من هو ؟

مولده ونشأته
ولد في 11 ربيع الثاني وهو الاشهر
سنة 470 هـ الموافق 1077م[1]
وهناك خلاف في محل ولادته
، حيث توجد روايات متعددة ،أهمها القول بولادته في جيلان في شمال إيران حالياً على
ضفاف بحر قزوين ...و
القول أنه ولد في جيلان العراق وهي قرية تاريخية قرب المدائن 40 كيلو متر جنوب بغداد،
وهو ما أثبتته الدراسات التاريخية الأكاديمية وتعتمده الاسرة الكيلانية ببغداد ، وقد
نشأ عبد القادر في أسرة وصفتها المصادر بالصالحة، فقد كان والده أبو صالح موسى معروفا
بالزهد وكان شعاره مجاهدة النفس وتزكيتها بالأعمال الصالحة ولذا كان لقبه "محب
الجهاد".[2]]
.
* أنجب عبد القادر عدداً كبيراً من الأولاد، وقد
عنى بتربيتهم وتهذيبهم على يديه واشتهر منهم عشرة
سفره إلى بغداد
كان عبد القادر الجيلاني قد نال قسطاً من علوم الشريعة في
حداثة سنه على أيدي أفراد من أسرته، ولمتابعة طلبه للعلم رحل إلى بغداد ودخلها سنة 488 هـ الموافق 1095م وعمره ثمانية عشر
عاماً .في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله.
وكان العهد الذي قدم
فيه الشيخ الجيلاني إلى بغداد تسوده الفوضى التي عمت كافة أنحاء الدولة العباسية، حيث كان الصليبيون يهاجمون ثغور الشام، وقد تمكنوا من الاستيلاء علىأنطاكية وبيت المقدس وقتلوا فيهما خلقا كثيرا من المسلمين ونهبوا أموالاً كثيرة.
وكانت فرقة الباطنية قد نشطت
في مؤامراتها السرية واستطاعت أن تقضي على عدد كبير من أمراء المسلمين وقادتهم فجهز السلطان السلجوقي جيشاً كبيراً سار به إلى إيران فحاصر قلعة
"أصفهان"
التي كانت مقراً لفرقة الباطنية وبعد حصار شديد استسلم
أهل القلعة فاستولى عليها السلطان وقتل من فيها من المتمردين
وكان المجرمون وغيرهم من العاطلين والأشقياء
ينتهزون فرصة انشغال السلاطين بالقتال فيعبثون
بالأمن في المدن يقتلون الناس ويسلبون أموالهم فإذا عاد السلاطين من القتال انشغلوا
بتأديب المجرمين.
جلوسه للوعظ والتدريس
عقد
الشيخ أبو سعيد المُخَرِمي لتلميذه عبد القادر مجالس الوعظ في مدرسته بباب الأزج في
بداية 521 هـ، فصار يعظ فيها ثلاثة أيام من كل أسبوع، بكرة الأحد وبكرة الجمعة وعشية
الثلاثاء.
سعة
علمه :
وكان الشيخ عبد القادر
عالما متبصرا يتكلم في ثلاثة عشر علماً من علوم اللغة والشريعة، حيث كان الطلاب يقرأون
عليه في مدرسته دروسا من التفسير والحديث والمذهب والخلاف والأصول واللغة، وكان يقرأ
القرآن بالقراءات وكان يفتي على مذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل وهناك روية
تقول أنه أفتى على مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان.[3]].
حسن الفتوى وبصيرة العلم :
وكان يفتى على مذهب الإمام الشافعى والإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنهما...وكانت
فتواه تعرض على العلماء بالعراق وتعجبهم أشد الاعجاب ويقولون سبحان من أنعم عليه، ورفع
إليه سؤال فى رجل حلف بالطلاق أن يعبد الله عز وجل عبادة ينفرد بها دون جميع الناس
فى وقت تلبسه بها فماذا يفعل من العبادات...فأجابه على الفور بأن يأتى مكة ويخلى له
المطاف ويطوف سبع وحده وينحل يمينه...فأعجب علماء العراق وكانوا قد عجزوا عن الجواب
عنها.
إقبال
الناس عليه :
وبعد أن توفي أبو سعيد المبارك المخزومي فوضت
مدرسته إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني فجلس
فيها للتدريس والفتوى، وجعل طلاب العلم يقبلون على مدرسته إقبالا عظيما حتى ضاقت بهم
فأضيف إليها من ما جاورها من المنازل والأمكنة ما يزيد على مثلها وبذل الأغنياء أموالهم
في عمارتهم وعمل الفقراء فيها بأنفسهم حتى تم بناؤها سنة 528 هـ الموافق 1133م. وصارت
منسوبة إليه.
