domingo, 21 de abril de 2013

سورة الفاتحة جزء1

0 comentarios

بسم الله الرحمن الرحيم (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (7)



القرآن الكريم منذ اللحظة التي نزل فيها نزل مقرونا بسم الله سبحانه وتعالى ـ ولذلك حينما نتلوه فإننا نبدأ نفس البداية التي أرادها الله تبارك وتعالى ـ وهي أن تكون البداية بسم الله. وأول الكلمات التي نطق بها الوحي لمحمد صلى الله عليه وسلم كانت { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ }. وهكذا كانت بداية نزول القرآن الكريم ليمارس مهمته في الكون.. هي بسم الله. ونحن الآن حينما نقرأ القرآن نبدأ نفس البداية.
على أننا نبدأ أيضا تلاوة القرآن بسم الله.. لأن الله تبارك وتعالى هو الذي أنزله لنا.. ويسر لنا أن نعرفه ونتلوه.. فالأمر لله علما وقدرة ومعرفة.. واقرأ قول الحق سبحانه وتعالى:
قُل لَّوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }
[يونس: 16].
ولكن هل نحن مطالبون أن نبدأ فقط تلاوة القرآن بسم الله؟ إننا مطالبون أن نبدأ كل عمل باسم الله..
القرآن عطاء الله فنقرؤه باسمه كذلك الكون عطاء الله فنعمل فيه باسمه
 لأننا لابد أن نحترم عطاء الله في كونه. فحين نزرع الأرض مثلا.. لابد أن نبدأ بسم الله.. لأننا لم نخلق الأرض التي نحرثها.. ولا خلقنا البذرة التي نبذرها. ولا أنزلنا الماء من السماء لينمو الزرع.

إن الفلاح الذي يمسك الفأس ويرمي البذرة قد يكون أجهل الناس بعناصر الأرض ومحتويات البذرة وما يفعله الماء في التربة لينمو الزرع.. إن كل ما يفعله الإنسان هو أنه يعمل فكره المخلوق من الله في المادة المخلوقة من الله.. بالطاقة التي أوجدها الله في أجسادنا ليتم الزرع.

والإنسان لا قدرة له على إرغام الأرض لتعطيه الثمار.. ولا قدرة له على خلق الحبة لتنمو وتصبح شجرة. ولا سلطان له على إنزال الماء من السماء.. فكأنه حين يبدأ العمل باسم الله، يبدؤه باسم الله الذي سخر له الأرض.. وسخر له الحب، وسخر له الماء، وكلها لا قدرة له عليها.. ولا تدخل في طاقته ولا في استطاعته.. فكأنه يعلن أنه يدخل على هذه الأشياء جميعا باسم من سخرها له..
ولا تعتقد أن الأسباب والقوانين في الكون لها قدرة ذاتية. بل هي تعمل بقدرة خالقها. الذي إن شاء أجراها وإن شاء أوقفها.
الجمل الضخم والفيل الهائل المستأنس قد يقودهما طفل صغير فيطيعانه. ولكن الحية صغيرة الحجم لا يقوى أي انسان على أن يستأنسها. ولو كنا نفعل ذلك بقدراتنا.. لكان استئناس الحية أو الثعبان سهلا لصغر حجمهما.. ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يجعلهما مثلا لنعلم أنه بقدراته هو قد أخضع لنا ما شاء، ولم يخضع لنا ما شاء. ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى:
أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَآ أَنْعاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ * وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ }
والأصل في الذرية أنها تأتي من اجتماع الذكر والأنثى.. هذا هو القانون.. ولكن القوانين لا تعمل الا بأمر الله.. لذلك يتزوج الرجل والمرأة ولا تأتي الذرية لأنه ليس القانون هو الذي يخلق.. ولكنها إرادة خالق القانون.. ان شاء جعله يعمل.. وان شاء يبطل عمله.. والله سبحانه وتعالى لا تحكمه القوانين ولكنه هو الذي يحكمها.
وكما أن الله سبحانه وتعالى قادر على ان يجعل القوانين تفعل او لا تفعل.. فهو قادر على ان يخرق القوانين.. خذ مثلا قصة زكريا عليه السلام.. كان يكفل مريم ويأتيها بكل ما تحتاج إليه.. ودخل عليها ليجد عندها ما لم يحضره لها..
وسألها وهي القديسة العابدة الملازمة لمحرابها..

قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَـٰذَا }
بماذا ردت مريم عليها السلام؟
قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }
والله هو الاسم الجامع لصفات الكمال سبحانه وتعالى..
 والفعل عادة يحتاج إلى صفات متعددة.. فأنت حين تبدأ عملا تحتاج إلى قدرة الله وإلى عونه وإلى رحمته.. فلو أن الله سبحانه وتعالى لم يخبرنا بالاسم الجامع لكل الصفات.. كان علينا أن نحدد الصفات التي نحتاج إليها.. كأن نقول باسم الله القوي وباسم الله الرازق وباسم الله المجيب وباسم الله القادر وباسم الله النافع.. إلى غير ذلك من الأسماء والصفات التي نريد أن نستعين بها.. ولكن الله تبارك وتعالى جعلنا نقول بسم الله بسم الله بسم الله الجامع لكل هذه الصفات.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بباسم الله الرحمن الرحيم أقطع "
                                هناك معنيان لهذه البسملة:
هذه البسملة تضعك أمام شيئين، تذكرك بنعم الله عز وجل، وأن هذا من نعمة الله، وتذكرك بأمر الله في هذا الموضوع
 إذا شربت كأس ماء وقلت بسم الله الرحمن الرحيم، هل فكرت في أن هذا الماء أصله شمس سُلطت على بحار شاسعة، فتبخر ماؤها، وتقطر، وأصبح بخاراً عالقاً في الجو، واجتمع سحباً ساقته الرياح إلى أرض عطشى، أنزله الله بفضله وبقدرته ماءً ثجاجاً أنبت به الزرع والزيتون، أودعه في الجبال، فجره ينابيع، أساله أنهاراً، فالشمس ساهمت في هذا الكأس، والمجرات، والأنواء، والمناخ، والرياح، والحرارة، والبرودة، والجبال، فإذا قلت:
﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
                           أي هل فكرت بسم الرزاق، باسم المعطي، باسم الواهب، باسم الغني...
إذا قدت سيارتك وقلت: بسم الله الرحمن الرحيم، فليبادر ذهنك إلى أين أنت ذاهب ؟ هل أنت ذاهب إلى مكان لا يرضي الله عز جل، فيتناقض ذلك بين البسملة وبين هذا المكان، فتنثني عن ذهابك عندئذٍ وتعود إلى صوابك.
     هل تشكر الله على نعمة المركب ؟ هل تسخرها لعباد الله ؟ هل تعين بها الضعيف ؟ هل تنقذ بها المريض ؟
الرحمن الرحيم :
                                     إن العلماء حاروا في الفرق بين الرحمن والرحيم .
          -   قال بعضهم: الرحمن بخلقه جميعاً، والرحيم بالمؤمنين.
          -   وقال بعضهم: الرحمن بجلائل النعم، والرحيم بدقائقها.
          -   وقال بعضهم: الرحمن في الدنيا، والرحيم في الآخرة.
          -   وقال بعضهم: الرحمن في ذاته، والرحيم في أفعاله.
    - وهذا الأخير من أوجه التفسيرات، لأنك قد تلتقي بطبيب يرى مريضاً فيسرع إلى إنقاذه أمام ملأ من الناس، فإنقاذُ هذا المريض يكسب الطبيبَ سمعةً طيبة، فنقول: هذا الطبيب رحيم، لكن الطبيب لا ينطوي على رحمة في قلبه، بل فعَلَ هذا ابتغاء السمعة، فهو رحيم، لكنه لم ينطلق في عمله من رحمة في قلبه.
... والرحمة في أصلها كل شيء يرتاح له الإنسان،
 فأن تعمل هذه الأجهزة عملاً منتظماً فهو من رحمة الله، وأن تأكل طعاماً لذيذاً فهو من رحمة الله، وأن تشرب ماءً عذباً فراتاً فهو من رحمة الله، وأن تسكن إلى زوجة، تطيعك إذا أمرتها، وتسرك إذا نظرت إليها، وتحفظك إذا غبت عنها، فهو من رحمة الله، وأن ترى طفلاً كالملاك يتحرك في البيت، فهو من رحمة الله، وإن كان لك عملٌ يدرُّ عليك دخلاً فهو من رحمة الله، وإذا ذهبت إلى بستان فمتعت النظر بجماله فهو من رحمة الله، وإذا هبت نسمات لطيفة عَطَّلت عمل المكيفات، وأوقفته فهو من رحمة الله، وإذا كان الدفء فهو من رحمة الله، فالرحمة الشيء الذي يرتاح له الإنسان، فالله سبحانه وتعالى خلقنا ليرحمنا قال تعالى:
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) ﴾
(سورة هود)
     ليرحمنا في الدنيا، ويرحمنا في الآخرة، أما أن يقول الإنسان: سبحان الله، خلقنا الله ليعذبنا، هذا كلام الشيطان، ما خُلقت يا أخي للعذاب بل خُلقت للرحمة، كي يسعدك في الدنيا والآخرة.
-  ورحمة الله بالعاصين كذلك : بعض الناس يتساءل كيف أبدأ بسم الله.. وقد عصيت وقد خالفت.. نقول اياك أن تستحي أن تقرأ القرآن.. وأن تبدأ بسم الله إذا كنت قد عصيت.. ولذلك أعطانا الله سبحانه وتعالى الحيثية التي نبدأ بها قراءة القرآن فجعلنا نبدؤه باسم الله الرحمن الرحيم.. فالله سبحانه وتعالى لا يتخلى عن العاصي.. بل يفتح له باب التوبة ويحثه عليها.. ويطلب منه أن يتوب وأن يعود الي الله.. فيغفر له ذنبه، لأن الله رحمن رحيم.. فلا تقل أنني أستحي أن أبدأ باسم الله لأنني عصيته.. فالله سبحانه وتعالى يطلب من كل عاص أن يعود الي حظيرة الايمان وهو رحمن رحيم.. فاذا قلت كيف أقول باسم الله وقد وقعت في معصية أمس.. نقول لك قل باسم الله الرحمن الرحيم.. فرحمة الله تسع كل ذنوب خلقه.. وهو سبحانه وتعالى الذي يغفر الذنوب جميعا.

