lunes, 18 de septiembre de 2017

ثقافة الكراهية

0 comentarios

ثقافة الكراهية
ثقافة تخاطب الجانب الغرائزي والانتماءات الأولية في الإنسان ، كالقبلية والطائفية والمذهبية والقومية الضيقة وتنمي وتغذي مشاعر الكراهية والبغضاء فيه.
وأتصور أنها محصلة لكل الصفات والعناصر السيئة التي تشكل تمايزاً وفروقاً بين الناس ، كالتعصب والتطرف والطبقية والتنميط والاقصاء والتخوين والتكفير والاستعلاء.
  المجازر الدامية والمقابر الجماعية عبر التاريخ والممتد الى عصرنا في مختلف المناطق والجهات هي من تجليات ( ثقافة الكراهية ) وإفرازاتها الموجعة.
   هؤلاء الشباب، ، المتعصبين مذهبياً، المتطرفين فكرياً ، الذين يفجرون أنفسهم في مقهى أو مطعم أو مستشفى أو دار. عبادة أو محطة ركاب أو مترو أنفاق أو في تجمع عمال كادحين يبحثون عن رزقهم أو في فندق يعقد فيه حفل زفاف ، هؤلاء هم أبناء ( ثقافة الكراهية ) وضحاياها.
   إن أكبر العوامل التي حصدت بسببه نفوس ، وأريقت دماء وأزهقت أرواح ، هو عامل الكراهية على مدى التاريخ ، وإن فرسان الكراهية لم يجدوا وقوداً أفعل ولا سلاحاً أقتل من النار التي تشعلها الكراهية وتتغذى بها ،لقد كانت الكراهية هي النار والوقود والسلاح والذخيرة التي فتك بها أو بسببها أعداء البشر بضحاياهم وأبادوهم ، أو قهروهم ، أو سلبوا حقوقهم ، وليست الحروب الصليبية وهمجية التتار وحروب الأعوام المئة ، ومحاكم التفتيش ، والحربان الكونيتان ، الأولى والثانية ، وجرائم الصرب في البوسنة وما صنعه ميلو سيفتيش بالألبان ، إلا أمثلة لما تختزنه نفوس بعض البشر من شرور وآثام أشلعتها الكراهية بسبب العرف أو الدين أو رفض الآخر الفناء و الذوبان.[1]
الكراهية هي مرض العصر :

الحب والصداقة والاحترام لا توحد الناس مثلما تفعل كراهية شيء ما. - أنطون تشيخوف
فالحقد والكراهية والبغضاء وحب الذات والانتقاد وتسفيه آراء الآخرين بمثابة حالة مرضية إن لم تكن آفة من الآفات التى يعانى منها المجتمع حيث ازدادت هذه الحالة في الآونة الأخيرة حتى توغلت في شرائح عديدة من المجتمع وأصبحت هي المتحكم في أفعالهم والمسيطرة على قراراتهم وسلوكياتهم وتصرفاتهم حتى أوصلت البعض الى حالات من التشفى في إبراز عيوب الطرف الآخر متعمدا إيذائه أمام الجميع ومثل هذه الحالات توصل البعض الى درجة التفكير في الانتقام والبحث عن فرصة لذلك ، وعليه وجب علينا أن نتنبه الى ذلك والبحث عن كيفية العلاج ، وكلنا نتفق على أن مجمل هذه الأمراض تأتى من ضعف الإيمان بما قدره الله ، وسيطرة النفس الشيطانية على القلب الضعيف ، وخبث النفس الأمارة بالسوء. 
·        هناك من يلقاك بابتسامة عريضة وقلبه يكرهك . لقد تعلمنا النفاق الاجتماعي بامتياز
ثمار البغض والكراهية :

من أسباب الفرقة والهوان:

تولّد التنافر، فيسبب التحاشي والفرقة، فهل هذا هو الواجب تواجده بين المسلمين؟ كيف إن لم يكن ديننا يدعو دومًا إلى الأخوّة في الإسلام؟ وقد أمر الله المسلمين أن يصلحوا بين الطوائف المتخاصمة، لأنه لا يليق بالمسلم أن يغل من أخيه المسلم، ولأن في ذلك الفرقة والهوان وشماتة الأعداء ...

