فضله: ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة نكتفي بالاشارة إلى بعضها:
·
عن عبد الله الصنابجي رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم: قال إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنشر خرجت الخطايا
من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل
يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه.
·
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل يصلح الله بها عمله كله، وطهور الرجل لصلاته
يكفر الله بطهوره ذنوبه وتبقى صلاته له نافلة) رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في
الاوسط.
·
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه
وسلم قال: (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات.
قالوا: بلى يا رسول الله، قال:
(إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم
الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) رواه مالك
ومسلم والترمذي والنسائي.
فرائضه: للوضوء فرائض وأركان تتركب منها حقيقته، إذا تخلف
فرض منها لا يتحقق ولا يعتد به شرعا، وإليك بيانها:
(الفرض الاول): النية، وحقيقتها الارادة المتوجهة نحو الفعل، ابتغاء رضا
الله تعالى وامتثال حكمه، وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه،
(الفرض الثاني) غسل الوجه
مرة واحدة: أي إسالة الماء عليه، لان معنى الغسل الاسالة.
(الفرض الثالث) غسل اليدين
إلى المرفقين.
(الفرض الرابع) مسح الرأس،
والمسح معناه الاصابة بالبلل، ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقا بالممسوح والمحفوظ
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذاك طرق ثلاث:
(أ) مسح جميع رأسه: ففي حديث عبد
الله بن زيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم
رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه)
(ب) مسحه على العمامة وحدها: ففي
حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته
وخفيه)، رواه أحمد والبخاري وابن ماجة.
(ج) مسحه على الناصية والعمامة، ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه
(أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين) رواه مسلم.
هذا هو المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم
يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس، وإن كان ظاهر الآية يقتضيه كما تقدم، ثم إنه
لا يكفي مسح الشعر الخارج عن محاذاة الرأس كالضفيرة.
(الفرض الخامس): غسل الرجلين مع الكعبين، وهذا هو الثابت المتواتر
من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله.
(الفرض السادس): الترتيب، لان
الله تعالى قد ذكر في الاية فرائض الوضوء مرتبة.
سنن الوضوء:
(1) التسمية في أوله: ورد في التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة لكن مجموعها يزيدها
قوة تدل على أن لها أصلا، وهي بعد ذلك أمر حسن في نفسه، ومشروع في الجملة.
(2) السواك: ويطلق على العود الذي يستاك به وعلى الاستياك نفسه
وخير ما يستاك به عود الاراك الذي يؤتي به من الحجاز، لان من خواصه أن يشد اللثة، ويحول
دون مرض الأسنان، ويقوي على الهضم، ويدر البول، وإن كانت السنة تحصل بكل ما يزيل صفرة
الأسنان وينظف الفم كالفرشة ونحوها.
(3) غسل الكفين ثلاثا في أول
الوضوء: لحديث
أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فاستوكف
ثلاثا)
(4) المضمضة ثلاثا: لحديث لقيط بن صبرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (إذا توضأت فمضمض (2)) رواه أبو داود والبيهقي.
(5) الاستنشاق والاستنثار ثلاثا: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم ليستنثر) رواه الشيخان وأبو داود.
إلا أن الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه كان يصل بينهما.
(6) تخليل اللحية: لحديث عثمان رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه
وسلم كان يخلل لحيته)
(7) تخليل الأصابع: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك)
(8) تثليث
الغسل: وهو السنة التي جرى عليها العمل
غالبا وما ورد مخالفا لها فهو لبيان الجواز. وصح أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة
مرة ومرتين مرتين، أما مسح الرأس مرة واحدة فهو الأكثر رواية.
(9) التيامن: (أي البدء بغسل اليمين قبل غسل اليسار من اليدين
والرجلين، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن
في تنعله (1) وترجله وطهوره، وفي شأنه كله) متفق عليه
(10) الدلك: وهو إمرار اليد على العضو مع الماء أو بعده.
11) الموالاة: (اي تتابع غسل الاعضاء بعضها إثر بعض) بألا يقطع
المتوضئ وضوءه بعمل أجنبي، يعد في العرف انصرافا عنه وعلى هذا مضت السنة، وعليها عمل
المسلمين سلفا وخلفا.
(12) مسح الأذنين: والسنة مسح باطنهما بالسبابتين وظاهرهما بالإبهامين
بماء الرأس لأنهما منه.
(13) إطالة الغرة والتحجيل: أما إطالة الغرة فبأن يغسل جزءا من مقدم الرأس، زائدا
عن المفروض في غسل الوجه وأما اطالة التحجيل، فبأن يغسل ما فوق المرفقين والكعبين لحديث
أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن
أمتي يأتون يوم القيامة غرا
محجلين (2) من آثار الوضوء) فقال أبو هريرة: فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل.
(14) الاقتصاد في الماء وإن كان الاغتراف من البحر: لحديث أنس رضي الله عنه
قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع (3) إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد)،
متفق عليه، وعن عبيدالله بن أبي يزيد أن رجلا قال لابن عباس رضي الله عنهما: (كم يكفيني
من الوضوء؟ قال مد، قال كم يكفيني للغسل؟ قال صاع، فقال الرجل: لا يكفيني، فقال: لا
أم لك قد كفى من هو خير منك: رسول الله صلى الله عليه وسلم)، رواه أحمد والبزار والطبراني
في الكبير بسند رجاله ثقات.