   والرحمة والرحمن والرحيم.. مشتق منها الرحم الذي هو مكان الجنين في بطن أمه.. هذا المكان الذي يأتيه فيه الرزق.. بلا حول ولا قوة.. ويجد فيه كل ما يحتاجه إليه نموه ميسرا.. رزقا من الله سبحانه وتعالى بلا تعب ولا مقابل.. انظر إلى حنو الأم على ابنها وحنانها عليه.. وتجاوزها عن سيئاته وفرحته بعودته اليها.. ولذلك قال الحق سبحانه وتعالى في حديث قدسي.

    " أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته "
رحمة الله يوم القيامة :
      - عن عطاء ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن لله مائة رحمة ، قسم منها رحمة بين جميع الخلائق ، فبها يتراحمون ، وبها يتعاطفون ، وبها تعطف الوحش على أولادها ، وأخر تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة " .
       -  عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته ، فمر بقوم فقال : " من القوم ؟ " قالوا : نحن المسلمون . وامرأة تحصب تنورها ، ومعها ابن لها ، فإذا ارتفع وهج [ ص: 53 ] التنور تنحت به ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : أنت رسول الله ؟ قال : " نعم " . قالت : بأبي أنت وأمي ، أليس الله بأرحم الراحمين ؟ قال : " بلى " . قالت : أوليس الله أرحم بعباده من الأم بولدها ؟ قال : " بلى " . قالت : إن الأم لا تلقي ولدها في النار . فأكب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي ، ثم رفع رأسه إليها ، فقال : " إن الله ، عز وجل ، لا يعذب من عباده إلا المارد المتمرد ، الذي يتمرد على الله ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله " . إسناده فيه ضعف ، وسياقه فيه غرابة
       -  وروى الطبراني : عن حذيفة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الفاجر في دينه ، الأحمق في معيشته ، والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه ، والذي نفسي بيده ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه " .
حول سورة الفاتحة :
جاء في الظلال إن في هذه السورة من كليات العقيدة الإسلامية، وكليات التصور الإسلامي، وكليات المشاعر والتوجهات، ما يشير إلى طرف من حكمة اختيارها للتكرار في كل ركعة، وحكمة بطلان كل صلاة لا تذكر فيها..