     -  قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:9].

وإن كنّا وفّرنا كل هذه الطاقات المكبوتة من الحقد والغل على أعداء الدين لانتصرنا عليهم، وما كان هذا حالنا والله المستعان!

    -   قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد. إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى} (مسلم:2586)، فأين الحاقد من هذا الحديث؟ فلنوفّر هذه الأحقاد والضغائن للبغض في الله، لأعداء الله.

مدعاة إلى فساد ذات البَين:

وهذا أمر طبيعي؛ فالإنسان الذي يحقد على أخيه المسلم سيدعوه هذا إلى مقاطعته وهجره، والعكس صحيح؛ فمن علم أن هناك من يحقد عليه من المسلمين، فمن المؤكد أنه سيهجره ويقاطعه، وهو أمر مخالف لشرع الله تعالى؛ يقول صلى الله عليه وسلم: (إياكم وسوء ذات البَين، فإنها الحالقة)[حسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي، رقم (2508) (فالحالقة هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين؛ كما يستأصل الموسى الشعر) [تحفة الأحوذي، المباركفوري، (6/301)].

الكراهية والبغضاء عملية حتمية لظهور الحقد والعداء :
فالحقد إذاً هو إضمار العداوة في القلب والتربص لفرصة الانتفام ممن حقد عليه.
إذا نظرنا إلى الحقد وجدناه يتألف من: بُغض شديد، ورغبة في الانتقام مضمرة في نفس الحاقد حتى يحين وقت النَّيْل ممن حقد عليه
وقد تضعف النفس أحيانًا فتبغض أو تكره لكن لا تستقر هذه البغضاء في نفوس المؤمنين حتى تصير حقداً، بل إنها تكون عابرة سبيل سرعان ما تزول؛ إذ إن المؤمن يرتبط مع المؤمنين برباط الأخوة الإيمانية الوثيق ؛فتتدفق عاطفته نحو إخوانه المؤمنين بالمحبة والرحمة، فهل يتصور بعد هذا أن يجد الغل والحقد إلى قلبه سبيلاً؟
     إن الشيطان ربما عجز أن يجعل من الرجل العاقل عابد صنمٍ، ولكنه -وهو الحريص على إغواء الإنسان وإيراده المهالك- لن يعجز عن المباعدة بينه وبين ربه، حتى يجهل حقوقه أشد مما يجهلها الوثني المخرّف، وهو يحتال لذلك بإيقاد نار العداوة في القلوب، فإذا اشتعلت استمتع الشيطان برؤيتها وهي تحرق حاضرَ الناس ومستقبلهم، وتلتهم علائقهم وفضائلهم، ذلك أن الشر إذا تمكن من الأفئدة (الحاقدة) تنافر ودها وارتد الناس إلى حالٍ من القسوة والعناد، يقطعون فيها ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض.
 وقال أبو حاتم: (الحقد أصل الشرِّ، ومن أضمر الشر في قلبه أنبت له نباتًا مرًّا مذاقه، نماؤه الغيظ، وثمرته الندم.
-   ويقال: الحقد مفتاح كلِّ شرٍّ. ويقال: حلَّ عقد الحقد، ينتظم لك عقد الود.
-   ويقال: الحقود والحسود لا يسودان)
ليس فساد القلب ينحصر فقط بالشرك، ولكن يفسد أيضا بأمراض القلوب، ومنها ما قد يكون سببا في النار والعياذ بالله مثل الرياء!

 ومن هذه الأمراض: الغل والحقد والضغائن، فيكون ذلك بسبب الغيرة أو الخصومة بين الناس...

