والكلمات ترجمان الروح ومصفاة القلب وعصارة العقل .. ولعل القدرة على الكلام
من أعظم النعم التي وهبها الله للإنسان .. فاستطاع بجملة وأحدة أن يعبر عما
يجول في عقلك ووجدانك للطرف الأخر.
والكلمة
هي نتاج مركب عما يدور في مشاعرنا ويستثير فضولنا , وقد تكون الكلمة الحد الفاصل
في كثير من الأمور الحياتية , فهي الجواب الحاسم والقول القاطع , فبكلمة وأحدة
قد تهدم الحياة أو تعمرها وبكلمة وأحدة قد تخسر الزبائن أو تكسبهم وبكلمة واحدة
تستطيع قبول الصواب ورفض الخطأ وبكلمة وأحدة قد تعفو عن إساءة أو هفوة.
لا يكن كلامك بدون هدف ولا
غاية
على المرء أن ينظر في دواعي الكلام إذا أراده:
ما هو؟ ولم؟ وكيف؟
فإن الكلام بلا سبب هُجر، وما لا داعي له هذيان، ومن أطلق لنفسه العنان
بالكلام دون معرفة دواعيه وملاحظة إصابة معانيه كان قوله مرذولاً ورأيه معلولاً...
فالكلام كالعمل ينبغي أن يعرف له هدف ويظهر له مقصود.
- قال عمر
بن عبدالعزيز: من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه.
فإذا لم يكن للكلام هدف واضح ولا مقصود مشروع كان الصمت أولى وحكمة وأسلم.
- قال بعض الحكماء: إذا جالست الجهال فأنصت لهم، وإذا جالست العلماء
فأنصت لهم. فإن في إنصاتك للجهال زيادة في الحلم، وفي إنصاتك للعلماء زيادة في العلم.
- وجمع هذا
الأدب العظيم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليسكت".
النهي عن فضول الكلام
- وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من آفة الشره
في الكلام وإطلاق العنان للسان دون رقيب، فقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: "أمسك عليك هذا وأشار إلى لسانه. قال: أنؤاخذ بما نقول؟ قال: ثكلتك
أمك، وهل يكبّ الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم"
- قال الإمام أبو حامد رحمه
الله: فضول الكلام مذموم، وهو يتناول الخوض فيما لا يعني، والزيادة فيما يعني على
قدر الحاجة.
-
قال عطاء بن أبي رباح: إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا
يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أو أمراً بمعروف
أو نهياً عن منكر أو أن تنطق في حاجة معيشتك التي لا بد لك منها... أتنكرون أن عليكم
حافظين كراماً كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد،
أما يستحي أحدكم إذا نشرت صحيفته التي أملاها صدر نهاره كان أكثر ما فيها ليس من أمر
دينه ولا دنياه.
-
قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ
أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ
اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (النساء:114)
- وعن ابن عمر ما قال: قال رسول الله : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله تعالى فإنّ كثرة الكلام بغير ذكر الله
تعالى قسوة للقلب وإنّ أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي الترمذي.
اختيار أجمل الكلام، وأحسن الألفاظ،
أثناء مخاطبة الناس، كما يختار أطايب الطعام.
-قال تعالى: وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ
مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج.
- قال تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً البقرة 83
- وقال تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
العنكبوت 46.
- عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه و سلم
( ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها ثم
ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها ثم قال اتقوا النار و لو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة
طيبة).
-
في الحديث الصحيح: (إن
في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله تعالى لمن أطعم
الطعام وألان الكلام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام) فالشاهد قوله صلى الله عليه وسلم: (ألان الكلام).
- وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه
الشمس : تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابّته فتحمله عليها أو ترفع له متاعه
صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق
صدقة )
·
وبكلمة لينة لطيفة تستطيع أن
تداوي مجروحا:
- لذا يقول أحد الحكماء ( إن القلوب مزارع فازرع فيها
الكلمة الطيبة فان لم تتمتع بثمها تمتع بخضرتها .
** ما أوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ
رضي الله عنه،حيث قال لـه: أوصيك بتقوى
الله،وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة،وترك الخيانة،ورحم اليتيم،وحفظ الجوار،وكظم
الغيظ،ولين الكلام،وبذل السلام …الخ
بعض الناس يحول غضبة أو انفعالاته المكبوته
الى قنبلة في وجه الأخر او حمما ملتهبة ، تحرق القلوب وتخنق النفوس.
·
تجنّب الخبيث من الكلام، والهجين من الألفاظ، لأن المؤمن
لا يكون فاحشا ولا بذيئا:
- عن أبي موسى قال: قلت يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده. متفق عليه.
