عليه السلام: (نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد).
فإن أولاد العلات هم الإخوة من أب واحد وأمهات
شتى، فالدين واحد وهو عبادة اللّه وحده لا شريك له، وإن تنوعت الشرائع التي هي
بمنزلة الأمهات..
افتتاح الصلاة بالآيات المذكورة :
وقد قال الإمام أحمد
عن علي رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا كبر استفتح
ثم قال: (وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي
ونسكي ومحياي ومماتي للّه رب العالمين إلى آخر الآية.... "الحديث رواه مسلم في صحيح."
القرطبي :
- قال مالك : ليس التوجيه في الصلاة بواجب على الناس، والواجب عليهم
التكبير ثم القراءة.
قال
ابن القاسم : لم ير مالك هذا الذي يقوله الناس قبل القراءة : سبحانك اللهم وبحمدك.
وروي
أن مالكا كان يقوله في خاصة نفسه؛ لصحة الحديث به، وكان لا يراه للناس مخافة أن
يعتقدوا وجوبه.
والحجة
لمالك قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي علمه الصلاة : (إذا قمت إلى الصلاة
فكبر ثم اقرأ) ولم يقل له سبح كما يقول أبو حنيفة، ولا قل وجهت وجهي، كما يقول
الشافعي.
-
وقال لأبي : (كيف تقرأ إذا افتتحت
الصلاة)؟ قال : قلت الله أكبر، الحمد لله رب العالمين. فلم يذكر توجيها ولا
تسبيحا.
·
فإن قيل : فإن عليا قد أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يقوله.
قلنا : يحتمل أن يكون قاله قبل التكبير ثم كبر، وذلك حسن
عندنا.
فإن
قيل : فقد روى النسائي والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح
الصلاة كبر ثم يقول : (إن صلاتي ونسكي) الحديث قلنا : هذا نحمله على النافلة في
صلاة الليل؛
- كما
جاء في كتاب النسائي عن أبي سعيد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
افتتح الصلاة بالليل قال :
(سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك). أو في النافلة مطلقا؛
فإن النافلة أخف من الفرض؛ لأنه يجوز أن يصليها قائما وقاعدا وراكبا، وإلى القبلة
وغيرها في السفر، فأمرها أيسر.
-
وقد روى النسائي عن محمد بن مسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام
يصلي تطوعا قال : (الله أكبر. وجهت وجهي
للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. اللهم أنت
الملك لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك). ثم يقرأ. وهذا نص في التطوع لا في الواجب.
- وإن
صح أن ذلك كان في الفريضة بعد التكبير، فيحمل على الجواز والاستحباب، وأما المسنون
فالقراءة بعد التكبير، والله بحقائق الأمور عليم.
0 comentarios:
Publicar un comentario