إن الحقد المصدرُ الدفين لكثير من الرذائل التي رهَّب منها الإسلام
-       فالافتراء على الأبرياء جريمة يدفع إليها الكره الشديد (الحقد) وقد عدها الإسلام من أقبح الزور.
-       أما الغيبة فهي متنفَّسُ حقدٍ مكظوم، وصدر فقير إلى الرحمة والصفاء.
-       ومن لوازم الحقد سوء الظن وتتبع العوارت، واللمز، وتعيير الناس بعاهاتهم، أو خصائصهم البدنية أو النفسية، وقد كره الإسلام ذلك كله كراهيةً شديدةً.
فمن امتلأ قلبه بالغل والحقد سيسعى جاهدًا أن يَحُطَّ من منزلة من يحقد عليه بين الناس بالغيبة والنميمة، ونشر الأكاذيب والأراجيف حوله، والغيبة والنميمة من كبائر الذنوب وصاحبها على خطر عظيم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ}[الحجرات: 12].

 - وها هم إخوة يوسف أكبر دليل على ذلك: {اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ} [يوسف:9]. وغيرها من المعاصي التي ترتكب بتحريض من النفس الحقودة، التي تجني ثمارها دنيا وآخرة.

وقد نرى كثيرًا محاولات للصلح ودعوات للتسامح ولكن قليلًا من نراه يقبل.. أو قد يقبل قولًا باللسان.. وما في القلب باقٍ! ويرجع ذلك إلى أن الأمر مجرد كلمات، وليست حلول جذرية، فيجب أن نعمل جاهدين على علاج القضية نفسها من جذورها، حتى تصفى القلوب حقًا..

وحتى لا تتحول الكراهية إلى حقد يجب المسارعة إلى إزالتها والتحلل منها
بالصراحة والدعاء وحسن الظن والتماس الأعذار ..
كان الصحابة رضوان الله عليهم يلتمسون إزالة أي شيء يحصل في صدر الأخ على أخيه، لما أتى أبو سفيان على سلمان وصهيب وبلال في نفر قالوا: (والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها، فقال أبو بكر مستدركاً -لعله يطيب خاطر الرجل الذي يرجى إسلامه- قال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريشٍ وسيدهم -لعلها عبارة أراد أن يتألف بها قلب الرجل- فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: يا أبا بكر لعلك أغضبت إخوانك من أجل هذا المشرك، -قبل إسلامه رضي الله عنه- يا أبا بكر لعلك أغضبتهم، لأن كنت أغضبتهم لقد أ غضبت ربك، فأتاهم أبو بكر فقال: يا إخوتاه! أغضبتكم؟ قالوا: لا. ويغفر الله لك) رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه.
فهذا يدل على أنه ينبغي على المسلم إذا خشي أن يكون أخوه المسلم قد أخذ عليه في نفسه، أن يسارع لتطييب خاطره والاعتذار إليه، وأن يتأكد بأن صفحة قلب أخيه لا زالت بيضاء، وأنه لم يتصرف تصرفاً يدخل في قلب أخيه شيئاً عليه.
وفي المقابل ينبغي على من اعتذر إليه أن يقبل العذر وأن يسارع إلى تطييب خاطر الآخر، وأن يدعو له بالمغفرة، يغفر الله لك يا أخي، لقد كانت المناشدة بأسلوبٍ غاية في المحبة، يا إخوتاه! أغضبتكم؟ تلك أخلاق الصديق رضي الله تعالى عنه.
الحقد والكراهية تدمر القوة الإيجابية في الإنسان :