لا تهزأ بأحد وامتنع عن المزاح وكذلك التشهير
أو الفضح ...
· احذر ان
تكون من المداحين الكذبة، بل أصدق القول، وقدِّم النصح بمحبة، وانتقد
اصدقاءك بحرص.
· ولا
يحدث الانسان بكل ما يسمع دونما تحقق وتبين
لأن الحديث المسموع من الناس فيه الكذب والصدق ,
فإذا حدث الرجل بكل ما سمع , فإنه سيحدث بالكذب جزماَ
- وفي الحديث : كفى
بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع) وفي رواية) بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع .
خفض الصوت وعدم رفعه أكثر من
الحاجة
|
إن السبب في الصياح والصراخ في الكلام والحوار والنقاش
اما كونه طبيعة وعادة سيئة / أو كونه ضعف في الدليل
والحجة يحجبه صاحبه بالصراخ والصياح / أو كونه أصم لا يسمع
- إذا كان لابد من المناقشة في حديثك، فناقش بهدوء ووعي، واستند في مناقشتك على علمك وثقافتك وعلى المنطق السليم، وإياك والصياح والتجريح، فمهما اختلفت آراء المتحدثين،
فهي مفيدة لأنها تنشط العقل الذي يضعف بسبب الجلسات الطويلة امام التلفزيون، حيث ان عرض المواضيع الكاملة النضج يدفع
إلى الخمود الكامل.
من أجل هذا جاء النهي عن
الجدال - لانه نتيجة لغياب اللباقة في
الحوار وضياع قواعده
- عن أبي
أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا زعيمٌ ببيت
في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن
كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خُلقه».
- وعن جندب بن عبد الله رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرءوا القرآن
ما ائتلفت قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه».
- قال النووي: «والأمر بالقيام
عند الاختلاف في القرآن محمولٌ عند العلماء على اختلاف لا يجوز أو اختلاف يوقع فيما
لا يجوز كاختلاف في نفس القرآن أو في معنى منه لا يسوغ فيه الاجتهاد، أو اختلاف يوقع
في شك أو شبهة أو فتنة وخصومة أو شجار ونحو ذلك. وأما الاختلاف في فروع الدين منه ومناظرة
أهل العلم في ذلك على سبيل الفائدة وإظهار الحق واختلافهم في ذلك فليس منهيًا عنه بل
هو مأمورٌ به وفضيلة ظاهرة، وقد أجمع المسلمون على هذا من عهد الصحابة إلى الآن والله
أعلم».
لا يتكلم الإنسان فيما لا
يعنيه
- قال الإِمامُ الشافعيُّ رحمه اللّه لصاحبه
الرَّبِيع : يا ربيعُ !
لا تتكلم فيما لا يعنيك، فإنك إذا تكلَّمتَ بالكلمة ملكتكَ ولم تملكها .
- وعن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سمعته يقول : خمس لهن أحسن من الدهم الموقفة : لا تتكلم فيما لا يعنيك فإنه فضل ولا آمن عليك الوزر ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعا فإنه رب متكلم في أمر يعنيه قد وضعه في غير موضعه فيعنت ولا تمار حليما ولا سفيها فإن الحليم يقليك وإن السفيه يؤذيك واذكر أخاك إذا تغيب عنك بما تحب أن يذكرك به واعفه عما تحب أن يعفيك منه واعمل عمل رجل يرى أنه مجازى بالإحسان مأخوذ بالإجرام . الصمت وآداب اللسان , لابن أبي الدنيا 95 .
- قال مورق العجلي: لقد سألت الله حاجة كذا وكذا
منذ عشرين سنة فما أعطيتها ولا أيست منها، فسأله بعض أهله ما هي؟ قال: أن لا أقول ما
لا يعنيني.
- مر حسان بن أبي سنان بغرفة فقال: مذ كم بنيت هذه؟ ثم رجع إلى
نفسه فقال: وما عليكِ مذ كم بنيت؟! تسألين عما لا يَعْنيك؟! فعاقبَها بصوم سنة.
- قال الحسن: قال عمر: ثلاث من الشقاء أن يجد الرجل
على أخيه فيما يأتي؛ أو يذكر من أخيه ما يعرف من نفسه؛ أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه.
(مفتاح دار السعادة
1/202).
-
عن أبي شهاب عن عمرو بن قيس أن رجلاً مر بلقمان والناس عنده فقال: ألست عبد بني فلان؟! قال: بلى،
قال: الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا؟! قال: بلى، قال: فما الذي بلغ [بك] ما أرى؟!