جاء في تفسير المنار للإمام رشيد رضا بعد ما ذكر ترجيح بعض أهل العلم إلى أن أول سورة نزلت من القرآن الفاتحة قول الإمام محمد عبده :
فَقَالَ مَا مِثَالُهُ. وَمِنْ آيَةِ ذَلِكَ: أَنَّ السُّنَّةَ الْإِلَهِيَّةَ فِي هَذَا الْكَوْنِ - سَوَاءٌ أَكَانَ كَوْنَ إِيجَادٍ أَوْ كَوْنَ تَشْرِيعٍ - أَنْ يُظْهِرَ سُبْحَانَهُ الشَّيْءَ مُجْمَلًا ثُمَّ يَتْبَعُهُ التَّفْصِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْرِيجًا، وَمَا مَثَلُ الْهِدَايَاتِ الْإِلَهِيَّةِ إِلَّا مَثَلُ الْبَذْرَةِ وَالشَّجَرَةِ الْعَظِيمَةِ، فَهِيَ فِي بِدَايَتِهَا مَادَّةُ حَيَاةٍ تَحْتَوِي عَلَى جَمِيعِ أُصُولِهَا ثُمَّ تَنْمُو بِالتَّدْرِيجِ حَتَّى تَبَسُقَ فُرُوعُهَا بَعْدَ أَنْ تَعْظُمَ دَوْحَتُهَا ثُمَّ تَجُودُ عَلَيْكَ بِثَمَرِهَا. وَالْفَاتِحَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مُجْمَلِ مَا فِي الْقُرْآنِ، وَكُلُّ مَا فِيهِ تَفْصِيلٌ لِلْأُصُولِ الَّتِي وُضِعَتْ فِيهَا.
ما يطلق على الفاتحة من أسماء :
    جاء في تفسير بن كثير عدة أسماء لها  : يقال لها الفاتحة، أي: فاتحة الكتاب خطاً، وبها تفتتح القراءة في الصلوات، ويقال لها أيضاً: أم الكتاب، عند الجمهور، ذكره أنس، والحسن وابن سيرين كرها تسميتها بذلك، قال الحسن وابن سيرين: إنما ذلك اللوح المحفوظ، وقال الحسن: الآيات المحكمات هن أم الكتاب، ولذا كرها أيضاً أن يقال لها: أم القرآن.
   - وقد ثبت في الصحيح عند الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحمد لله رب العالمين أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني، والقرآن العظيم "
 ويقال لها: (الحمد) ويقال لها: (الصلاة)
 - لقوله صلى الله عليه وسلم عن ربه: " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي " .. الحديثَ.
فسميت الفاتحة صلاة؛ لأنها شرط فيها. ويقال لها: (الشفاء) لما رواه الدارمي عن أبي سعيد مرفوعاً:
" فاتحة الكتاب شفاء من كل سم " ويقال لها: (الرقية) لحديث أبي سعيد في الصحيح حين رقى بها الرجل السليم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما يدريك أنها رقية " ؟ وروى الشعبي عن ابن عباس أنه سماها (أساس القرآن) قال: وأساسها بسم الله الرحمن الرحيم. وسماها سفيان بن عيينة (بالواقية) وسماها يحيى بن أبي كثير (الكافية) لأنها تكفي عما عداها، ولا يكفي ما سواها عنها؛ كما جاء في بعض الأحاديث المرسلة: " أم القرآن عوض من غيرها، وليس من غيرها عوض منها " ويقال لها: سورة الصلاة، والكنز، ذكرهما الزمخشري في كشافه.
ذكر ما ورد في فضل الفاتحة :
   - قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: " كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه حتى صليت، قال: فأتيته فقال: مامنعك أن تأتيني؟ قال قلت: يا رسول الله إني كنت أصلي قال: ألم يقل الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } [الأنفال: 24] ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد قال: فأخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت: يا رسول الله إنك قلت: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن، قال: نعم { الحمد لله رب العالمين } هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته " وهكذا رواه البخاري
  -  وعن أبي هريرة عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي نصفين "
  -  وعن جابر قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء، فقلت: السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي، قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله فلم يرد علي، قال: فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأنا خلفه، حتى دخل رحله، ودخلت أنا المسجد، فجلست كئيباً حزيناً، فخرج عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تطهر، فقال: " عليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وعليك السلام ورحمة الله ثم قال: ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بأخْيَر سورة في القرآن؟ قلت: بلى يا رسول الله قال: اقرأ: الحمد لله رب العالمين حتى تختمها " هذا إسناد جيد،
- قال البخاري في فضائل القرآن: حدثنا محمد بن المثنى، " حدثنا وهب حدثنا هشام عن محمد عن معبد عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا في مسير لنا، فنزلنا فجاءت جارية فقالت: إن سيد الحي سليم، وإن نفرنا غُيَّبٌ، فهل منكم راق؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية، فرقاه فبرأ، فأمر له بثلاثين شاة، وسقانا لبناً. فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي؟ فقال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئاً حتى نأتي ونسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم "
- عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبرائيل، إذ سمع نقيضاً فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء، فقال: هذا باب قد فتح من السماء ما فتح قط، قال: فنزل منه ملك، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفاً منهما إلا أوتيته " ، وهذا لفظ النسائي.
الحمد لله