·        الكراهية صفة سوداء لو استحوذت على القلب أردته وأردت العقل معه ...
·        الكراهية ضد الإنتاج والعطاء والتفاهم وهي أساس الفشل في الحياة والانهزامية . فمبجرد أن تكره شيئا حتى تتخذ ضده كل أساليب الاحتقار وترسل عليه جيشا من الانتقادات ..
-  يقول مارتن لوثر كنغ الابن - لا يمكن للظلام إنهاء الظلام، فالنور فقط يمكنه ذلك. ولا يمكن للكراهية إنهاء الكراهية، فالحب وحده يمكنه ذلك. -
-  مارتن لوثر كنغ الصغير -  قررت التمسك بالحب. فالكراهية عبء أثقل من أن يتم تحمله. -
يقول جورج بيرنز -  أعتقد انك من الأفضل أن تكون فاشلاً في شيء تحبه على أن تكون ناجحاً في شيء تكرهه.
حمل الأحقاد ليس من علامات المومنين
 والمومن الحق بصفاء قلبه وسريرته :

    -  قال بعض العلماء:[.. إن فساد القلب بالضغائن داءٌ عُضالٌ، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائلُ من الإناء المثلوم.
    -   قال ابن حزم وكأنه يطل على واقع كثير من المتحاسدين والمتباغضين، أصحاب القلوب المريضة: وكثير من الناس اليوم يتورع عن أكل الحرام أو النظر الحرام ويترك قلبة يرتع في مهاوي الحقد والحسد والغل والضغينة، 
    -  عن فتح به شخرف قال: قال لي عبد الله الأنطاكي: ( يا خرساني. إنما هي أربع لا غير: عينك ولسانك وقلبك وهواك، فانظر عينك لا تنظر بها إلى ما لا يحل، وانظر لسانك لا تقل به شيئاً يعلم الله خلاف من قلبك، وانظر قلبك لا يكون منه غل ولا حقد على أحد من المسلمين، وانظر هواك لا يهوى شيئاً من الشر فإذا لم يكن فيك هذه الخصال الأربع فاجعل الرماد على رأسك فقد شقيت.
   -  إنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ )) [ رواه مسلم عن جابر رضي الله عنهما ]
  الآن يبدو من سابع المستحيلات أن يعبد شيطان في بلاد المسلمين، أو أن يتخذ صنمٌ في بلاد المسلمين، على الأقل نظرياً مستحيل، لكن هناك شرك عملي، وكفر عملي، فالتحريش بين المؤمنين آخر ورقة بيد الشيطان، تجد المسلمين ممزقين.
    -   عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله؟: «ثلاث من لم يكن فيه واحدة منهن، فإن الله يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء: من مات لا يشرك بالله شيئا، ولم يكن ساحرا يتبع السحرة، ولم يحقد على أخيه» ) 
   -  قال عليه الصلاة والسلام : -  تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فمن مستغفر فيغفر له، ومن تائب فيتاب عليه، ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا
    -  قال رسول الله؟: «تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين، ويوم الخميس. فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. أنظروا هذين حتى يصطلحا. أنظروا هذين حتى يصطلحا» )
لا يرضى الله بغل المؤمنين لبعضهم البعض، فينقيهم قبل دخول الجنة:

-  قال تعالى في كتابه العزيز: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف:43].
 فهل بعد ذلك مجال للغل والحقد؟ يأبى الله الغل للمؤمنين، فينقيهم قبل دخولهم الجنّة ليكونوا أنقياء القلب والنفس.

التسامح من شيم الأنبياء والصالحين:

   فأنت يا من تحمل غلًا لأخيك بسبب خصومة، ألا تعلم أن التسامح من شيم الأنبياء؟ وهو من أسمى الأخلاق، فلمَ لا تسامح وتفوض أمرك لله؟ نقيّ النفس والقلب، فيرتقي قدرك عند ربك، وابتغي في ذلك آخرتك ولا تنتظره في الدنيا،

     -   فها هو نبيّ الله يوسف عليه السلام يصفح عن كل من آذاه في حياته، بدايةً من أخوته الذين كادوا له كيدًا، إلى امرأة العزيز التي افترت عليه الفاحشة كذبًا،

     -  ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلّم الذي عفى عن أهل مكّة بعد كل ما تعرّض له من أذى من قِبلهم منذ أُرسل إليهم، فيدخل في يوم الفتح متواضعًا طيّب النفس شاكرًا لربه فضله عليه، وناسيًا كل الأذى الذ تعرّض له من الكفّار رغم أنه في موضع نصر وقوّة!