قال: صدق الحديث وطول السكوت عما لا يعنيني. (الصمت , لابن أبي الدنيا ص96).
كذلك لا يتكلم في غير فنه
ولا فيما لا يعلم
ويبني
حديثه على الوهم والظن أكذب الحديث
· إذا تكلم المرء في غير فنه أتى بالعجائب
لا تلجأ إلى الكلام
المصطنع والمتكلف والمنمق والمزوق والمتشدق وكن إنسانا عاديا
طبيعيا .
** فعن جابر
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن من أحبكم إليَّ وأقربكم من مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن
أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون، قالوا:
يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيقهون؟ قال: المتكبرون. رواه
الترمذي وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه، وصححه الألباني.
* وقال الترمذي عقب رواية الحديث: والمتشدق الذي يتطاول على الناس في الكلام ويبذو عليهم.
* ومن معاني المتشدق: المستهزى بالناس يلوي بشدقه بهم وعليهم.
* ومن معاني المتشدق: المستهزى بالناس يلوي بشدقه بهم وعليهم.
- وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح
-أيضاً-: (سيكون
رجال من أمتي يأكلون ألوان الطعام، ويشربون ألوان الشراب، ويلبسون ألوان الثياب، ويتشدقون
في الكلام، فأولئك شرار أمتي)
- وجاء وصفهم -أيضاً- بصفة قبيحة في الحديث الصحيح: (إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال،
الذي يتخلل بلسانه تخلل البقرة بلسانها)
وهو كناية عن التباهي والاستطالة، فالألفاظ عند هذا الرجل في المرتبة الأولى
والمعاني بعد ذلك، فهو لا يحسب حساب المعنى، وهو -أيضاً- يتكلف لك ويلوي لسانه لياً
كما تلف البقرة الكلأ بلسانها لفاً، فإذاً لا بد من ترك التكلف وأخذ الأمور بالطبيعة
والسجية مع انتقاء الكلمات وجودة المعنى.
أمثلة من كلام العرب القديمة
- كان لأحدهم ولد نحوي يتقعر في الكلام ،فأعتل ابوه علة أشرف منها على الموت .
فاجتمع اليه اولاده و قالوا له ندعو لك أخانا فلاناً
. فقال : لا ، إن جاءني قتلني . قالون : نحن نوصية الا يتكلم . فدعوه ، فلما دخل على
ابيه قال: يا أبت قل لا اله الا الله تدخل الجنة و تفوز
من النار .. يا أبت و الله ما شغلني عنك الا فلاناً فأنه دعاني بالامس فأهرس و أعدس و أستبدج و سكبج وطهبج و افرج و دحج و أبصل و أمضر و لوذج
و افلوذج.. فصاح ابوه : غمضوني فقد سبق ابن ...
ملك الموت الى قبض روحي.
- وقع نحوي في كنيف ، فجاء كناس ليخرجه .و صاح به الكناس ليعلم أهو حي أم ميت .
فقال النحوي : اطلب لي حبلاً دقيقاً و شدني شداً وثيقاً و أجذبني جذباً رقيقاً .
فقال له الكناس: أمرأتي طالق إن أخرجتك . ثم تركه و انصرف عنه .
- يحكى أن نحويا دخل
سوق البصرة ليشتري حمارا, فقال للبائع: أريد حمارا لا هو
بالصغير المحتقر, ولا بالكبير المشتهر, إن أقللت علفه صبر, وإن أكثرت علفه شكر,
إذا ركبته هام, وإن ركبه غيري أقام, لا يدخل تحت البواري, ولا يزاحم بي السواري,
إذا خلا له الطريق تدفق, وإذا كثر الزحام ترفق. فقال له البائع: انتظر, فربما يمسخ
الله القاضي حمارا فأبيعه لك.
تجنب الثرثرة واللغو الفارغ :
-قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
(1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ
مُعْرِضُونَ (3) المؤمنون.
-وعن أنس قال: كان رسول الله يتكلم
بكلام فصل لا هزر ولا نزر، ويكره الثرثرة في الكلام والتشدّق فيه. متفق عليه.
**
ومن الثرثرة : أن تغرق موضوعاً تافهاً بالتفاصيل والاحداث التي لا تهم الآخرين.
والثرثار إنسان ثقيل على النفس حيث ان المستمع لا يطيق
كثرة كلامه . ولا تفاصيله المملة والتافهة .
- قال ثقيل لمريض : ما تشتهي ؟ قال : أشتهي ألا أراك.