(15) الدعاء أثناء: لم يثبت من أدعية الوضوء شئ عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، غير حديث أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه
وسلم بوضوء فتوضأ فسمعته يقول يدعو: (اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في داري، وبارك لي
في رزقي) فقلت: يا نبي الله سمعتك تدعو بكذا وكذا قال: (وهل تركن من شئ؟) رواه النسائي
وابن السني بإسناد صحيح.
(16) الدعاء بعده: لحديث عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها
شاء) رواه مسلم.
وما بقي من تعاهد موقي العينين وغضون الوجه، ومن تحريك
الخاتم،
o
ومن مسح العنق، لم نتعرض لذكره، لان الاحاديث فيها
لم تبلغ درجة الصحيح، وإن كان يعمل بها تتميما للنظافة.
نواقض الوضوء
:
للوضوء
نواقض تبطله وتخرجه عن إفادة المقصود منه، نذكرها فيما يلي:
1 - كل ما خرج من السبيلين: (القبل والدبر).
2 - النوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك مع عدم تمكن
المقعدة من الارض.
3 - زوال العقل، سواء كان الجنون أو بالاغماء أو بالكسر أو بالدواء.
4 - مس الفرج بدون حائل، وهذا يشمل ذكر نفسه وذكر غيره.
ما لا ينقض الوضوء :
أحببنا
أن نشير إلى ما ظن أنه ناقض للوضوء وليس بناقض، لعدم ورود دليل صحيح يمكن أن يعول عليه
في ذلك.
1) لمس المرأة بدون حائل: فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قبلها وهو صائم وقال: (إن القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم)
(2) خروج الدم من غير المخرج المعتاد، سواء كان بجرح أو حجامة أو رعاف، وسواء كان قليلا
أو كثيرا: قال الحسن رضي الله عنه: (ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم) (رواه البخاري،
وقال: وعصر ابن عمر رضي الله عنهما بثرة وخرج منها الدم فلم يتوضأ.
وبصق ابن أبي أوقى دما ومضى
في صلاته.
(3) القئ: سواء أكان مل ء الفم أو دونه، ولم يرد في نقضه حديث
يحتج به.
(5) شك المتوضئ في الحدث: إذا شك المتطهر، هل أحدث أم لا؟ لا يضره الشك ولا
ينتقض وضوءه سواء كان في الصلاة أو خارجها، حتى يتيقن أنه أحدث.
(6) القهقهة في الصلاة لا تنقض الوضوء، لعدم صحة ما ورد في ذلك.
(7) تغسيل الميت لا يجب منه الوضوء لضعف دليل النقض
ما يجب
له الوضوء : يجب الوضوء لأمور ثلاثة:
(الاول) :
الصلاة مطلقا، فرضا أو نفلا، ولو صلاة جنازة
(الثاني) :
الطواف بالبيت،
(الثالث) : مس المصحف، لما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه
عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهله باليمن كتابا وكان
فيه: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، قال ابن عبد البر في هذا الحديث: إنه أشبه بالتواتر،
لتلقيالناس له بالقبول.
o
ولكن لفظ : (الطاهر) لفظ مشترك، يطلق على الطاهر من الحدث الاكبر،
والطاهر من الحدث الاصغر، ويطلق على المؤمن، وعلى من ليس على بدنه نجاسة، ولابد لحمله
على معين من قرينة.
فلا يكون الحديث نصا في منع
المحدث حدثا أصغر من مس المصحف، وأما قول الله سبحانه: (لا يمسه إلا المطهرون) فالظاهر
رجوع الضمير إلى الكتاب المكنون، وهو وهو اللوح المحفوظ، لانه الاقرب، والمطهرون الملائكة..
ـ وذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن علي
والمؤيد بالله وداود وابن حزم وحماد بن أبي سليمان: إلى أنه يجوز للمحدث حدثا أصغر
من المصحف وأما القراءة له بدون مس فهي جائزة اتفاقا.
فوائد
يحتاج المتوضئ إليها:
1 - الكلام المباح أثناء الوضوء مباح، ولم يرد في السنة
ما يدل على منعه.
2 - الدعاء عند غسل الاعضاء باطل لا أصل له.والمطلوب الاقتصار علىالادعية
التي تقدم ذكرها في سنن الوضوء.
3 - لو شك المتوضئ في عدد الغسلات يبني على اليقين وهو الاقل.
4 - وجود الحائل مثل الشمع على أي عضو من أعضاء الوضوء يبطله، أما اللون
وحده، كالخضاب بالحناء مثلا، فإنه لا يؤثر في صحة الوضوء، لانه لا يحول بين البشرة
وبين وصول الماء إليها.
5 - المستحاضة، ومن به سلس بول أو انفلات ريح، أو غير ذلك من الأعذار يتوضئون
لكل صلاة، إذا كان العذر يستغرق جميع الوقت، أو كان لا يمكن ضبطه، وتعتبر صلاتهم صحيحة
مع قيام العذر.
6 - يجوز الاستعانة بالغير في الوضوء.
7 - يباح للمتوضئ أن ينشف أعضاءه بمنديل ونحوه صيفا وشتاء.
0 comentarios:
Publicar un comentario