    -  وكما في الآيات الكريمة: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ . وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ . وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصّلت:34-36].

   فالآيات مرتبطة ببعضها البعض، وتكمل بعضها البعض في السياق، أولّا الدفع بالتي هي أحسن، وأن هذه مكانة عالية، مكانة الصابرين ولا يلقّاها إلى ذو حظٍ عظيم، وإذا نزغ الشيطان نزغٌ ليرُدّك عن ذلك فاستعذ بالله منه.

مجتمع الصحابة مجتمع بني على التصافي والمحبة وسلامة القلوب
 رغم الخلافات والنزاعات التي هي من طبائع البشر:

·        لما فضل المهاجرون على الأنصار كانت قلوب الأنصار سليمة لإخوانهم، ولم يعترضوا على تفضيلهم ولم يحسدوهم على ما آتاهم الله من فضله.
   -  وإنما كانت الأنصار كما قال الله:  (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:8- 11].

   -  وعن أبي حبيبة عمران بن طلحة قال: [أدخلت على علي رضي الله عنه بعد وقعة الجمل -المعركة التي استشهد فيها طلحة - فرحب به، ثم أدناه، ثم قال لولد طلحة يطيب خاطره بعد مقتل أبيه: إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك ممن قال الله فيهم:  وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ  [الحجر:47]]
    
   -  أي والله! فهذا الصحابي بشّره الله بدخوله الجنّة على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم لمجرد أنه ينام وليس في قلبه شيئًا لأحد، ففي الحديث: «كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليطلعن عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة، فجاء سعد بن مالك فدخل منه» قال البيهقي: "فذكر الحديث قال: فقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: ما أنا بالذي أنتهي حتى أبايت هذا الرجل، فأنظر عمله قال: فذكر الحديث في دخوله عليه قال: فناولني عباءة، فاضطجعت عليها قريبا منه، وجعلت أرمقه بعيني ليلة كلما تعار سبح وكبر وهلل، وحمد الله حتى إذا كان في وجه السحر قام فتوضأ، ثم دخل المسجد فصلى ثنتي عشرة ركعة باثنتي عشرة سورة من المفصل، ليس من طواله، ولا من قصاره، يدعو في كل ركعتين بعد التشهد بثلاث دعوات يقول: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، اللهم اكفنا ما أهمنا من أمر آخرتنا ودنيانا، اللهم إنا نسألك من الخير كله، وأعوذ بك من الشر كله حتى إذا فرغ قال، فذكر الحديث في استقلاله عمله، وعوده إليه ثلاثا إلى أن قال: فقال: آخذ مضجعي، وليس في قلبي غمر على أحد" (المنذري:4/33 صحيح أو حسن)، كلام من لاينطق عن الهوى.. فهل هناك مجال للتكذيب؟

·        من أروع الأمثلة في سلامة الصدر :

       -  وهذا شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كان فيما يجمع من الخصال: سلامة الصدر لإخوانه من أهل العلم، مع أن بعضهم حصل لهم حسدٌ عليه، بل قاموا ضده، بل سعوا في سجنه، وألبوا عليه الحكام، ومع ذلك كان ممسكاً للسانه، وممسكاً لألسنة أصحابه أن تنال أحداً من أهل العلم، فقال في رسالته التي بعثها من السجن، قال لأصحابه خارج السجن، وهو يتوقع أن صدورهم كالغلال على أولئك الذين كانوا سبباً في جعله في ذلك السجن، يقول: تعلمون رضي الله عنكم أني لا أحب أن يؤذى أحدٌ من عموم المسلمين، فضلاً عن أصحابنا بشيء أصلاً، لا ظاهراً ولا باطناً، ولا عندي عتبٌ على أحدٍ منهم ولا لومٌ أصلاً، بل هم عندي من الكرامة والإجلال والمحبة والتعظيم أضعاف أضعاف ما كان، كلٌ بحسبه، ولا يخلو الرجل من أن يكون مجتهداً مصيباً، أو مخطئاً، أو مذنباً، فالأول مأجور مشكور، والثاني مع أجره على الاجتهاد معفوٌ عنه مغفور له، والثالث المذنب فالله يغفر لنا وله ولسائر المؤمنين,