قولنا: {بِسْمِ الله الرحمن الرحيم} هو استعانة بقدرة الله حين نبدأ فعل الأشياء. . إذن فلفظ الجلالة {الله} في بسم الله، معناه الاستعانة بقدرات الله سبحانه وتعالى وصفاته. لتكون عونا لنا على ما نفعل. ولكن إذا قلنا: الحمد لله. . فهي شكر لله على ما فعل لنا. ذلك اننا لا نستطيع أن نقدم الشكر لله إلا إذا استخدمنا لفظ الجلالة. الجامع لكل صفات الله تعالى. لأننا نحمده على كل صفاته ورحمته بنا حتى لا نقول باسم القهار وباسم الوهاب وباسم الكريم، وباسم الرحمن. . نقول الحمد لله على كمال صفاته، فيشمل الحمد كمال الصفات كلها.

 النابلسي : و لمَ لم يقل الله عز وجل حمداً لله رب العالمين، بل قال سبحانه: الحمد لله ؟ قالوا: هذه الألف واللام لاستغراق الحمد كله، يعني الحمد كله بحذافيره كله، وجزؤه ـ مهما كان حجمه ـ صغيره وكبيره لله عز وجل.

والعجيب أنك حين تشكر بشرا على جميل فعله تظل ساعات وساعات. . تعد كلمات الشكر والثناء، وتحذف وتضيف وتأخذ رأي الناس. حتى تصل الى قصيدة أو خطاب ملئ بالثناء والشكر. ولكن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته وعظمته نعمه لا تعد ولا تحصى، علمنا أن نشكره في كلمتين اثنتين هما: الحمد لله. .
ومن رحمة الله سبحانه وتعالى أنه علمنا صيغة الحمد. فلو أنه تركها دون أن يحددها بكلمتين. . لكان من الصعب على البشر أن يجدوا الصيغة المناسبة ليحمدوا الله على هذا الكمال الالهي. . فمهما أوتي الناس من بلاغة وقدرة على التعبير. فهم عاجزون على أن يصلوا الى صيغة الحمد التي تليق بجلال المنعم. . فكيف نحمد الله والعقل عاجز أن يدرك قدرته أو يحصي نعمه أو يحيط برحمته؟ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أعطانا صورة العجز البشري عن حمد كمال الالوهية لله، فقال: «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» .