هيبة مجلسه :
وكان يزدحم عليه الخلق، وكان الناس يأتون على الخيل
والبغال والحمير والجمال يقفون بما وراء الحلقة والمجلس كالسور، وكان يحضر المجلس نحوًا
من سبعين ألفًا، وكان إذا صعد الكرسي لا يتكلم أحدٌ هيبةً له
أثر
مجالسه :
واستطاع
الشيخ عبد القادر بالموعظة الحسنة أن يرد كثيراً من الحكام الظالمين عن ظلمهم وأن يرد
كثيراً من الضالين عن ضلالتهم، حيث كان الوزراء والأمراء والأعيان يحضرون مجالسه، وكانت
عامة الناس أشد تأثراً بوعظه، فقد تاب على يديه أكثر من مائة ألف من قطاع الطرق
وأهل الشقاوة، وأسلم على يديه ما يزيد على خمسة الآف من اليهود والمسيحيين.
وبحسب بعض المؤرخين، فإن الجيلاني ألتقى و تأثر ب الغزالي حتى أنه ألف كتابه
"الغنية" على نمط كتاب "إحياء علوم الدين".
وكان الشيخ عبد القادر يسيطر على
قلوب المستمعين إلى وعظه حتى أنه استغرق مرة في كلامه وهو على كرسي الوعظ فانحلت طية
من عمامته وهو لا يدري فألقى الحاضرون عمائهم وطواقيهم تقليداً له وهم لايشعرون.
سيرته وتواضعه
كان
رضي الله عنه يلبس لباس العلماء، ويركب البغلة ويتكلم على كرسي عال وكان من أخلاقه
أن يقف مع جلالة قدره مع الصغير والجارية ويجالس الفقراء ويفلي لهم ثيابهم وكان لا
يقوم قط لأحد من العظماء ولا أعيان الدولة وما ألمّ قط بباب وزير ولا سلطان
مما أثر عنه
- وكان يقول: اتبعوا ولا تبتدعوا،
وأطيعوا ولا تمزقوا، واصبروا ولا تجزعوا، وانتظروا الفرج ولا تيأسوا، واجتمعوا على
ذكر الله ولا تفرقوا، وتطهروا بالتوبة عن الذنوب ولا تلَطخوا، وعن باب مولاكم لا تبرحوا.
- وكان يقول قدس الله سره: كونوا بوابين على باب
قلوبكم، وأدخلوا ما يأمركم الله بإدخاله، وأخرجوا ما يأمركم بإخراجه، ولا تدخلوا الهوى
قلوبَكم فتهلكوا، احذروا ولا تركنوا، وخافوا ولا تأمنوا، وفتشوا ولا تغفلوا فتطمئنوا
...
- وكان يقول قدس الله سره: إياكم أن تحبوا أحدا
أو تكرهوه إلا بعد عرض افعاله على الكتاب والسنة كيلا تحبوه بالهوى وتبغضوه بالهوى،
واعلموا أنه لا يجوز لكم هجر أحد على الظن والتهمة.
- ومن أقواله : دنياكم قد أعمت
قلوبكم فما تبصرون بها شيئًا، احذروا منها فهي تمكنكم من نفسها تارة بعد أخرى حتى
تدرجكم وفي الأخيرة تذبحكم، تسقيكم من شرابها وبنجها ثم تقطع أيديكم وأرجلكم وتسمل
أعينكم فإذا ذهب البنج وجاءت الإفاقة رأيتم ما صنعت بكم، هذا عاقبة حب الدنيا
والعدْو خلفها والحرص عليها وعلى جمعها، هذا فعلها فاحذروا منها. يا غلام: اشتغل
بنفسك، انفع نفسك ثم غيرك، لا تكن كالشمعة تحرق هي نفسها وتضىء لغيرها.