   -  قال ابن القيم رحمه الله: كان بعض أصحاب ابن تيمية الأكابر يقولون: وددت أني لأصحابي كـابن تيمية لأعدائه وخصومه، وما رأيته يدعو على أحدٍ من خصومه قط، بل كان يدعو لهم، وجئته يوماً مبشراً بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة وأذىً له، من أصحاب المذاهب، فنهرني وتنكع لي واسترجع وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أما أخبرت بموت الرجل، ثم قام من فوره إلى بيت أهله -أي أهل الميت- فعزاهم وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمرٌ تحتاجون فيه إل مساعدة إلى وساعدتكم فيه، فسروا به ودعوا له.

  -  وقال ابن مخلوف -وكان من أشد الناس عداوة لـابن تيمية رحمه الله، بل أفتى بقتله- كان يقول: ما رأينا مثل ابن تيمية حرضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنا وحاجج عنا، ذلك أن الأيام قد دارت وتولى السلطانالناصر وقرب شيخ الإسلام، وأراد أن ينتقم له من أعدائه ممن أمر بسجنهم ولكنه رحمه الله أبى ذلك، وقال: إن قتلتهم من أين تأتي بمثلهم، وهم علماؤك ونحو ذلك من الكلام حتى سكنه.

  -  ذكر الذهبي أن أبا إسحاق (الشيرازي) نزع عمامته- وكانت بعشرين دينارا- وتوضأ في دجلة، فجاء لص فأخذها، وترك عمامة رديئة بدلها، فطلع الشيخ فلبسها، وما شعر حتى سألوه وهو يدرس، فقال: لعل الذي أخذها محتاج 
القلب السليم راحة الإنسان :
    ليس أروح للمرء ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب، مُبرَّأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد..
·        إذا رأى نعمةً تنساق لأحدٍ رضيَ بها، وأحسَّ فضل الله فيها. وفقرَ عبادهِ إليها...
·        وإذا رأى أذى يلحق أحداً من خلق الله رَثَى له، ورجا الله أن يفرج ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضياً عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى.
-   قال: عثمان رضي الله عنه: (ما أسرَّ أحد سريرة إلا أظهرها الله- عز وجل- على صفحات وجهه وفلتات لسانه.
-   وقال زيد بن أسلم رضي الله عنه: (دخل على أبي دجانة وهو مريض، وكان وجهه يتهلل، فقيل له: ما لوجهك يتهلل؟ فقال: ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنتين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، أما الأخرى فكان قلبي للمسلمين سليمًا.
 -   وقد قال ابن عباس -أيضاً- كلماتٍ تدل على صلاح قلبه لإخوانه ولجميع المسلمين، لما شتمه رجل قال له: [إنك لتشتمني وفي ثلاث خصال: إني لآتي على الآية في كتاب الله عز وجل فلوددت أن جميع الناس يعلمون منها ما أعلم ، وإني لأسمع بالحاكم من حكام المسلمين يعدل في حكمه فأفرح به، ولعلي لا أقاضي إليه أبدا أفرح به لأجل مصلحة إخواني المسلمين ، وإني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلداً من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة (لا غنم ولا زرع في تلك البلد)  
لماذا نتباغض ويكره بعضنا بعضا :