وكلمتا الحمد لله، ساوى الله بهما بين البشر جميعا، فلو أنه ترك الحمد بلا تحديد، لتفاوتت درجات الحمد بين الناس بتفاوت قدراتهم على التعبير. فهذا أمي لا يقرأ ولا يكتب لا يستطيع أن يجد الكلمات التي يحمد بها الله. وهذا عالم له قدرة على التعبير يستطيع ان يأتي بصيغة الحمد بما أوتي من علم وبلاغة. وهكذا تتفاوت درجات البشر في الحمد. . طبقا لقدرتهم في منازل الدنيا.

النابلسي : قال عليه الصلاة والسلام:  (( ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ)) [ابن ماجة عن أنس بن مالك]
     العبد ماذا أعطي ؟ هذه الكلمة، كلمة الحمد لله، هذه الكلمة التي أعطاها العبد لربه أفضل عند الله مما أخذ، لو أخذ بيتاً ثمنه خمسة ملايين، وقال: يا رب لك الحمد، فكلمة الحمد لله أفضل عند الله من هذا البيت، لأن هذا البيت مصيره إلى الخراب، لكن هذا الحمد يسعد به الإنسان إلى الأبد، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
(( لو أن الدنيا كلها بحذافيرها بيد رجل من أمتي ثم قال الحمد لله لكانت الحمد لله أفضل من ذلك كله.))
[الديلمي وابن عساكر وابن النجار عن أنس]
ما بين الحمد والشكر
جاء في الحديث : (( الحمد رأس الشكر ما شكرَ اللهَ عبد لا يحمده.)) [عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمرو]
     قال بعضهم: الحمد حالة نفسية، والشكر سلوك، فليس هناك سلوك شاكر إلا على أساس حالة حمد، فإذا لم يكن عند الإنسان حالة حمد فسلوكه باطل، وهو في حالة نفاق ومداهنة:
     الحمد أولاً والشكر ثانياً، قال تعالى:
﴿ اعْمَلُوا آَلَ داود شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) ﴾
     أما الحمد فهو حالة نفسية، أحياناً يقدم لك إنسان خدمة تحس أنك ممتن من أعماقك منه، تعبر عن الامتنان أحياناً بخدمة، أحياناً بكلمة طيبة، أحياناً بقولك جزاك الله عني كل خير، ولكن هذا الكلام أو هذه الخدمة أساسها حالة نفسية شعرت بها هذا هو الحمد.
أنت في الصلاة تصلي الفرض، الفروض فقط في اليوم سبعة عشر ركعة، ومثلها سنن، يعني تقول: الحمد لله في الصلاة حوالي أربعين مرة، هل أنت في مستوى هذه الآية ؟ يعني راض عن الله عز وجل، راض عن صحتك، عن دخلك، عن ضيقك، عن عملك، راضٍ وأنت من أصحاب الدخل المحدود، أم ترى نفسك دائماً أنك محروم.
  لذلك فإن النبي الكريم قال:  (( عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيراً له.)) [مسلم عن صهيب]
و(( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أتاه الأمر يسره قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا أتاه الأمر يكرهه قال: الحمد لله على كل حال.))

الحقيقة إذا عرفت أسماء الله فلا تحزن أبداً على أي حال كنت، لأنك لا ترى إلا حكمة بالغةً في تصرفات الله عز وجل، فالآية في مبدئها تشير إلى أن النعم التي أسبغها الله علينا ظاهرة، وجلية، وواضحة، وناصعة، وهي كالشمس، لا يستطيع أحد على ظهر الأرض أن ينكرها، ولكن المشكلة أن هذه النعم تُعزى لغير الله، جاء قوله تعالى: ﴿ الحَمْدُ لِلَّهِ (2) ﴾
(( إن الجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلي العباد نازل، وشرهم إليّ صاعد، أتحبب إليهم بنعمي وأنا الغني عنهم، ويتبغضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر شيء إلي )).
[ الجامع الصغير عن أبي الدرداء بسند ضعيف ]