- مرض الأعمش فعاده أبو حنيفة ، فقال : يا أبا محمد! لولا أنه يثقل عليك، لعدتك كل يوم. فقال الأعمش : والله إنك على لّثقيل وأنت في بيتك ، فكيف إذا عدتني.
- وقال الشاعر المبتلى بأحد الثقلاء : إذا جلس الثقيل إلـيك يومـاً اتتك عقوبة من كـل بـاب
فهل لك يا ثقيل إلى خصـالٍ تنال ببعضها كرم الـمـآب
إلى مالي فتأخذه جـمـيعـاً أحلّ لديك من ماء السّحـاب
وتنتف لحيتي وتـدقّ أنـفـي وما في فيّ من ضرس وناب
علـى ألاّ أراك ولا تـرانـي مقاطعةً إلى يوم الحـسـاب
-
قال المأمون يوما لجلسائه لم صار الثقيل أثقل على القلب من الحمل الثقيل فلم يجب منهم أحد وقالوا
أمير المؤمنين أعلم فقال لأنه يجتمع على الحمل الثقيل الروح والبدن والثقيل تنفرد به
الروح . كتاب ذم الثقلاء , لابن المزربان
- وقال الأعمش: من فاتته ركعتا الفجر فليلعن الثقلاء. ونقش على خاتمه: يا مقيت أبرمت فقم، فإذا
استثقل جليساً ناوله إياه، وربما أنشد:
وما الفيل تحمله
ميتاً ... بأثقل من بعض جلاسنا
- وقال له رجل: مم عمشت عيناك؟
فقال: من النظر إلى الثقلاء أمثالك.
- وقال زياد بن عبد الله: قيل للشافعي: هل يمرض الروح قال: نعم من ظل الثقلاء قال: فمررت
به يوماً وهو بين ثقيلين فقلت: كيف الروح؟ فقال في النزع.
- ولابن عطاء الصنهاجي:
ليس من الناس ولكنه
... يحسبه الناس من الناس
أثقل في أنفس أصحابه
... من جبل راس على راس
الصمت لمن هو أعلى مقاما
- تنازل عن
الكلام لمن هو أكبر منك سناً أو أكثر منك علما أو أكثر منك تجربة في الحياة حتى لا
تضيع على نفسك الفائدة .
** مثلا : إذا كان النقاش يدور
حول موضوع بعيد عن معارفك أو ثقافتك فمن دواعي الأدب أن تنصت ومن الذكاء أن تحاول الاهتمام
به وفهمه..
- ولذلك قال الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب
الأدب : باب إكرام الكبير، ويبدأ الأكبر بالكلام والسؤال. وهذا قد جاء النص
عليه والأمر به والإنكار على من خالفه...
- في الحديث الصحيح، وهو حديث عبد الله بن سهل ومحيصة
بن مسعود (أنهما أتيا خيبر فتفرقا في النخل، فقتل عبد الله بن سهل ، فجاء عبد الرحمن
بن سهل -أخو القتيل- وحويصة ومحيصة ابنا مسعود ، إلى النبي عليه الصلاة والسلام فتكلموا
في أمر صاحبهم القتيل، فبدأ عبد الرحمن وكان أصغر القوم فقال له النبي صلى الله عليه
وسلم: كبِّر الكُبْرَ، كبِّر الكُبْرَ. قال يحيى : أي: ليَلِ الكلام الأكبر) فالأكبر
هو الذي يتولى الكلام ويبدأ به، فتكلموا في أمر صاحبهم، وفي رواية: (كبر كبر) قال:
(فذهب عبد الرحمن يتكلم وكان هو أصغر القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كبر كبر،
وهو أحدث القوم فسكت فتكلما).
وكذلك مما يتعلق بهذه النقطة -أيضاً- ترك الكلام للأفقه، فإنه قد تحدث
مناسبة تدعو للكلام فيود أحد الناس أن يتكلم، كأن تحدث حادثة تحتاج إلى تعليق، أو تحصل
حادثة في المجلس أو في المسجد فيترك التعليق عليها للأفقه؛ لأن كل إنسان يريد أن يعلق،
مثلاً: حصلت حادثة ولا بد من تعليق، فيترك للأفقه، مع أن كل الموجودين تدعو حاجتهم
-أحياناً- إلى الكلام؛ لأن الأفقه والأعلم عنده مما نور الله به بصيرته ما يستطيع أن
يقنع به الناس، ويكون تعليقه أولى من تعليق غيره، وكلامه أحسن من كلام غيره
لا تقاطع متكلما ولا متحاورا
تجنب مقاطعة أحد، ودعه المتكلم حتى ينتهي في
المجلس، لأن مجلس العقلاء لا يتكلم فيه إثنان معا.