الحقد نتيجة لضعف الإيمان وخواء القلب من الله :
النفس التى يتغلغل فيها هذا الحقد وهذا الكره ، هي النفس المتمردة على كل شيء جميل ، وهي المصدر الحقيقي لمجموعة من الرذائل مثل الغيبة والنميمة والافتراء على الناس بالكذب والبهتان ، وهي ذات النفس التى لم يتم ترويضها وتأديبها وتوجيهها الاتجاه الصحيح ، لوجود جزء مسيطر في قلب صاحبها يحمل الحقد والحسد والغل ، ويكون الانتقام هو شغله الشاغل ، ولنتذكر قصة سيدنا يوسف عليه السلام مع إخوته وكيف اتفقت النفوس الضعيفة والحاقدة المريضة على الشر .
نكره بعضنا بعضا لأننا لا نفهم بعضنا لأن كلا منا متعصب في زاويته لا يرى الحق إلا معه . والمرء عدو ما يجهل :
    إنّنا -نحن البشر- نختلف في مستوى ذكائنا، ودرجة تعلمنا، وعقائدنا الدينية، والتجارب الذاتية، والخلفية الاجتماعية، وكل هذا يحدد طريقتنا في التعامل في التعامل مع غيرنا من الناس، لذلك يجب علينا أن ندرك أننا مختلفون في فهمنا للأشياء ونظرتنا لها، وعندما أرى شيئاً معيناً ليس بالضرورة أن يتفق معي كل الذين أعرفهم، لذلك فإن كل إنسان له الحق في الاختلاف معنا.
  إن الكثير من المشاكل التي تحدث حولنا وسببها الرئيسي هو عدم فهم الناس بشكل صحيح، وليس كامل؛ لأنه مستحيل، لذلك نتعامل مع الناس بطريقة سيئة وخاطئة، لذا يحدث نفور واضح سواءً منا أو منهم، ومن أهم أسباب الفهم الخاطئ للناس، والثقة المتزعزعة بالنفس، وهو عندما أعتقد أن عيوبي كثيرة، وأنظر إلى غيري على أنه كامل، ليس به أي عيب! لذا هذا الشخص لا يشعر بالثقة عندما يتواجد مع الناس، ولو فهم هذا الشخص نفسه، وأن به بعض العيوب، لاستطاع أن يفهم غيره من الناس، وأن يشعر بالثقة في نفسه في وجود أي شخص غريب.
·        إننا لا نعطي الحق للآخر بأن يخطئ ونكره ونحقد عليه لأول سوء فعل. مع أننا نعطي لأنفسنا الحق أن نخطئ في حق الآخرين آلاف المرات.

لقد فرقتنا المصالح والمنافع والتنافس على المناصب وحب الدنيا :
  -  قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ( ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير. وهذا مشاهد في أوساط الموظفين والعاملين.
-  -  قال تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة: 91].
-  قال بعض الصَّحابة: (مَن أراد فضل العابدين، فليصلح بين النَّاس، ولا يوقع بينهم العداوة والبَغْضاء) .
قرناء السوء الذين يحرضون ويشعلون النيران : (فتكره إنسانا وتبغضه ربما بمجرد إشاعة كاذبة )
-  عن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله؟: «لا يبلغني أحد من أصحابي عن أحد شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر.
إثارة الخلافات والجدالات وعدم وجود أرضية علمية أورجوع إلى العلماء تخلق العداوات ما بين عامة الناس :
بإمكانك أن تدعو إلى الله خمسين عاماً، وأنت في المتفق عليه، بإمكانك أن تبتعد عن كل قضية شائكة شائنة تثير خلافاً، وتسهم في شق صفوف المسلمين.