النابلسي :  إذا كنت تريـد أن تلخص الإسلام في كلمات ففي كلمة " لا إله إلا الله"، وكلمة "الحمد لله" هو كل شيء، ويحمد على كل شيء، وهو الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، يحمد على كل شيء، و"الحمد لله" الذي لا يُحمد على مكروه سواه.
     ما من حادث يقع، ما من مصيبة تقع، ما من فقر ينزل بإنسان، ما من مرض يلحق بجسم إنسان إلا بأمر الله، قال تعالى:
﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) ﴾  (سورة الحديد)
وبعض النظر إلى المشركين تجد الشركَ وسخطَ الكافر السماتِ العميقةَ بتفكيره وتصرفاته، أول شيء لديه الشرك، فلان، وفلان، وفلان، يرجو فلاناً، يخاف فلاناً، يتمنى رضاء فلان، يحسب لفلان حساباً، يعيش بدوامة الشرك، قلبه فارغ، يكاد ينفطر خوفاً من فلان، يكاد يذوب حباً بفلان
بعض الناس يتمنى الغنى، بعض الناس يتمنى الصحة، لو كُشفت لك الحقائق لن تتمنى إلا أن تكون كما كنت لأن الله عز وجل يعلم ما كان، ويعلم ما يكون، ويعلم ما سيكون، ويعلم ما لم يكن، لو كان كيف كان يكون ؟ لذلك ليس في الإمكان أبدع مما كان.
     هذه الزوجة أنسب امرأة لك، يقول معترضاً: لأن الحق على أمي، لا ليس الحق على أمك، خطبتها بسرعة، كانت مستعجلة، رأوها في الليل، وقعوا في الغش، ليس في الإمكان أبدع مما كان، علامة واحدة تصير مهندساً، ليس في الإمكان أبدع مما كان، اسمي ورد في القائمة، آخر اسم، كنت سأوفد في بعثة، ليس في الإمكان أبدع مما كان، لو نظرت إلى الأمور بعين التوحيد لرأيت أن الله وحده بيده كل شيء، قدَّم وأخر، سمح ومنع، يسَّر وعسَّر، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً:
 (( إن الله إذا أحب إنفاذ أمر سلب كل ذي لب لبه.)) [الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس] الذي ساقه الله إليك مبني على علم وحكمة وخبرة ورحمة:
   -  قال تعالى:﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) ﴾ (سورة الرعد)
  -  وقال: ﴿ يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2) ﴾ (سورة فاطر)
رب العالمين :

في الظلال : «رَبِّ الْعالَمِينَ» فهو يمثل قاعدة التصور الإسلامي، فالربوبية المطلقة الشاملة هي إحدى كليات العقيدة الإسلامية.. والرب هو المالك المتصرف، ويطلق في اللغة على السيد وعلى المتصرف للإصلاح والتربية..
والتصرف للإصلاح والتربية يشمل العالمين- أي جميع الخلائق- والله- سبحانه- لم يخلق الكون ثم يتركه هملاً. إنما هو يتصرف فيه بالإصلاح ويرعاه ويربيه. وكل العوالم والخلائق تحفظ وتُتعهد برعاية الله رب العالمين.
والصلة بين الخالق والخلائق دائمة ممتدة قائمة في كل وقت وفي كل حالة.

النابلسي : إن كلمة "رب" تقتضي العلم، وتقتضي الخبرة، وتقتضي الغنى، وتقتضي الإشراف الدائم، وتقتضي الحكمة، وتقتضي الرحمة، لا بد أن يكون رب العالمين قوياً، وغنياً، وحكيماً، وعليماً، وخبيراً، ورحيماً، وقيوماً، دائم الإشراف، لا يُسمى المربي ناجحاً إذا غاب عن الذي يربيه، لا يُسمى المعلم ناجحاً إذا تغيب عن الطلاب، لا بد أن يكون رب العالمين قوياً، وغنياً، وقديراً، وحكيماً، ورحيماً، ودائم الإشراف، وقيوماً، الحمد لله رب العالمين.