· وإذا دخلت على أناس يتكلمون فلا تقطع حديثهم، فإن قطع الحديث مخالف للأدب،
-
وقد جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس قال: [حدث الناس كل جمعة مرة، فإن أبيت فمرتين، فإن أكثرت فثلاث مرار، ولا
تمل الناس هذا القرآن، ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم، فتقص عليهم فتقطع
عليهم حديثهم فتملهم، فإذا أمروك فحدثهم ، وانظر السجع من الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك]
- أي: إذا قالوا لك: حدثنا
أو ذكرنا أو عظنا يا فلان، فحدثهم؛ لأنك إذا حدثتهم بناءً على طلبهم؛ فإن الحديث يكون
أشهى لهم، وأكثر موقعاً في نفوسهم من أن تبادئهم أنت وتطلب الإنصات.
|
مخاطبة المستمع على قدر فهمه
وبما يناسب ثقافته ومستواه العلمي، وإلا ساء
ظنّه، وحسب الكلام استهزاء به وتنقيصا له.
ولا يخاطبهم بالصعب الذي لا يدركون معناه،
ولا بغريب الكلام الذي لا يفهمونه، وحتى إذا انتقى أشياء من العلم ينتقي الأشياء الأساسية
الواضحة السهلة التي تتقبل، ويترك الأشياء التي قد ينفر منها الناس لغرابتها عندهم،
مع أنها قد تكون من الدين، لكن إذا أدى عرضها إلى تكذيب الله ورسوله، كما يفعل بعض
العامة إذا عُرِض عليه شيء غريب جداً قالوا: هذا ليس حديثاً، ولا يمكن أن يقول النبي
عليه الصلاة والسلام كلاماً مثل هذا، فيؤدي به إلى تكذيب الله ورسوله؛ فعليه أن يجتنبها.
- ولذلك قال علي - كما روى البخاري تعليقاً -: [حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله
ورسوله؟] وهذا شيء يهم الخطباء والدعاة إلى الله عز وجل.
التمهّل في الكلام وبيانه حتى يفهم المستمع المراد من الحديث
ويعقل مقصوده ومغزاه
- عن عائشة قالت: ما كان رسول الله يسرد الحديث كسردكم هذا، يحدّث حديثا لو عدّه العادّ
لأحصاه. متفق عليه.
- وعنها
أيضا قالت: كان كلام رسول الله كلاما فصلا يفهمه كل من سمعه. رواه أبو داود.
- قال ابن
شهاب : أخبرني عروة عن عائشة أنها قالت: (ألا يعجبك أبو فلان جاء فجلس إلى جانب حجرتي
يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعني ذلك وكنت أسبح -أتنفل- فقام قبل أن أقضي
سبحتي، ولو أدركته -أي: هذا الراوي الذي يروي الأحاديث بسرعة بجانب حجرتي ليحدث الناس،
لأن حجرة عائشة كانت بجانب المسجد- لرددت عليه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يكن يسرد الحديث كسردكم) هذا
في رواية البخاري -رحمه الله.
تجنب الحلف والإكثار من القسم
أثناء الكلام، وعدم الحلف إلا لضرورة.
-
قال تعالى: وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ المائدة 89.
· تجنّب الحلف بمخلوق كالنبي والكعبة والملائكة والآباء والحياة والرأس والشرف..
إلخ.
-
عن ابن عمر ما عن النبي قال: إنّ الله تعالى
ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت متفق عليه.
- وعنه أنه سمع رجلا يقول: لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله يقول:
من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك رواه الترمذي.
تجنّب الحديث كثيرا عن ذاتك
:
عن نفسك وعن مآثرك وعن صحتك أو مرضك. أوعن إنجازاتك
·
وحاذر طرح أسئلة ذات طابع شخصي.
لا تتحدث إلى صديقك بلغة أجنبية
وأنتما بين أشخاص لا يعرفون هذه اللغة.
- فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن
النبي - صلى
الله عليه وسلم - قال
: " لا يتناج اثنان دون واحد ؛ فإن ذلك يؤذي المؤمن ، والله - عز وجل - يكره أذى المؤمن " أخرجه الترمذي
- وقال
النبي عليه الصلاة والسلام:
(إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى رجلان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس؛ فإن ذلك يحزنه)
· ولو صار في المجلس أربعة فتكلم اثنان سراً بينهما، والثالث والرابع صامتين
بعيداً عنهما فلا يعتبر هذا تناجياً؛ لأنه يمكن أن يأنس بصاحبه.
· وكذلك لا تهمس باذن أحد
وأنت ضمن مجموعة.
0 comentarios:
Publicar un comentario