فإن من أكثر ما يحدث الحقد والضغائن بين الإخوة: المراء، والجدل، والنقاش العتيل، وكذلك فإنه ينبغي الحذر من التعصب، فكم كان التعصب سبباً في إثارة الأحقاد والضغائن،
-  قال يوسف الصدفي رحمه الله: ما رأيت أعقل من الشافعي ، ناظرته يوماً في مسألة ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ! ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتفق في مسألة واحدة؟ إذاً الخلاف في الرأي لا يفسد الود بين المسلمين، لا يفسد للود قضية.
  وأما أن يكون هذا المسلم حاقدًا على أخيه المسلم لمجرد خلاف في الرأي أو الفقه، وبالتالي يتواطأ هذا الأخ المحسوب على الإسلام ضد أخيه المسلم، ويذهب إلى تكفيره أو تفسيقه، أو يُؤلِّب السلطة عليه، أو يُصدر ضده كتب التجريح والتشهير، وليس النقد العلمي الكريم النزيه، أما أن يكون هذا المسلم كذلك، فتلك هي الآفة المدمرة التي لم يَبرأ منها تاريخنا، والتي نوجه هذا البحث لرصدها وكشْفها

 التنافس في الدنيا من الأشياء التي توغر الصدور  
  لماذا حرمت الشريعة بيع المسلم على المسلم، وشراء المسلم على المسلم، وسوم المسلم على المسلم؟ حتى في حال المساومة لا يجوز أن تدخل بينه وبينه، وخطبة المسلم على خطبة أخيه، لأن الشريعة تريد المحافظة على صدور المسلمين نقية، وقال عليه الصلاة والسلام: (أوغير ذلك؟ تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون) قالها لما بشرهم بما يفتح عليهم من فارس والروم.
البغض في في منهجه الصحيح :
-  قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم : (أفضل الحب الحب في الله وأفضل البغض البغض في الله)  رواه مسلم.
إن البغض والكراهية يجب صرفها إلى من يقتل أبناءنا ويسفك دماءنا ويضيع حقوقنا لا لمن يختلف معنا مع وحدة المقصد والغاية .
·        و بغض هذا الصنف من البشر ما هو  الا انعكاس لبغض الله لهم
-  ومن أدلة ثبوت هذه الصفة قول النبي صلى الله عليه وسلم :"إنَّ الله إذا أحب عبداً دعا جبريل ، فقال : إني أحب فلاناً فأَحِبَّه ، فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء فيقول : إنَّ الله يحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض . وإذا أبغض عبداً دعا جبريل ، فيقول : إني أبغض فلاناً فأبغضه، فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إنَّ الله يبغض فلاناً فأبغضوه ، فيبغضونه ، ثم توضع له البغضاء في الأرض".
الكراهية والحقد نتيجة لحالة من الإحساس بالكبت والقهر :

حينما تمارس السلطة المستبدة العنف المفرط ضد السكان المسالمين غير القادرين على مواجهة العنف بالعنف المضاد، يحتقن ذاتهم بالحقد والكراهية بانتظار الفسحة المناسبة لتفريغها على شكل عنف مضاد للقصاص من أزلام سلطة الاستبداد.
ويتوقف حجم العنف المضاد عل حجم الحقد والكراهية الكامنة في وجدان الإنسان المقهور، فكلما كان القهر والاستبداد كبيراً كلما تضاعف حجم الحقد والكراهية وأخذ أشكال متنوعة من الانتقام يصعب السيطرة عليها لأجل تفريغ شحنات الحقد والكراهية اللتان تثقلان وجدانه.
ويأخذ الانتقام شكله العشوائي، لينال من كامل جسد السلطة المستبدة (أزلام، وممتلكات، ومؤيدين...) دون تحديد المسؤولية عن حالات العنف المفرط للسلطة المستبدة ضد السكان. وتعتبر أخطر أنواع الكراهية، تلك الكراهية المغلفة بالصمت والمتوائمة مع سلطة الاستبداد بانتظار الفسحة المناسبة للانتقام والتشفي. 






[1]  الدكتور راشد المبارك –مفكر السعودي وأستاذ العلوم – كتب العديد من المقالات المبكرة في مجلة (العربي) وصحيفة (الحياة) اللندنية ، ثم خصص لها كتاباً بعنوان ( فلسفة الكراهية)

0 comentarios:

Publicar un comentario