لكن معنى الربوبية يشمل التربية النفسية أيضاً، فكل أنواع المصائب مشتقة من قولـه تعالى: الحمد لله رب العالمين، الأب مثل مصغر، يمد ابنه بكل ما يحتاج، حاجاته، أدواته، كتبه، دفاتره، ألبسته الصيفية والشتوية، غرفته بما فيها من تدفئة، طاولة إنارة، سرير، وسائد مثلاً، فرش وثيرة، أغطية مناسبة صيفية وشتوية، هذا إمداد، فإذا ضبطه يكذب فقد يضربه، والضرب أيضاً تربية، فالتربية لها معنيان ؛ معنى الإمداد بما تحتاجه من مواد، والمعنى الثاني التربية النفسية، فكل إنسان يتلقى من الله عز وجل تربيتين ؛ يتلقى تربية لجسمه، ويتلقى تربية لنفسه، فكل ما يحدث لك فهو من الله عز وجل، بناءً على واقعك، وعلى نفسيتك، الحمد لله رب العالمين.

والله سبحانه وتعالى رب للمؤمن والكافر، فهو الذي استدعاهم جميعا الى الوجود. ولذلك فإنه يعطيهم من النعم برحمته. . وليس بما يستحقون. . فالشمس تشرق على المؤمن والكافر. . ولا تحجب أشعتها عن الكافر وتعطيها للمؤمن فقط، والمطر ينزل على من يعبدون الله. ومن يعبدون أوثانا من دون الله. والهواء يتنفسه من قال لا إله إلا الله ومن لم يقلها.

 اذن فالله سبحانه وتعالى يريد ان يطمئن عباده انه رب لكل ما في الكون فلا تستطيع اى قوى تخدم الانسان ان تمتنع عن خدمته. . لأن الله سبحانه وتعالى مسيطر على كونه وعلى كل ما خلق. . انه رب العالمين وهذه توجب الحمد. .
الله هو..الحق سبحانه وتعالى يحمد على انه رب العالمين. . لا شيء في كونه يخرج عن مراده الفعلي. . اما عطاء الالوهية فجزاؤه في الاخرة. . فالدنيا دار اختبار للايمان، والاخرة دار الجزاء. . ومن الناس من لا يعبد الله. . هؤلاء متساوون في عطاء الربوبية مع المؤمنين في الدنيا. . ولكن في الآخرة يكون عطاء الالوهية للمؤمنين وحدهم. .
ولابد ان نلتفت الى ان الكون كله يضيق بالانسان، وان العالم المقهور الذي يخدمنا بحكم القهر والتسخير يضيق حين يرى العاصين. . لان المقهور مستقيم على منهج الله قهرا. . فحين يرى كل مقهور الانسان الذي هو خدمته عاصيا يضيق.
واقرأ الحديث القدسي لتعرف شيئا عن رحمة الله بعباده. . يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: «ما من يوم تطلع شمسه إلا وتنادي السماء تقول يا رب إئذن لي أن أسقط كسفا على ابن آدم؛ فقد طعم خيرك ومنع شكرك وتقول البحار يا رب إئذن لي أن أغرق ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك. وتقول الجبال يا رب إئذن لي أن أطبق على ابن آدم فقد طعم خيرك ومنع شكرك. فيقول الله تعالى: دعوهم دعوهم لو خلقتموهم: لرحمتوهم إنهم عبادي فإن تابوا إلي فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم» رواه الإِمام أحمد بن حنبل في مسنده «.
«الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» ..

الظلال :   إن الرب الإله في الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها كما تصورها أساطير الإغريق. ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في «العهد القديم» كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين «1» .
النابلسي : وهذه الصفة التي تستغرق كل معاني الرحمة وحالاتها ومجالاتها تتكرر هنا في صلب السورة، في آية مستقلة، لتؤكد السمة البارزة في تلك الربوبية الشاملة ولتثبت قوائم الصلة الدائمة بين الرب ومربوبيه. وبين الخالق ومخلوقاته.. إنها صلة الرحمة والرعاية التي تستجيش الحمد والثناء. إنها الصلة التي تقوم على الطمأنينة وتنبض بالمودة، فالحمد هو الاستجابة الفطرية للرحمة الندية.


0 comentarios:

Publicar un comentario