قال العلماء عنه
- وقال ابن كثير رحمه
الله : وكان له سمت حسن ، وصمت ، غير الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر ، وكان فيه تزهد كثير ، له أحوال صالحة ومكاشفات ، ولأتباعه وأصحابه فيه
مقالات ، ويذكرون عنه أقوالا وأفعالا ومكاشفات أكثرها مغالاة ، وقد كان صالحاً
ورِعاً ، وقد صنَّف كتاب " الغُنية " و " فتوح الغيب " ،
وفيهما أشياء حسنة ، وذكر فيهما أحاديث ضعيفة وموضوعة ، وبالجملة كان من سادات
المشايخ
.[4]
قال الإمام النووي : ما علمنا فيما بلغنا من التفات الناقلين وكرامات الأولياء
أكثر مما وصل إلينا من كرامات القطب شيخ بغداد محيي الدين عبد القادر الجيلاني، كان
شيخ السادة الشافعية والسادة الحنابلة ببغداد وانتهت إليه رياسة العلم في وقته, وتخرج
بصحبته غير واحد من الأكابر وانتهى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق وتتلمذ له خلق لا
يحصون عدداً من أرباب المقامات الرفيعة, وانعقد علية إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل
والإعظام, والرجوع إلى قولة والمصير إلى حكمه, وأُهرع إليه أهل السلوك - التصوف - من
كل فج عميق. وكان جميل الصفات شريف الأخلاق كامل الأدب والمروءة كثير التواضع دائم
البشر وافر العلم والعقل شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه معظما لأهل العلم مُكرِّماً
لأرباب الدين والسنة, مبغضاً لأهل البدع والأهواء محبا لمريدي الحق مع دوام المجاهد
ولزوم المراقبة إلى الموت. وكان له كلام عال في علوم المعارف شديد الغضب إذا انتهكت
محارم الله سبحانه وتعالى سخي الكف كريم النفس على أجمل طريقة. وبالجملة لم يكن في
زمنه مثله .[5]
- قال الإمام العز بن عبد السلام : إنه لم تتواتر كرامات
أحد من المشايخ إلا الشيخ عبد القادر فإن كراماته نقلت بالتواتر.[6]
- قال الإمام أحمد الرفاعي : الشيخ عبد القادر من يستطيع وصف مناقبه,
ومن يبلغ مبلغة, ذاك رجل بحر الشريعة عن يمينه, وبحر الحقيقة عن يساره من أيهما شاء
اقترف, لا ثاني له في وقتنا هذا.[7]
من كراماته :
وكان
أن أقصى الناس في مجلسه يسمع صوته كما يسمع أدناهم منه على كثرتهم، وكان يتكلم
على خواطر الناس ويواجههم بالكشف...
- ومن ذلك ما يحصل من الشياطين ما حصل لعبد القادر
الجيلاني قال:
رأيت عرشًا بين السماء والأرض، فناداني صوت قال: يا عبد القادر أنا ربك قد أسقطت عنك
الفرائض، وأبحت لك المحارم كلها، أسقطت عنك جميع الواجبات، قال: فقلت له: اخسأ يا عدو
الله، فتمزق ذلك العرش، وذلك النور، وقال: نجوت مني بحلمك وعلمك يا عبد القادر وقد
فتنت بهذه الفعلة سبعين صديقا أو كما قال. قيل له: كيف عرفت يا عبد القادر أنه شيطان.
قال: عرفت بقوله: أسقطت عنك الواجبات، وأبحت لك المحرمات، وعرفت أن الواجبات لا تسقط
عن أحد إلا من فقد عقله، وقال: إنه لم يستطع أن يقول: أنا الله، بل قال: أنا ربك. [8]
لقد كانت هذه القصة مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه
وسلم: « وفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد»، إذ أن العلم بالله هو الذي جعل
الشيخ الجيلاني يعلم أن هذه الصورة وهذا الضوء وهذا الكلام المخلوق الذي سمعه من
صفات المخلوقات التي تستحيل على الله الذي ليس كمثله شىء. أي أن الله موجود لا
كالموجودات، لا يشبه النور ولا الظلام موجود بلا جهة ولا مكان وكلامه تعالى أزلي
أبدي ليس بحرف ولا صوت ولا لغة
وفاته
واستمر الشيخ عبد القادر مثابرا في دعوته الى الله تعالى وجهاده في سبيله،حتى
وافاه الاجل المحتوم ليلة السبت العاشر من ربيع الاخر سنة (561ه)،فرغ من تجهيزه ليلا
وصلي عليه ولده عبد الوهاب في جماعة من حضر من اولاده واصحابه، ثم دوفن في رواق مدرسته
، ولم يفتح باب المدرسة حتى علا النهار واهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته وكان يوما
مشهودا، وبلغ تسعين سنة من عمره
.
[3] كتاب بهجة الاسرار ومعدن الانوار في مناقب الباز الاشهب الشيخ
عبد القادر الكيلاني ،تأليف علي بن يوسف الشطنوفي المنوفي 713هـ
0 comentarios:
Publicar un comentario